فجراً ؛
جالسَة , تُراقب لوحة الليل يغشاهَا نُور الفجر , أمواج البَحر ترسوا أمام قَدميْها وهيَ لازالَت في سفَر , تخُط على الرملِ حرُوفاً , تبتسِم وهيَ تتخيّل كفّ والدها ترسُم بِجانبها على الرمل ؛ مُنذ ذهابِه والأشياء تتزَعزَع ؛ كأنهُ كان يُثبّت الدُنيا بِكفّيْه , تذكُر الكلمات التي سمِعَتها حين مَوته " الدُنيا بتاخُد الطيّبين بدري " " لسّه مافِرح بِبناتُو , الله يعوّضو الجنّة " في ذلك اليوم , كانَت جُدران المنزل واقِفة بِلا جدوى , والباب كان إحكامُ إغلاقهُ أمرٌ عَبثيّ.. ذهَب البَيت ! لقد ماتَ البيت ! مانفعُ هذهِ الأحجار؟ مايحمينا هُو صوتهُ عِندما يتلوا القُران, صوتهُ عِندما يضحَك , صوتهُ عندما يطلب كأس الشّاي , هذا الباب ؛ إن لَم يدخُل عبرُه مُجدداً ما نفعهُ ؟ لقد أُغلِقت كُل أبواب العَودة اليَوم ! وهذهِ الجُدران علامَ تنتصِب واقِفة ! لقد هُدِمت أركان هذا المنزل كُلِّها مُنذ مات.. مانفعُ الجُدران بِلا أعمِدة ؟ كانت المرّة الأخيرة , عِندما هرعَت إليه , وإختبأَت خلف ظهره خوفاً من عمّها.. كانت تِلك المرّة الأخيرة التي شعَرَت فيها أنّ لها بَيت
تمحُوا الآن أثار الأقدَام الصغيرة التِي رسمتها على الرمل.. لم تعُد خطواتها صغيرة ولَم يعُد لِوجهتها التي كانت تقصدها دائماً طَريق
تنفُض الرمل عن كفّيها وتستلِم الهاتف , تلتفِت لِترى الحقائب خلفها , تتّصِل
يأتيها صَوت رفيقتها قلِقاً : مريَم ! إنتِي وين ! ناس البيت قالبين عليك الدُنيا
مريَم بِتحذير : أوعى زول يعرِف إنّي كلّمتِك , فاهمَة ؟
في جهةٍ أُخرى :
واقفاً أمام الباب , مُستنداً إليه , ينتظرها حتى تفرغ من صلاتها
تُسلِّم
آدم : حرماً
نُور : جمعاً يارَب
آدم : أنا طالِع هسّي , لو حتمشِي الشركة أجهزي سريع عشان أوصّلِك
نُور : ماحتشرَب الشاي ؟
آدَم : ماعندي وقت , بعدين إحنا حنشرب الشربات بالمسا إن شاءالله يعني.. نضحِّي بالشاي
نُور : شربَات شنو ؟
يتنحنح : خطُوبتنا !
تصدّ عنهُ , تطوي السِجادة
آدَم : أنا حاجيب أهلي الليلة
نُور : ماتجيبهُم يا آدَم
آدم : ما هُو بدونهم ماحيتِم الموضوع !
نُور : الموضوع أساساً.. ماحيتِم
يعتدِل واقفاً : كيف؟
في جهةٍ أُخرى :
آسيَا : أقِيف هِنا يا ولد أنا بتكلَّم معاك !
يُلقِي بِمفاتيحه على الكنبَة ويقِف
آسيَا : إنتَ إتجاوزتني في قرار زي دَا , ماحتتجاوزني وتطلَع ؟ شكلي ماعِرفتَ أربّي بالجد
محمّد : العفُو مِنك يا أُمي.. بس أنا شايِف أطلع أفتّش عليها أفضل من النقاش في حاجة إنتهَت
آسيَا : وتفتِّش عليها ليه ؟ مُش إنتَ طلّقتها ورميتها زي الكلبَة ولا إحتراماً ليّ ولا لي أهلها الجابُوها ليك بي يدّهُم لغاية بِيتك , يُوم ماتطلقها تطلقها كِدا زي العاملَة ليها عَملة ؟
يمسح وجهه بِكفّه
آسيَا : جايّ هسّي تتذكّر رجُولتَك وتفتّش عليها ؟ كانَت وين رجُولتَك دي من البداية؟ ولّا شنَب ودِقن على الفاضي !
يرفَع عينيهِ إليها : أنا فعلاً يادُوب أتذكَّر رجُولتي.. أنا ؛ عُمري 27 سنَة , وللآن ؛ ماعندي ولا قرار واحِد خاص بيّ ؛ من جزمة المدرسَة لغاية تخصُّص الجامعة , عِبارة عن سيناريُو وأنا ماشي عليهُو بالحَرِف , يادُوب أتذكّر إني راجِل وليّ كلمة وقرار , تلوميني يا أُمِّي ؟
يستلِم مفاتيحهُ ويصدّ ذاهباً , يلتفِت إليها بإبتسامةٍ هازِئة : أضحِكّك ؟ حتى الطلاق دا ماقراري
ويخرُج
__
في جهةٍ أُخرى :
تضَع كُوب الحليب جانباً وتُقلِّب مُحتويات الحقيبَة بِفضُول
سمَر : دِي وحدَة , في إتنين تاني
تبتسِم وتنظُر إليها : وإنتو متعوّدين تعرّسُوا على شكل أسراب طيُور كِدا ؟
سمَر : كيف يعني ؟
ليَان : جماعات يعني
تضحَك : لا ما إلّا , على حسَب
ليَان : على حسَب شنُو , أنا عندي فضُول أعرِف إنتو بتعرّسوا على حسب شنو ؟
سمَر : عادِي , على حسب وضع العريس , لو مُغترِب إجازاتُوا , ناس العروس عِندهم كَم عِرس في البيت
ليَان : سِنِّك , تقبُّلِك للعريس , مُستواكم الفِكري بالنسبة لِي بعض ؟
سمَر : دا شنُو يعني ؟
تضرَب كفّها على الطاولة : دي نُقطة من المقايِيس المُفترَض نحدّد بيها الزواج , أو عالأقل كُنت مُعتقدَة كِدا !
سمَر : يابِت إنتي مالِك بتهيجي سريع كِدا؟ دا كلُّو بيجي بعد العِرس
ليَان : بعد العِرس ؟ ودا إستناداً على مقُولة ولدِك على ماتربيهُ وزُوجِك على ماتعوّدِيهُ طبعاً !
سمَر : عليك نُور , ياداب بديتي تفهمِيني
ليَان : المقُولة دِي قائمة لمّا نكون بنتكلّم عن أكلَة مابيحبّها , طريقة لِبس مُعيّنة مابتعجبُو ؛ أنا بتكلَّم ليك عن ثقافتُو بيئتُو الجايّ منّها مُستواه الفِكري يا سمَر !
سمَر : إنتي مالِك زعلانة شديد كِدا ؟ يعني مستواه الفكري دا حيأكِّلنا ويشرّبنا بعدين ؟
ترفَع كفّيها مُعلنةً إستسلامها , تستلِم كُوب الحليب وتخرُج
سمَر : شُفتي لمّا جينا للمنطِق سكتتّي
في جهةٍ أُخرى :
إقبَال : الشمس طلعَت يا مُنى وبتّي لسه ماظهَرت !
مُنى : أهدي يا إقبال , خُتِّي الرحمن في قلبِك ؛ البِت كبيرة وعاقلة أكيد عارفَة هي بتعمَل في شنُو !
إقبال : كبيرة وعاقلَة شنو , كبيرة وعاقلَة شنُو دي حاولَت تنتحِر قبل كِدا !! يارَب .. يارب تحفظها ليّ أنا ماعندي غيرها , يارَب
تُربِّت على كتفها بِهدوء : إستغفري , إستغفري كان في بلوة ربّنا يدفعها عنّنا
إقبال : أستغفر الله العظيم وأتوب إليه..
في جهةٍ أُخرى :
جالسة على فِراش شقيقتها : أقولّيها مُستواه الفِكري طيّب ! تقُول ليّ بعدين مُستواه الفكري داح يأكِّلنا ويشرِّبنا ؟ أنا فقدت المنطق لِلحظة
تُراقب حركة شقيقتها من الخِزانة إلى المِرآة , تُكمِل : كان نفسي أقولِّيها إنو مُستواه الفِكري دا هُو الحيدّد جودة شُغلو ومكانتُو , يعني لو يوم فقد وظيفة عشرَة غيرها يترمُوا تِحت رجُولوا , لكن فقعَت لي مرارتي ماقِدرتَ أتفاهَم معاها !
تُقطِّب حاجبيْها : نُور إنتي بتجهزِي كدا ماشّه وين ؟
نُور : الشُغل
ليَان : شُغل شنو إنتي مُش حيخطبُوك الليلة ؟
نُور : لا
تشهَق : أجّلتُوها ! أنا ماموافقَة كيف تعملوا كِدا من وراي
نُور : ما أجلناها , ثُم إنتي مالِك !
تضرِبها بالوِسادة : أصلاً أنا في طرف العريس ما فِي طرفِك وما حزفِّك , كلبه
تستلِم حقيبتها : كنسلنا الموضوع دَا , خلاص مافِي خُطّة ولا عِرس
ليَان : كِيف كِيف !!
تخرُج
تنهَض خلفها : تعالي هِنا يا حيوانه !
في جهةٍ أُخرى :
صابرين : مريَم إنتي جنّيتي ؟
مريَم : لا , عِقلتَ
صابرين : أسمعي , أهلِك لو إتخيّلوا خيَال بس إني ممكن أكون عارفَة مكانِك حيدفنوني حيّة , إنتي ماعارفة أعمامِك يا مريَم !
مريَم : عارفاهُم , عشان كِدا خلّيك عاقلة وماتحسّسي زُول
صابرين : يا مريَم..
تُقاطعها : التأشيرة حتاخُد كَم ؟
صابرين : ماعارفة يامريَم !
مريَم : أسألي عمّتِك طيب
تتنهّد : مريَم , عايني ؛ أسمعيني بَس..
تُقاطعها : أسمعيني إنتي , أنا ماحَفاوِض في حياتي أكتَر من كِدا ؛ تمام ؟ حتساعدِيني أهلاً وسهلاً.. ماحتساعدِيني أكفيني شرِّك بَس ياصابرين
صابرين : طيّب الفُندق دا قاعدَه فيهُو بِي كَم هسّي؟
في جهةٍ أُخرى :
لا ينظُر إليها , تعِي السبب ؛ تتجاهَل..
نُور : ماحتنزِل معاي ؟
آدَم : لا أنا حقعُد في واحد من الكافيهات البرّا دي لغاية ماتخلّصِي
تحمِل حقيبتها : طيّب , ماحطوِّل أنا
يهزّ رأسهُ دُون أن ينظُر إليها
بعد دقائق قليلةَ , تُطرق نافذتهُ , يرفع رأسه , يُقطِّب حاجبيْه
يفتَح الباب وينزِل : صُدفة برضُو ؟
دانيَة : لا المرّة دي ماصُدفة , أنا جيتَك مخصوص
آدَم : جايّاني مخصُوص ؟ ليه ؟
دانيَة : ممكن نقعُد في مكان ونتكلّم طيّب ؟
آدَم : للدرجة دي يعني ؟
تهزّ رأسها إيجاباً , يُغلِق سيارتهُ : إتفضلِي
تسير , ويسير خلفها بِخطوة
__
في جهةٍ أُخرى :
يُطرَق الباب , مُمدة فوق السرير , تضَع ساقها فَوق الأُخرى وتقرأ كِتاب , تصِيح : أدخُل
يُطرَق ثانيةً , تُزيح الكِتاب عن وجهها : الباب مفتُوح أدخُل !
تفتَح الباب , تُطِل بِرأسها إليها
ليَان : يا نعَم
تدخُل وتُغلِق الباب خلفها : ليان
ليَان : ما قُلنا نعَم !
تأتي إليها : طيّب بس ماتتحمقِي قدُر دَا ! أنا عايزَه أكلّمِك في موضوع , وجَد المرّه دِي
ليَان : ماعارفة تلبسِي ياتُو توب في العقِد؟
سمَر : لا
ليَان : مُحتارة تصبغي شعرِك ولا لا
سمَر : لا يا ليَان !
ليَان : دا حَد المواضيع الجادّة في حياتِك , لو في جديد قُولي ليّ ؛ وعِّيني
تجلِس بِجوارها , تتنهَّد
تعتدِل ليَان جالسة : في شنُو يا سمَر ؟
تنظُر إليها : أنا أيوة مابفهَم كلامِك البتقوليهُو دايماً , لكن حاسّه إنِّك تقصُدي الحُب
ليَان بِتفكير : ما تماماً , لكن مامُشكلة في تقدُّم في أمل منّك
تضرِبها بِخفّة
ليَان بِضحكة : مالِك جد ؟
سمَر : أنا بحِب.. أو كُنتَ
ليَان : عريسِك
سمَر بإرتباك : لا
تُقطِّب حاجبيْها وتُصغي إليها بإنصات
في جهةٍ أُخرى :
آدَم : سألتيني عنِّي جاوبتِك , سألتيني عن البِت المعاي جاوبتِك , أدّيتِك معلومات حتّى أقرب شخص لي مابيعرفها بالوضوح دَا , لكن للآن ماعارِف غايتِك شنُو ؟
دانيَة : راشِد
يُقطِّب حاجبيْه
دانيَة : أيوة الراجِل اللي صحبتَك شغّاله معاهُو.. خطيبي
يفتَح عينيهِ على إتّساعهُما
دانيَة : أنا مابعرفكُم , كان مُمكن أقُول أنا مالِي وأمشي , لكن أنا جرّبتَ مرارة الحاجَة دي , ما قِدرتَ ما أحذّركُم مِنها
آدَم : حاجة شنُو و.. في شنُو مُمكن تفهّميني ؟
في جهةٍ أُخرى :
كفّاها يحتضنان جيُوب الرداء الأبيَض , تسير عَبر ممرّ المُستشفى الطَويل , تنعطِف يميناً ؛ تدفَع الباب وتدخُل إلى مكتبهَا , تستلِم الهاتف وتتّصِل
في جهةٍ أُخرى :
يعُود إلى المنزِل , تجُرّه الخَيبة من عُنقِه , يتجاهَل نِداءات والدتهُ لهُ , يصعد درجات السلّم وصولاً إلى غُرفتهِ , يُلقي بِجسده المُتعب على الفِراش , يتخلّص من الأفكَار ويُغمِض عينيه
يفتحهُما إثر صوت الهاتف , يُجيب : ألو
روان : محمّد , وِصلتَ لحاجة ؟
يهزّ رأسهُ بِتعب : لا
روان : ولا أنا , محمّد ؛ مالو صوتَك ؟
محمّد : ممكن تجِي
روان : حَبيبي مالَك !
محمّد : تعالِي
روان : حاضِر
تخلَع رداءها وتحتضِن الهاتِف بِكتفها إلى أُذنها : أنا حتّصل للدادا تطلع تشوفَك لغاية ما أوصَل
محمّد : لا
روان : ليه بَس يا محمّد
محمّد : إنتي.. إنتي بَس
روان : حاضِر , حاضِر طيّب
يُفلِت الهاتف ويُغمِض عينيه رُغماً
روان : يلا أنا طلعتَ , محمّد ؟ محمّد ! ألو !
في جهةٍ أُخرى :
ليَان : ومُفترض هو ياخدِك بالحُضن ويقولِّيك معليش , دا ماذنبِك مُش كِدا !
سمَر باكيَة : أنا ماقُلتَ كِدا , بس أقلّها يكُون في ودَاع أخير
ليَان : هُو مامفترض يعايِن في وشِّك إنتي مُستوعبة ! أنا لو لاقيتُو برضو حقيف في صفُّو
تُحيط وجهها بِكفّيها وتُجهِش باكيَة
تتنهّد ليَان بِضيق : بَس إنتي كمان ماعندِك ذنب , تصِيح : أُفف ! أنا مابحب الحاجات المُعقّدة دِي خلاص !
ترفَع رأسها إليها : عايزه أشوفو , لآخِر مرّة
ليَان : هُو زول كويِّس يعني ؟ أنا خايفَة يكفتّك لو شافِك
تضحَك من بين دموعها
ليَان : والله وماعليهُو ملامَة
سمَر : لا.. مابيعمَل كِدا
ليَان بِتفكير : ماعارفَة
سمَر : واللهِ ما حنسى ليك الحاجة دي لغاية ما أمُوت.. عشان خاطرِي
تزفُر : طيّب , قومي غسّلي وشِّك
سمَر : حنمشي ؟
ليَان : حنمشي أمري لله , بس أنا مامسؤولة عن أي عُنف حيحصَل هِناك
تُقبِّل خدّها وتنهَض مُهروِلة
تبتسِم وتنفِض الفراش عنها لِتنهض
في جهةٍ أُخرى :
دانيَة : هُو خطيبي وشريك أبوي في نفس الوقت.. دَا المخلّيني ماقادرَة أتكلّم
يمسَح وجههُ وتشابَكت أفكارهُ : يعني.. هسّي ؛ الراجِل القاعِد فوق دا , بيبنِي كُل علاقات عملُوا بالطريقة دِي
دانيَة : أيوة , عشان مهما عمَل حتّى لو غيَّر في بنُود العقد إنتَ تفضل تقُول حاضِر ونعَم
آدَم : عايني, أنا مُقدِّر جداً صراحتِك معاي , وإنِّك حكيتي لي حاجة زي دِي , بَس أنا ما مستوعِب , يعتدِي عليك بدُون مقدّمات كِدا ؟ يمكِن لأنِّك خطيبتُو..
دانية : عايز تقُول إنو الحاجَة دي كانت بِي رِضاي ؟
آدَم : العفُو منِّك طبعاً أنا ماقصدِي كِدا
دانيَة : أنا كُل العندي قلتُو , خلِّي بالَك من صحبتَك
تنهَض
ينهَض خلفها : إستنّي بَس , إنتي .. عشان كِدا كُنتي في العيادة لما لاقِيتك؟
تنظُر إليه مُرتبِكة , ترتدي نظاراتِها وتصدّ ذاهبَة
يتنهّد ويُمسِّد جبينهُ بِحيرة
تقِف نُور وهيَ ترى تِلك البنت ثانيةً , تلتفِت إلى آدَم
يأتِي إليها
نُور : لازم تكُونوا أخدتُو الأرقام المرّه دي , أخدتُوها ؟
يتنهّد : خلِّي الأرقام , في مُصيبة حالياً لازم نحلّها
تقعد حاجبيها : مُصيبة شنو ؟
في جهةٍ أُخرى :
تُزيح الحقيبة عن كتفِها , تصعَد إلى جانبِه بِخوف : محمّد
تلمِس جبينهُ , تلتفِت إلى نفيسة : جسمُو نار يا دادا !
تُهروِل إلى الخارِج
تُربِّت على خدِّه بِخفّة : محمّد
يئِنّ دُون حِراك
تنزِل , تجثُو على رُكبتِيها , تخلع عنهُ الحِذاء والجوارِب
تنهَض إليه , تخلع عنهُ القميص ؛ تأتِي إليها نفيسة بِكمّادات ماءٍ بارِد : محمُوم ولا شنُو يابتِّي
روان : لا.. دي ما حُمّى يا دادا , جسمُو سُخن بس جاف مافيهُو عرَق , وجلدُو أحمَر ؛ دي ضربة شمس ؛ جيبي الكمادات , أو لا , لا ؛ أمشي عبِّي البانيُو مويَة باردَة
نفيسة : حاضر يابتّي
في جهةٍ أُخرى :
تحتضِن الهاتِف بين كتفها وأُذنها , تجمَع خُصلات شعرها إلى الخلف : أيوه ياصابرِين
صابرين : قالَت بتقدر تدبّرها ليك بُكرا لو إنتي مُستعدّة
تنهَض : مُستعدة
تتنهّد : مُتأكدة ؟
مريَم : مُتأكدة ياصابرين
صابرين : طيب جاهزه ؟ في إجراءات كتيرة لازم نعملها
مريَم : حلبس الطرحة بَس وأطلَع
صابرين : طيّب أنا خمسة دقايق وأوصَل
في جهةٍ أُخرى :
تُغلِق باب السيارة : يا آدَم كلامها دا في الإعراب خطأ ! إنتَ أي حاجة تصدّقها؟
آدَم : ليه ما يكُون صَح ؟
نُور : لأنو بِت , تجي تقُول ليك أنا خطيبي إعتدى عليّ دي في حد ذاتها حاجة مُريبَة ! بتعرفِك من وين هي عشان تحكِي ليك ؟
آدم : ماعارِف , أنا حسّيتها صادقَة , أو مكسُورة ومافارِق معاها شِي
نُور : هُو أنا أحياناً نظراتُو بِتربكني , بس دا مابيعنِي إنو سافِل ومُغتصِب منطقياً كِدا !
آدَم : شنو المخلّيكي مُتأكدة للدرجة دي ؟
نُور : أنا مامُتأكّدة , أنا بس مابخَاف
يتنهَّد : يا نُور الموضوع جادّي فوق ماتتصوّري
نُور : آدَم , يعني هُو يعتدي عليها وكمَان تطيعُوا وتخاف منُّو؟ ليه البلَد مافيها قانُون !
آدَم : أولاً الناس ماحتفهَم ليك إعتدى عليك ولا كان بِي رِضاك , إسمك في النهاية مُغتصَبَة , ثُم أيوة , البلَد مافيها قانون يانُور ؛ أذكِّرك إحنا وين ولا أسكُت ؟
تزفُر , تنظُر إليه بِتفكير : طيّب ! حنعمَل شنُو يعني !
آدَم : من ناحية حنعمَل , حنعمل ؛ بس شويّة صبر
__
في جهةٍ أُخرى :
تصعَد درجات السلّم بِتعب : خلاص كفاية , أطلعي إنتي شوفيهو أنا حستناك هِنا
سمَر : أطلع براي إنتي جنّيتي ! قُومي قُومي , يلّا قربنا يا ليَان
ليَان : طيب إنتي ليه مُبتهجة كِدا؟ محسّساني إننا ماشين الحرَم ! إحنا ماشين شقّة واحِد ولَد , عارفَة عمّو الفاتِح لو سمِع بينا حتكُون نهايتنا شنُو ؟
سمَر : عارفة , واللهِ عارفة ؛ وبعدين أنا ولا مُبتهجة ولا زِفت أنا عايزه أموت من الخوف ! لكن عايزَه نخلَص بِي سُرعة عشان ماتنكون نِهايتنا على يدّ خالي الفاتِح
تزفُر وتنهَض : دا آخر سلِّم حأطلعُو واللهِ العظيم
سمَر : الحمدلله دا الأخير أساساً
ليَان : في إختراع إسمو أصانصير
سمَر : لسّه ما وِصل لينا معليش
تقِف أمام الباب , تلتفِت إلى ليَان بِتردُّد
ليان وهيَ تحتضن رُكبتيْها بِكفّيها , ترفع نظرها إليها : دُقِّي الباب يلا !
سمَر : خايفَة
ليَان : يلّا أنا لسّه كمان حستناكُم تتشاكلُوا حتّى أدخُل أشرب مُوية , إستعجلي
تطرُق الباب بِخفّة
تُقوِّم ليان وقفتها وتطرُق الباب بِقوّة
سمَر بِهمس : بَس بس !
يُفتَح الباب , تلتِفت سمَر ثُم ليَان إلى الباب
يُقطِّب حاجبيْه مُستغرباً , بينمَا تفتَح هيَ عينيها بِدهشة : دكتُور صُهيب؟
يُتبَع...