توبة عظيمة

97 16 0
                                    


ﺗﻮﺑﺔ ﻋﻈﻴﻤﺔ
ﻭﻧﺬﻛﺮ ﻫﻨﺎ ﻧﻤﻮﺫﺟﺎً ﻟﺘﻮﺑﺔ ﺍﻟﺮﻋﻴﻞ ﺍﻷﻭﻝ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﺔ ، ﺻﺤﺎﺑﺔ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ :

ﻋﻦ ﺑﺮﻳﺪﺓ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ : ﺃﻥ ﻣﺎﻋﺰ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ ﺍﻷﺳﻠﻤﻲ ﺃﺗﻰ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻘﺎﻝ : ‏( ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺇﻧﻲ ﻇﻠﻤﺖ ﻧﻔﺴﻲ ﻭﺯﻧﻴﺖ ، ﻭﺇﻧﻲ ﺃﺭﻳﺪ ﺃﻥ ﺗﻄﻬﺮﻧﻲ ﻓﺮﺩﻩ ، ﻓﻠﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﺪ ﺃﺗﺎﻩ ، ﻓﻘﺎﻝ : ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺇﻧﻲ ﺯﻧﻴﺖ ﻓﺮﺩﻩ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ، ﻓﺄﺭﺳﻞ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺇﻟﻰ ﻗﻮﻣﻪ ، ﻓﻘﺎﻝ : ‏( ﺃﺗﻌﻠﻤﻮﻥ ﺑﻌﻘﻠﻪ ﺑﺄﺳﺎً ؟ ﺃﺗﻨﻜﺮﻭﻥ ﻣﻨﻪ ﺷﻴﺌﺎً ؟ ‏) ﻗﺎﻟﻮﺍ : ﻣﺎ ﻧﻌﻠﻤﻪ ﺇﻻ ﻭﻓﻲّ ﺍﻟﻌﻘﻞ ، ﻣﻦ ﺻﺎﻟﺤﻴﻨﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻧﺮﻯ ، ﻓﺄﺗﺎﻩ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ، ﻓﺄﺭﺳﻞ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﺃﻳﻀﺎً ، ﻓﺴﺄﻝ ﻋﻨﻪ ﻓﺄﺧﺒﺮﻩ ﺃﻧﻪ ﻻ ﺑﺄﺱ ﺑﻪ ﻭﻻ ﺑﻌﻘﻠﻪ ، ﻓﻠﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ ﺣﻔﺮ ﻟﻪ ﺣﻔﺮﺓ ، ﺛﻢ ﺃﻣﺮ ﺑﻪ ﻓﺮﺟﻢ ،

ﻗﺎﻝ : ﻓﺠﺎﺀﺕ ﺍﻟﻐﺎﻣﺪﻳﺔ ، ﻓﻘﺎﻟﺖ : ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺇﻧﻲ ﺯﻧﻴﺖ ﻓﻄﻬﺮﻧﻲ ، ﻭﺇﻧﻪ ﺭﺩﻫﺎ ، ﻓﻠﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻐﺪ ، ﻗﺎﻟﺖ : ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻢ ﺗﺮﺩﻧﻲ ؟ ﻟﻌﻠﻚ ﺃﻥ ﺗﺮﺩﻧﻲ ﻛﻤﺎ ﺭﺩﺩﺕ ﻣﺎﻋﺰﺍً ، ﻓﻮﺍﻟﻠﻪ ﺇﻧﻲ ﻟﺤﺒﻠﻰ ، ﻗﺎﻝ : ‏( ﺃﻣﺎ ﻻ ، ﻓﺎﺫﻫﺒﻲ ﺣﺘﻰ ﺗﻠﺪﻱ ‏) ، ﻗﺎﻝ : ﻓﻠﻤﺎ ﻭﻟﺪﺕ ﺃﺗﺘﻪ ﺑﺎﻟﺼﺒﻲ ﻓﻲ ﺧﺮﻗﺔ ، ﻗﺎﻟﺖ : ﻫﺬﺍ ﻗﺪ ﻭﻟﺪﺗﻪ ، ﻗﺎﻝ : ‏( ﺍﺫﻫﺒﻲ ﻓﺄﺭﺿﻌﻴﻪ ﺣﺘﻰ ﺗﻔﻄﻤﻴﻪ ‏) ، ﻓﻠﻤﺎ ﻓﻄﻤﺘﻪ ﺃﺗﺘﻪ ﺑﺎﻟﺼﺒﻲ ﻓﻲ ﻳﺪﻩ ﻛﺴﺮﺓ ﺧﺒﺰ ، ﻓﻘﺎﻟﺖ : ﻫﺬﺍ ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻗﺪ ﻓﻄﻤﺘﻪ ، ﻭﻗﺪ ﺃﻛﻞ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ، ﻓﺪﻓﻊ ﺍﻟﺼﺒﻲ ﺇﻟﻰ ﺭﺟﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ، ﺛﻢ ﺃﻣﺮ ﺑﻬﺎ ﻓﺤﻔﺮ ﻟﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺻﺪﺭﻫﺎ ، ﻭﺃﻣﺮ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﺮﺟﻤﻮﻫﺎ ، ﻓﻴﻘﺒﻞ ﺧﺎﻟﺪ ﺑﻦ ﺍﻟﻮﻟﻴﺪ ﺑﺤﺠﺮ ﻓﺮﻣﻰ ﺭﺃﺳﻬﺎ ﻓﺘﻨﻀﺦ ﺍﻟﺪﻡ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺧﺎﻟﺪ ﻓﺴﺒﻬﺎ ، ﻓﺴﻤﻊ ﻧﺒﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﻪ ﺇﻳﺎﻫﺎ ، ﻓﻘﺎﻝ : ‏( ﻣﻬﻼً ﻳﺎ ﺧﺎﻟﺪ ! ﻓﻮﺍﻟﺬﻱ ﻧﻔﺴﻲ ﺑﻴﺪﻩ ﻟﻘﺪ ﺗﺎﺑﺖ ﺗﻮﺑﺔ ﻟﻮ ﺗﺎﺑﻬﺎ ﺻﺎﺣﺐ ﻣﻜﺲ " ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺄﺧﺬ ﺍﻟﻀﺮﺍﺋﺐ " ﻟﻐﻔﺮ ﻟﻪ ‏) ﺭﻭﺍﻩ ﻣﺴﻠﻢ . ﺛﻢ ﺃﻣﺮ ﺑﻬﺎ ﻓﺼﻠﻰ ﻋﻠﻴﻬﺎ ، ﻭﺩﻓﻨﺖ .

ﻭﻓﻲ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﻓﻘﺎﻝ ﻋﻤﺮ ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺭﺟﻤﺘﻬﺎ ﺛﻢ ﺗﺼﻠﻲ ﻋﻠﻴﻬﺎ ! ﻓﻘﺎﻝ : ‏( ﻟﻘﺪ ﺗﺎﺑﺖ ﺗﻮﺑﺔ ﻟﻮ ﻗﺴﻤﺖ ﺑﻴﻦ ﺳﺒﻌﻴﻦ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻭﺳﻌﺘﻬﻢ ، ﻭﻫﻞ ﻭﺟﺪﺕ ﺷﻴﺌﺎً ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺟﺎﺩﺕ ﺑﻨﻔﺴﻬﺎ ﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ . ﺭﻭﺍﻩ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺯﺍﻕ ﻓﻲ ﻣﺼﻨﻔﻪ 7/325

ﺍﻟﺘﻮﺑﺔ ﺗﻤﺤﻮ ﻣﺎ ﻗﺒﻠﻬﺎ

ﻭﻗﺪ ﻳﻘﻮﻝ ﻗﺎﺋﻞ : ﺃﺭﻳﺪ ﺃﻥ ﺃﺗﻮﺏ ﻭﻟﻜﻦ ﻣﻦ ﻳﻀﻤﻦ ﻟﻲ ﻣﻐﻔﺮﺓ ﺍﻟﻠﻪ ﺇﺫﺍ ﺗﺒﺖ ﻭﺃﻧﺎ ﺭﺍﻏﺐ ﻓﻲ ﺳﻠﻮﻙ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﻭﻟﻜﻦ ﻳﺪﺍﺧﻠﻨﻲ ﺷﻌﻮﺭ ﺑﺎﻟﺘﺮﺩﺩ ﻭﻟﻮ ﺃﻧﻲ ﺃﻋﻠﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻳﻐﻔﺮ ﻟﻲ ﻟﺘﺒﺖ ؟
ﻓﺄﻗﻮﻝ ﻟﻪ ﻣﺎ ﺩﺍﺧﻠﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺸﺎﻋﺮ ﺩﺍﺧﻞ ﻧﻔﻮﺱ ﺃﻧﺎﺱ ﻗﺒﻠﻚ ﻣﻦ ﺻﺤﺎﺑﺔ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ .

ﻭﻟﻮ ﺗﺄﻣﻠﺖ ﻓﻲ ﻫﺎﺗﻴﻦ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺘﻴﻦ ﺑﻴﻘﻴﻦ ﻟﺰﺍﻝ ﻣﺎ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻚ ﺇﻥ ﺷﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ .
ﺍﻷﻭﻟﻰ : ﺭﻭﻯ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻣﺴﻠﻢ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻗﺼﺔ ﺇﺳﻼﻡ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺍﻟﻌﺎﺹ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻭﻓﻴﻬﺎ : " ﻓﻠﻤﺎ ﺟﻌﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻓﻲ ﻗﻠﺒﻲ ﺃﺗﻴﺖ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻘﻠﺖ : ﺍﺑﺴﻂ ﻳﻤﻴﻨﻚ ﻓﻸﺑﺎﻳﻌﻚ ، ﻓﺒﺴﻂ ﻳﻤﻴﻨﻪ ﻓﻘﺒﻀﺖ ﻳﺪﻱّ ﻗﺎﻝ : ﻣﺎﻟﻚ ﻳﺎ ﻋﻤﺮﻭ ؟ ﻗﺎﻝ : ﻗﻠﺖ ﺃﺭﺩﺕ ﺃﻥ ﺃﺷﺘﺮﻁ ، ﻗﺎﻝ ‏( ﺗﺸﺘﺮﻁ ﺑﻤﺎﺫﺍ؟ ‏) ﻗﻠﺖ : ﺃﻥ ﻳﻐﻔﺮ ﻟﻲ . ﻗﺎﻝ : ‏( ﺃﻣﺎ ﻋﻠﻤﺖ ﻳﺎ ﻋﻤﺮﻭ ﺃﻥ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻳﻬﺪﻡ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻗﺒﻠﻪ ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻬﺠﺮﺓ ﺗﻬﺪﻡ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻗﺒﻠﻬﺎ ، ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺤﺞ ﻳﻬﺪﻡ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻗﺒﻠﻪ ؟ ‏) .

ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ : ﻭﺭﻭﻯ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻣﺴﻠﻢ ﻋﻦ ﺍﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ : ﺃﻥ ﺃﻧﺎﺳﺎً ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺸﺮﻙ ﻗﺘﻠﻮﺍ ﻓﺄﻛﺜﺮﻭﺍ ، ﻭﺯﻧﻮﺍ ﻓﺄﻛﺜﺮﻭﺍ ﺛﻢ ﺃﺗﻮﺍ ﻣﺤﻤﺪﺍً ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻘﺎﻟﻮﺍ : " ﺇﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻘﻮﻝ ﻭﺗﺪﻋﻮﺍ ﺇﻟﻴﻪ ﻟﺤﺴﻦ ، ﻭﻟﻮ ﺗﺨﺒﺮﻧﺎ ﺃﻥ ﻟﻤﺎ ﻋﻤﻠﻨﺎ ﻛﻔﺎﺭﺓ ، ﻓﻨﺰﻝ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ : } ﻭَﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﻟَﺎ ﻳَﺪْﻋُﻮﻥَ ﻣَﻊَ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﺇِﻟَﻬًﺎ ﺁﺧَﺮَ ﻭَﻟَﺎ ﻳَﻘْﺘُﻠُﻮﻥَ ﺍﻟﻨَّﻔْﺲَ ﺍﻟَّﺘِﻲ ﺣَﺮَّﻡَ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﺇِﻟَّﺎ ﺑِﺎﻟْﺤَﻖِّ ﻭَﻟَﺎ ﻳَﺰْﻧُﻮﻥَ ﻭَﻣَﻦ ﻳَﻔْﻌَﻞْ ﺫَﻟِﻚَ ﻳَﻠْﻖَ ﺃَﺛَﺎﻣًﺎ { ﺍﻟﻔﺮﻗﺎﻥ .68/ ﻭﻧﺰﻝ : ‏( ﻗﻞ ﻳﺎ ﻋﺒﺎﺩﻱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺃﺳﺮﻓﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﻻ ﺗﻘﻨﻄﻮﺍ ﻣﻦ ﺭﺣﻤﺔ ﺍﻟﻠﻪ ‏)

يتبع .....

جواز سفرك إلى جنّة الخُلدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن