الفصل الثاني عشر
سمع داري الصيحة و صوت حوافر مسرعة بعصبية تطرق الأرض فالتفت بسرعة ليجد حصان أبيض ضخم يركض مندفعا على الطريق و الرجل يركض خلفه . كان دون سرج و لجام و يبدوا غاضبا تحرك داري مسرعا نحوه بدلاً من التنحي عن طريقه فلو تركه مندفعا هكذا ربما أذى أحد غيره أو أوذى هو .. نظر الرجل بدهشة لداري المندفع بدوره تجاه الحصان و هو يقول بحزم كما يقول لحصانه " توقف " و لكن هذا ليس حصانه ليستمع لحديثه أو يفهمه و ما حدث كان حقاً لا يصدق فقد تعلق داري برقبة الحصان يحجمه عن الركض رفع الحصان قائمتيه الاماميتين ليرتفع معه داري عن الأرض و لكنه لم يتركه كان يحيط رقبته بذراعيه الاثنين بقوة مما جعل الحصان يزداد هياجا و يتحرك بعنف محاولا تخليص نفسه حتى كاد يخلع عظام كتفيه من موضعها قال داري بحزم " قف ثابتا أيها الحصان الغبي " عاد لرفع قائمتيه ثانياً و هبط بها بعصبية لتحط إحداهم على قدم داري الذي شعر بعظامها تتحطم و رغم ذلك لم يترك الحصان الذي وصل إليه الرجل في نفس اللحظة ليمسك به مع داري و يهدئه .. هدء الحصان على أمر صاحبه الذي سأل داري بقلق عندما رأي وجهه يتفصد عرقا و الألم مرتسم على ملامحه " هل أنت بخير سيدي ، أعتذر منك لهذا "
وقف داري متحاملا على نفسه قائلاً بهدوء " لا بأس قدر الله وماشاء فعل ، المهم لم يتأذى أحد ، هيا خذ حصانك و أعده و أنتبه بعد ذلك ربما المرة القادمة أوذى أحدهم "
قال الرجل باهتمام " حسنا تفضل لأوصلك لمنزلك فيبدوا أن محاربته أتعبتك "
رد داري مشيحا بيده " لا ، تفضل أنت عد لمنزلك و أنتبه كما قلت سابقا "
تركه الرجل و عاد بالحصان على الطريق عرج داري عائدا للمنزل و الألم في قدمه و ذراعيه لا يحتمل كان يسير ببطء شديد و الطريق أمامه طويل كانت الشمس قد أشرقت و نشرت أشعتها الدافئة و بدأت الحركة و خروج الرجال من منازلهم متوجهين لعملهم في الأرض .. و بدأ الأطفال في الخروج و اللعب أمام منازلهم أو الذهاب لمدارسهم .. وصل داري للمنزل و قد بلغ به التعب مبلغه فالألم شديد في قدمه ، دلف للمنزل يتحامل على قدمه كانت رتيل جالسة على مقعدها و مالك قد استيقظ بدوره ينتظر الفطور مع رتيل التي كانت تشاكسه لتأخذ منه لعبته .. رفعت رأسها تنظر إليه باسمة لتتلاشى بسمتها ما أن رأته ، أندفع مالك إليه ليحتضنه كما تعود منتظرا منه أن يحمله و لكن داري أوقف أندفاعه بتعب قائلاً " حبيبي تمهل والدك لن يستطيع حملك اليوم "
سألته رتيل بقلق " ماذا حدث معك داري ما بها قدمك "
جلس بتهالك على المقعد مجيبا " لقد حطت قدم حصان على قدمي و أنا أوقف أندفاعه على الطريق أظن أنها كسرت "
شهقت رتيل بخوف و أندفعت لمقعده دافعه مقعدها المدولب و قالت أرفعها على ساقي لأنزع حذاءك و نراها ، و هنية ستحضر الطبيب على الفور "
كانت مهيرة تهبط على الدرج و زوجها يجيب رتيل " لا أظن أني سأتحمل لمسك لها رتيل "
قالت بحزم " لنرها داري حتى نطمئن سأنزع حذائك برفق لن تشعر أعدك "
سألت مهيرة بتوتر " ماذا حدث "
أجابتها رتيل بأمر " تعالي مهيرة أنزعي حذاءه لنرى ما أصاب قدمه"
رد داري رافضا " لا فقط أرسلي هنية لتحضر الطبيب ليعطيني مسكن ما فالألم شديد "
اقتربت مهيرة بحزم و جلست أمامه على ركبتيها قائلة بأمر " عد بجسدك للخلف فقط و سنرى ما بها "
رد بحدة " قلت لا شكراً لك سأنتظر الطبيب "
قالت رتيل هاتفة " هنية تعالي لهنا فورا "
خرجت هنية تجفف يدها قائلة " ماذا هناك رتيل تحتاجين شيء "
قالت رتيل أمرة " أذهبي و أجلبي دكتور محمد معك على الفور داري أصيب في قدمه "
خرجت هنية مسرعة فقالت مهيرة بحزم " قلت عد بجسدك للخلف"
عندما لم يفعل قامت بدفع صدره ليعود ليستند بظهره على المقعد نظرت إليه رتيل أن لا تجادل و راقبت مهيرة و هى تفك رباط الحذاء بهدوء أمسكت بربلته لترفع قدمه و أمسكت بحذاءه لتنزعه برفق و رغم ذلك لم يتحمل الألم و خرجت من بين شفتيه أهة ألم قوية و جبينه يتفصد عرقا ، اقترب مالك قائلاً بخوف " بابا "
رسم داري بسمة فاترة و قال بهدوء " لا تخف حبيبي أنا بخير "
نزعت جوربه ببطء شديد و يده تقبض على المقعد بقوة كاتما تألمه حتى لا يفزع مالك مجدداً ، شهقت بخفوت لرؤية قدمه فقد كانت منتفخة و جلده بين أزرق و أسود كانت مظهرها بشع لتعلم كم يتألم حقاً .. نهضت من أمامه قائلة " تريد الصعود لغرفتك لحين مجئ الطبيب "
ردت رتيل بحزم بدلاً عنه " نعم أرجوكِ مهيرة ساعديه ليصعد لغرفته "
أمسكت بذراعه لتساعده على النهوض فأمتثل لأمرهم حتى لا يضيع أنفاسه في الجدال العقيم معهم .. أستند على قدمه السليمة و رفع ذراعه ليحيط بها كتف مهيرة يتحامل عليها بدلاً من قدمه المصابة لم يكن يعلم أن صعود الدرج عذاب لهذا الحد و هو يتحامل على نفسه حتى لا يرهقها معه .. حتى وصل لغرفته أدخلته مهيرة و أجلسته على الفراش قائلة " تريد أن تتسطح لحين مجيء الطبيب "
هز رأسه نافيا و قال " لا سأكون بخير ، هل لك أن تهتمي بمالك أرجوكِ فهو يبدوا خائفا طمئنيه و أخبريه أني بخير "
أومأت برأسها موافقة و خرجت دون أن تضيف كلمة
أنت تقرأ
أراكِ بعين قلبي (2 ) علاقات متشابكة
ChickLitهى لم تقل يوماً أحبك بينما حكت العيون بكل ما أبغيهِ ما كان أجمل كبرها و عنادها الحبُّ أجملٌه الذي تخفيهِ ' إهداء لرواية أراك بعين قلبي ' أراك بعين قلبي فارسا مغوار يواجه الشدائد لا ينهار أنت هو عشق الصبا ونبض الفؤاد أخبرك عن حبي هل أنت تحتاج ؟ ...