هكذا فقدتك..

692 22 0
                                    

لازلت أتذكر آخر لقاء بيننا،آخر محادثة بيننا.. لازالت كلماتك كما كانت تصطدم بؤذني و تشعرني برعشة تفوقني حجما،تفوقني قوة..تفوقني صبرا..
فبعد إفلاسك لم نعد نتكلم كالسابق،لم نعد نتقابل كالسابق لم نعد حتى نتراسل كالسابق..
لا أدر كيف و لما و لا حتى متى ترسبت الحياة بداخلك..لا أدر كيف للأحلام أن تتكور بداخلنا فتتعفن و تضمحل شيئا فشيئا بأفإدتنا..
كنا قد إتفقنا على اللقاء في ذلك المقهى الذي لطالما ما كان شاهدا على وعودنا ، في ذلك المقهى حيث إلتقينا أول مرة.. حيث قرأت لي أول مرة.. حيث أغرمت بنا أول مرة.. لا أدر إن كنت قد تعمدت أن نلتقي في نفس المكان حيث ظننا بأننا لن ننتهي.. حيث بنينا بيتنا،و حبلت بأبناءنا حيث علمتني أن الحياة قد تتجسد في هيئة بشر..
كنت يومها ترتدي قميصك الرمادي الذي إخترته لك.. و سروالك الأسود الذي إشتريناه معا لم تحلق ذقنك يومها.. و لم تنس وضع العطر الذي أهديته لك،لا أدر إن كنت قد تعمدت أن تودعني و أنت ترتديني.. أم أنها الصدف فقط كعادتها تضعنا حيث لا ينبغي..
جلست بجانبي.. كانت الساعة تشير لتمام السادسة..
كنت تبدوا شاحبا يومها، بت باردا.. معدم الأحاسيس
كانت عيونك صلبة على غرار عادتها.. أنت لم تكن تتألم لحظتها فالألم لا يجردنا من إنسانيتنا.. الألم لا يجعلنا نشبه أكثر ما يخيفنا..
ظللت صامتا يومها.. أبت روحك أن تكلمني.. أبى قلبك أن يفتح أبوابه فيطمئنني.. أعلم بأن هذا اللقاء قد لا يشبه أبدا لقاآتنا السابقة.. لعله لا يشبهنا و لا يشبه قصتنا،لا يشبه الأحلام التي ولدت يوما بداخلنا.. و بقيت أنا أنتظرك.. أنتظر شفاهك أن تتلفظ بما قرر قلبك البوح به.. كنت أعلم أنها النهاية.. كنت أعلم بأننا إنتهينا و بأن ما كنا نحاول فعله خلال قرابة السنة لم يكن كافيا ليعيد حبنا،ليعيد حكايتنا ليعيد ما أخذته الأقدار من حجورنا..
أتعلم ؟ لطالما ما حظرت نفسي لهذا اليوم،لطالما ما أجريت خطابات حاسمة مع نفسي مفادها أن بعض الحكايات لم تخلق لتعيش للأبد،و أن الله حتى لو كان إختياره صعب الفهم إلا أنه يضل الإختيار الأكثر حكمة.. الأكثر عدلا.. الأكثر مصداقية.. إلا أن إدراكنا للأمور لا يعني أبدا بأنها ستكون أسهل.. لم يخبرنا أحد من قبل بأن فهمنا للأمور سيجعلها أقل ألما.. أو أن إستوعابنا للحقائق قد يجعلها أقل مرارة.. فكل تلك الإستعدادات النفسية لم تجد نفعا..
لازلت أتحسس تسارع نبضاتي.. لازلت أختنق..

إنتظرتك في زاوية الطريق.. لكنك نسيت أن تستديرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن