06|لَـوْحة

488 50 121
                                    


1947م|اكتوبر|30

بضع دقائق قبل الخامسة صباحًا

حين تستفيق الذكريات في القلب يصابه الارق، لاسيما ان كانت تلك الذكريات غافية منذ سنين، الا أني لست ناسية لذكرياتنا سويا يا مين سوك، اطلاق والرب، ولن افعل قط.

لكن الزمن زرع اللون الاصفر بداخلي..، ذلك اللون المشع، المتخاذل، الضعيف، الوفي. لم اعتقد يوما بأن الاحاسيس لها ألوان، حتئ هذه اللحظة من الفجر بعد سنوات... اشعر بان ذلك اللون يصف مشاعري، وحنيني لذكريات جفت علئ اوراق الدهر.

عبراتي الجافه على وجهي لامست جفاف الاوراق حين قبلتها، ويا طول تلك القبلة الفاضحة لاشتياقي.

تلك الاوراق التي صارت ملاذ ذكرياتي وحنيني للماضي. كتبت ومين سوك فيها نفسنا، مشاعرنا، .. احلامنا، وعودنا... التي اصبحت في النهاية ذكرياتنا. وهواجسي الحزينة.

بعد دقائق من صمت انسني ارق بعد منتصف الليل حتئ الفجر. اعدت شظايا روحي، ورتبتهم في الرويد داخل صندوق خشبي، ثم خبأتهم تحت سريري.

تنهيدة، شردة، ثم تنهيدة، ثم ارتفعت طرفي شفتاي بابتسامة حنونة؛ حينما ابصرت نصف قلبي الاخر بعد مين سوك... نسخته المصغرة.. ابنتي الوحيدة، جيني..

كيف تنام في هدوء وطمأنينة، صدرها يعلو ويستكين من جديد، ثم يعلو... خالجني شعور... شعور موحش، خوف... أأفقدها يوما كما فقدت مين سوك؟

ولست ادري أي تفكير مطول وخوف من فقدان مباغت استعمر سلامي الركيك. وانتهئ على نحو مباغت كما جاء..

في يميني، رفعت يدي بخمول وازحت الستائر ليتسنى لي رؤية العالم.. منذ سنوات طويلة من ذات النافذة، أي قدر جعل سريري يجانب نافذة تطل علئ الحياة من منظوري؟... كان قدر جميل... كافأني بذلك

لانني لست ادري ان كنت سأهتم لمعرفة ما يجري في الخارج، وانا والسرير صديقان لا يفترقان، صديقان اجتمعا بعد ان غدر بي صديقي الوفي... قدم مبتورة... وتفر تنهيدة مطوله..

من النافذة، كان الصباح في بدايته، وعلني استرجعت بعض الذكريات من الماضي حول هذا الوقت من الصباح... كانت...؟ قهقهات.. رائحة نقية.. مداعبات.. فأس ومنجل.. شجرة كرز؟، هل كانت طفولتي؟.. ربما...

كنت مكتفية بالمراقبة خلف الزجاج، لكن اختناق مفاجئ دفعني لفتح النافذة، فاقترب اكثر واستنشق النسيم البارد فجرا... الذي بدأ يزداد بروده هذه الايام... انها بداية الشتاء لا عجب...

العجب ان يكون الشتاء محطة لقطار وجهته السفر نحو الماضي والبحث في الذكريات.. بالنسبة لي؟.. او ربما للاخرين ايضا.

بعد طول تأملات... كانت ارضية الشارع في الزقاق الضيق هي التي تجذب شرودي... لست ادري لمَ هي بالتحديد.

رثاءُ ذكــرَياتٍحيث تعيش القصص. اكتشف الآن