أتعلم ما نحتاجه بعد الله و نحن نعود إلى أنفسنا هم أولئك المفعمين بالحياة .. أولئك الذين يرون إنهيارنا فيصرون على ترميمنا .. أولئك الذين لم تفلح الأحزان بإختلاج أفئدتهم .. تشكرته يومها لكونه لم يسمح لنوائب الدهر أن تدنس جمال ما بداخله .. قليلون هم الذين لازالت لديهم الرغبة في إنعاش من حولهم .. قليلون هم الذين تعبوا من أورامهم فجعلوا من تطييب أورام غيرهم غايتهم .. ربما قد نحتاج إلى معجزة و نحن نكتب سيرتنا .. ربما نحن في حاجة إلى أقدار درست بدقة إلى أقدار لم تكن من اختيارنا .. أودعت صاحب المقهى رسالتي و طلبت منه أن يحفظها عنده .. سألني يومها إن كنت أريد أن تصلك .. ؟بالطبع لا لن يصلك أي شيئ مني بعد الآن .. لن تصلك أخباري..لن تصلك أحزاني.. لن يصلك صوتي حتى..
-بنيتي! وماذا يفترض أن أفعل بها ؟
-إحتفظ بها، سأحتاجها يوما ما .. لكن ليس الآن.. سأعود لكني قد أحتاج وقتا..أريد منك فقط أن تعدني بأنك ستحتفظ بي .. ستهتم بي .. أريد منك أن تعدني بأنك و مهما حدث فأنت لن تسلمها أحدا غيري.. عدني بأن أجزائي تلك ستظل في حوزتك إلى يوم عودتي..
-إبتسم! و سأكون دائما في إنتظار عودتك..
هممت بالرحيل حين خاطبني ..بنيتي!
-نعم سيدي!
-تذكري في كل يوم ينقبض فيه صدرك،في كل يوم تنفجر فيه تلك القنابل بداخلك.. أنك لم تكوني تلك الغصة في قلب أحدهم،أن الله ابتلاك و لم يبتل بك، أحيانا أن نكون مظلومين في حد ذاته نعمة..
-أعلم و سأسئل الله أن يمنحني الصبر على ما لم أحط به علما..
و غادرت..
ربما أردت البكاء يومها..ربما أردت الصراخ .. ربما أردت أن أفعل أي شيئ ماعاد مواجهة الحياة بجسد تورم و بالكاد يطيق تحسس نبضه.. ربما أردت ألف شيئ ماعاد الإستمرار،ماعاد مواجهة تراكم الخيبات بصدري.. لكن ما قررت فعله يومها هو أن أسير عكس ما تلهمني به روحي..يومها قررت أن لا أكتفي بتحسس الحياة و هي تغادرني شيئا فشيئا.. يومها قررت أن أكون أنا ..أن أعود أنا. أن أنقضني.
في طريقي إلى الجامعة إتصلت بأحد مراكز التنمية البشرية في الحقيقة كان ذاك من أحد المشاريع التي إنشغلت عنها بحبك،كانت لي أحلام عظام لكني جعلت منك حلمي الأعظم،إلا أن الله دائما ما ينقضنا لعل إختيارات الله أحيانا تفوق إستوعابنا لكنه في النهاية لا يكلف نفسا إلا وسعها علينا أن نؤمن دائما بإختياراته مهما بدى الإيمان صعبا.
أخذت موعدا لليوم التالي، كان الموعد سريعا جدا و قد تم التخطيط لكل شيئ بطريقة جد منسقة.. لطالما ما أردت أن أكون مدربة في أحد مراكز التنمية لطالما ما كنت أؤمن بأن الكل يستحق السعادة البعض فقط قد يغفل عن الطريق الذي يستلزم أن نتبعه.. تمنيت أن أكون أملا..أن أكون معجزة أن أكون شعلة في حياة شخص ما لكني لم أكن أعلم بأن الإحتراق أحيانا يكون الطريق الوحيد لكي نضيئ، لم تخبرني أمي بأن جل الأشخاص الذين يقدمون السعادة هم من أشد البشر إشتياقا لها،لكني و بعد كل الذي عشته بعد كل الآمال التي إنهالت علي،بعد قصة الحب التي قضمت كلما بداخلي لازلت أؤمن بأن الله و في مكان ما ينظر إلي بفخر..أردته أن يكون فخورا بي أمام حملة عرشه،أن يفتخر بأمته .. أردت أن أفاجئ نفسي أن أفاجئ نفسي.
نعم كذلك كانت بدايتي..كذلك بدأت قبل أن أصير ما أنا عليه اليوم،الأمر لم يكن سهلا كما ظننته، نزفت عدة مرات و أنا أحاول الإستمرار .. لكني و رغم كل شيئ إستمررت.
بعد عدة أشهر و دورات مكثفة .. تم تعييني رسميا كمدربة تنمية بشرية، أتذكر بأني شعرت بسعادة لا توصف يوم تلقيت الشهادة لا أدر و لكني يومها فقط شعرت بالمعنى الحقيقي للتجاوز..فنحن نتجاوز بإنجازاتنا ما يصعب تجاوزه بالتقبل،ما يصعب تجاوزه بالنسيان .. فهمت من خلال تلك الدورة ما أحاول أن أكتبه لك الآن .. بأن الحكاية التي جمعتنا كانت حكايتي و بأن الألم كان ألمي ما أراده الله لي هو أن أستوعب بأن بعض الأحلام لا نصل إليها إلا و نحن نحترق.. و قد إحترقت بفضلك لهذا أردت أن أتشكرك .. لأنك لو تمسكت بأجنحتي لما تعلمت الطيران بعيدا عنك .. شكرا لأنك أفلتني،و لأنك إستغنيت عني و لأنك أهملتني..شكرا لإنك جعلتني أصنع من نفسي قصة نجاحي..
بعد نهاية التدريب شرعت التنظيم لدورات بأماكن مختلفة،ما أردته من خلال تلك الدورات لم يكن أن أعلم الناس كيف تحلم ففي النهاية الكل يجيد إختيار الأحلام نحن فقط في حاجة لمن يؤمن بأن أحلامنا قابلة للتحقيق..
أنت تقرأ
إنتظرتك في زاوية الطريق.. لكنك نسيت أن تستدير
Romansaإحتجت وقتا كي أستوعب أن ما بيننا انتهى.. 💔 و أن الأشياء التي تنتهي و إن عادت،فهي غير قابلة للإستمرار..