الفصل الأول & أراكِ بعين قلبي & صابرين شعبان

16.7K 450 63
                                    

الفصل الأول

مضجعا بجواره على الفراش يتلاعب بخصلاته الشقراء التي تشبه والدته، مفكرا في تلك الرافضة و رغم أنها لم تقولها صريحة و لكن هروبها في ظلمة الليل تدل على هذا الرفض الغير منطوق كان يشعر بالغضب من فعلتها فهى لم تعطي نفسها و تعطيه فرصة ليتعرفان قبل أن تعلن هذا الرفض و لم تعطيه فرصة شرح وضعه لها.. قال مالك بصوته الطفولي بعربيته الثقيلة منتشلا إياه من التعمق في ذكرياته عنها كعادته منذ رأها " بابا متى تأتي ماما لهنا، أم نحن من سنذهب إليها"
نظر إليه دراي برفق و قال بحزم " مالك بني، أنت مازالت صغيراً و أنا لا أريد أن أكذب عليك و أخبرك أننا من سيذهب أو هى من ستعود، و لكن كل ما سأخبرك به هو أني لن أمنعها من رؤيتك أي وقت تريد أو أمنعك أنت عن رؤيتها و لكن العودة للعيش معا مجدداً لن يحدث، هذا حتى لا تأمل في شيء "
ارتسم الحزن على ملامح الصغير و لم ينطق، رفع داري وجهه براحته لينظر في عينيه قائلا بحزم" أريد أن اعاملك كرجل و لذلك أخبرك منذ الأن، هل تريدني أن أعمالك كطفل و أكذب عليك أني سأعيد والدتك لي، لا أستطيع أن أخبرك عن أسبابي هذه..  ربما عندما تكبر لتفهمها جيدا.. أما الأن فلك الحق في أن تعلم عن وضعنا الحالي "
كان داري ينتقل ما بين الإنجليزية و العربية ليوصل لمالك الحديث بأسهل طريقة يمكن أن يستوعبها عقله الصغير فهو للأن يجد صعوبة في العربية كاملة و كثيرا ما يعود دون وعي ليتحدث بالإنجليزية رغم تنبيه داري له أن يحاول و يستمر في المحاولة ليتقن لغة بلاده.. قال مالك بحزن " حسنا بابا أنا أفهم و لكن هل أغضبتك والدتي لهذا الحد"
قال داري باسما بحنان " و حتى لو فعلت هذا لا شأن له بك.. أنها والدتك و لا دخل لعلاقتك بها بأي شيء أخر أفهم هذا جيدا أن علاقة الأم بطفلها لا يمكن لأحد أن يفصمها ربما تبتعد لبعض الوقت و لكنها لا تمحى، عندما تريد أن تراها فقط أخبرني و أنا سأهاتفها لتأتي و تراك، تعلم أننا لا نستطيع السفر و ترك عمتك رتيل وحدها أليس كذلك "
تمتم مالك بخيبة" أجل أعلم "
سمع طرق على الباب فقال بهدوء" تعالي هنية ماذا هناك "
دلفت و قالت هنية بجدية " سيد داري هناك من يرد مقابلتك و ينتظر في الأسفل "
سألها باهتمام" من هو تعرفينه "
قالت هنية بارتباك" أنه السيد بسام حفيظ، ابن عم خطيبتك "
عقد داري حاجبيه و زم شفتيه بضيق . إذا أتى ليتحدث عنها بعد أن ذهبت إليه مستنجدة، كان يكتم غضبه بشق الأنفس حتى لا يثور و هو يعلم أنها ذهبت لمن رفضها من قبل، هل بينهم شيء أم فقط طلبت مساعدته، سيعلم ما أن يراه.. قال لهنية بهدوء" سأتي على الفور ضيفيهم لحين أتي"
خرجت هنية فقال لمالك باسما " لا تهبط خلفي ظل في غرفتك لحين أعود اتفقنا"
أومأ مالك برأسه موافقا فنهض داري ليهبط ليرى ما يرده ابن عم خطيبته اللدود..
كان يهبط من على الدرج بشموخ من يملك العالم، فبسام رفض أن ينتظر في غرفة الجلوس كما أشارت له الخادمة و فضل أن يجلس على الاريكة الوثيرة في الردهة هو و ملك التي مالت عليه هامسة بمكر " يا إلهي أنه وسيم للغاية كيف قريبتك الحمقاء ترفضه، مؤكد لم تره"
فقد كان رجل ضخم عريض المنكبين كمن يمارس أحد الرياضيات التي تبني الجسم ليصبح هكذا بارز العضلات يكاد تشق قميصه الذي يلتصق بجسده كجلد ثان و سرواله الأسود يظهر تناسق جسده و طول ساقيه عيناه حالكة السواد بحاجبيه الكثيفين و فمه القاسي يدل على قسوة قلبه هذا هو الإنطباع الذي أخذه بسام عنه فور رؤيته هذا الرجل سيأكل مهيرة حية لو تزوجها ، قال لملك هامسا بغضب " أصمتي أيتها الغبية الأن أنا من لن أوافق على هذا الرجل و لو وافقت مهيرة"
تعجبت ملك و سألته غاضبة بهمس " لم سيد بسام هل هناك شيء في عقلك تجاهها"
لم يجب عندما وقف داري أمامهم قائلاً بصوت مترفع " سيد بسام ما هذه المناسبة السعيدة التي جعلتك تشرفنا بحضورك دون موعد مسبق "
قال بسام بحزم" مهيرة "
رفع داري حاجبه الخشن متسائلا ببرود رغم شعوره بالنفور من نطق اسمها على لسان رجل أخر " ماذا عنها زوجتي المستقبلية"
أجاب بسام بحزم" أتيت لأخبرك أني لن أوافق على هذه الزيحة سيد داري و لك أن تخبر أبي أنك أيضاً لم تعد تريدها "
سأله داري بترفع ساخرا هل يظن حقا أنه سيوافق على هرائه هذا يا له من مغرور " و لم تظن أنك ستملي على أفعالي و رغباتي سيد بسام، ليس معني ذهابها إليك أني سأتراجع و أتركها و أشعر بالإهانة من فعلتها لا تخف أنا لست رجعي لهذا الحد أنا أيضاً لم أعيش هنا طوال حياتي مثلك و لكن الفرق أني أعرف جيدا عاداتنا و ما لنا و ما علينا فكونها لجئت للرجل الذي رفض الزواج بها لا يعني لي شيء صدقني لن أجعله عقبة في طريق حصولي عليها ، فكما أخبرتك عقلي أكبر من هذه التفاهات " و رغم حديثه الواثق إلا أنه يكاد يشتعل غضبا كونها بالفعل تمكث لديه لدى ذلك الرجل الذي رفض الزواج بها، ربما شعر بالاغراء تجاهها بعد أن نضجت و أصبحت جميلة كما راها..
اتسعت عيني ملك الرجل يبدوا مهوسا بها و لكن ما قاله بسام عندما أخبرها أن والده لم يخبره عن تركها المنزل عقد بسام حاجبيه بغضب ربما سمع من أحد عن رفضة الزواج بها كما قال والده تبا لذلك هو حتى لم يطلبها فكيف تكون هذه نقطة سوداء في حقها ،و لكن من أين علم إذن، بالطبع إذا كان يعلم بذهابها إليه ألن يعرف برفضه لها لا هذا الرجل يبدوا خطرا على مهيرة مستحيل أن يقبل بهذه الزيجة " هل تتجسس على ابنة عمي و تراقبها يا سيد "
رد داري ببرود يتجسس عليها بالطبع لا لقد أصبحت تحت عينيه منذ رآها ذلك اليوم لدي ابنة عمه و هى تحثها على الرقص معها " سيد بسام هى لم تعد ابنة عمك هى زوجتي في عرفنا بقراءتي الفاتحة مع والدك ، فهى كعقد القران لدينا و لذلك أنا أعد الاهتمام بها و معرفة كل شيء عنها من ضمن مسؤولياتي و لذلك أخبرك سيد بسام أنه يوم تعود لمنزل عمك اليوم التالي ستكون في منزلي و الأن لا أظن هناك شيء أخر نتحدث فيه "
وقف بسام إليه بتحدي" إذن ستنتظر طويلاً بعد رحيل بسام وجد رتيل تخرج من غرفتها تدفع بمقعدها لتقف أمامه و تنظر لوجهه الغاضب، سألته رتيل بهدوء " ماذا ستفعل"
قال داري بتحدي مصمما " سأتزوجها بالطبع و بأي طريقة"
تركها ليصعد لغرفته قائلا بحدة " هنية .. أنا في غرفتي لا أريد رؤية أحد الأن لأي سبب كان"
رمقته رتيل بحزن متمتمة " حالتك صعبة يا ابن عمي خاصةً بوجودي في حياتك و تلك الأخرى التي لم تتخلص منها بعد "

أراكِ بعين قلبي (2 )  علاقات متشابكة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن