الفصل السابع عشر (الأخير)

1.1K 42 8
                                    


نحن أقوياء في شخصياتنا.. لكن لابد من وجود شخص نضعف أمامه ليس خوفًا ولا ذلًا، إنما هي مكانته في القلب.

آل باتشينو


انفصلت عن الهرج القائم بالخارج؛ استعدادًا لحفل رأس السنة الجديدة، مطمئنة لوجود عمال أتوا خصيصًا للمساعدة في تحضيرات هذا اليوم الحافل؛ فلم يكن محمد ليثقل كاهل أمه وزوجته بجنون التحضيرات وكثرة المشاغل، مكتفيًا بجعلهن مشرفات على العمل إلى جواره.

فتحت حاسوبها المحمول بحثًا عن محادثة مع أمها وأخيها، مباركة لهما العام الجديد، تطمئن على حالهما في البلاد الأجنبية. ارتسمت بسمة على شفتيها متذكرة إعلانهما بغتة رغبتهما السفر حول العالم وزيارة مختلف البلاد، وقد كانت تعرف عن حلم شاهين ذاك، وعمله للإدخار كي يحققه دون الاعتماد على أموال أبيهم، لكن أن يحققه مع شهيرة؟ فهذا كان محل استعجابها.

لمحت رسالة واردة لم تُقرأ، أسرعت بفتحها ملتهمة أسطرها بشغف، فقد غابا عنها قرابة الخمسة أشهر. بعد تنهيدة ارتياح لسعادتهما الغامرة وراحتهما، قلبت الصور التي أرسلتها شهيرة، متنقلة بين جمال ما رأوه وصور تجمع الإثنين معًا، الأم والابن.

فكرة السفر بباخرة متنقلة، كانت من نصيب شهيرة، وقد جمعت روعة الانتقال بمتعة ودون ملل مع زيارة عدة بلدان، بثقافات مختلفة وبلا صلة حقيقية ببعض سوى محيط واسع يجمعهم على أحد ضفافه.

ضحكت على بعض حركاتهما المغيظة، وفيديو لإحدى مناوشاتهما التي أصبحت عادة، بالنهاية ترك شاهين والدته لاحقًا بشيء ما، هروبًا من بعثرتها لشعره المشذب بعناية لسهرة المساء على سطح السفينة. وسألتها شهيرة قبل قطع الفيديو، إن كانت بخير.

وهي تدرك ما تقصده «بخير» تلك. فتشمل عدة أسئلة باختصار شديد، وإن حللتها لوجدتها تحوي: سعيدة؟ مرتاحة؟ خانك مجددًا؟ ضايقك؟ تشاجرتم؟ أتمارس أمه معكِ شغل الحموات؟ هل ترغبين في التراجع واللحاق بنا –أنا وشقيقك-؟

دارت عينيها في محاجرها، ووقع نظرها على الصورة الضخمة المعلقة وسط العديد من الصور الأخرى حيث نفذ محمد كلمته واستخدم البرامج الحديثة لخلق حيز يحتويه –جوارها- في صورة جماعية تعود لليوم الأول لعرض مسرحيته «سيدة الأسرار»، أطلقت ضحكة هادئة رغمًا عنها.

أخذت نفسًا عميقًا ثم بدأت في كتابة رد وافٍ، يحمل مهدئًا لكل الشكوك، فيشبع فضول أمها الحميد، ويخفف القليل من عبء كتفها هي.

«إذا بدأ يلومك
إذا وجدت أن أيامك عادية جدًا

إذا راح يفكر سريعًا بالزواج منك دون أن يشعرك بالحب قبله

إذا بدأ مقارنتك بفتيات أخريات

إذا بدأ يحفر في ماضيكما الوسخ

إذا لم يعد يتحمل شكوكك

إذا لم يمنحك وقتًا بحجة أن وقته كان للعمل أو أيًا كان.. سواكِ

إذا أهانكِ بالكلمات وصمت؛ فلم يحاول نيل رضاكِ

وغيرهم

كانت هذه (إشارات توقف حبه) كما كتبها بعض الناس لي على موقع مختص بعرض الأسئلة وإجابتها عبر رواده. وحين سألت عن (إشارات حبه لي) كانت كالآتي:

إذا بحث عن إثارة غيرتك

إذا ظل محافظًا على طلب رأيك

إذا لم تختفِ ياء الملكية من حديثه عندما يُخاطبكِ

إذا لم تمر أعياد ميلادك عليه كأي يوم عادي

حين تهمسين له بكلمة جميلة فيرد عليكِ بأجمل منها

إذا كان يناديكِ باسم دلال بينكما

إذا أبهرته كلماتك الخارجة من القلب وإن كانت تافهة

إذا لم يتوقف عن إزعاجك

حين تشعرين أنه يتشبث بكفكِ أمام العامة، وفي كل فرصة، متفاخرًا بحبكِ على الملأ.

وللأسف يا أماه.. اللعين هو مزيج بينهما، بل هو كل الإثنين!.. لذلك.. لا تقلقِ، أنا سعيدة معه.

ما أخبار سفرتكما إلى بكين؟... مع حبي، افتقدكما بشدة.»

تمت بحمد الله

رواية حادث مع سبق خيانةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن