09|ثرثارة.

305 48 51
                                    

1947م|ابريل|25

مر ثلاثة عشر يومًا على ولادتي لسيهون، كنت مصابة بأرهاق وخمول جعلني مستليقة في فراشي اغلب الاوقات بشكل غير مطاق علئ الرغم من انني بدأت استرجع نشاطي رويدا، ان هذا امر طبيعي بعد الولادة، لكن ما واجهته من صعوبات مفاجئة اثناءها جعل الامر يتفاقم لمحرد ارهاق ما بعد الولادة.

منذ صغري كنت ولازلت اكره اوقات المرض المختلفه، ان تعلق الامر بولادة او حتئ نزلة برد، ما قالته الطبيبة بأن نزيف مفاجئ حصل معي، قد يكون عائد لمشكلة مرضية لدي في تخثر الدم، علئ اية حال قالت بأن النزيف لم يكن حاد، الشكر للرب. لكنها ايضا حذرتني من تكرر الحادث في ولاداتي القادمة.

وهذا يفسر سبب شعوري المفرط بالاجهاد والضعف وتكرر حالات اغمائي طوال فترة حملي شيء يفوق نسبيا اعراض الحمل الطبيعية.

وما استلمست منه الارتياح هو أن ما حصل لن يؤثر علي صغيري بشكلٍ من الاذى. كان امر باعث للطمأنينة بالنسبة لي، ولم اهتم لامر اخر عداه.


كتبا والداي الي رسالة في يوم ولادتي، كانا فرحين جدا بحفيدهم الاول المنتظر، وكنت انا سعيدة جدا برسالتهم، كنت متأكده بأنهم سيفعلون، وفي اليوم التالي كما ايقنت، زاروني، مكثوا عدة ايام ورحلوا.

علئ الرغم من قصر هذه الايام، فأني سعدت بها كثيرا، كنت مشتاقة لهم، لا سيما اهتمامهم المفرط بي، شعرت وكأنني عدت طفلة من جديد، كنت مؤمنة دوما بأن ما دام الابوين في الجوار فأنك لازلت الطفل المدلل.

الان وبعد أن اصبحت اما، هل سأمنح هذا الامان والحب لطفلي؟، انه شيئا عظيما لا نقاش ينفيه.

كان الجميع متألف ومنسجم، صنعنا عدة جلسات عائلية جميلة، في حديقة منزلنا الخلفية المعطرة بعبير ورود الياسمين وشذي الربيع. ضحكات ومزحات اختلطت بها قصص طفولة عمي المشاغبة، واكملتها مغامرات ابي المتهورة. ابان تلك اللحظات الجميلة، التي صارت ذكريات سعيدة محفوظة في صندوق الذاكرة.

ذكريات نسجت من صوت قهقهاتنا السعيدة، ورائحة عصيدة الارز التي اعدتها عمتي وتناولها الجميع بنهم لحد أنشب بين سوهو وكاي شجار على الصحن الاخير، كذا الموسيقى الهادئة التي عزفها عمي بألحان الغاياغم بعد العشاء وتمأيلت اجسادنا على وقعها في جو امتلأ بالصمت والتأمل، ويأتي في النهاية الطعم الحلو للكـرز.

كم غريبة هي الذكريات، وما اغرب منها هي الذاكرة، تحتفظ بلحظات حياتنا اجمع، تغلق علئ أحاسيسنا مضادة للنسيان، وتؤرخ سعادتنا بذكرئ، تكون الرفيق عند الحنين، أم يستوجب أن تُعٌرف بانها المخدر له؟

وقـد تـؤلمنا الذكريات كثيرًا... تـؤلمنا كلما كأنت اسـعد.

هي التي خلقت منعا لهلاكنا في ضياع النسيان، كانت السبب في هلاكنا الكثيـر من المرات.

رثاءُ ذكــرَياتٍحيث تعيش القصص. اكتشف الآن