العين البيضاء

78 4 26
                                    

خرج من حمام غرفته ويده تفرك في شعره عبر المنشفة وما يكسو جسده هو بنطال جينز. الحائط لم يعزل صوتها لكنه كان كفيل ليسرع في الخروج بابتسامة حتى يختلس نظرة من وجهها الفرِح ذا الملامح التي لا يستطع كائن رسمها سوى أختها. أنهت الإتصال ونظرت له بولعة مما بها. اتجه حتى يضمها من الخلف فيضع ذقنه على كتفها في محاولة للتخفيف عنها

"ستكون بخير وتعود قريبًا" لم تصل بسمتها لعينها وهو لم يحتج للنظر لها مباشرة لمعرفة ذلك لذا بدأ يهزها بلطف "هيا... سوف أخذكِ لشراء فستان يناسب زوجتي المستقبلية من أجل حفل عيد ميلاد أمي"

اِتجِه نزولًا لما يقارب الكيلومتر والنصف لتجد مقر النكيفاروف. بيت زجاجي من طابقين على حافة الجبل، فلا يفصلك عنها سوى حمام السباحة الزجاجي الذي أمتاز به ذلك البيت عن بيتا الأبناء. كان الليل، فكان منارة بين ظلام الجبل والطريق الجبلي المتصل به. عاد رب البيت بعد يومٍ آخر مُرهق في مواكبة شؤون ملكه. أرتجل من سيارته وألتقط رائحتها فورا فابتسم بتلقائية قبل الانتقال إلى حمام السباحة حيث كانت تُجالس زوجته.

"مرحبا بعودتك يا أبي" وجهها ناصع البياض ببشاشته وقلبها الحنون عليه. أنحنى ليعانقها قبل الإعتدال.

"توقعت أن تتغيبي عن الحفل كالعادة" وجهت عينها لوالدتها وابتسمت مع مد يدها لتأخذ خاصة والدتها 

"هل لي بتفويت عيد ميلاد تلك الجميلة المائتين؟ هذا رقم مميز حتى!" ضحك كلا والديها عليها. نظرت لوالدها وحاولت تصنع الهمس بإسناد سيف كفها على يمين ذقنها حيث تجلس الأم وغمزت بمداعبة "فستان زوجتك يجعلها أشد إثارة"

"لقد سمعت" ضحك ثلالثتهم في أجواء عائلية مرحة يفتقرونها كثيرًا. هذا هو ما تضيفه الأبنة الكبرى في ذلك البيت ومع غيابها شبه الدائم، مات البيت. 
.
.
"إنها ساذجة يا لايتو، ولن تعيش هنا شهر بمجرد معرفتها بحقيقتنا" انقطعت خطواتهم... أعينهم للأعلى تحاول التقاط مصدر صدى الصوت. تكررت الجملة مرة والأخرى ومع التكرار أرتفع النبرة وشارك آخرين في ترنيمها.

هناك طائر واحد على وجه الأرض يكرر كلمات البشر، وقد تدفق سرب من هذا الطائر بريشه الكثيف فكان لونهم يتراوح بين اللبني والأزرق ممزوج مع البنفسجي. بدأوا يحومون في دائرة ركزها الستة والصوت يتعالى.
الجميع يده على أذنه
الجميع يتألم باستثناءها
الجميع يهوي باستثناءها
وهي تنظر للجميع بفزع لتأوهاتهم، وتلك الدماء التي بدأت ترسم خط عبر خد بعضهم كديڤيد، لوكاس ولايتو

"ماذا بكم؟" بدأت تتحرك بينهم والصوت يزعجها لكن لا يؤذيها. تركت فرنسوا حين لم يستجب وركضت نحو أول من انتبهت لنزيفه "لايتو... لايتو هل تسمعني؟"

لم ولن تأتيها إجابة سوى توجعه في أنين متقطع. نظرت حولها لحالاتهم وشعور العجز يخنق صدرها.
لوكاس ينزف ويتلوى على الأرض.
ناجازاكي يعض شفته بقوة حتى لا يصدر أنين ضعف إلا أنه يستند على الشجرة وبدأ يترنح وقوعا.
ديڤيد فقد الوعي بالفعل لكن النزيف لم يتوقف فكسى وجهه
فرنسوا كان متقوقع على الأرض يداه تغطى اذناه و يصرخ.
لم تفهم ما سبب ذلك الألم الشديد، هل الجميع أذنه حساسة عداها؟ لكنها بدأت تبكي بإنهيار إلى أن سمعت أحدهم يصرخ بقوة فنظرت لتجد منقار أحد الطيور يحيط بذراع لوكاس والدماء تسيل، هنا انتبهت لتلك الأسنان البارزة منهم والحوافر التي على مفصل أجنحتهم. ركضت نحو لوكاس وفي محاولة فاشلة لإبعاد الطير عنه صرخت

دمٌ فى غابة النازكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن