-8-

103 14 22
                                    

يَمّرُ على مَسامِعنا مِئاتُ المُفردات في كُلّ ليلة، و لا نزالُ نَجهلُ معنى الكثير مِنها. تخترقُ حاجز الأذن فحسب؛ لا تُلامس القلب و لا تُترجم شعورياً.

ما يجهلهُ البشر إن لُغة المشاعر أشدُ بلاغةً مِن ألفِ لُغةٍ أُخرى. و ما فائدةُ وِفرة الكلمات في العالم و هي لا تملكُ مُرادِفاً روحياً..

لُغَةٌ صَمّاء يَتمُّ التَحدُثَ بِها عن طَريقِ الشعورِ و حسب.

أخبَرها إنهُ يُحبّها في تِلكَ الليلة. و لأنها تعرفُ معنى الكلمة الحَرفي فقط؛ ظنتْ إنها تُبادلهُ.. ظَنت!!

لم تكنْ تَملكُ ذَرّة مِن الثقة تِجاهه و تَوهمّت حُبّه..
الحُبّ و الثقة كالحياة و الموت؛ لا يتحقق أحدهما إلّا بحدوث الآخر. كَيفَ يُعقَل مَوتُ شخصٍ قَبل أن يَحيى!

أَجابتهُ حينها إنها أحبّتهُ أيضاً. لَمْ تَكُن تَنوي إعلامهُ بِذلك، لكن مُجمل حياتها كان عِبارة عَن خُطّة. بدأتْ بأخيها جونميون و إمتدتْ لِتشمل كُلّ معارِفها على وجه الأرض

سَعادة هانبين لحظة سَماعه إعترافها كانتْ تَسِع العالم بأكمله، لا يُدرك إنه الآن ضِمن تَمثيليتها مَجهولة النهاية.

وَصلتْ مَنزلها و هي تَعيّ إن حياتها كذبة لَنْ تُصبح يوماً حقيقة. تُلقي اللوم على الجميع، الجميع عَداها.
تَظنُ إن حياتها أُفسِدَت بِسبب الأُناس حولها.. تَظن و تَظن و تبقى مُشكلتها الأزلية ذاكِرتُها الضائعة.

رُبما وُجِدت الذاكِرة كُبرهان، كَدليل على إن الحياة حَقيقية. هي فَقدت بُرهانها؛ فَـكَيف سَتُصدِق. كَيفَ سَتَثِق!

إقتحمتْ غُرفتُها لاجِئةً لِلدليل الوحيد الذي يُخبرها إنها كانتْ حيّة مِن قَبل، لِلشيء الوحيد الذي يُثبت وُجودها يوماً ما؛ تِلكَ المُذكَرة

باشرَت القِراء فَور أن أصبحَ الدفتر رَهين قَبضتِها. قرأت العديد مِن قِصص المُراهقات، الكثير مِن المُغامرات بِرفقة زيّول في تِلكَ المدرسة الداخلية.
حتى وصلتْ لِتلكَ الصفحة التي سَتُغيّر الكثير..

[هَل كُل الوجوه تتلونُ هكذا أم إن المُشكلة معي؟... كَكُلِ أيامِ العُطلةِ إنتظرتُ جونميون ليأخذني..... في كُل مرة شعرتُ إن هُناك شيء تغيّر، في كُلّ مرة كُنتُ أُدرك إن جونميون بِه خَطبٌ ما، إلا هذهِ المرّة أنا تأكدتُ إن أخي مِثلُهما؛ كوالِداي بالضبط.
اليوم أخبرني إنها المرّة الأخيرة التي سيأتي بِها، سَيُسافِر و لَنْ يَعود... لأول مرّة أنظرُ في عينيه و لا أرى غير الكُره، عرفتُ إن هذا بِسببي، أنا عبئ كبير ليستطيع تَحمّله، أنا لعنة! لَن أنسى هذا، و لَن أُسامحَ نفسي أبداً]

ذِكـرَياتْ سَودّاء|| Black Memories حيث تعيش القصص. اكتشف الآن