13|عَظِيـمٌُ

223 43 57
                                    


يصادف اليوم ذكرئ وفاة ابي الثانية عشر...

مرت اثنتي عشر سنة من الفراق، اثنتي عشر سنة وطفولتي في الوأد تهوي، منذ اثنتي عشر سنة اعتدت قضاء هذا اليوم بصمت، وانكسار، وصمت وصمت...

العاشر من حزيران...، ليس حزيران شهرا اتوقه بعد اجمة وفاتك يا ابي، كنت شخصا محبا لحزيران، تروي لي امي دوما حول حبك لحزيران، كان لقاءكما به، كان يوم التحاقك كضابط كما حلمت دوما في حزيران، كان اليوم الذي عرفت فيه امي بحملها بي... في حزيران.

لست ادري ما سر هذا الارتباط الذي يجمع بينك وحزيران، غير انني اكرهه.. جدا

ما اعرفه منذ ان وعيت أن الارتباط بحزيران ما هو الا انتحار، حزيران ليس سوئ فاجعة.

اخبرتني امي ذات ليلة:

عندما نفارق احدهم، نحزن... كثيرا، ونجرح وتصيبنا الغصة ويحل علينا وطأة الم الفقدان الوحيشة، ليس الامر متعلق بما هو شكل الفراق، الوجع واحد وان أختلفت عدة الاسعافات في تضميده، فمغادرة الشخص حياتك هي بمثابة موت في توقيتك، تتعثر ذكرياته في نفسك، ويصبح وقعها في داخلك ليس سوئ بابا للالم، بعد حين ستنسحب تلك الذكريات للقعر، الئ مكانٍ لا تمر منه سوئ ذات صدفةًُ... وقد لا تشعر بأي شيء خلال ايا من هذه الصدف... هل بردت مشاعرنا اتجاهه حقا؟ ام انها لم تشتعل لاجله منذ الاساس؟ نحن لسنا ايا من هذا... فالتراكمات التي تتركها الحياة علينا بمرور السنين تجعل الالم يصغر بأعيننا كلما كبرت هي -بواسطة عثراتها- باعيننا.

ولست ادري لم لم يصيبي هذا البرود حتئ بعد مرور كل هذه السنين، الامر قد يرجع الئ أنني كنت دوما بحاجة لابي... دوما.

لست ادري ان كانت لتكون حياتي افضل لو ان ابي لم يمت، او انني كنت لاكون اسعد بوجود ابي، لست ادري... كل ما ادريه هو أنني نميت وبداخلي فراغ اتجاهك يا ابي، لذلك ربما لم يصيبني هذا البرود نحو موتك بعد كل هذه السنين من الذي ذكرته امي في حديثها.

كنت دوما مؤمنة بانه منذ ولادتنا ثمة هنالك اماكن محددة في قلبنا يسكنها من كان جديرا بها، غير ان هنالك اماكن تبقئ فارغة ولا تنفئ حتئ ان لم يسكنها احدا.

واحدئ هذه الاماكن هي مكانة الاب. لا سيما في قلب الفتاة.

لا اعرف حولك شيء سوئ انني كنت ذات يوم طفلتك المدللة، التي كنت تحبها كثيرا.

احبك انا ايضا، احبك كثيرا، احبك بحسرة لانني لم اعش معك طويلا

امرا مضحك انني احب شخصا لا اذكر منه سوئ ومضات وذكريات خاطفة، غير انني اعرف انك عظيم يا ابي، عظيم بعدد الليالِ التي بكتك فيها امي، عظيم باصرار امي علئ مواضبة وصفك لي في كل ليلة، فكانت قصتي قبل النوم هي ابي، ونهايتها اربع جمل تتردد طوال الليل علئ مسامعي وانا اسفل الغطاء.:

رثاءُ ذكــرَياتٍحيث تعيش القصص. اكتشف الآن