مر ذاك اليوم على خير.. لكني بقيت أتسائل عما كان يحدث معي،عن مشاعري المتراصة.. عن تضارب الأحداث بداخلي..
كان علي أن أتخذ موقفا حاسما،إنتهى لا أريد له ألما..
لا أريد أن أجلس في هذا الكرسي أنتظر للأبد رياحا قد لا تهب،أنتظر من ذاك الشخص مجهودا قد لا يبدل أبدا، أنتظر رجوع سفينة ربما أضلت طريق الرجوع.. مشكلتي أني أنتظرك،أنتظر إعتذارك،أنتظر إستيقاضك أنتظر أن تحارب لأجلنا.. لكنك إستسلمت منذ فترة و إقتنعت بكل بساطة بإنتهاء روايتنا.. رضيت بوفاة قصة حبنا..
أما أنا رغم كل الذي حدث،لازلت أنتظر المعجزات.. حسنا فلتقرأني إذا و لتفهم بأن أنثاك ستستسلم أيضا و بأنها تعلمت منك فنون الإستسلام.. إقتنعت اليوم بأنك لم تكن جديرا بحبي،لم تكن جديرا بمشاعري،لم تكن جديرا بنا فلتتحمل نتيجة جبنك التي جعلتك تفلت فتاتك..
فلتتحمل نتيجة عدم محاولتك حتى لإصلاح ما حطمته.
لم أكن أريد أن أظلم آدم أكثر،لن يكون هو الآخر ظحيتك و ظحيتنا.. بعد عودتي للبيت إستخرت الله و ما تضل الجباه إذا ركعت لموجدها..
عرضت سيارتي للبيع على أحد المواقع،إنتهى قررت يومها أن أستقيل نهائيا من ذاك العالم.. من كل ما كان يدفع ثمن إنهياري. لم أرد أن أظلم شخصا آخر و لا أن أتكأ أكثر على كتف قد أعيقه و هو يحاول إنعاشي
لم أرد أن أعلم آدم بقراري،تركت الأمور تحدث لوحدها فقد يستغرق بيع سيارتي وقتا.. و كنت أريد أن تكون تلك الأيام هينة عليه.
إتصلت به..
-مرحبا آدم..
- مرحبا صديقتي!
- أبإمكاننا أن نعد لدورة للشهر المقبل ؟
- الفئة؟
- ما بعد التخرج..
- الموضوع؟
- فلتختر الموضوع !
- ما قصة رزانتك!
- هذا بفضل حظرتكم..
- ضحك!
- أمل إختاري الموضوع من فضلك..
- ما الذي تريد من أمل أن تتكلم عنه؟
- لا أريدها أن تتكلم !
- عفوا!
- أخاف أن تتكلمي أمل،أخاف أن يتكلم ذهنك أمامهم فيقعوا كما وقعت و تشاركني قلوبهم بك..
" صمتت،شعرت و كأن خنجرا شق ما بداخلي،وحده الله يعلم كم أكره رؤية إندثار مشاعر أحدهم أمامي.."
- ماهذا السكوت أمل..
- ما يفترض أن أقول؟
- ما تشعرين به أمل..
"ليتني أمتلك الشجاعة لأطلب منك أن تنتظرني،أن تمنحني وقتا أصلح فيه شتاتي،أن أجدني.. لكني لن أكون أنانية.. لست أنانية صدقني يستحيل أن أطلب منك أن تنتظر شخصا يعيد بناء نفسه ،بسبب دمار خلفه غيرك.."
- أشعر بأني أظلمك..
- هذا ما تشعرين به فقط!
-نعم.
-تكذبين!
-سنتشاجر من جديد؟
- لا أسميه شجارا أمل! كوني صادقة مع نفسك.. معنا إمنحينا فرصة..
- الفكرة لا علاقة لها بالفرص.. أنا أحتاج..
"صمتت لحظتها.."
- تحتاجين التوقف عن منع قلبك من حبي.." صمت لحظتها،أعلم أنه كان ينتظر مني جوابا،لكنه قطع فجأة صمتنا..و خاطبني بنبرته الجادة تلك.."
حسنا سأختار الموضوع يبدوا و كأني خرجت عن نطاق الصداقة الذي وضعتني بداخله..
" أمل"
- نعم؟
- فليكن الموضوع " أمل"
تلعثمت،و أجبته بهدوء،حسنا فليكن أمل..
- آدم لي طلب أخير من فضلك..
- أطلبي!
- أريد أن تعقد الدورة في المكان الذي عقدت فيه أول دورة لي.. " أعلم بأنه تذكر مكان لقائنا..إلتقينا في ذاك المكان.."
- أيسمح صديقي بطلب آخر؟
- فلتتفضل صديقتي! بالطلب ما بعد الأخير
- قد يتعذر علي إحظار سيارتي..أبإمكانك أن ترسل سيارة الشركة من فضلك ؟
-بالطبع..
- مشكور إذا..على كل شيئ.
" أقفلت سماعة الهاتف، أعدك بأني لن أسمح لنفسي بأن تجرحك أكثر.."
مر أسبوع إذا،تلقيت عددا من الإتصالات،بعت سيارتي بعد أن إستأذنت أبي،و شرحت له سبب إستقالتي.. لم يعارض أبي.. رغم صرامته. أجابني بجملة واحدة : أثق بما فنيت جسدي لبنائه.
تكلف أبي بموضوع البيع..
كانت النقود كافية للتعويض..
أتذكر أن الوقت كان متأخرا،دخلت ليلتها لتفقد هاتفي حين لمحت أحد الملفات القديمة كانت تلك الملفات التي حظرتها لإتمام دراستي خارج البلد،لطالما ما حلمت بشهادة دكتورا لكني عطلت حياتي لأجلك.. و لأني صنعت منك قصة حياتي،و لأني لم أحبك بل أدمنتك،و أنا الآن أتخلص منك في مدارس إعادة التأهيل، ما علمتني إياه هاته التجربة هو أن لا أصنع من أي كان معبدا،أن لا نسمح لشخص مهما تعلق قلبنا به أن يحولنا إلى عبيد، من الجميل أن نحب،من الجميل أن نضحي لأجل من نحب لكن الحب لا يعن أبدا أن نفقد أنفسنا و نحن نحاول أن نبني شخصا آخر..
حاولت إرسال بريد لتلك الجامعة،لأستفسر عن البرنامج هناك،كانت تلك أيام تخرجي،و الوقت كان يبدوا مناسبا جدا لمحاولة التسجيل للسنة الجديدة..
وردني الرد بعد يومين إلا أن التسجيلات لن تكون متوفرة حتى بداية السنة..بحثت عن حجز للسفر لذلك البلد لقضاء فترة هناك فقد كنت بحاجة ماسة للسفر لأرتب أفكاري و لأن أيامي الدراسية كانت معدودة لم أجد أي مانع خاصة و أن المال الذي تحصلت عليه من بيع سيارتي كان كافيا جدا لدفع التعويض و السفر كذلك..
مر شهر إذا و أنا على إتصال مع آدم،إلتقينا عدة مرات بغية التحظير لآخر دورة..
إشتريت ملابس خاصة بتلك المناسبة،كانت ملابس جد رسمية،إرتديت الكعب العالي كما ينص العقد بيننا.. كنت أريد أن أودعك آدم و أنا موظفتك..و أنا صديقتك..
كنت أنتظر سيارة الشركة حين رن هاتفي: مرت فترة منذ أن تأنقت لشخص..منذ أن فكرت في أن أسعد شخصا أيا كانت المناسبة..
رن هاتفي..
- مرحبا آدم!
- أبإمكانك الخروج أمل،أنا أنتظر..
فاجئني قدومه شخصيا لإصطحابي.. يفترظ أن يكون على رأس الإفتتاح..فهو المسؤول عن المشروع و الممول الأول له..
غادرت البيت بعد أن وضعت مبلغ التعويض و طلب الإستقالة في حقيبتي.. كنت أرجف،كانت نبضات قلبي سريعة جدا.. توترت و أنا أتجه نحوه..
لمحني من بعيد،فتح باب سيارته بهدوء كعادته..
يرعبني هدوءه..ترعبني رزانته.
بقي واقفا أمام باب سيارته يترقب خطواتي يتأملني و أنا أسير نحوه..بدى شاحبا جدا على غير عادته..
لم يعلق على شكلي،لم يعلق على كل المجهود الذي بدلته لأبدوا بذاك الثبات أمامه رغم كوني أحترق،توترت هذا ليس آدم الذي أعرفه.. فتح باب سيارته لي..
تفضلي..
بقي صامتا طيلة الطريق..! ما الذي يحدث معه،لما هذا المزاج،لما في هذا اليوم بالتحديد..؟
- آدم؟
- نعم؟" أجابني و هو يتحاشى ملامحي.."
- أكل شيئ بخير؟
-نعم.
- ما بك؟
- لا شيئ،ما بني؟
- إجاباتك باردة! تتحاش الحديث معي منذ قرابة الثلاثة أيام ما الذي يحدث ؟
- لا أتحاشى أحدا، ليس من عاداتي الهروب فلا تخافي " أجابني و هو يبتسم بإستهزاء و ينظر في عيوني.."
- أجبني إذا ما الموضوع ؟
- على أساس أن الأمر يهمك..
- سنتشاجر من جديد إذا ؟
- و ماذا في الأمر لو تشاجرنا؟ فلأكن لمرة واحدة صبيانيا،طائشا مثلك..
- ما الأمر ؟
- لا شيئ،لا رغبة لي بالحديث أصلا.. و لا بتخريب يوم أرهقت كياني لأجله.. فلا تحمليني خسائر أكبر من التي تسببتي بها حد الآن من فضلك..
- خسائر؟ عن أي خسائر تتحدث؟ تعلم بأن دوراتي التدريبية من أكثر الدورات نجاحا و بأني أعود بالشركة..
- نعرف إنجازاتك لا داعي لتعدادها " قاطعني و هو يزيد من صوت الموسيقى الهادئ"
- بالله عليك ما بك!
تجاهل أسئلتي..
- آدم أنا أكلمك.." أخفضت صوت الموسيقى"
- لا تكلميني،من فضلك لا تكلميني! لا أريد أن أتجاوز حدودي معك و لا صلاحياتي كمدير..
- صلاحياتك كمدير! صرت مديرا الآن ؟
- من أكون إذا ؟ أجيبي من أكون ؟ مصباح علاء الدين خاصتك ؟ الأربعيني المراهق! من أكون ؟
- تعلم من البداية مكانك.. و تعلم جيدا وضعيتي و تعلم جيدا بأني..
- نعم أعلم جيدا مكاني،و وضعيتك و أعلم جيدا..
إنقطع صوته..
- أتمم حديثك..
- إنسي،لا حاجة للحديث أصلا..
- تهرب؟
- مما قد أهرب،لم أمتلك شيئا لأهرب منه.
أنت تقرأ
إنتظرتك في زاوية الطريق.. لكنك نسيت أن تستدير
Romanceإحتجت وقتا كي أستوعب أن ما بيننا انتهى.. 💔 و أن الأشياء التي تنتهي و إن عادت،فهي غير قابلة للإستمرار..