٣١-النهاية

222 27 50
                                    

بخيلاء وبخطوات ثابتة سار ميّاس نحوهُ حتى إذا وصل عنده مَد يدهُ في جيب سترة برق ، أخرج منها علبة سجائر ريان ثم أعطى للأخير ظهره ومضى يكمل سيره للإمام وهو يشعل سيجاره في فمه. تناول أحد الكراسي التي تقع في الجانب الآخر وأتى بها إلى حيث يستقر برق الذي لم يحرك يداً ولا قدماً منذ سقوط أيلول. جلس على الكرسي ومَدد جسده واضعاً إحدى ساقيه فوق الأخرى.

أنزل السيجار من فمه وهتف :
_ أنا آسف ربما قد خيبت ظنكم بمقتل أيلول الذي شذَ عن القاعدة ، كان من المفترض أن تموت غرقاً كما ستموت أنتَ ولكن وجودك بيننا كان يشكل عائقاً كبيراً في طريقي. لم تكن بالهيّن أبداً. أنت ذكي ! أهنئك على ذلك، فقد أبليت بلاءً حسناً

أخفى برق ملامحه الحقيقية وأظهر أبتسامة خبيثة، إدعى الثقة وأجاب :
_ لست أذكى منك طبعاً !

_ همم ، ربما!

_ أتذكر تلك الورقة التي طلبت منك عدم فتحها إلا بعد وفاتي ؟

_ تلك التي مزقتها بالأمس ؟

_ أجل ،أعتقد أني نادمٌ الآن على فعل ذلك. كانت تحمل الحقائق كلها، لقد كشفت بلحظة من اللحظات جميع خططك وفسرت أفعالك ألَا إني تراجعت عن تلك الفكرة وأثبتُ براءتك في عقلي بعد مقتل ألبرت. لا أعلم كيف ولوهلة شعرت أن أيلول هي المسؤولة عن أحداث السافاي

ضحك ميّاس وقال :
_ مقتل ألبرت؟ أنت تفاجئني حقاً !

_ كما هو المعتاد " لا يمكن للمجرم المضي بجريمة إلّا وقد ترك دليلاً خلفه " هفوتك كانت كبيرة يا ميّاس وما كنت لأفعلها لو كنت مكانك. بعد أن كتبنا تلك الرسائل المعلّقة على الجدار كنت قد لاحظت أن بها شيئاً غريباً لم أستطع ملاحظته في بادئ الأمر ولم يكن بمقدوري التمييز إن كانت الغرابة في رسالتي أم رسالتك أم رسالة أيلول ولكن تشابه حروف كلمة " أنا " وزخرفتها كانت هي موضع الغرابة إذ إنك كررت هذه الكلمة في الرسالتين فأنت تَمُد حرف النون وتطيله وتكتب الهمزة كما لو إنها حرف عَين معقوفة من الأمام. فعندما قارنت بين الخطّين وجدتهما متطابقين تماماً! تلك كانت رسالة مزيفة كتبتها أنت بيدك ووضعتها في جيب ألبرت كي توهمنا بأن ألبرت قد أنتحر ألا إن الحقيقة كانت عكس ذلك. ألبرت قد قُتِل على يديك كما قتلت تسعة آخرين غيره. لففت الحبل على عنقه بعد أن قمت بتخديره ورميت به من الأعلى كي يتم شنقه. وسارت خطتك كما خططت لها؛ بل حتى ذلك السقوط والارتطام كنت قد خططت له مسبقاً. أردت إحداث ضجة بالخارج وأنت إلى جانبي على السرير تحاول النوم. هذه الخطوة هي ما دعتني للتراجع عن الظن بِك

صفق ميّاس بحرارة بعد أن أنهى برق كلامه ، وقال:
_ أحسنت أيها المتحري، ولكن دعني أصحح لك خطئاً واحداً فقط. فأنا لم أقتل تسعةً منكم بل قتلت سبعة

حاول برق السيطرة على نفسه وعدم إبداء أي رد فعل تشعر ميّاس بالأنتصار رغم أن الصدمة كانت قوية هذه المرة، بقي واقفاً بثبات وهتف بتلكؤ :
_ هل تعني .. هل تعني أن أحداً غيرك قد كان مجرماً أيضاً وقتل أثنين مِن المسافرين ؟

واحداً تلو الآخرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن