تُدخل كفّيها إلى جيُوب البِنطال , تُخرِجهُم ؛ تدُور بِنظرها في المكان هرباً من نظرتهِ الثابتَة نَحوها , تبتلِع ريقها مِراراً : صُهيب أنا..
يُقاطعها : ما إلّا ترُدِّي , عالأقَل ما هسِّي
تتراجَع بِخطواتها إلى الخَلف : طيب.. تصبَح على خير
يبتسِم مُلوّحاً بِكفّه : تصبحي على خِير
في جهةٍ أُخرى :
الفاتِح : إنتَ قايل الشغلَه لعبة يا ولَد؟
محمّد : العفُو.. بس دا سُوء فِهم بيننا وإتحلَّ
الفاتِح : سوء فهم شنو البخلّيك تطلِّق البت وترميها في الشارع؟
محمّد : لمّا تصحى حتقولِّيك إني ما رميتها في الشارِع , يُحني رأسهُ مُحاولاً كَسب رِضاه : قُولَك شنو يا عَم؟
يتنهَّد : لما تصحى البِت نشُوف
يهزّ رأسهُ مُوافِقاً : طيّب.. بالإِذن
صبَاح اليوم التالِي :
يُطرَق الباب مُنذ مُدّة.. يتقلَّب في فِراشه , يفتَح عينيهِ فجأة إثر صوتها : إنتُو لسّه ماصحيتُو ولّا شنُو يا آدَم؟
ينهَض بإرتبَاك , يحمل وِسادتهُ وفَرشَ نومِه , يُهرول إلى داخِل الغُرفة : نُور
تفتَح عينيها بِحاجبان معقُودان : في شنُو من الصبَاح
يضَع وسادتهُ بِجانبها : أصحِي روان في الباب
تشهَق : دخّلتَ لِحافَك؟
يُهروِل نحو الباب : أيوه أيوه
تزفُر , تُزيح الغطاء عنها وتنهَض
في جهةٍ أُخرى :
تفتَح عينيها بألَم , تُقطِّب حاجبيْها ما إن ترَى نفسها مُستقليَة فوق فِراش , تنهَض : الحصَل شنو !
تدخُل والدتها إثر حَركتها , يُوقفها الفاتِح ويدخُل أمامها : أسمعيني هِنا , محمّد دا جا هِنا أُمبارح
تنظُر إليه بِدهشة : محمّد !
الفاتِح : آي.. قال ما طلّعِك برّا البيت ؛ إنتي براك المشيتي
مريَم : أنا ماقُلت إنُّو طلّعني
الفاتِح : يعني طلعتي بي مزاجِك وماخجلانه؟
تنظُر إلى والدتها بِغضب , تُشير لها أن تصمُت
الفاتِح : بُكرا حيجيب المأذون ويُردِّك , جهّزي نفسِك على أساس كِدا
تُقطِّب حاجبيْها بإستنكار : شنُو ؟
في جهةٍ أُخرى :
ترفُض المكالمَة للمرّة الواحِدة بعد الألف
سمَر : يا بِت رُدِّي دا مجنون مُمكن يجيك في الباب تاني !
تتأفّف : أرُد أقولّيهُو شنو يا سمَر !
سمَر : أيّ شي المهم ماتخلّيهُو في الحِيرة دِي
تُحنِي رأسها : أنا بصراحة ماعايزَه أحبُّو.. من البدايَة كُنت بتفادَى الحاجة دِي
سمَر : ليه بَس ؟
تُخفِض صوتها : يا سمَر دا عُمرو 32 سنَة ! أُمِّي لو سِمعَت واللهِ تقتُلني أنا لسّه ماتمّيت ال20 !
سمَر : ما كُنت قايلاك بتفكّري كِدا
ليَان : أنا مابفكَّر كِدا , بس الحواليني بيفكّرو كِدا؛ وأنا ماعايشَة في الدُنيا دي براي , عندي ناس بيحُكمني رِضاهم يا سمَر
سمَر : يعني إنتي بتحبّيهُو ولا مابتحبّيهو يا ليَان !
تنظُر إليها بِحيرة : ماعارفَة !
__
في جهةٍ أُخرى :
تدخُل إلى الغُرفة : آدَم إحنا ماشّين غُرفة المساج , بطاقة الفُندق معاك؟
يُشير لهَا بِكفّه أن تنتظِر وينهَض مُمسِكاً بالهاتِف
تُخفِض صوتها : مُكالمة شُغل ؟
يهزّ رأسهُ أن لا بينمَا يبحَث في جيُوب ملابسِه
تُراقبهُ بإستغراب
يجِدها , يمُدّها لها
تستلمها وتهِمّ بالخرُوج
يجلِس لِيُكمل حديثه : أيوَه معاك يا دانيَة
تقِف لِلحظة , تتنهَّد وتهمِس لذاتها : أنا مالي !
تخرُج وتُغلِق الباب خلفها بإنفعال
في جهةٍ أٌخرى :
مُمسكةً بالهاتف , تنهَض بإنفعال : على كيفَك هُو؟؟
محمّد : أسمعيني بَس يامريَم
مريَم : زي ماجيت وقُلتَ الكلام الفاضي دا تجِي وتلغيهُو , فاهِم ؟
محمّد : أنا ماحكُون مُتطمّن عليك وإنتي هِناك يامريَم ! إنتي ماكان فيك حتّه سليمَة !
مريَم : وإنتَ مالَك ؟ في زُول عيَّنَك واصي عليّ؟ إنتَ مالَك !
محمّد : أنا عايز أحمِيك
مريَم : أنا ماعايزَه حمايتَك , ولا عايزه أرجع ليك , ياريت ماتجبرني أقول كلام حارّ وتنسحِب بهدوء
يتنهَّد : مُتأكِّدة يا مريَم ؟
تُجاهِد نفسها وتنطِق : مُتأكّدة
بَعد مرُور شَهر ..
تُناولها كُوب الماء وتعُود إلى المطبَخ : واللهِ يابتّي هَدي حالتها ليها قريب التلاتَة أسابيع
تأخذ رشفةً من الماء وتسير خلفَها : مشَت فحصَت طيّب ياخالتُو؟
إقبال : ماراضيَة تفحَص
صابرين : شنُو ماراضيَة تفحص ! وشّها دا لونو أصفَر عديل !
تتنهَّد : أعمَل شنو ياصابرين , غُلبتَ معاها حِيلة
تضَع كأس الماء : أنا ماشّه هسي عندي مُحاضرات , برجَع ليها بلّيل
إقبال : أقعُدي أفطُري أوَّل يابتِّي
صابرين : لالا بتأخَّر , يلّا لي بعدين
إقبال : إن شاءالله , مع السلامَة
في جهةٍ أُخرى :
تتوقّف السيّارة أمام منزل آدَم , تفتَح نُور الباب , تصِيح : أفتح التأمِين
يضحَك : برّاحه طيب
ما إن يُفتَح حتّى تقفز عن السيارة
تُهروِل نَحو الباب ركضاً
ينزِل خلفها بِصُحبة روان
-في الداخِل-
ما إن يُطرَق الباب حتّى تنهَض ليَان
مُنى : أقعُدي يا ليلي ناس البيت بِفتحُو
تُهروِل نَحو الباب غير عابئة بِحديث والدتها
تفتحهُ , تصِيح : نُور !
تخطُو خطوةً فَتصبُح في حُضن شقيقتها : إشتقتَ ليك ياحيوانة
تتشبّث بِها , تتحدّث بِنبرة أقرب للبُكاء : أنا كمَان
تبتعِد عنها , تنظُر إلى عينيها : مالِك ؟
تُخفض نبرتها : بحكِي ليك بعدين
تُمسِك بِكفّها وتدخُل : تعالي طيّب , ماما وين !
تنهَض مُنى : حبيبة ماما
يدخُل آدَم بِرفقة روان , ينظُر إليها : دا كلُّو شوق؟
تتحدّث بِضيق : لو خلّيتني أمشي البيت أوَّل يا آدَم , محمّد ماحيرضى
يبتسِم وهوَ ينظُر خلفهُ : مُتأكّدة إنو ماحيرضى
تلتفِت إلى حيث ينظُر , تشهَق : محمّد !
يتقدّم إليها بإبتسامَة , تُهروِل إليه , تتشبّث بِحُضنه , يُقبِّل رأسها بِحنوّ : حمدلله عالسّلامة
تبتعِد عنهُ : شنُو دِقنَك دي ! ماحلقتَ من لمّا سافرت !
يتنهّد ويهزّ رأسهُ أنْ لا
تمسَح بِكفّها على شعرِه : ولا حلقتَ
محمّد : ماعندي حِيل لحاجة
تنظُر إليه كأُمٍ رؤُوم : حاسّي بشنُو ؟ عيّان ؟
يُمسِك بِكفّها , يُقبلّه : خلينا نمشِي بيتنَا
روان : ندخُل نسلِّم على..
يُقاطعها : ماقادِر
روان : محمّد إنتَ ماكويّس , خلينا نمشي نفحَص
يُمسِك بِكفّها ويذهَب نحو السيّارة , تلتفِت إلى آدَم مُلوّحة بِكفّها
يبعث لها قُبلة عبر الهواء , ويدخُل
مساءً :
نُور : أيوَة يعني أنا أفهَم من كِدا إنّي حنحبِس هنا زي العرُوس ؟
يُعلِّق قميصهُ : طيب ما إنتي فِعلاً عروس
نُور : آدَم أنا بتكلم جَد , تفتَح عينيها فجأة بِدهشة , وتصدّ عنهُ : إنتَ بتغيِّر قدّامي ليه هسّي ! ماعِندَك خجل!
يضحَك وهوَ يرتدي ملابس النُوم : خلاص إنتهيت
تلتفِت إليه : آدَم أنا مابقدر أقعُد بدون ماما وليَان !
آدَم : كُلّها يومين ونرجع كندَا , إستحمليها
يذهَب نَحو فِراشهُ : كُلها يومين وتنتهِي اللعبة دِي
تذهَب خلفهُ , تجلِس على أطراف أصابعها أمامهُ : آدَم
ينظُر إليها بإستغراب
نُور : أنا ماعايزَه الحصَل دا يخرّب اللي بيننا , ماعايزه تعامُلك معاي يتغيّر بسبب اللعبة السخيفة دي
يُقبِّل رأسها : إنتي حتفضلي صحبتِي , يبتلع ريقهُ مِراراً وينطِق : وأُختِي
تبتسِم , تنهَض : بس حنمشي لناس ماما من الصبَاح
آدَم : حااضِر
في جهةٍ أُخرى :
تُغلِق أزرار القَميص , تمسح بِكفّها على بطنها : حجم بطني دا حيشكّكني في روحي يا محمّد
محمّد : ليه بَس
روان : ماقاعدَة تكبَر !
يضحَك : بالعكس , أنا لاحظتَ إنّها كِبرت
روان : جَد !
محمّد : أيوة , إنتي عشان بتشوفي روحِك كُل يوم ماحتلاحظِي , لكن الغِبتي عنُّو حيلاحِظ
تستلِم أدوات الحِلاقة : بتأنِّب لي في ضميري مُش كِدا
يضحَك : أنا قُلتَ حاجة هسّي؟
تجلِس على حافّة الكُرسي : أرفَع راسَك طيّب , أرفع أرفع أرفع
محمّد : ماتقعدي كِدا حتتعبِي
تنهَض : أقعُد كيف طيّب
يمُد كفّيه لهَا : تعالي
تضحَك
يبتسِم : يلّا !
تجلِس في حِجره , يرفع رأسهُ
تضَع معجُون الحِلاقة : أعمَل ليك حِلاقة على شكل وردَة؟
محمّد : بدينا لِعب
روان : عشان خاطري
يضحَك : إنتي جادّه؟
تُمسِك ذِقنهُ ضاحكة : لا طبعاً
في جهةٍ أُخرى :
تسندهَا إقبال دخُولاً إلى المنزل , تضَع صابرين حقيبتها جانباً وتُمسِك بِها : خلّيها ياخالتُو أنا بدخّلها
تتنهَّد : دفعنا دَم قلبنا إن شاء الله خير
صابرين ضاحِكة : لو طلَع ماعندك حاجة أُمِّك حتمشي تقفل ليهم المُستشفى خلّي بالِك
تضحَك بِخفُوت
تمسح على خُصل شعرها : مريَم
يدخُلان على الغُرفة , تُجلِسها على طَرف الفِراش : مريَم
تنظُر إليها بعينيها الشاحِبتان
صابرين : مالِك ياعيني أنا
تسحَب الوِسادة إليها , تضَع رأسها المُتعَب فوقها : تعبَانة
ترفَع لها قدميْها فوق السرير : كُر , في العدو إن شاءالله
مريَم : ناس خالتُو مُنى ماجو
صابرين : أشوفهم ليك ؟
مريَم : نادي لي ليان
تنهَض : حاضِر
__
في جهةٍ أُخرى :
تُزيح سمّاعاتها عن أُذنيها : ماشّي وين ؟
آدَم : مشوار قصيّر
تنظُر إلى الساعة أمامها في شاشة اللابتُوب : الساعَة 11 !
آدَم : ماحتأخَّر
يحمِل مفاتيحهُ ويخرُج
تضَع سماعاتها غَير مُبالية وتعُود لِشاشة اللابتُوب
__
في جهةٍ أُخرى :
تمسَح على خُصل شعرها بِهدوء
تُغمِض عينيها مُجاهدةً دَمعها : مابِقى فيني حيل أبكِي يا ليَان , لكن لسّه ؛ لسه كُل الحاجات مُصرّة تبكّيني
ليَان : ليه ماتبدِي من جديد
تضحَك , فينهمِر دمعها : بالتّعب دَا ؟
تُربِّت على كتفها : لمّن تبقِي كويسَة يا مريَم
مريَم : التعَب ماحيظهَر في فحُوصات الدكتُور , لا فِي تحليل الدَم ولا الملاريَا.. التعب هِنا
تضَع إصبعها على طرف جبينها : التعَب هِنا , في الذاكرة المليَانة بِحاجات زمان , وبتزاحِم أيّ حاجة جديدة تحاول تدخُل , التعَب في يدّيني الإتمسّكَت كتير , وأفلتوها ؛ التعَب في عيوني يا ليَان , عيُوني العاينتَ بيها لِكُل حاجة بِحُبّ , وماشُفتَ بيهم إلا قسوة , أنا لو جِيت أشرَح مالي حشرَح شنو ؟ إختيارِي الغلَط ؟ ولّا قدُر شنو أنا مُذنِبة لأنّي حبّيت ! تنهَض , تُزيح القَميص عن عُنقها : أشرَح تشّة النار دِي؟ تمُد ذراعيها : ولا الجرُوح دِي ؟ أقُول أنا تعبانَة من شنُو ! من روحي ولا من النّاس الأذّوها !
تنظُر إليها بأعيُن دامِعة
تُكمِل : عارفة المُحزن شنو ؟ إنُّو بعد الطريق الطويل دَا كلّو , بعد كُل يُوم عِترتَ بيهو و وقعتَ , بعد كُل زول سلّمتَ ليهو وما سِلمتَ منُّو , بعد كُل حاجة , ألقَى نفسي خِسرتَ رحمة ربّنا , تدفَن وجهها بين ساقيْها وتبكِي : أنا خايفَة أخسَر آخر حاجة فاضلَة ليّ.. خايفة
في جهةٍ أُخرى :
يتناول كُوب القهوَة : عدّا , زيّ أي شهَر عِشناهُو في كندا كَأصحاب
تنظُر إليه نظرة ثابتَة : إنتَ خوّاف
يرفع رأسهُ إليها
دانيَة : دقايق خلّيني أجيبها بِصيغة جارحة ؛ جبَان
يُقطِّب حاجبيْه
دانيَة : هِي مُفترض تعِرف بي حُبِّك عن طريق حاسّتها السادسَة ؟
آدَم : داينَة أنا..
تُقاطعهُ : الرّاجِل كِلمة يا آدَم , الراجل ما أيّ حاجة غير كِلمة , يقُولها ويكُون قدرها
يتنهَّد : أنا عِشت مع نُور, مُتوقّعها أكتر ما هِي مُتوقّعة نفسها ؛ أنا لو يُوم , جاني مجرّد شعور إنّها حترحِّب بي مشاعري دِي ما كُنت إترددّت ! لكن أنا ماعايِز أخلّي علاقتنا في مُفترق طُرق , يا إمّا تكُون كِدا يا إمّا كِدا
دانية : لّا , حتضيّع نفسَك في سبيل إنَّك تراعيها , في زُول يكتم مشاعرو السنين دِي كُلّها وماناوي يصرِّح بيها وبرضو عندُو أمَل؟!
آدَم : أنا
داينَة : يا آدَم إتكلَّم بِواقعية شويّة
يَضع كُوب القهوة وينظُر إليها : عايني , الناس بِتساوِم في أيّ حاجة, بتتخلّى عن أيّ حاجة لو على حسابها حياتهُم بِتضيع, لكن مُستحيل زول يفرِّط في السبب المخلّيهو مُتمسِّك بِحياتُو , نُور السبب دَا, وأنا ما بقدَر أساوِم حتّى في السَبب دَا
صباحاً :
ليَان : و.. من يُومها مابرُد عليهُو ؛ ولا لاقيتُو
نُور : ومُرتاحة؟
ليَان : كيف يعني
نُور : مُرتاحة يا ليَان ! مبُسوطة يعني ؟ حياتك ماشّه كويس؟
تتنهَّد : يمكِن
نُور : ليَان إنتي بتحبّيهُو ؟
تنظُر إليها بإرتباك , وحِيرة
__
في جهةٍ أُخرى :
يدخُل الطبيب إليهم , تنهَض إقبال : وأخيراً
يُلقي التحيّة ويجلِس , يُمسِك بِورقة التحاليل
يُمعِن فيها
إقبال : إن شاءالله خير يا دكتُور
يرفَع نظرهُ إليهم : وين المريضة
تُشير على مريَم الجالسة بِجوارها : هدي , بتّي
يتنهّد : شوفو , تحاليل الدَم ما مُطمّنة , لكن ماعايزين نتسرّع ؛ لازم نعمَل فحص للثدي أولاً
إقبال بإستنكار : فحص ثدي دا شنُو يا دكتُور ؟ بتِّي عندها شنُو !
تنظُر إليه مريَم بِخوف
الطَبيب : للأسف.. فحص سرطان الثدي
يُتبَع...