لحسن حظ أسيل .. لم يكن خالها قد وصل عند عودتها إلى البيت .. إلا أن هذا لم يعفها من توبيخ لمعان الساخط فور دخولها قائلة :- هل تعلمين كم الساعة الآن يا أسيل ؟؟؟ أين كنت كل هذه الفترة .. لقد كدنا نموت من الخوف والقلق عليك .. من حسن حظك أن خالك لم يصل بعد وإلا لأقام الدنيا وأقعدها لتأخرك .. وربما أصابه مكروه من شدة القلق عليك ..
التقت عينا أسيل بعيني أرزو الواجمة .. الواقفة في زاوية المطبخ أثناء قيام الخالة لمعان بتوبيخ أسيل بشدة وهي تعد العشاء تحسبا لوصول فريد في أي لحظة .. كان الغضب المكبوت في العينين البنيتين لابنة خالها واضحا تماما وهي تتحاشى التفوه بكلمة حتى أنهت لمعان توبيخها .. وقدمت أسيل المتوترة اعتذارها لها متعللة بعدم إحساسها بالوقت وهي تسير في أنحاء المدينة .. ثم تمكنت من الانسحاب إلى الطابق العلوي لتحبس نفسها في الحمام .. لدقائق طويلة ظلت جالسة على حافة حوض الاستحمام .. تخفي وجهها بين يديها .. ترفض التفكير بتفاصيل يومها .. بالطريقة التي انتهى فيها لقائها مع أسلان عندما أوصلها بسيارته إلى أقرب منطقة غير منظورة لمنزل خالها .. تناول كفها في ظلمة السيارة .. وقربها من فمه .. للحظات بدت أشبه بالدهور .. ظلت شفتاه الدافئتان ملتصقتين بظهر كفها .. وعيناه تنظران إليها بطريقة جعلت كل خلية في جسدها تهتز تأثرا .. وعندما تركها أخيرا .. وسمح لها بمغادرة السيارة .. كان يبتسم بإدراك وهو يراقبها تتعثر بمشيتها فوق الرصيف مبتعدة عنه وعن تأثيره .. الذي يرفض تركها حتى وهي تصارع لاستعادة وقارها أمام باقي أفراد عائلتها .. خلعت ملابسها .. ووقفت لفترة طويلة تحت سيل المياه الساخنة تغسل عن نفسها ذكريات النهار الطويل .. عندما عادت إلى غرفة النوم مرتدية ملابس قطنية بسيطة .. كانت أرزو في انتظارها 00 تجلس على حافة سريرها .. تضم يديها في حجرها بقوة وتصميم ..
نظرت إلى أسيل فور دخولها .. وقالت بهدوء :- ألن تخبريني بما قضيت نهارك كله تفعلينه وحدك يا أسيل ؟
تأففت اسيل وهي تلتقط مشطها .. وتبدأ بتمريره بين خصلات شعرها المبلل قائلة بنزق :- لا تبدأي الاستجواب أنت أيضا يا أرزو .. لا أحتاج إلى المزيد من الأوصياء علي ..
قالت أرزو من بين أسنانها :- لقد تركتني في آخر لحظة ورحلت مدعية الصداع إلا أنك لم تعودي إلى البيت حتى الآن .. هل تظنين بأنني سأتركك دون أن أعرف أين كنت كل هذا الوقت ؟
هتفت أسيل بانفعال :- أمشي في الشوارع بدون هدف معين .. أتأمل البحر .. آكل الكعك من الباعة المتجولين .. ما شأنك أنت .. وبأي حق تسألينني ؟
وقفت أرزو هاتفة بثورة :- بحق معرفتي التامة بأنك قد كنت معه .. أعرف بأنك كنت معه .. لا تكذبي أسيل
شحب وجه أسيل وهي تنظر إلى وجه أرزو الذي استحال لونه إلى أحمر قاني وهي تهتف كالمجنونة :- لقد رأيت نظراته إليه .. الكل يعرف ما يفعله أسلان دار أوغلو إن أراد شيئا .. لقد أرادك أسيل ومنذ رآك .. وأنا أعرفك بما يكفي لأميز اضطرابك وكذبك .. لا شيء يدفعك للكذب أو يجعلك تبدين بهذه الحالة المزرية إلا قيامك بما هو خاطيء .. وليس هناك خطأ أكبر من مرافقتك لأسلان دار أوغلو ..
اتسعت عينا أسيل لمرأى جنون ابنة خالها .. وعرفت لحظتها بأن أرزو لم تتخط قط مشاعرها اتجه اسلان .. وان تأكيد أسيل لشكوكها سيعرضها لانهيار شبيه بذاك الذي تعرضت له قبل سنوات .. قالت بتوتر :- اهدئي يا أرزو .. الامر أبسط بكثير مما تخيلين .. أنا .. أنا .. إن أسلان دار أوغلو لا يعجبني حتى ..
تلاحقت أنفاس أرزو وهي تقول بانفعال :- هل تقولين بأنك لم تريه اليوم ؟؟
جلست أسيل على طرف الأريكة المخصصة لنومها وقالت باضطراب :- لقد قابلته .. لا أنكر هذا .. لقد كان لقائنا صدفة لا أكثر .. لم نقض حتى الكثير من الوقت معا .. هل تتخيلين بأنني قد أقبل بهذا ؟
.. بدا وكأن كذبتها قد أقنعت أرزو التي بدأ الهدوء يظهر عليها وهي تجلس بدورها قائلة بريبة :- لا .. أعرف بأنك أعقل من أن تخدعي بشخص كأسلان .. أنت لا تنغرين بوجه وسيم أو بكلمات معسولة .. لن تسمحي له بأن ينتقم من أبي من خلالك .. أليس كذلك ؟
قالت أسيل بتوتر :- لماذا يرغب بالانتقام من والدك ؟
:- أوه أسيل .. أنت لست غبية إلى هذا الحد .. لا أحد في استانبول لا يعرف كم يكره أسلان أبي بعد الفضيحة التي سببها له قبل سنوات .. منذ ضربه أبي على مرأى ومسمع جميع موظفي الشركة متهما إياه بخداعي .. والعلاقة بين أسلان ووالده سيئة جدا .. ما سمعته هو أن الرجلين بالكاد يتخاطبا .. صدقيني .. إن وجد أسلان فرصة ولو صغيرة لإيذاء أبي .. فهو لن يتركها تضيع من يده
طعن الشك صدر أسيل بقسوة تركها تلهث ألما .. حدقت في أرزو القلقة .. والتي أكملت كلامها :- لن تسمحي له باستغلالك أسيل .. صحيح ؟؟؟
تمتمت أسيل بضياع :- لا .. بالتأكيد لا
ابتسمت أرزو برضا وقالت :- أعرف بأنك عاقلة .. لطالما كنت قوية وحصينة ضد ألاعيب الرجال .. لن ينجح ذلك الرجل بخداعك كما فعل معي .. أعرف بأنه يريدك .. وبأنه مستعد لفعل أي شيء لأجل الحصول على ما يريد عادة .. إلا أنك أنضج بكثير مما كنته أناعليه قبل سنوات .. لن تقعي في حب الرجل .. صحيح ؟
أنت تقرأ
في محراب العشق
Romanceاحمل قلبي في حقيبة وأرحل . . أقف في مفترق طرق . . البحر من امامي . . وهاوية حب لا قرار لها من ورائي . . خياران أحلاهما مر . . هل أتبع قلبي فأخسركل شيء ؟ . . أم عقلي وضميري فيخسر كل من أحب و حبيبتي جيهان . . أستودعك . . فأذني لي بالرحيل . . إن قابلته...