مالذي قد يجعل إنسانا يسير بكامل إرادته كي ينظر خلف أبواب جهنم؟
الفضول!
رغبته المستميتة في أن يكتشف ما يكنه الكون كاملا في جوفه من خبايا!
ذاك الدافع القوي اللامبرر الذي يجعلنا نسعى جاهدين كي نعري كل شيء حولنا من الغموض المحيط به، أبحاث علمية شتى وأبحاث في جوف التاريخ القديم وأبحاث في الماورائيات وأبحاث في كل شيء. الفضول يمخر أرواحنا ونحن نحاول من كل ركن من أركان الأرض أن نفكك أحجية الحياة وأن نستخرج اللغز الكامل للكون الذي انبثقنا داخله.
ماذا إذن لو كانت بين حوزتنا حكايا تتغذى على هوس الفضول فينا، تؤجج نيرانه وتلهبه، تخبرنا أن الحقيقة تختبئ خلف ستارة سوداء قريبة فنركض متعطشين لها وما إن نعريها حتى نجد خندقا أسود طويلا يأخذ إلى حيث لا ندري، لكننا نريد أن نعرف!
ندخل في جوف الظلام، قلوبنا ترتعش كأغصان هشة أمام الريح، أنفاسنا تخرج باردة ثقيلة، نهاب صوتها المنخفض وسط ذاك السكون المرعب، إننا لا نعرف ما يمكن أن يحدث في أية لحظة، أين تختبئ الحقيقة تماما، وهل سوف نجدها في النهاية؟
أم أننا نخطو نحو طريق مسدودة خطرة حيث لن نلقى شيئا عدا حتفنا؟
ملايين الأسئلة، آلاف الفرضيات والكثير الكثير من الفضول!
نرى فجأة بؤرة ضوء تشع بعيدا، نتيقن أننا قد وصلنا، سوف نجدها الآن، سوف نرتاح أخيرا، سوف نجد جوابا لكل سؤال نهش أرواحنا وأتعبنا وأرهق أفكارنا! نركض نحو الوهج المنير بابتسامات واسعة، بقفزات طويلة وبلهفة لا مثيل لها، وما إن نخترق فتحة الضوء تثقل الأشعة القوية أجفاننا فنغلقها من دون أن ينطفئ فينا وهج الحماس لنجد لاحقا أننا نقف أمام بوابة صغيرة تآكلها السوس تقبع خلفها أكبر متاهة في تاريخ الأرض وعلى مدخلها لافتة صغيرة كتب فوقها:
" سوف تجد الحقيقة عند المخرج بعد أن تحل لغز المتاهة!"
تلتفت خلفك لترى عيونا حمراء مرعبة بدأت بالظهور داخل الخندق، تقترب منك رويدا رويدا، تبتلع ريقك وتدرك أنك لن تستطيع التراجع وإن كلفك الأمر حياتك! يجب أن تجتاز المتاهة ويجب أن تمسك بحبل الحقيقة حتى وإن كان بعد كل ما ستخوضه غابة أخرى مرعبة!
هكذا بالضبط هي قصص الإثارة والغموض، سر يقود إلى سر، وحل اللغز الأصغر يكمن في حل لغز أكبر منه!
تظن لوهلة أن سيل الأسرار لن يتوقف وأنك لن تكف عن طرح الأسئلة، تجد نفسك مسجونا في حكاية لا تدرك بالضبط مالذي أوقعك داخلها ولماذا كل هذا التورط فيها، تقرأ بتلهف، بجوع، ويشتد فيك الهوس كي تعرف كل شيء، ترحل نحو الحرف الأخير للرواية لكن النهاية لا تشفي غليلك، تفجر فيك أسئلة جديدة، كيف وصلنا إلى هناك؟
لابد من قراءة كل جزئية بتركيز شديد على حدة، لابد من جمع قطع الأحجية قطعة قطعة كي تستطيع أن ترى عند النهاية اللوحة كاملة بهية!
أنت تقرأ
مسابقة «أسوة» - ٢٠١٨
Ngẫu nhiênتريد أن تكون قدوة كتاب الواتباد العرب ومثالًا بارزًا للنجاح والإبداع؟ أسوة هي فرصتك كي تجعل أحلامك واقعًا ولكي تقف في قمة الأدب العربي حيث العظماء!