الفصل الثاني

1.4K 41 6
                                    


إذا كنت تخشى الوحدة.. فلا تتزوج!

تشيخوف



فركت يديها معًا جالسة إلى جواره بعدما عاد من الخارج، تاركًا لها حرية محاولة استعادة ذكرياتها بشقتهما دون ضغط أو تدخل منه. سحب ألبومًا من أحد أدراج الطاولة الخاصة بغرفة المعيشة، فتحه أمام أعينها المنتظرة بصبر.

كانت الصور كلها تخص عرسهما وشهر العسل، أعداد كبيرة من الصور، كأنهما كان يستشعران قصر عمر السعادة في حياتهما فرغبا في القبض على ما ينالانه منها قبل الإنخراط في المشاكل والشجار الدائم.

التوت شفتيه من تفكير عقله الساخر ذاك، بينما بدأ يشير إلى الصور يذكرها بأغلبهم ذوي المعرفة القريبة، ويشاركها بعض طرائف ما حدث خلال الحفل، متقاسمين الضحكات، حتى أدمعت عيونها ورفعت أصابعها تمسح من حاولت الفكاك من أسر الجفون لتسبقها أصابعه في لمسة ساحرة تحمل من حنان ورغبة في الحماية توازيًا مع ما قد تسميه حبًا.

التقت نظراتهما بعد فراق دام أشهر من الخصام، التقتا دون نظرات لوم أو إتهام، غضب أو حنق، لم تحوِ إلا اشتياقًا، لوعة، لهفة، عشقًا ربط روح كليهما سوية دون فكاك.

كان هو أول من فك أسر النظرات، متراجعًا بشعوره كمذنب بعد ما فعله قبل حادثتها من خيانة، يشك أن تغفرها له يومًا حين تعود بها الذاكرة.

نهض من مكانه، يسألها: ألن تنامي؟

ضاقت عيونها وقد رفعت رأسها ناحيته: هذا ما كنت أرغب في الحديث معك عنه.

التفت إليها مغمضًا عينيه لثانية في إشارة صامتة بالحديث: بما أنني لا أذكر زواجنا حتى الآن فلا أظنك ستطالب بحقك فيّ، أفضل النوم في غرفة الضيوف.

طاوعها بهدوء بارد: وما دمتِ تدركين أنني لن أطالبك بشيء فما الداعي للإنفصال؟

أخفضت نظراتها تتلاعب بطرف قميصها الحريري، ملجمة عن النطق. باغتها بتساؤله المصاحب لتضييق نظراته: ألا ترغبين في التذكر؟ تذكري وتذكر زواجنا؟

ابتلعت ريقها مومئة بارتباك، مع إزدياد حركتها العصبية في التلاعب بالقميص: بالتأكيد أرغب.

-إذًا ستنامين معي بنفس الغرفة، فوق ذات الفراش.. فهل هناك أكثر من هذه الحميمية دافعًا للتذكر؟

سعلت بشدة مختنقة بريقها، ربت على ما بين كتفيها بقوة دون قسوة حتى عادت أنفاسها للإنتظام. همست بشكر خافت أدركه دون حاجة لتفسير حروفه.

التقط كفها يحثها على الوقوف متجهًا إلى حجرتهما المشتركة، مقررًا عدم تكرار أخطاء الماضي بما فيها ترك أجسادهم تنعزل خلف جدران من الأسمنت، تفصل بينها الأبواب، فيما أرواحهما تنشد التلاقي بلا قدرة على مقاومة ثقل الأجساد.

رواية حادث مع سبق خيانةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن