ويحَك يا رؤى!
إنْ كنتِ أجدتِ اللهوَ مع الذئاب وترويضها، فما ذنبُ أحلام لتجعليها فريسةً لهم؟، كيف لك أنْ تُلبي صوتَ فقرها ومصيبتها بأنْ تتاجري بجسدها؟!... حاولتُ منعَك منذ اللحظة الأولى التي شاهدتُ رؤى تحلُّ ضيفة في غرفتكِ، خاطبني قلبي أنَّ رؤى ستجرُّك لطريقها، ولم أكنْ أتوقع أنْ تضحي بجسدِكِ كي تحصلَ على المال!
أذكر ذلك المساء، والغيوم شاحبة وأنت لم تأتِ بعد، غابت الشمس ولم تبُح لي بمكانكِ، حاولتُ الاتصال بكِ ولم تجيبي، وقد هممتُ بالاتصال بوالديْك لولا رؤيتي لك تفتحين البابَ، وليتني فقدتُ بصري في تلك اللحظةِ، وليت البصر خجل، بل ارتعبَ ممّا رأى!
فقد رأيتُ جسدَك بروح ميتة بثيابٍ ممزقة بوادييْن شقّا مجريْهما من نهرَيْ عينيْك، عُقِد لساني، ثُمَّ سألتُك عمّا جرى، لكنكِ ذهبتِ للمطبخ.
حاملةً سكينًا أردتِ اجتياح غرفة رؤى مناديةً إياها بالشيطانة البشرية وقاتلة الأرواح، ولولا أني أمسكتُ بكِ لجرى دمُها ليلطخ تاريخكِ، لكنها استغلَّت إمساكي لكِ، وهربتْ خارج الشقة، ولم تطأها منذُ ذلك اليومِ.
لا زلتُ أذكر صرخاتِك وأنت تقولين: لقد قتلتِني يا رؤى!
عندما هدأتْ أخبرتْني أنَّ رؤى جعلتْها تحدّث شبانًا بالهاتف لتستدرجَهم للحصول على المال، ولكنَّ أحد الشبان الذي كان زميلًا لها بالجامعة عرض عليها هديةً خاتمًا ذهبيًّا شريطة أنْ يحدثها غدًا داخلَ سيارته! فرفضتْ؛ لكنَّ رؤى أتتْ في الصباح وأخبرتها أنَّ ذلك الشابَّ صادقٌ، ولا ينوي شرًّا... وأكملتْ وهي منهارةٌ:
فوافقتُ شريطةَ أنْ يكون اللقاء قريبًا من بوابة الجامعة دون أنْ نتحرَّكَ من مكانِنا، وعندما ذهبتُ لأقابلَه اشترى لنا قهوةً، وبدا حديثُه جميلًا، ولم أشعر أبدًا أنَّ ملامحَه احترفَت الكذبَ، وما هي إلا دقائق حتى انسابَ الوعي من دفَّتَي الواقع، وحينما أفقتُ وجدتُ أنني خسرتُ نفسي وشرفي، وأخبرَني أنه التقطَ لي صورًا وأنا عاريةٌ، وأنَّ رؤى حصلتْ على مبلغ مقابل ما فعلتُ، وأنَّ هذه ليسَت المرة الأولى التي تتاجرُ بها بأجسادِ الفتياتِ.
يا لنوائب الدهر التي حلَّتْ جميعَها بأحلام في يوم واحدٍ! كم تمنيتُ لو أنني أُمسك رؤى فأقتلعَ قلبها، وأسترقَ النظر إليه؛ هل تراه يكون قد اسودَّ من أفعالها، أمْ أنها لا تملك قلبًا من الأساس؟
بقيَتْ أحلام في غرفتها لا تغادرها أبدًا، وفي اليوم الثالث للحادثة إذا بهاتفها يرنُّ، فأجابت
أحلام: ماذا تريدُ بعدما سرقتَ فرحتي؟
الشاب الوغد: أريدُكِ؛ فقد جمعتُ أصدقائي وسنقيم حفلةً، ونحتاج لمن يجمّل لنا جلستَنا.
أحلام: لن آتي!
الوغد: سأنشر صورَك؛ وتخيّلي أنْ يراها زملاؤك وأهلُك! ...لا تقلقي، فلستِ الوحيدة التي سترافقيننا، سيأتي العديدُ من الفتياتِ أمثالِكِ!