الجزء 20

1.1K 34 6
                                    



تقِف خلف الباب , تعبت من طرقِه , تأخذ نفساً عميقاً وتزفرُه : أفتحُوا خلاص
ليَان : يا نُور أمشي ماما قالَت ليك حتدّي أوضتِك لناس مريَم !
نُور : طوّلِك يا رُوح , حانُوم في الصالَة في المطبخ في أيّ مكان إنتي مالِك !
ليَان : لا مابرضَى ليك النومة دِي , تمشِي تنومي في أوضتِك تحت ؛ مع آدَم
تصِيح : إنتي وآدَم في يوم واحد طيِّب؟؟
تلتفِت إلى محمّد الواقف خلفها : طيّب أفتحي للراجِل عالأقل !
ليَان : أمشي وحفتَح
تحمِل حقيبتها وتنزِل غاضِبة
ليَان من خلف الباب : مشَت ؟
محمّد : مشَت


في جهةٍ أُخرى :

تدخُل إلى المنزِل , تسير نَحو الدرَج
يُوقفها نِداء آسيَا , تلتفِت إليها بِملامح لا تُفسّر
آسيَا : في شنُو يا روان , وشّك مخطوف كِدا ليه؟
تسير نَحوها , تجلِس قِبالتها : كُنت مع محمّد
آسيَا بِلهفة : عرفتي قاعِد وين يابتّي ؟
تهزّ رأسها إيجاباً
آسيا : ليه ماجبتيهُو معاك
روان هازئة : هُو شنطَة ولا كيس مخدّة يا ماما ؟ بعدين مُش إنتي دايماً بتوصّيهُو إنو يتمرّد عليّ ؟ أجيبو كيف؟
آسيَا : كلام شنُو دَا , مشَى وين يعني؟
تبتسِم : سافَر وراها
آسيَا : سافر ورا منو يابِت , إتكلّمي عديل !
تأخذ نفساً عميقاً وتزفرُه : سافَر ورا مريَم
آسيا بإستغراب : هُو ردّاها؟
تنهَض : لو وافَقت , حتنوّرنا في البيت قريب
وتصدّ ذاهبَة
آسيَا : يابِت تعالي هِنا , ماشي يرُدّها يعني ؟
ترفع كتفيها علامةً منها على عدم المعرفَة , وتصعَد الدرَج

في جهةٍ أُخرى :

تطرق الباب للمرّة الثالثَة , تصِيح : أفتَح إنتَ كمان !
يأتِي مُهرولاً , يفتح الباب : نُور؟
تدخُل وتترك الحقيبة وراءَها
ينظُر إلى الحقيبة ثُم إليها : في شنو ؟
نُور : طردُوني من البيت
يُقطِّب حاجبيه , يُدخِل الحقيبة ويُغلِق الباب : طردُوك ؟
تجلِس أمام التِلفاز : قالوا عايزين يدّو غُرفتي لمريَم وخالتو إقبال
آدم : طيّب , تقدري تقعدي هِنا لغاية..
تُقاطعه : شايفني بستأذنَك ؟
يضحَك : إنتي في بيتي بالمُناسبَة
نُور : أنا مرتَك بالمُناسبة !
ترتبِك حواسهُ
تتنَحنَح : يعني , إلى أجلٍ مُسمّى


في جهةٍ أُخرى :

تنظُر إلى والدتها : أُمِّي ممكن تقولي ليهُو إنّي ماعايزَه أشوفو ؟
إقبال : يابتّي الراجل قطع ليك البحَر
تصِيح : ماعايزه أشوفو !!!
يطرُق الباب إثر صوتها
تصدّ
تخرُج إقبال : أدخُل ليها يا ولدي..
يدخُل إليها ويترك الباب موارِباً
تتحدّث دُون أن تنظُر إليه : أنا شُفت كتير , لكن فهَم زي فهَمَك مالاقاني !
يتحدّث غير عابئاً بِما قالته : متين ظهَر ليك؟
تصمُت
محمّد : أسمحِي لي أكون معاك لغاية ماتتخطّي الفترة دي يا مريَم , بعدها صدّقيني ماحتشُوفيني
تلتفِت إليه بإنفعال : لا الفترة دي ولا البعدها , خلّيني في حالِي !
محمّد : مريَم أنا ماجاي أفتّش على حُب هِنا ولا علاقة , أنا عايز أكون جمبِك وبَس ؛ مُقدِّر إنّك ما مُتقبّلاني ولا..
تُقاطعه بنظرةٍ تَعِبة : أنا ماعايزة أخسَر تاني
محمّد : ماحت..
تُقاطعه : لا , ماعاوزه عشَم , ماعاوزاك معاي أفهَم أنا تعبت من الخسارات !
محمّد : أدّيني فُرصة
مريَم : إنتَ جايّ ومحددّ تاريخ رجعَتَك , أدِّيك فُرصة تعشّمني وتمشِي يا محمّد ؟
محمّد : لا , أدّيني فُرصة أعلّمِك كيف تتعاملي مع ألمِك , أتطمَّن على حياتِك وأخلّيك مُتمسّكة بيها يا مريَم
مريَم : إحنا ما فِي الجنّة , حنخسَر في الأخير ؛ خلّيني أختصر عليك الدرب , أمشي.. ماعايزاك
محمّد : كُل حاجة مُقتنعة بيها حتحصَل , كُل فكرة بتغذّي بيها ألمِك حتفتِق الجرح في يوم من الأيّام , وماحيبرَا بعدها , عموماً أنا ما حمشِي.. أنا قاعِد ؛ لغاية ماتحصَل حاجة , أيِّ حاجة !
يصدّ ذاهباً
تجلِس على طرْف السرير , تُحيط رأسها بِكفّيها : يا رَب


صباح اليوم التالِي :

تطرُق الأبواب : يلّا صباح الخير , صحصحِوا
تنهَض ليَان مُتأفّفة , تخرُج إليها : يا ماما عالأقل إحترمي الضيُوف وماتعملي كِدا
مُنى : أنا كمان الليلة إحترمتكُم شديد , عايني الساعة كَم
تنظُر إلى ساعة الحائِط : كَم يعني ؛ تشهَق : ماما !
مُنى : في شنُو
ليَان : إنتي عارفَة الليلة شنُو ؟
مُنى : السبت !
ليَان : لا , آدم ونُور حيتطلّقوا الليلة

__

في جهةٍ أٌخرى :

يرتدِي ساعتهُ , يضَع رشّتين من العطر
تخرُج من الحمَام مُحاطاً رأسها بالمنشفَة : آدَم
يلتقِط حذاءهُ ويجلِس على حافّة السرير : هَا
نُور : ممكن تكوي لي القميص على بال ما أجفّف شعري
يُفلت الحذاء وينهض : وينُو ؟
تُشير بإصبعها إلى الحقيبة : فُوق الشنطة
ينظُر إلى ساعته : إستعجلي ماباقي كتير , الناس ديل عندهم مواعيد
تُشغّل مُجفف الشعر : يلّا يلا


في جهةٍ أُخرى :

تجلِس إلى طاولة الإفطار أخيراً : أعمَل شنو بس يا إقبال.. دي حياتهُم في النهاية
ليَان : ماما إنتي عارفَة كويّس إنو آدَم بيحب نُور
مريَم بأسَى : صحي؟
مُنى : آي واللهِ يابتّي , كان بيدّو يبقى ليها واطَة تمشي عليها كان بِقى ؛ لكن تقُولي شنو
إقبال : يلّا , نصيب الواحِد مابِفوتوا
مريَم : ونعمَ بالله
مُنى : ونِعمَ بالله , أها أفطرُو إنتو أنا بتّصل على آدَم يجي يودّينا المُستشفى , يمكن يتعطّلوا من موضوع الطلاق دا شويّة
ليَان : إن شاءالله..


في جهةٍ أُخرى :

تصِيح : آدَم , عايزه أنضّف جزمتِي
يُجيب من الخارِج : في علبة فيها الحاجات دِي ؛ تحت السرير
تنزِل لِتُلقي نظرة أسفل السرير , تستلِم صندوقاً مّا : زُول يخُت أدوات نضافة في صندوق حلُو زيّ دَا؟ , ترفَع نبرتها : آدَم إنتَ غبي شديد
يُجيب دون أن يعلم السبب : شُكراً
تستلمهُ وتجلس , تفتحهُ , تُقطِّب حاجبيْها , تُمسِك بالصور التِي تجمعهُم , تبتسِم ؛ تضعها لِتستلم الأُخرى , فَتلفت إنتباهها عبارةٌ كُتِبَت على ظهر الصورة بالإنجليزيّة , تقرأُها : كُنتِ أنتِ تضحكين , لكنّ السعادة كانت في قلبي
تبتسِم بإستنكار , تستلم صورةً أُخرى , عبارةٌ أُخرى : وجهُكِ عالِق.. عالِق ؛ ولا مَفرّ
تشعُر برعشةٍ تغشى قلبها
تستلم أُخرى.. وتقرأ : أُحبّ نظرتِك في هذهِ الصورة , أُحبّ صلابة مظهرك رغم أنّ لكِ قلباً كالماء, أُحبّك
تضعها بِكفّ راجف , تُخبّئ الصندوق فورَ دخُولهِ وتنهَض
آدَم : لقيتي العلبَة ؟
تنظُر إليه بإرتباك
آدَم : نُور ؟
تأخذ نفساً عميقاً وتزفره , تستلم القميص من بين يديْه وتخرُج : يلّا إتأخّرنا
يُقطّب حاجبيه بإستغراب , ويلحَق بها


في جهةٍ أُخرى :
بعد مرُور أربَع ساعات ؛

مُنى : قال في الطريق ولو رِجع حيطوِّل
تتنهّد : يعني خلاص ياماما ؟
مُنى : نعمل شنو ياليَان.. ربّنا يهديهم
ليَان : مريَم إتأخّرت
مُنى : الفحص ماهيّن يا ليلي , وجعُو براهو
تأتي إليهم إقبال
ينهضَان
إقبال : الدكتُور عايز زول بيتكلَّم إنجليزي
مُنى : أمشي يا ليَان
تذهَب معها : في شنو ياخالتو ؟
إقبال : ماعارفَة يابتّي , دا الفِهمتو منّو
تُربّت على ظهرها : أرح طيّب


في جهةٍ أُخرى :

تنظُر إليه , وما إن يلتفِت ؛ تصدّ
ينطِق أساميهم , يلتفِت إلى آدَم ليسألهُ بِلُغتهِ : موافق؟
ينظُر إليهَا , يأخذ نفساً عميقاً ويزفرهُ : موافق..
يلتفِت إلى نُور : موافقَة ؟
تنظُر إلى آدَم , مُطوّلاً
تُحني رأسها
وتُجيب
..


في جهةٍ أُخرى :

واقفاً خلف الباب , يسترق السمع
تُخاطبهُ ليَان : ما الوضع يا دكتُور؟
الطَبيب : مع الأسَف , الورَم في مرحلتهِ الثانية.. وبدأ ينتشر إلى الغُدد اللمفاوية المُجاورة , قدَ نضطرّ لإستئصال الثدي علّنا نُسيطر على إنتشارِه!
تزفر نفسها الراجِف , تنظُر إليهم بملامح لا تُفسَّر
إقبال : في شنُو يابتّي , إن شاءالله كلام خِير
مريَم بأعيُن مُحتقِنة : قال شنو يا ليَان
وخلف الباب .. واقفاً يكتمّ بُكاءَه

بَعد مرُور شَهر ..

يتحدّث عبر الهاتِف : بيتغيّر شكلها , نظرتها , صُوتها , كُل يوم بتبقى شاحبَة أكتر وأنا ماقادر أعمَل شي
تمسَح دمعها في الطرف الآخر : ربّنا كبير.. ربّنا ماحينساها
محمّد : حُزنها أكبر منّي , بيتخطّاني يا روان ؛ ماقادر أتعامل معاهُو
روان : كفايَة وجُودك جمبها , أكيد هي مُمتنّة للحاجَة دِي
محمّد : روان إنتي عارفَة إننّا متزوجين على ورَق بَس
تُقاطعه : عارفَة , عارفة واللهِ يا محمّد
محمّد : مابقدَر أدخُل البيت وأطلع كِدا , كان لازم أعقِد عليها
تبتسِم مُحاولةً تغيير الموضوع : عارف إنّي تميت تلاتة شهُور ؟
يبتسِم بأسَى


في جهةٍ أُخرى , بِمطار تورونتو بيرسون :

تمشِي ذهاباً وإيّاباً أمام بوّابة الإستقبال , تتهلّل ملامحها ما إن ترَاه
يتقدّم إليها بإبتسامتهِ المعهودَه
تقفز مرّتين قبل أن يصِل إليها
يضحَك
تتقدَّم إليه , يُصافحها
ليَان : حمدلله عالسّلامة ! تنظُر إلى باقة الورد : دي ليّ؟
صُهيب : لا للأسَف , دي للوالدَة
ليَان : قديمَة شديد الحركات دِي
صُهيب : حركات واحد عمرُو 32 سنَة مُش ؟
تصدّ عنهُ : حتمسكها ليّ لغاية ما أموت مُش كِدا؟
يسير خلفها ضاحكاً


في جهةٍ أُخرى :

تبتسِم رُغم التعب الذي تبذله لِتُغيّر تعابير وجهَها , تمُد كفّها له غير قادرة على النهُوض
يجلِس بِجوارها : خلّيك , ما إلا تقُومي
تبتسِم وهيَ تتأمّلهُ : عيونَك لامعة الليلة , كلّمتَ روان ؟
يبتسِم : أيوة
مريَم : أرجع ليها يا محمّد , كفايَة
يُمسِك بكفّها , يُقبّلهُ : ما مُتحرِّك من هِنا إلا أتطمّن عليك
تسحَب كفّها بِبطء : أنا ماحبقى كويسة طالما بأذّي زول.. أمشي ليها
ينظُر إلى عينيها
تهرُب من نظراتهِ
محمّد : لو عايزاني أمشِي كُنتَ ححسّ , بتتكلّمي من ورا قلبِك
تنهَض
محمّد : ماشّه وين
مريَم : تِعبت من الرُقاد
محمّد : قاعدة تحسّي بتحسُّن مع العلاج ؟
مريَم : الحمدلله
محمّد : نطلع البلكونة ؟
تهزّ رأسها أن نعَم
يُمسِك بكفّها : تعالي
تنهَض معهُ


في جهةٍ أُخرى :

تتناوَل كُوب العصير : شُكراً
آسيا : ماكلّمَتِك قريب ؟
صابرين : لا والله يا خالتُو
تتنهَّد : ومحمّد لا بِسأل لا بطمّنا عليهُو
صابرين : أنا حتّصل لمريَم بعد شوية , إن شاءالله حيكُون معاها
آسيَا : إن شاءالله يابتّي
تنهَض : أنادِي ليك مُجتبى
تمُدّ لها بالهاتف : هاك ورّيهو النتيجَة إنتي
آسيَا : نتيجتو زي سواد الوشّ طبعاً
تبتسِم : لا , نجح


في جهةٍ أُخرى :

تشهَق بغتةً , تنهَض , تُهروِل نحو المطبخ , ترتدِي قفّاز الطبخ
تفتح الفرن , تعقِد حاجبيْها بأسَى : لا ياخ
يُحدّثها من أمام التلفاز : حِرقَت ؟
تخرُج إليه : مدام إنتَ عارف إنُّو في حاجة في الفُرن مابتقوم تشوفها ليه ؟
آدَم : ما كُنت عارف واللهِ , بس شمّيت الريحة هسّي
تخلع القفّاز : دي الكيكة حقّت العريس الجايّ ياخِي
ينهَض إليها : ماتزعلِي , حمشي أجيب وحدَة
نُور : ماحتكُون زيّ حقتي , أنا عملتها بِحُب
يُقبِّل جبينها : نعمل وحدَة تانيَة ؟
تنظُر إلى الساعة : مافي زمَن يا آدم
آدَم : معناها أجيب من برّا
تتأفّف : ماعايزَة !
آدَم : أنتحِر طيّب ؟
تضحَك
آدَم : جادّي معاك
نُور : خلاص جيب وحدَة , أنا حدخُل أجهَز
يستلم مفاتيحه : حاضِر
تُراقبهُ حتى يخرُج , تتذكَّر يوم الطلاق ذاك
تتذكّر رفضها

تمسّكها بهِ
ومشاعرها نَحوه التي عرفت حقيقتها مُتأخّراً
لكنّها عرفتهَا
تبتسِم خلفهُ حتّى يكاد وجهها يُضيء..


في جهةٍ أُخرى :

تضحَك , تسعُل
يسندها دخولاً إلى الغُرفة : كفاية كِدا , حتبردِي
تجلِس : قعَدت تبكِي وتقول خِطابات على شاكِلة الحُب مابيعرف عُمُر والكلام دَا
يبتسِم وهوَ يرفع ساقيْها فوق الفِراش : وخالتُو مُنى خضعَت ليها ؟
مريَم : طبعاً
يتنهّد : ربّنا يجمعهم على خِير
مريَم : بس مافي زوُل عارِف إنُّو جاي يخطب غيري أنا ونُور
تصمُت بغتةً
يُقطّب حاجبيْه : مالِك ؟ حاسّة بشنُو؟
تبتسِم رُغماً : مافي شِي , أدّيني التلفُون
ينهَض : عايزه تكلّمي منُو
مريَم : صابرِين , إشتقتَ ليها
محمّد : حاضر؛ وين التلفُون ؟
مريَم : في الشّاحن, برّا ؛ في طاولة السُفرة
يخرُج


في جهةٍ أُخرى :

يرنّ الهاتِف مِراراً ولا تُجيب : رُدِّي يا مريَم
تُحاوِل مُجدداً

في جهةٍ أُخرى :

يُطرق الباب , يضَع الهاتف جانباً ويذهَب لِيفتحهُ , تدخُل نور حاملةً قالَب الحلوى : وِصلوا؟
محمّد : لالا لسّه
نُور : الحمدلله
يدخُل آدم , يُصافح محمّد : الصحّة
محمّد : الحمدلله..
يُغلِق الباب , يحمل الهاتف ويدخُل إليها : نُور وآدَم جُو برّا
يقترِب حاملاً الهاتف : مريَم
يتأمّل عينيها المُغمضتان نِصف إغماضة , يبتلع ريقهُ بِخوف : مريَم
يُمسِك مِعصمها , يتحسّس النبض بإبهامهِ
تعلُوا أنفاسهُ : لا .. لا ؛ يهزّها ويصِيح : مريَم !!!!
يسقُط قالب الحلوى من بَين يديّ نُور
تُهروِل إقبال إلى الغُرفة
ليَان التي وصلَت لِتوّها , تتأمّل مشهد الهلَع هذا بِعينان خائفتان



في جهةٍ أُخرى :

يسِير بِلا هُدى ؛ يجرّ حقيبتهُ وراءَهُ , حاملاً بين عينيهِ مشهداً أخير , يتذكّر حديثها : حنخسَر , إحنا مافي الجنّة , أنا تعبتَ من الخسارات.. ماعايزَه أخسَر تاني
تُهروِل إليه ما إن ترَاه : محمّد
ينظُر إليها دُون حِراك , تُجهِش باكيَة
تحتضنهُ إليها , ينظُر في الفراغ خلفها
تُربِّت على خُصل شعرِه : حقَّك عليّ.. حقَّك عليّ
يحتضنها إليه
يشعُر بِدفئها , وبرد الأمس مازال في صدرِه
يزفُر : بتعدِّي


في جهةٍ أُخرى :

يعودون إلى المنزل بعد أن ودّعوا جُثمانها
صمت إقبال حتّى اللحظةِ الأخيرة
فُقدانها إبنتهَا والكلام
والدَمع
في آنٍ واحِد
" ذهبَت , تركَت خلفها مُكالمة لم ولَن يُرَدّ عليها , تركَت لرفيقتها رجفة الأصابع فُوق أزرار الهاتِف إلى الأبَد , تركَت خلفها خُطةً لِحفل خُطوبة , تركَت قالَب حلوى , ويَدين راجفتِين تُمساكنهِ .. يَدين ستتذكّر الفقد كُلّما أمسكَت بِقالَب حلوى .."
تدخُل ليَان إلى حيثُ كانَت تنام , إلى حيث نامَت إلى الأبَد
تُجاهِد دمعها , تذكُر الشفرة التِي كانت مغروزة في مِعصمها ذلك اليُوم , رغم ذلك اليوم الذي كادَ يذهَب بِها إلى الأبد , لم تمُت ؛ وفوق فِراشٍ دافئ , ماتَت
تتذكّر خَوفها :
"خايفَة أخسر رحمة ربّنا , خايفة أخسَر آخر حاجة فاضلة ليّ"
تبتسِم وتحتضن وسادتها : ربّنا بيحبِّك يا مريَم
تدفن وجهها فِيها , ترَى ملامحها ؛ وتُجهِش بالبُكاء


صباح اليوم التالِي :

تأتِي إليه بالقَميص : يلا يا محمّد إتأخّرنا على العزَا , الطريق براهُو سفَر
يستلمهُ مِنها
تلتقِط حجابها الأسوَد وترتدِيه
يُقبّل رأسها , تبتسِم بِرضى
ينظُر إلى عينيها : أنا آسِف
تمسَح على خدِّه بأصابعها : الحاجات دِي مابتعدِّي بالأسَف, بتعدّي لما نقررّ نتجاوزها
يسنِد رأسه إلى كتفها
تُقبِّل رأسهُ : وأنا إتجاوزت.. يارب إنتَ تتجاوز كُل الحصَل

__
في جهةٍ أُخرى :

تُنهِي نُور أمر حقيبتها وتخرُج إليهم : دا عزَا مريَم , كيف مانمشِي يا آدَم
آدَم : معقُولة أقولّيكم ماتمشُوا يا نُور ؟ أنا قصدي إنّكم مُرهَقين , والعزَا دا مايُوم ولا يُومين , إرتاحوا وبعدّاك نسافِر
تنتهي ليَان من كيّ قميصها الأسوَد : مافِي زول حيرتَاح
تتنهَّد مُنى : دي أُختهُم يا آدَم
ترفع ليَان عينيها مُقاومةً البُكاء : أُختنَا العرفناها بالصُدفة
تبتلِع نُور دمعها بِشفاه راجِفة : الفاتحَة

" لا مفَرّ
أنتَ في إحتمالٍ مّا
ستنسَى المنطِق
والنّاس
مُجبراً كُنتَ
أم مُخيَّر
تخلّيتَ
أم تمسَّكت
ستنظُر إلى طريقك الذي إنتهَى إلى مُفترَق
ستختار
ستمضِي
لا مفرّ .. "

تمّت بحمد الله .
- إسراء عبدالمُطلب "رُوسيال".

🎉 لقد انتهيت من قراءة بين نجمة وقمر ✨ 🎉
بين نجمة وقمر ✨حيث تعيش القصص. اكتشف الآن