نتائج الرواية الدينية

2.7K 176 577
                                    

يقول  كارل ماركس: " الدين أفيون الشعوب."

بداية من آدم وحتى الرجل الأخير على سطح الأرض، الدين كان حاضرا حضورا لامعا، متمحورا حول قضية وجودنا في هذه الحياة بالأساس:

"وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ" ( سورة الذاريات الآية 56).

في عصر كهذا العصر، نحن نجزم وبقوة بكون الصراع الديني هو أكبر وأعنف الصراعات وحتى العامود الفقري لكل حرب واختلاف شرس.

انطلق الصراع والرهان الأكبر قبل الحياة، بين الله وإبليس حول الإنسان الأول "آدم"، ثم تفرع عبر الزمن وعبر مختلف شعوب الأرض وحضاراتها، رسالة سماوية تلو أخرى ونبي عقب نبي، وفي كل قصة من قصص الدين صراع، بين نوح وقومه عبدة الأصنام الأولين،  بين عاد الذي لم يخلق مثلهم في البلاد ونبيهم هود، بين لوط وقومه، بين يوسف وأخوته وكهنة مصر القديمة، بين موسى وفرعون، بين عيسى وبني إسرائيل، بين قريش ومحمد وبين كل أنبياء الله وأقوامهم!

هذا الصراع العظيم لم يتوقف هنا، فتوحات الإسلام أساسها الدين، وجرائم الكنيسة أساسها الدين، والحروب الصليبية أساسها الدين، والاحتلال الإسرائلي فوق أراضي فلسطين هو أيضا صراع ديني حول الأراضي المقدسة.. القدس وأورشليم! صراعات الشيعة والسنة وطوائف الإسلام جميعها وحتى مجازر المسلمين ببورما وجل التيارات السياسية الصاعدة من شيوعية فعلمانية فتيار إسلامي كلها مذاهب تنصر الدين أو تلغيه لكنها تتمحور حوله!

هذا الصراع يتجزأ حتى داخل المجتمعات الضيقة، فلان مسيحي لا تصادقه، وفلانة يهودية لن أسمح لك بتزوجها وذاك المكان يعج بالملاحدة فلا تدخله، وفلان مسلم متعصب ذي فكر إرهابي حذار أن يؤثر على أفكارك!

بل ويتجزأ حتى ليكون صراعا داخل العائلة نفسها: أدرس فإن الله أمرنا بالعلم، لا تزنى فقد لعن الله الزناة، إياك وترك الصلاة! إن أخي فاطر في رمضان يا أماه! فلان مثلي وسوف يخسف الله به الأرض كما خسف قوم لوط!

ويتجزأ مرة أخرى ليكون صراعا داخليا في عمق الإنسان الواحد نفسه: هل أنا على طريق الحق؟ هل الله موجود وحقيقي؟ هل ديني هو دين الله الصحيح أم باقي الأديان؟ هل سيرحمني الله؟ هل الحياة بعد الموت حقيقة؟ رباه أنقذني!

كل هذه القضايا، كل هذا اللبس، كل هذا التآكل والتصادم بين الآخر وبين أنفسنا، كل هذا الجنون الديني سواء في الحياة الحقيقية أو في مواقع التواصل الاجتماعي وحتى داخل الواتباد نفسه، تشتعل نيران الحرب هنا كلما حط كتاب ديني رحاله عندنا فترى البلاغات تتضاعف صارخة " فلان يسب ديني!"

ورغم دسامة هذه المادة الأدبية وشموليتها من سياسية لاجتماعية لتاريخية لفانتازية حتى، ورغم تعدد الأديان على الكوكب، فإنه لمن المحزن أن لا نجد عددا هاما من الكتاب هنا يتناولون الدين في كتاباتهم ويشرحونه ويحللونه ويخوضون في غماره كما يخوضون فيه في حياتهم العامة!

مسابقة «أسوة» - ٢٠١٨حيث تعيش القصص. اكتشف الآن