عندما انتهت ميانا من جمعِ النُفاياتِ اتجهت إلى مارلا ووقفت أمامها...
مارلا تنظُرُ إليها باستفزاز : ماذا؟...
ظلت ميانا تنظُرُ إليها بنظراتٍ باردةٍ لعدةِ ثوانٍ ثُمُ ألقت جميعَ النُفاياتِ التي في الكيسِ على طاولةِ مارلا، وكانَ الاندهاشُ يعلوا انظارَ جميعِ من كان في الفصل، بما فيهم آشيرو وتياما ولونا...
مارلا هاجت فوراً وصرخت في وجهِ ميانا : كيف تجروؤينَ على فعلِ ذلكَ أيتُها الحُثالة!!!
ميانا بصوتٍ جاد : تَعلمي أولاً كيفَ تحترمينَ الآخرينَ حتى تُحترمينَ أيتُها الآنسةُ العريقة...
مارلا صكت أسنانها بشدةٍ وبغضب : أصمتي وعرفي كيفَ تُخاطبينني ياهذه! لستِ سوى فتاةٍ من العامة!...
سيرا مُدافعةً عن مارلا وقد دفعت ميانا من كتفِها : تَعلمي كيف تتعاملين مع من هُم مثلُنا يا هذه، لقد تماديتِ كثيراً بالفعل!!
ماو بابتسامةٍ خبيثة : هيا ميانا فلتُصلحي مافعلتهِ ولتُنظفي الطاولةَ حالاً !
ميانا : ... -تقدمت من ماو قليلا ثُمَ رمت الكيسةَ الفارغةَ التي كانت بيدها- انتُنَ صديقتيها العزيزتين أليسَ كذلك؟ فلتجمعنَ النُفاياتِ كما تقفنَ وراءها وتُدافعنَ عنها وكأنكُنَ حارسيها الشخصيين...
ماو بغضبٍ شديد وصوتٍ عالٍ : هذا لا يعني أن نَجمعَ نُفاياتِك التي رميتيها!!
ميانا : أبداً، فالواقعِ هي نُفاياتُكم وقد أعدتُها لكم ياعزيزتي... -ثُمَ التفتت ومشت-
كانت تتجُهُ إلى البابِ وفِي طريقِها أبعدت سيرا بكتفِها عن الطريقِ مُتعمدةٍ لتُعيدَ لها الحركةَ التي قامت بِها...
سيرا : هوي الا ترينَ أمامك!!!
لكن ميانا أكملت طريقها دون ان تلتفتَ او تقولَ شيئاً، وخرجت من الفصل...
في هَذِهِ الأثناء، مارلا وصديقتيها يُفكرنَ بمالذي يجبُ فِعلهُ بكومةِ النُفاياتِ التي على طاولةِ مارلا، فأنهُنَ من المستحيلِ أن يُنظفنها لأن هذا سيجعلُهنَ كخاسراتٍ امام ميانا، بينما هذا الأمرُ اصبحَ حديثَ جميعِ الطُلابِ حولهن...
ومن ثَمَ خرجت مارلا بخطواتٍ مُسرعةٍ من الفصلِ وعلاماتُ الغضبِ باديةٌ على وجهِها، ثُمَ نظرتا كُلٌ من ماو وسيرا إلى بعضِهما قليلا وتَبعنَ مارلا على الفور...
تياما يبتسم : هه! -ينظرُ لآشيرو- إذاً، ماذا كُنتَ تقولُ يا آشيرو؟
آشيرو يلتفتُ لصديقِهِ بعد أن كانَ مُندمجاً مع الموقف : اوه... بصراحةٍ -يجلسُ على مقعدهِ وهو يُكملُ حديثه- قد نالت مارلا ماتستحِقُه... لكني لستُ واثقاً ان كانت ميانا ستستمرُ مع هذا...
تياما : هاهـ؟ أما زلتَ تَعتَقدُ ذلك؟
آشيرو : ...لا ادري يا تياما ...لأنني شَعرتُ انها كانت مُختلفة...
....
ميانا كانت في دورةِ المياهِ وقد انتهت للتو من تبليلِ منديلٍ بالماء، فهمت بالخروجِ اذا بِها مارلا وصديقتيها في وجهِها...
مارلا صَرخت في وجهِ ميانا بشدة : ماذا تَظُنينَ نفسكِ هاه؟! -تتقدمُ خطوةً لتعودَ ميانا خطوةً للوراء- ماذا تظُنينَ نفسك!!! -تُشيرُ بيدِها إلى الخارج- أذهبي حالاً ونظفي طاولتي الآن!! هيـا!!
ميانا ببرودٍ وتمَلمُلٍ وهيَ تُخرجُ تنهيدة : ارحميني يا مارلا... -قالتها بصوتٍ هادئٍ يَكادُ لا يُسمع-
ثم تخطت مارلا ومشت إلى الخارجِ الا أنَّ مارلا أمسكت بيدِها وسَحبتها منها ثُمَ رَمتها أرضاً أمامها...
مارلا وهي تُشيرُ بإصبعِها لميانا : سوف اجعلُكِ تلتزمينَ حُدودكِ الآنَ يا ميانا!! لقد تماديتِ كثيراً!!..
ميانا تنهظُ من الأرضِ مُسرعةً لتقفَ في وجهِ مارلا والغضبُ يعتلو وجهَها اخيراً : هذا يكفي يا مارلا لقد سئمتُ من كلامكِ هذا الذي بلا مِعنى! من الافضلِ لكِ ان تبتعدي عن طريقي وتَترُكيني وشأني لكي لا تَحصُلي على ما لا يُعجبُك!! -ثُمَ دفعتها وذهبت مُسرعةً إلى الخارج-
مارلا : هااايي انتظري لم أُنهي كلامي بعدُ ياهذه!!... تششييه تباً لها!
وأخيراً قد رِنَ الجرسُ لأنتهاءِ الإستراحة، ميانا عادت لطولتِها ونظفتها بمنديلِها المُبللِ ثُمَ جلست بكُلِ هدوءٍ لتُخرجَ كُتُبها، بعدها بدقائقٍ جاءت مارلا مُسرعةً وحملت حقيبتها وخرجت من الفصلِ رُغمَ ان المُعلمةَ قد دخلت للفصل لتوِها وسألتها "مابكِ يا مارلا ؟" لكنَ مارلا لم تُجب وذهبت في حالِ سبيلها...
بَقيت المُعلمةُ واقفةً مُستغربةً ثُمَ سألت الطُلابَ عن الموضوعِ قائلةً : مابها مارلا خَرجت من الفصلِ هكذا ؟
بعضُ الطُلابِ نظروا لبعضِهِمُ البعض والبعضُ الآخرُ قد نظرَ إلى الاسفلِ وآخرونَ أيضاً قد بدأوا ينظرونَ الى ميانا، بينما ميانا كانت تنظُرُ الى كتابِها، وكانتا ماو وسيرا هُناكَ بالفعل...
سيرا : مُعلمتي أُنظُري هُنا -وهيَ تُشيرُ إلى طاولةِ مارلا-
استغربت المُعلمةُ من المنظرِ وأكملت سيرا كلامها : برأيكِ أليس هذا كافياً لأزعجِها وخروجيها منَ الفصل؟
المُعلمة : ومن الذي قامَ بفعلِ هذا الأمرِ الشنيع ؟
ماو وسيرا تنظرانِ نحو ميانا وقد نطقت ماو : ... انها الطالبةُ الجديدةُ يا مُعلمتي!
المُعلمةُ تنظُرُ إلى ميانا باستغراب : ولماذا هذا يا ميانا؟!
ميانا وضعت كتابها على الطاولةِ ووضعت يدها على جبهتيها وتنهدت ثُمَ أبعدت يدها لتنظُرَ إلى المُعلمةِ بنظراتٍ جادةٍ وحادة، فوقفت لتتكلم...
تياما في هَذِهِ الاثناءِ قد خاطبَ نفسهُ قائلاً : لقد سئمتُ من هذا! -حاولَ الوقوفَ ليتكلم-
لكنَ آشيرو قد وقفَ قبلهُ وتكلمَ امام المُعلمةِ والجميعِ قبلَ ان تنطُقَ ميانا بحرف...
آشيرو : مُعلمتي!، لقد رأيتُ ماحدثَ وميانا لم تَكُن المُخطأة!
المُعلمةُ وقد استغربت من ردةِ فعلِ آشيرو لأنه نادراً مايتدخل : وكيفَ ذلك؟
آشيرو : لقد كانَ كُلٌ من مارلا وسيرا وماو جالستانِ على طاولةِ ميانا وقد رموا نُفياتِهم على طاولتِها، وميانا لم تفعل شيئاً سوى انها حملت نُفاياتِهم وإعادتها لهم
المُعلمة وقد نَظرت لميانا : ... ولكن هل مافعلتِهِ صحيحٌ يا ميانا ؟؟
ميانا : ... وهل كانَ يجبُ عليَّ حملُ نُفاياتِهم وألقاءُها في القُمامةِ دونَ قول شيء؟
المُعلمة : كلا ولكن ليسَ من الجيدِ ردُ الإساءةِ بالإساءة، على الاقلِ تذهبينَ إلى الاخصائيةِ وتُخبريها بالأمر!
ميانا : ... مُعلمتي انا لستُ طفلةً لأذهبَ وأخبرَ الاخصائيةَ بأن فُلاناً وفُلاناً قد فعل وفعل! انا استطيعُ التصرُف مع مشاكلي، وليس هُناكَ أيُ حقٍ يمنعُني من ذلك، ان كانَ ذَلك داخلَ المدرسةِ او خارجَها
المُعلمة : ان ماتقولينهُ خطأ! ففي المدرسةِ قوانينٌ وشروطٌ وعلى ايِ طالبٍ الالتزامُ بِها! وإلا فستُصبحُ المدرسةُ في فوضى عارمة!
ميانا : اجل معكِ حق، ولكني لم أخرق قانوناً من قوانينِ المدرسة، كُلُ مافعلتهُ هو اني تعاملتُ مع مُشكلتي الخاصة، وهي ليست بمُشكلةٍ كبيرةٍ لتتدخلَ المدرسةُ فيها
المُعلمة : ولكن...-قاطعها آشيرو-
آشيرو : مُعلمتي اتفق مع ما تقوله، وكما يقول المثل "السنُ بالسنِ والعينُ بالعين" وهي لم تفعل شيئاً خاطِئاً
المُعلمةُ صمتت لثوانٍ ثم تنهدت وقالت : حسناً حسناً على ايةِ حالٍ فلنبدأ بالحصة، اما هَذِهِ النُفاياتُ فستُنظفُها عاملةُ النظافةِ في آخرِ الدوام
وبدأوا بالدرسِ اخيراً بعد ان جلسَ كُلٌ من آشيرو وميانا في مقعدهِ وقد تلاقت اعينُهم لوهلةٍ قبل بدأِ الدرس...
وفِي نهايةِ الدوام، حملَ آشيرو حقيبتهُ وخرج بصحبةِ تياما، بينما ميانا كانت تنظُرُ لهُ ومازالت تتسألُ في داخليها لِمَ قد يُدافعُ عني شخصٌ مِثلُه؟، ولكنها هزت رأسها لتُخرجهُ من تفكيرها وحملت حقيبتها، جاءت لونا ويبدو أنهُ في جُعبتِها الكثير.
لونا : ميانا ميانا! ماذا تفعلين؟ اذهبي خلفه! -تقصد آشيرو- عليكِ أن تَشكُريه على مافعل!
ميانا : اه.. ولكن...
لونا لم تُعطيها فُرصةً لتُكمل : ياإلاهي ميانا انا مُتفاجأةٌ حقاً أنَّ آشيرو بنفسهِ قام بالدفاعِ عنك! هذا ليس من عادته! اهه وأيضاً، لقد وقفتي في وجهِ مارلا بشجاعةٍ حقاً! لقد اعجبتِني ميانا!
ميانا : ...لكنَ الأمرَ كانَ عادياً بالنسبةِ لي...
لونا : ...اوه آشيرو! ألن تذهبي وتشكُريه؟
ميانا : أنـا... فالواقع... لستُ مُعتادةٌ على ذلك..
لونا : هاه؟
ميانا تتهرب : على ايةِ حالٍ هيا نذهب إلى المنزل، سوف تُفوتينَ الحافلة...
ويخرُجنَ من الفصل، فجأةً وكأنَ لونا تذكرت شيئاً ما...
لونا : اه، هل لا انتظرتِني قليلاً ميانا؟
ميانا : ماذا؟
لونا : لقد نسيتُ كتابي في المكتبة، سوفَ اذهبُ لأحضارهِ بسُرعةٍ وآتي!
ميانا : اه حسناً، سأنتظرُكِ هُنا إذاً
لونا : اتفقنا! -وذهبت مُسرعةً إلى المكتبة-
قي هَذِهِ الاثناءِ كان آشيرو مُتجهاً إلى منزلِهِ بصُحبةِ تياما، وقد دار بينما ذلك الحديث...
تياما : اعجبني مافعلتهُ اليومَ يا آشيرو
آشيرو : هاه؟
تياما : اخيراً حركتَ ساكنكَ ودافعت عنها، اتعلم، لو لم تَقُم انت لقُمتُ انا وتكلمت، الموقفُ لم يُعجبني على الإطلاقِ فالواقع
آشيرو : ...لكنِ سأُحاول ألا اتَدخلَ مرةً أُخرى...
تياما : ...ولماذا؟
آشيرو : فقط لا أُريدُ التورطَ بشيء...
وأكملا طريقَهُما...
بينما لونا قد وصلت للمكتبةِ لتوِها، ونظرت مُباشرةً نحو الطاولةِ حتى وجدت كتابها، واتجهت نحوه حتى التقطتهُ ثُم غيرت اتجاهها لتعودَ إلى ميانا التي مازالت تنتظرُها، وخرجت من المكتبةِ مُسرعةً ولَكنها توقفت عندما رأت ماو وسيرا أمامها وكأنهُنَ ينتظرنها!
باتت علاماتُ التفاجؤِ واضحةً على وجهِ لونا، وعلاماتُ التوتُرِ والخوفِ أيضاً، فأنزلت رأسها للأسفلِ بِبُطءٍ وظلت تُحدقُ في الأرضِ دونَ قولِ أيةِ كلمة...
بينما تبادلتا ماو وسيرا النظراتِ لبعضهنَ البعضِ بابتسامةٍ خبيثة...انتهى🍃...
أنت تقرأ
حياة وعِرة || A rugged life
Romanceميانا، فتاةٌ غامِضة، تُخفي أسراراً وراءَها تَمُرُ بتجارِبَ عديدة، في مدرسَتِها الجديدةِ المليئةِ بالطلابِ المرموقينَ والأثرياء وهناكَ مَن أُعجِبَ بشخصِيتِها وبدأَ يَهتمُ لأمرِها... آشيرو، ولَكن هل سَيكتَشِفُ آشيرو ماتُخفيه؟ ومالذي تُخفيهِ ياتُرى؟...