الفصل الحادي عشر

888 37 1
                                    


ستُعلمك الحياة أنها لا تقف على أحد

ستجد نفسك يا صديقي تستطيع العيش بالجميع.. وبدونهم.

مجهول



أستوديو خاص بها، صومعة جديدة انشأتها... ومعزل آخر فرشته على ذوقها. غرفة واسعة بزاوية محضرة على هيئة مطبخ؛ تلبية لاحتياجات سريعة، طاولة دائرية بكراسٍ معاصرة، بيضاء كما الحوائط كلها، تكسر البياض المتفشي بصحن فواكه وخضراوات صناعية يتوسط الطاولة ويتدلى بعضها فوق السطح المثقل.

وسادات للجلوس ملقاة في أماكن متفرقة، بألوان متداخلة وصناعة يدوية بدوية.

مسحت يدها في المريول المتسخ بالألوان المائية متأففة من قاطع عزلتها المحببة، عيونها لا تتحرك قيد أنملة بعيدًا عنما صنعته يداها من تلطيخ لا معنى له فوق اللوح وتبحث عن معنى ما مناسب يقنعها أن الساعات العشر الماضية لم تضع بلا طائل!

تعالى الرنين من جديد بإصرار أشد، اتجهت إليه بعدما مرت في طريقها بجهاز الموسيقى واطفأت سيمفونية «من أجل إليزا» لبيتهوفن، الراعية للوحتها عديمة الهوية.

الوجه البشوش الذي أحتواها مذ عرفته، والابتسامة المرحبة اختفيا وتركا امرأة شاحبة ظهر عليها السن فجأة.

-ماما؟

-أيمكنني الدخول؟

ابتعدت عن طريقها ومدت ذراعها على وسعها في حركة ترحيبية شديدة، وخجلها من نفسها يكاد يغرقها، فكيف نست تلك المرأة الطيبة وحرمتها حتى من مجرد سؤال عبر الهاتف؟

سحبت لها كرسيًا من حول الطاولة الدائرية ثم جلست جوارها تواجهها بابتسامة معتذرة.

-لم أتِ لعتاب أو لوم، أنا أدرى الناس بابني وأعلم أن له المقدرة على تحويل أجمل العلاقات إلى عداوة... وليس هذا سبب زيارتي.

تعلم مباشرتها في الحديث حينما تدرك أن الإطالة لا داع لها، بالأخص مع تذبذب علاقتهما في الفترة الأخيرة. اكتفت بهزة بسيطة مع أذن مصغية.

-محمد فقد ذاكرته.

رفعت حاجبيها مندهشة من الخبر الجديد على أذنيها، ترفض متابعة أخباره لكن كل حين تطرق إحداها أذنيها بالخطأ، وعن طريق هذا الخطأ لم يصل ما يقول أن أصابه أي شيء.

-تعرض لحادث سير في لندن قبل ثمانية أشهر فقد على إثره الذاكرة الخاصة بآخر سبعة أعوام، لم نخبر أحد بأي مما حدث واكتفينا بإعلان رغبته في إجازة غير معلومة النهاية.

تلامست الأسلاك بعقلها، قطبت، وعيونها تقابل عيون المرأة الجالسة قبالتها، تستعيد ما قيل رويدًا وتحلله.

رواية حادث مع سبق خيانةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن