دقّ القلُوب

41K 1.3K 141
                                    


وافقَ والدها بعد اقناع طويل , لان تعمل في المكتبة , فقد أقنعته النقود التي سيكسبها من عملها , والمفرح بالموضوع , بانّ " أبو غيث " , أخفى عن والدها حقيقة أجرتها الحقيقية , لكي تكسب هي الأخرى بعض النقود , كانت تسير نحو المكتبة , وهي تتذكر قوانين والدها الصارِمة نحو غيث :

" لا تحادثيه "

" لا تجلسي بجواره "

" لا تضحكي أمامه "

" لا تتناقشي معه ولو على الكتب , ناقشي أباه "

كان غيث يسبب عقدة نفسية لوالدها , والمسكين لا يعلم عن هذهِ العقدة بعد , فتحت باب المكتبة , لتجده ينظر اليها بابتسامة دافِئة , مقتربا نحوها بكرسيه المتحرك , قائلا :

-نورتِ عملكِ .

ابتسمت بتوتر وهي تتذكر كلمات والدها " لا تحادثيه " :

-شكرا

نظر اليها بنظرات غريبة , كان كمن يستكشِفها , يحاول التعمّق بداخِلها , وهذا ما جعلها تزداد توترا , لتتنحنح قائلة :

-احم , بِماذا أبدأ ؟

ابتسم لها قائلا :

-الرفوف تملأها الغبرة , أرجو منكِ تنظيفها .

-اين أدوات التنظيف ؟!

أشار اليها الى مكانهن , وهو يجمِّع شتات نفسه , يشعر بكون هنالِك جاذبيّة تجذبه نحوها , يشعر بدقّات قلبهِ المتسارعة , التي تمنعه من التركيز على تصرفاتهِ , كلّما كانت أقرب , كان تشتيته أكبر , لم يتمالك نفسه أوّل ما رأى دهشتها حينما دخلت الى مكتبته , حبِذ لهفتِها وعشقها للكتب , والروايات , خصوصا حينما لمح دمعتها , في مكتبة المدينة , نحو رسائِل غسان لغادة السمان , أدرك من دمعتها بكونِها انسان عفيفة , شريفة , تنظر الى الحب بنقاء , دون عنصريَّة , تحبذ الجوهر , وليس المظهر , لربّما ستحبّه ذات يوم بعجزِه , وقلّة حيلته , لربّما ستنظر الى أعماقِ روحه وتتقبله , ليسَ كباقِي الفتيَات , اللّواتي قابلهن سابِقا , نظر الى أرجاء المكتبة ليجِده خالِيا من الزبون , تناول الرواية التي كان يقرأها ليكملها ...

شغفها حباحيث تعيش القصص. اكتشف الآن