الدّهشة , الضَيف الذي لا يطرُق الباب..بالمُستشفى : ينهَض مُتوجّهاً نَحو الطبيب بنظراتٍ تكاد تخترقه : شنُو ؟ قُلتَ شنو ؟الطَبيب مُؤكداً : المدام حامِل يعُود إلى الخلف مُتكئاً على الحائط , راجياً أن يسندهُ تعتدِل جالسة : أنا؟ أنا حامِل ؟ يعني ؛ قصدي في جنين في بطني ؟ الحمِل اللي بيجي بعدُو بيبي؟ الطبيب ضاحكاً : أيوَة وهُو في حمل غير دا ؟ يمُد إليها بالتحاليل : هدِي التحاليل وإنتي دكتُورة وسِت العارفينتستلمهم بأيدٍ راجفة , ترفع نظرها إلى محمّد بعدمَا أمعنَت في التحاليل ؛ تُفلِت الورَق وتُغطّي فمها بِكفّيهاينظُر إليها غير مُصدِّق , راجياً أن تنطِق هيَ وتُنهي هذهِ الدهشةتنطِق أخيراً , بنبرةٍ بالكاد تُسمَع : محمّد أنا حامِل !يخُرّ ساجداً دُونَ أن يشعُر , يلهجُ لِسانهُ بالحَمد لإنتصارٍ جاءَ في حربٍ كفّوا عن القِتال فيها ! ترفَع وجهها الذي إحتقَن الدمُ فيه من كُثرة البكاء , عالياً , حيث كانت تنظُر دائماً , حيث كانت ترفع كفّيْها دائماً , حيث كانَت تشكُو ضعفها دائماً.. وقِلّة حيلتها , وهَوانُ جُرحها على النّاس ؛ تنظُر عالياً , إلى المكان الذي أودَعت فيه كُل الرّجاء , وإلتمسَت منهُ الرِضى , وإستغفرتهُ عن كُلّ مرةٍ يئسِت فيها , أو لجأَت إلى غيرِه , لم ينسَها , "كان يرَى كُل شيء" ولم يَنسَني ! , تُخبّئ وجهها بِين كفّيها وتُجهِش بالبُكاءيرفَع هوَ من سجُوده الذي طَال , يُهروِل إليها ؛ يحملها عن الفِراش ويدُور بِها , ولِلحظَةٍ بدَا كأن الغُرفة خلَت من الجميعِ عداهُمفتضحَك من بَين دموعها الغزيرَةفي جهةٍ أُخرى : يخرُج الطبيب إليهِم تنهَض إقبال , تتبعها صابرين الطبيب : إنتو أقارِب المريضة ؟تتقدّم إقبال خطوة : أنا أُمّهايُشير إليها أن تلحَق بِه تذهب وراءَهُالطبيب : بِتِّك عاملة عملية إجهاض عِندك عِلِم بالكلام دا؟تنطِق بإرتباك : أيوَة.. لكن قبل شهر تقريباً الطبيب : شهَر ؟ عملية الإجهاض دي ماعدّا عليها 24 ساعَة إقبال : كيف؟؟ كيف كيف يعني ماعدّا عليها 24 ساعة يادكتُور ! الطبيب : زي ماسمعتي, والعملية دي مُستحيل تكون إتعملَت على يد طبيب عمُومي حتّى , دا سبّاك العمَل فيها كِدا , البِت عندها مُضاعفات خطيرةتشهَق بِذُعر : كلام شنُو دا يا دكتُور !الطبيب : الحمدلله إحنا إتدخلنا في الوقت المُناسب ووقّفنا النزيف , حالياً هي مُحتاجة راحة تامّة ؛ سواءاً في المُستشفى أو البيت , مع المعوّضات اللي حكتبها ليها دِي تُحيط رأسها بِكفّيها , تهزّهُ إيجاباً : حاضر يادكتُور , حاضِر بعد مرُور ساعتينيسنِدها , يسيران نَحو بوّابة المُستشفى , بينما يتحدّث هوَ عبر الهاتف : يعني شنو مابتقدر تجِي ؟ السائق : حاجّة آسيا أمرتني أجيب العروس من المُستشفى يا باشمُهندس , مابقدَر أخالِفهايُقطِّب حاجبيه بإستنكار : عروس شنُو ؟ السائق : عروستَك يا باشمُهندسيتذكّرها , يفتح عينيهِ على إتّساعهما : الجّابها المُستشفى شنو ؟ السائق : غِمرَت بعد ما إنتَ مشيتيُفلِت زوجتهُ التي إختلّ إتّزانها , تُثبّت نفسها وتنظُر إليهِ بإستغرابمحمّد : كيف.. كيف يعني؟ أُغمى عليها ؟ السائق : أيوَة محمّد : مُستشفى شنُو !يُمليه إسم المُستشفى , ينظُر حَوله بِعدَم تصديق : طيّب طيّب أقفِل إنتَ يضَع الهاتِف في جَيْبه , يصدّ ذاهباً ؛ يتذكّر روان فيعُود لِيلتفِت روان بِعدم إستيعاب : في شنُو يامحمّد؟يُمسِك بِها ويُجلِسها في كراسي الإنتظار , يُقبِّل جبينها بِدفء : إستنّيني هِنا طيّب؟روان : في شنو طيّب ينهَض ركضاً : ما حأتأخَّر تضَع كفّها على خدها وتتنهَّد يقِف أمام موظّفة الإستقبال : عايز أسأل عن حالة دخلَت الطوارئ قبل شوية الموظّفة : الإسم لو سمحتَيُخرِج وثيقة الزواج من جَيب بِنطالِه : أء.. مريَم يُوسف عبدالرحمنيلتفِت إلى يمينهِ بينما تبحَث هيَ عن الإسم , يُقطِّب حاجبيْه , يُعيد الوثيقة إلى جَيْبه : خلاص شُكراًيُهروِل إليهِم ليَان : نُور ! مُش دا العريس؟!تنظُر إلى حيث تنظُر شقيقتها : أيوه واللهِ ياهُو !يقِف أمامهُم , تنظُر إليه أقبال التي تسنِد مريَم بِصعوبة ؛ بينما ينظُر هوَ إلى تِلك المُغمضَة عينيها وتسير رُغماًيُمسِك بِها ويسندها إليه : عنِّكتبتسِم إقبال إبتسامةً صفراء , ما إن يسندها إليه حتّى تخُور قُواها , ينزل بِكفّه الآخر إلى قدميْها ويحملها يسير أمامهم دُون أن ينطِق بأيّ كلِمة , يأكلهُ الذنب تِجاهها إقبال بصوتٍ مُنخفض : دا شنُو اليوم الماعِرفنا ليهو راس من قعَر دا !مُنى مُربّتةً على كتفِها : قدَّر ولطَف يرِنّ هاتف نُور , فَتبتعِد عنهُم ليان : ماشّه وين !نُور : أسبقُوني بحصّلكُم تخرُج , تقِف أمام بوّابة المُستشفى , يُلوِّح لها فتذهَب نحوهُنُور ناظرةً إلى الفتاة التي تستنِد عَليه : روان مُش كِدا ؟ آدَم : أيوة تُمد كفّها مُصافحة إيّاها : أجر وعافية إن شاءاللهتُصافحها دون إبداء أيّ تعابير : الله يعافِيك نُور : أء.. طيّب أخلّيكُمأنا شكلكم ماشّين ؟ آدم : لا حنستنّى م..تُقاطعهُ روان : أنا ما حأستنّى أكتَر , خلينا نمشي يا آدَمآدَم : حاضِر , تعالي نوصّلِك يا نُورنُور : لالا أنا مانازلَه هِنا , مُسافرين البلَد على طُولآدم : طيّب بيننا تلفُونتتراجَع إلى الخلف : أكيِد.. تصبَح على خِير ما إن يمد كفّه إليها , حتّى تصد وتذهَبيُرجعه إلى الخَلف بهدوء في جهةٍ أُخرى , يُمدّدها في السيّارة , يُخرِج الهاتِف من جيْبِه ويبتعِد عنهُم إقبال بأعيُن دامِعة : الله يحمِيك يا بتِّي.. ودعتِك اللهتحتضنها مُنى إليها : بُكرا تاني حتجي تشوفيها , والمسافة بينكُم مابعيدة يا إقبال لزومها شنو الدمُوع دي؟ إقبال : دي بِتّي الطلعتَ بيها من الدُنيا يا مُنى..عنيدَة وراسها قوي وطلّعت عيني 22 سنَة , لكن عذاب معاها أخِير من عذاب بدونهامُنى : البنات ماباقيات يا إقبال , دا مصيرهُم ودي سُنّة الحياةتستغفِر : الحمدُلله..تأتي نُور إليهم : أنا عَن نفسي باقيَة ليان : وأنا كمَان مُنى مُحدّثةً إقبال : إتفضّلي , عالأقل دي وحدَة قدرتي عليها أنا الإتنين ديل أقدَر عليهُم كيف ؟تضحَك تبتسِم مُنى : أيوة كِدا , ما ماخدين منّها شي والله , أضحكِي سايتتخطّاهُم نُور , وتدخُل إلى السيَارة , تنظُر إلى مريَم الغافيَة مُطوّلاً , تمسَح على ملامَح وجهها التي تأخُذ من أبيها الكَثير , تُحدّث نفسها : ليه حاسّاك شايلَة مِنّو حاجة أكبر من الملامِح بِكتير؟تمُد ليان رأسها : ما صِحَت ؟نُور مُشيرة إليها أن تصمُت : لاليان : وبتتعرّفي عليها وهي نايمَة ؟تترجّل عن السيّارة : كُنتَ بتطمّن عليها بَس ما أكتَرتبتسِم وهي تَعي أنّها تُكابر : بتشبَه بابا شديد مُش ؟ نُور : يعني..ليَان : شدييد نُور : خلاص أيوَه شديدتضحَك ترفع نُور كفّيها : أقري ليهُو الفاتحةليَان : حااضِرفي جهةٍ أُخرى :محمّد : أيوَة يا آدم , روان معاك ؟ آدم : أيوهمحمّد : طيّب إنتو وين عشان أجيكُم ؟آدم : إحنا خلاص إتحرّكنا يا محمّد يزفُر : طيّب.. أنا آسِف ؛ قولّيها ماكان بي يدّي ؛ نتلاقى في البيت خلاصآدم : لا ؛ روان حتقعُد معانا كَم يوم لغاية ماتبقى كويسَةمحمّد : كيف الكلام دا ؟ هي عايزَة كِدا؟آدم ناظراً إلى شقيقتهِ الغافية : أيوَةيأخُذ نفساً عميقاً ويزفرُه : طيّب.. اللي يريّحهاآدَم : تمام , مع السلامَة يُغلق قبضة يده بِقوّة مُنفّساً عن غضبِه , يستغفِر ويتّجِه نحَو عرَبتِه تُفيق من غَفوتها : آدَمآدَم : عيُوني روان : ما وِصلنا لِسّه؟آدَم : لِسّه روان : محمّد ما إتّصَل؟آدَم : إتّصَل وقُلتَ ليهو إنّك حتقعدي معانا كَم يُوم روان : كيف ؟آدم : عشان تريّحي أعصابِك شوية ياروانروان : ومنُو القالّيك أنا عايزة أريِّح أعصابي ! أنا ما حَخلِّي ليها راجلي وبيتي كمَان ! رجّعني سريع يا آدَمآدم : رو..تُقاطعه : سريع !بِمنزل آسيَا : تفتَح نفيسة الباب وتدخُل أمامهُم , يدخُل حامِلاً مريَم بين كفّيْه ؛ تنزِل آسيا درجة السُلّم الأخيرَة لِتقِف أمامهم مُكتّفةً يَديْهايزفُر محمّد بِتعَب : أُمّي , ممكن نأجِّل أي نِقاش لِي بُكرا؟آسيا : أنا ماعندي حاجة أقولها ليك أساساً , إتفضحنا واللي كان كَانيتجاوزهَا لِيصعد درجات السلّم وصولاً إلى الغُرفة الجَديدة , يدخُل ويُغلِق الباب بِقدمِه , يضعها بِرفق على الفِراش , تنكمِش على نفسها , يفرِد الغِطاء عليها ويُطفئ الضَوء , يخرُج بخطوات خفيفَة ويُغلِق البابينزِل درجات السلّم بملامحٍ بلَغ التعب مِنها أقصَاه , يدخُل إلى غُرفة الجلوس , تصدّ عنهُ ما إن تراه , يتنهَّد ويجلِس أسفل قدميْها : أُمِّيآسيا : ما أُمَّك يُمسِك بِكفّيها : غصباً عنّي الحصَل دا والله آسيا : اللي هُو شنو الحصَل دا ؟ شنو الحاجة العظيمَة الخلّتَك تطلع من صالة عِرسك قبل نُص الحفلة حتّى ! وتخلِّي بِت الناس بي وراك تتبشتَن وتغمَر ! محمّد : روان حامِلتتبدَّل ملامحها إلى الإستغراب : شنُو !محمّد : روان حامِل يا أُمي , نفيسة إتصلت عليّ وقالت لي إنهم لقوها مُغمى عليها في الغُرفة , ماقدرت أستنّى , مشيت المُستشفى ؛ وعِرفتَ الخبر داتنظُر إليهِ مُطوّلاً مُندهِشة محمّد : كان لزومو شنو بَس كُل العملناهُو دا يا أُمِّي.. ها؟ آسيَا : أنا مابعلَم الغيبمحمّد : ولا أنا يا أُمّي , بس كان ممكن تدّيها فُرصة بدل ماتحرقي قلبها آسيا : تلاتة سنين ماكفاية ؟ فُرصة شنو تاني ! ؛ وأنا ماحرقتَ قلب زول يا ولَد , دا شرِع ربّنا ولو عندها فيهو رأي تجي تجادلني , مالها مافتحت خشمها؟محمّد : يا أُمي إنتي عارفة إنو روان مُستحيل تكسِّر كلامك , لكن دا مامعناهُو إنك تدُوسي عليها كِدا آسيا : كلام شنُو دا يامحمّد ! أنا بدُوس على الناس ياولدِي؟محمّد : العفُو مِنِّك يا أُمي أنا ماقصدي لكن..تُقاطعهُ : إنتَ هسّي بتتناقَش معاي ليه؟ عايز توصَل لشنُو؟محمّد : حيحصَل شنو في البِت دي؟آسيا : ياتُو بِت ؟محمّد : البِت النايمَة فوق دي يا أُمّي آسيا : بِت ؟ دي مرتَك يابليد محمّد : أنا ماعايز أظلمها معايآسيا : بِمعنى ؟محمّد : ننفصِل يا أُمّي قبل ما الموضوع دا يطُول آسيا : إنتَ جنّيت ياولَد ؟ دايرنا نرجّعها لأهلها نقولّيهم واللهِ معليش كُنّا دايرينها وغيّرنا رأينَا ؟ محمّد : ماكِدا يا أُمي لكن السبب الكُنّا عايزنّها عشانو خلاص ما بِقى فيآسيا : دي ماعمايَل ود ناس محمّد : بس دي ما رغبتِي من البداية يُمّا دي رغبتِك إنتي !تنهَض : أعمَل البريّحَك يا محمد , مرتَك دي بدل ماتبقى سيدها بِقت هي ستَّك للأسف, أعمَل البريّحَك أنا يدّي برّا الموضوع دا محمد : يُماتخرُج يُغمض عينيهِ طويلاً , يفتحُهما إثر صَوت الباب ؛ ينهَض لِيفتحهُ فَتسبقهُ نفيسة تفتحهُ لِترى روان أمامها محمّد : روان ؟تدخُل , يسير نَحوها ؛ تقِف أمامهُ : آسفَة , آدم هُو القرّر كِدا من راسُو أنا ماكُنت عايزَة أمشي بيتنا يُحيط رأسها بِكفّيه ويُقبّلهُ : أنا الآسِف ياروان , أنا الآسِف إنتي ماتتأسّفِي تبتسِم : كلّمتَ ماما آسيا ؟ يُمسِك بِها ويصعدان الدَرَج : لِسّه..روان بإستغراب : ليه ؟محمّد : لقيتها نامَتتهزّ رأسها بِتفهُّم : مامُشكلة , نكلّمها بُكرا مع بعض يُقبِّل جبينها : حاضِر__في جهةٍ أُخرى : تقِف السيارة أمام باب المنزل أخيراً : مُنى : ليَان , ليلي ترفَع رأسها بأعيُنٍ مُغمَضة : هامُنى : قومي يا ماما وِصلنا تنزل مُستندةً على والدِتها نُور مُربِّتةً على كتِف إقبال : خالتو إقبَال ترفَع رأسها بِفزَع : مريَم!نُور : بِسم الله , دي أنا نُورتزفُر مُستغفِرة : وِصلنا نُور : أيوَة ؛ شُفتي كابُوس ؟إقبال : ماكابُوس , لكن قلبي ما هادِي تترجّل عن السيارة وتُمد كفّها : تعالِي , كُل حاجة حتكون كويسة إن شاءالله ما تقلقِي تُمسِك بيدِها وتنزِل : إن شاءالله يابتِّي , إن شاءالله في جهةٍ أُخرى : تخرُج من الحمام تُحيط بِرأسها مِنشفة : محمّد خلّيت ليك المُوية دافيَة لو عايز تستحمّىيُغلِق خزانتهُ : آي داخِل تجلِس أمام المِرآة , تتوقّف ثانيةً ثُم تسأل : محمّد ؟ يتناوِل منشفتهُ : أيوَة تبتلِع ريقها مِراراً محمّد بإهتمام : أيوه يا روان ؟روان : هِي.. جات هِنا ؟ يُجيبها بِضيق : أيوَة تنطِق بإستنكار : وإنتَ حتبيت هِنا ؟يضَع الملابس والمِنشفة جانباً , يقِف أمامها : أنا ماحأبيت غِير هنا ؛ التمثيليّة دي ماحتستمر كتير أساساً , تمام ؟ تبتسِم بإرتياح : تماميُبادلها الإبتسام , يلتقِط ملابسهُ من طرف السرير ويدخُل إلى الحمّام تُزيح المنشفَة عن شعرها وتبتسِم لصُورتها في المِرآة صباح اليَوم التالِي : تحمِل فرشة أسنانها وتدُور في "الحُوش" : ليه مافي toothbrus holder في المغسلة؟تأتي سُهيلة من المطبخ حاملةً أكواب الشاي : علّقيها في الشُباك ساي , بُكرا إن شاءالله نجيب ليك البتاعَة دي مُنى بِضحكة : تعالي يا ليلي , علّقيها وتعالي أشربي الشايتخرُج تهانِي من المنزِل : صباح الخِيرالجميع : صباح النُور ليان : صباح النُور ياعمّتُوتهاني : تعالي ياحبيبة عمّتُو تقترِب إليها بإهتمامتُناوِلها "تُوب" : هاك ألبسي التُوب دا , عشان البيت بِكُون مفتوح طُول النهار ماتتكشفِي قِدّام الرُجالتنظُر إلى والدتها بإستنكار تنظُر إليها والدتها : شيليهُو ياليلي وتعالي تستلمهُ مِنها وتأتي إلى والدتها , تُحدّثها بِصوت مُنخفض : دا شنُو يا ماما تُوب شنو !مُنى : معليش , سايريها تتنهّد : حااضِر ياعمّتُو , تهمِس لوالدتها : حلُو كِداتُربِّت على ضهرها : فالحَة بِتِّي تأتِي إليهم نُور : صباح الخَير سُهيلة : صباح النُور , أنا بمشي أودّي الشاي الصالُون , أشربُو إنتو ماتستنّوني تلحَق بِها تهاني إلى المطبَخ تجلِس نُور : دا شنُو ؟ مافي كابتشينُو يا أُمّي ؟ليَان : هسّي كُنت حسأل نفس السؤالمُنى : كابتشينُو شنو ! أسمعُوا , إحترموا أنفسكم وماتفضحوني مع الناس نُور بِعدَم فِهم : الكابتشينو عندهُم عيب ولا شنو ؟مُنى : يابناتي الحاجات دي مامتوفّرة عندهُم ماتسبّبو للناس إحراج ! نُور : أيوَة قولي كِدا مامُشكلةليَان : عمّتو عايزاني ألبَس تُوب تستلِم نُور كُوب الشاي : وإنتي عايزه تلبسيهُو ؟ليَان : لا طبعاًتأخذ رشفةً من الشاي : قولي ليها ماعايزَة ألبسُومُنى : دا بدل ماتعقّليها يا نُور !نُور : يا أُمي هي بالغة وعاقلَة وشحطَه هدِي ! هي أدرى بي نفسَهامُنى : خلاص أنا حاجيب ليكُم عبايات بُكرا لو ماعايزين التِيابتضَع نُور الكوب وتنظُر إليها بإستنكار ليان : شنُو ؟؟ مُنى : أيوه حتلبسُو عِبايات نُور : دا قرارِك يعني ؟ مُنى : قراري ولا ماقراري دا الصّح نُور : قرارِك أو قرار غيرِك , أنا البحدّد إذا صَح ولا غلَط مُنى : بِت!ليان : ولا أنا حلبَس عباية , ولو ماعاجبهُم شكلنا كِدا بُكرا حنرجع كنداتأخُذ نُور كُوب الشاي وتنهَض , لِتلحق ليَان بِهاتتنهّد مُنى بِضيقفي جهةٍ أُخرى : تفتَح عينيها بِبُطء , تعُود لِتُغمضهما بِألَم , ترفَع رأسها عن الوِسادة : آآخ تنظُر إلى زفافها الذي غفَت بِه , تدُور بِنظرها في المكان , ترَى حقائبها تملأ الغُرفة , تنزل عن السرير , تحمل الزفاف وتجرّ أقدامها نَحو الحمام , تقِف أمام باب الحمّام وتزفِر بِضجر , تُنزِل سحّاب الفُستان بِصعوبة وتخلعهُ أمام الباب , تدخُل إلى الحمام وتُغلِق الباب في جهةٍ أُخرى :تضَع العِطر في أماكن النَبض بِرفق , ترتدِي حجابها وتنهَض يخرُج من الحمام : إنتي ماشّة المُستشفى الليلة ولا شنُو ؟روان : أيوَةمحمّد : مُش مفترض ترتاحِيروان : يا حبيبي الإجازة ماقبل الشهر التالت على الأقَلمحمّد : عارِف , بس قصدي ترتاحي من تعب أُمبارحتقترِب إليه : لا ما أنا بِقيت كويسة خلاصيبتسِم فتضحَك يُقبِّل خدّها بِخفّة : أسبُقيني للسُفرة طيّب روان : حتتكلَّم معاها؟يهزّ رأسهُ أن نعَمروان : طيب , مُستنياكمحمّد : مابتأخَّر تخرُج وتُغلِق الباب يرتدِي ملابسهُ ويخرُج خلفهَا في جهةٍ أُخرى : تدخُل إليهم إقبال : ناس البيت , أصبحتُو كيفلا تجِد سِوى مُنى , جالسةً في أوسط "الحُوش" وسارِحَة تقترِب إليها : عُووك ترفع رأسها , تبتسِم : إقبال أصبحتي كيفتُصافحها وتجلِس : أنا أصبحتَ طَيبة لكن إنتي شكلك ما أصبحتي لسّه تتنهّد : تقُولي شنو بَس , البنات حيجننّونيإقبال : مالهِن بَس يايمّه بنيّات السرور بناتِك مُنى : واللهِ عنيدات يا إقبال إقبال : إنتي كمان ماتشدّي معاهم , مهما كان ديل تربيَة أبوهم وإنتي عارفَة أبوهم كان بِدلِّع شديدمُنى : دي المُشكلة يا إقبال , دلع أبوهم فيهم خربهُم شديد إقبال : حصَل شنو ؟مُنى : عمّاتهم عايزنّهم يتحجّبو وهُم مُصرّين إنو الصح الحاجة الحيكونوا مُقتنعين بيها بَس إقبال : كلامهم صَاح مُنى : صاح كيف بس إقبال : يعني إنتي دايراهُم يتحجّبو الليلة قدّام عمّاتهم وبُكرا من وراهم يمشُو ساي ؟ معاهُم حَق لازم يقتنعُوامُنى : أيوه يعني حيقتنعُوا متين وكيف؟إقبال : دي غلطة يُوسف , خلّاهم يعيشوا بين الأجانب ويختلطوا بيهم لمّن بقُوا زيّهُممُنى : لا هُم مُلتزمين الحمدلله يا إقبال , من صلاة لي صيام؛ بس موضوع الحِجاب دا العامل ليهم قلَق إقبال : لو كِدا معناها الموضوع مسألة وقِت , خلّيهم ياخدو زمنهُم براهم حيقتنعُو مُنى : إن شاءالله إقبال : أها ماماشّين معاي تصبّحوا على العروس مُنى : باللهِ مُتحرّكين هسي ؟إقبال : آي العربية بتجي هسّي تسوقنَامُنى : خلاص بقُوم أكلّم البنات يجهزُواتنهَض : تمام أنقّوم أصبّح على ديل بي غادِي__في جهةٍ أُخرى : تلفّ المِنشفة حَول نفسها وتخرُج , تطأ الزِفاف وتتجاوزهُ إلى حقيبة ملابسها تفتَحها بحثاً عن شيءٍ ترتدِيه : ياربي الغيارات كانَت هنا ولا في التانيَة , تتأفّف بِضيقيُطرَق الباب تتجاهلهُيفتح الباب بِبُطء ويُطِل بِرأسِه تلتفِت إليه يُغلِق الباب فوراً ما إن يراها بِتلك الهيئةترتبِك , تسحَب رداء الصلاة من طَرف الحقيبة وترتديه تتنَحنَح : خُش يدخُل وعيناه تحتضن الأرض : معليش ماكُنت قاي.تُقاطعه : ما مُشكلة محمّد : أء.. كُنت عايز أتكلَّم معاك شوية , لكن شكلك مافاضية نخلّيها لبعدين مريَم : طيّب , حتمشي وين ؟ عشان أجِيكمحمّد : تِحت , أنزلي السلّم بَس وحتلقي غُرفة السُفرة على يمينِكمريَم بِتساؤل : إنتَ كُنت بايت هِنا؟محمّد : أيوَة تُشير إلى الفِراش وتُكرّر سؤالها : هِنا ؟محمّد بِنفيّ : لالا , في الغُرفة الجمبِكتهزّ رأسها بإستيعاب : كويّسيخرُج ويُغلِق الباب بهدُوء تملأ خدّيها بالهواء وتتأفّف بِضيق : يا رَب في جهةٍ أُخرى تدخُل إلى منزِل عمّتها مُتفّحصة المكان , تُزيح السِتار عن أحد الأبواب , تمُد رأسها إلى الداخل بِفضُول , تلتفِت إليها فتاةٌ بِعُمرها جالسة أمام المِرآة , تبتسِم لهَا ليَان : إنتي سمَر بِت خالتو تهاني مُش كِدا ؟تبتسِم بإستغراب : أيوَة , عرفتيني من وِين ؟تُجيب على نفس حالِها : أُمبارح لمّا دخلنا لقيناك نايمَة والمطبخ مفتُوح والكديسَة شِربَت اللبنتُكمِل عنها بِضحكة : فَ أُمّي أدّتكُم السِي في حقّي وإني مامنّي فايدَة وحيرجّعوني بي خبيزي والكلام دَا تضحَك : يعني شنو حيرجعوك بي خَبيزِكسمَر : أدخُلي أوَّل طيّب واقفة في الباب مالِك ؟ تدخُل بنظرات مُتفّحصة سمَر : يرجعوك بي خبيزِك يعني يطلقوك في يُومِك ليَان بِضحكة : إنتو محور حياتكم الزواج لاحظتَ للنُقطة دي سمَر : وإنتي كَ بِنت مُفترض يكون مِحور حياتِك شنُو ترفَع كتفها الأيمَن وتفتَح كفّها : نفسي مثلاً ؟سمَر : ياستّي , في النهاية مردِّك لي بيت راجلِك ليَان : أيوَة إنتي قُلتيها بي نفسِك , مردِّك ؛ يعني حاجة نهائيّة جداً ؛ إنتي مشيتي وين أصلاً عشان توصلِي للمرحلة الأخيرة دِي سريع كِدا ؟ تنظُر إليها و وجهُها يعلُوه علامات إستفهامٍ كُثُر ليَان : يعني عملتِي شنو في حياتِك ؟ ووصلتِي لِوين وحقّقتي شنو ؟سمَر : مايمِكن حلمي والعايزَه أحقّقو هو الزواج , هو العرِس دا هيِّن؟ليَان : الزواج ما حِلم ! في ناس بتتزوج كُل يوم وكُل ساعة وكُل ثانية حتّى , لكن فتّشي عن زول سافَر للقمر مثلاً ؟ رقم محصُور من الناس !سمَر : إنتي حلمِك شنو طيّب؟توزّع نظرها في المكان : ماعارفة , مرات بشُوف لوحَة فان جوخ حقّت ليلة النجُوم وأقول عايَزه أرسُم , بعدين بقَرا كِتاب لِشمس التبريزي وأقول عايزه أألِّف كِتاب ! مرّات بتمنّى لو إني ألّفت الأُغنيات البحبّها شديد , أو لحّنتها عالأقَل , مرّات بقُول أنا لازم أكون أيقونة جمال ؛ بس مالازم تكوني عارفة حلمِك شنُو على فكرة! حيجي يُوم وتلقي نفسِك في حاجة مُعيّنة, بس تكوني مؤمنة إنّك ما اتولدتي عشان تعرّسي وبَس وإنو دا أعظم حاجة ممكن تنجزيها , وقتها حتلقي حِلمك سمَر : يعني ما حتعرّسي ولاتحبِّي حتّى ؟ليَان : يا الله ! أنا عِرفتَ ليه نُور بتكرَه الرُجال كِدا ؛ إنتو مخلّيينهُم مِحور حياتكُم بِزيادة حقيقيسمَر : إنتي بتقولي كِدا عشان عشتي برّا وعينِك شافَت الماشفناهُوليان : قصدِك شنو ؟ إنّي عملتَ علاقات وعِشتَ حياتي وكِدا ؟ سمَر : عايزه تقنعيني إنِّك ما عملتي علاقة ؟ تنهَض : أنا ضيّعتَ زمني معاك تصدّقيسمَر : يابِت تعالي إنتي زعلتي ولا شنُو !تقِف أمام الباب : أنا هناك وإنتي هِنا , لكن شوفي تفكيرك كيف وتفكيري كيف , قال عايزه تقنعيني إنك ماعملتي علاقة ! وأقنعِك ليه أصلاً إنتي عيّانه ؟ تصدّ عنها ذاهبةسمَر : يا.. إسمك منُو إنتي إستنّي , أنا ماقصدي الفهمتيهُو والله !في جهةٍ أٌخرى : على طاولة السُفرة آسيَا : مُجتبى دا وين روان : خلّيتُو بيأكل في السمكة حقّتويدخُل إليهم بِرفقة أخيه : صباحُو آسيا : أمِس رِجعتَ الساعة كم ياولَد ؟يسحَب الكُرسي ويجلِس : طيّب ح أعتبرها صباح النُور مامشكلةيجلِس محمّد بِجوار روان , تنظُر إليه مُتسائلة , فيهزّ رأسهُ أنْ لاتهمِس : كيف يعني؟محمّد : ما إتكلّمتَ معاها لِسّهروان : أهاا.. آسيَا : مابتصدِّق إنتَ تلقى الهملَه مُجتبى : كُل الناس كِدا يا أُمي بس بِدرجات مُتفاوتَة تضَع نفيسة الطبَق أمامهُ ضاحكة : أها الليلة محلّي ولا سفَري الفطُوريبتسم ناظراً إليها : لالا محلِّي , ماعندي جامعة الليلة , يُخفِض صوتهُ : دا على أساس إنّي أيام الجامعة بمشي الجامعة يعني , يغمِز لها فتضحَك تتنَحنَح آسيا : أُختَك رسّلت ليكُم التذاكِر دي , تمُد بِها لِمحمّديُقطِّب حاجبيْه مُستنكراً , يستلمهم مِنها : تذاكر شنُو ؟ آسيا : ماعارفة , إتّصل عليها وشوف فهَمها شنُومحمّد مُتسائلاً : ما قالت ليك يعني ؟آسيا : لاتستلِم روان التذاكر منهُ : التذاكر لِ لندن غالباً , أيوَه لندن محمّد : غريبَة عايزانا نسافِر ليها ولا شنُو ؟تدخُل مريَم إلى غُرفة الطعام : السلام عليكم آسيا بإبتسامة : صباح الخير يا عروسة تلتفِت روان إليها , تتفحّصها ثُم تعود لِتنظُر إلى محمد : تسافروا ليها , شهَر عسل وكِدا غالباًتهمّ بالنهوضيُمسِك محمّد بِكفّها : روان آسيا : ماشّه وين ياروان ماتاكلِيتُفلته منه وتنهَض : الحمدلله.. شِبعتَتخرُج لِتجلس في الشُرفةينهَض محمّد : الحمدللهويخرُج لِيصعد إلى غُرفتِهمريَم : واضِح إني سبّبت إزعاج آسيا : لالا بِسم الله إزعاج شنُو , إتفضلي معليش سبقناكِينهَض مُجتبى ليسحَب لها الكُرسيتبتسِم بهدوء : لالا ما مُشكلة , شُكراً يرنّ الجرَس تهمّ نفيسة لِتفتَح تخرُج روان : خلّيك إنتي يا دادا أنا بفتَح, دا بِكُون آدَم في الطّريق :نُور : أنا حدخُل أسلِّم بس وأطلع على طُولمُنى : ليه ؟نُور : ما قُلتَ ليك عندي توقيع عقد مع الشركة الحنتعامَل معاها هِنا يا ماما ! مُنى : واللهِ أنا شُغلِك دا زاتو مابقيت عارفة ليهُو راس من قعَرإقبال : مالِك ومال شُغل الرُجال يابتّي ليَان : أسأليها يا خالتُو إقبالنُور : هسّي توقيع العقد بِقى شُغل رُجال؟ليَان : في بت في الدُنيا دي ياناس تشتغِل مُديرة مبيعات لشركة مواد غذائيّة !نُور : أيوَة , أنا وكتير غيري ؛ لما تفضِي من مُسلسلاتِك خُشّي وأبحثي عن الموضوع تلتفِت إلى هاتفها : حاضِرإقبال لِلسائق : بَس بَس هِنا , أيوه ؛ الله يباركَك ياولديفي جهةٍ أُخرى :تُغلِق باب غُرفة الجلُوس : شُفتها ؟ آدَم : أيوة روان : يعني يُوم ما تخُش علي ضُرّه تخش علي وحدَه زي دِي ؟ أنا البِت دي حاسّه إني شُفتها في مكان قبل كِدا يا آدَمآدَم : حتكوني شُفتيها وين يعنيروان : ماعارفة.. بس الخِلقة دي ماغريبة عليّ ؛ شُفتها كئيبكئيبة كيف ووشّها عامِل زي اليُوم الأسوَد ! آدَم : روان , ممكن تروقي هسّي وتخلينا نتكلّم بي عقُلتتأفأف بأعصاب تالِفة : عُلا مرسله ليهم تذاكر إنتَ مستوعِب !آدم بإستنكار : تذاكر شنو ولِمنُو؟تأخذ نفساً عميقاً, يُمسِك بِكفّها ويُجلِسها؛ تزفُر وتنطِق بإبتسامة : مرسلة للعرسان تذاكر شهر العسَل !آدم : ما للدرجة دِي روان : وحياتَك آدم : يعني عُلا موافقة عالمهزله الحاصلَة دي ؟روان : بِتّ أُمّها ! يُحيط رأسهُ مُحتاراً روان : آدَم أنا حامُوت.. أنا ماعارفة أتصرّف كيف ؛ ماعارفه أهيج في محمّد ولا أقيف معاهُو ولا نكلِّم ماما آسيا مع بعض ولا نعمَل شنُو أنا إحترت إحترت!يُمسِك بكفّيها : أهدِي.. شهِيق ؛ زفير , أيوَه ؛ روقي تنظُر إليها مطوّلاً : خايفَة آدَم : كُل حاجه حتتصلّح , بس حافظي على نفسِك وأعصابِك لأنّك مابراك , يُكمِل ناظراً إلى بطنها : حبيب خالُو معاك في المعركة دِيتبتسِم وتحُيط بطنها آدَم : إنتي عارفَة محمّد بيحبِّك قدُر شنو ؛ صدّقيني هي مسألة وقت , يتفاهَم مع أمُّو ويفهِّم بت الناس دِي وكُل حاجة حترجع لمكانها , ماتقلقيترتمِي إلى صدرِه , يحتضنها إليه : محمّد لو فرَّط في الدُنيا كلها مابيفرِّط فيكتبتسِم بأعيُن دامِعة : عارفَةآدم : يلّا طيبتبتعد عنهُ , تمسح عينيها من أثر الدموع آدم : يلا عشان ماتتأخّري على دوامِكتنهَض , تتناول حقيبتها من حافّة الطاوِلة وتخرُج ؛ فيخرُج خلفها__في جهةٍ أُخرى :تصِل أخيراً إلى الغُرفة المقصودَة , تطرُق الباب ينطِق : أدخُل تفتح الباب بِرفق وتدخُل بخطواتٍ هادئة , تنظُر إليه , واقفاً أمام النافذة غارقاً في أفكارِه , يلفّه الفضول حَول صمت الشخص الذي دخلَ للتوّ , فيلتفِت : مريَم ؟تتقدَّم إليه : بس ما أكون بقطَع عليه وقت راحتَكيتقدّم إليها أيضاً : لالا ؛ أنا أصلاً كُنت حاجيك هسّي مريَم : أنا كمان عايزاك في موضوع بالمُناسبة , بس بعد ما إنتَ تقُولمحمّد : لالا قُولي مامُشكلة , أحكِي مريَم : لالا أحكِي إنتَ ما مُشكلةمحمّد : حنتعازَم كتير ؟ تلتفِت إلى الأريكَة : طيّب , ممكن أقعُد ؟محمّد : أيوه طبعاً , إتفضلّي تجلِس , تفرك كفّيها بإرتباكيجلِس بِجوارها , ينظُر إليها بإنصات تبتلِع ريقها مِراراً , تنطِق أخيراً : أنا ؛ الحاقُولو ليك هسِّي دا , إنتَ مابتعرفُو , وماكُنت حتعرفُو أبداً يُقطّب حاجبيْه بإستنكار مريَم : بس أنا حأحكيه لسببين , أولاً لأنّي إنغشّيت قبل كِدا وعارفة مُر التجربة دي كويس جداً ؛ تانياً لأنوم اعندي حاجة أخسرها تزداد ملامحهُ تساؤلاً مريَم : أنا كُنت متزوجة قبل كِدا محمّد مُستنكراً : شنُو ؟تبتلِع دمعها وتُكمِل : لمُدّة 6 شهُور بالضبط ؛ هُو منو وقصّتنا شنو أنا ماحدخّلَك في تفاصيل زي دَا , بَس ؛ أنا واللهِ ماخرّابة بيُوت.. وفي حياتي ما إتخيّلتَ إني أكون ضُرّه , لما خالتِي نفيسة المعانا في الحيّ.. الدادا زي مابتسمّوها , جابَت لي شُغل تحفيظ القُرآن عِند أُمَّك قبل أسبوع أو عشرَة أيّام منالليلة , كُنت يادوب طالعَة من صدمَة مُوت مصط.. راجلي السابِق يمسح وجههُ بِحركة متوتّرة ويُنصِت إليها بإستغرابمريَم : ف ماصدّقتَ شُغل ويلهيني , ويبعدني من البيت والحيّ شويّة , ما أكضّب عليك ؛ أنا كُنت عارفة من البداية إنك بتحِب مرتَك , لكن ماكان في يدّي حل تاني , لما أُمَّك طلبت يدّي ماقِدرت غير أوافِق ؛ غير إنّهُم كِدا كِدا كان حيغصبوني , كان في حاجة أكبر لو عرفوها حيقتلوني , ودا كان المهرَب الوحيديرفع راحة سبابتهِ مُقاطعاً حديثها : دقايق دقايق , إنتي كُنتي متزوجة , وراجِلك إتوفّى , ووافقتِي تعرّسي عشان تهرُبي من أهلِك , دا شنُو التناقُض دا ؟ مريم : أهلي ماعارفين إني إتزوّجت.. مُصطفى كان محمد : مُصطفى دا راجلِك الزمان غالباًمريَم : أيوهمحمد : أيوه , كان مالُو ؟مريَم : كان.. مُدمِنمحمد : مُخدّرات ؟مريَم : أيوَه.. وأهلي ماكانو موافقين عليهُو , حتّى لما صرّختَ في نُص الحوش وقُلتَ ليهم أنا ماحعرّس غيرو.. تُزيح ياقة القميض عن عُنقها مُشيرةً إلى علامةٍ مّا وتُكمِل : تشّاني عمّي بالسيخ الحامِي , وقال لي لو بِت أبوك عرّسيهُو يُشيح بنظرِه عن منظر الحَرق : وعرّستيهُو مريَم : أنا بِتّ أبوي وهُو عارِف كِدا كويّس.. محمّد : وعرّستيهُو كيف بدُون أهلِك مريَم : عُرفييتنهَّد مريَم : حِملتَ ينظُر إليها مُرتاباً مريَم : دا الكُنت خايفة يعرفُوه بعد.. بعد ما مُصطفى مات ؛ كانو حيطلّعُوه مِنّي ويحرقُو قلبي.. وبعدين يقتلوني! أنا عارفة إني مُذنبَة , وماعايزة المغفِرة من زُول ؛ كُلّهم كانو.. حتّى صحبتِي الوحيدة , كانت عايزاني أنسى وأعيش وأتزوَّج من أوَّل وجديد وأمسَح مُصطفى من ذاكرتي , أنا ندمانة على الطريق المشيت فيهُو بس ماندمانة على مصطفى , أنا لَو , تبتلِع دموعها بينما تترَقرق في عينيها.. أنا لَو رِجع بيّ الزمن تاني حختارُو تانِي , ولو مات قِدّامي تاني بسبب الزفت اللي كان بيقتُل بيهو نفسو بالبطئ كُنت حسألو مُصطفى بتحبَّني ؟ وحتّى لو حيرُد عليّ تاني بنفس الرد "إنتي منُو.. أنا مابعرفِك" برضُو كُنت حختارو.. أنا ؛ تُحيط وجهها بِكفّيها وتُجهِش بالبُكاء يصدّ عنها بوجهٍ مُتجهِّمترفع رأسها المُحتقِن بالدموع : أنا ما إخترتَ كُل الحصل ليّ دا.. ما إخترتَ إنّي أنزّل جنيني قبل تمثيليّة العرس السخيفة بِي كَم ساعة , وأتزّفَّ وأنا غرقانة في دمِّي , ولا إخترتَ أكُون حَرقة قلب لِوحدة بتحبّ راجلها شديد وماعُمرها قصّرَت في حقُّو , وذنبها الوحيد إنها مابتولِد ؛ ولا إخترتَ إنّي أقعُد قدّامك القعدَة دِي , وبَس تمسَح وجهها : حالياً أنا شفّافة قدامَك وشايفني بِوضوح ؛ عقد الزواج معاك والقرار قرارَك , أنا في كُل الأحوال ماعندي حاجة أخسرها.. لكن إنتَ عندَك مرتَك تنهَض محمّد : طيِّب بعد مانزّلتي الجنين , ليه لسه خايفة من أعمامِك ؟تلتفِت إليه : كُنت , كُنت خايفة تخرُج وتُغلِق الباب خلفها تاركةً وراءها موجٌ من الأفكار والمشاعِر يتلاطَم __في جهةٍ أُخرى : يُطرق الباب , تُهروِل نفيسة لِتفتَح آسيا من غُرفة الجلُوس : منو يا نفيسةنفيسة : دي أهل العروس يا حاجّةيقِف آدم الذي همَّ بالخرُوج مرتقِباً دخولهم يُقطِّب حاجبيه ما إن يرَى تِلك القامَة المألوفَة , يسير نظرهُ من أسفل البِنطال الأسود الرسمِي حتّى القميص الأبيَض , هذا الشعر المربُوط دائماً , ترفع وجهها فتصطدِم نظراتهم يُعلِّق نظراتهُ المُندهِشة بِها : نُور!تُقطِّب حاجبيْها بإستنكار : آدَم ؟ يُتبَع..