Part 4 : فوقَ مُنحدرٍ أخضر

38 4 4
                                    

ميانا كانت لا تزالُ واقفةً هُناكَ تنتَظِرُ لونا التي قد تأخرت كثيراً...
ميانا تُحدِثُ نَفسها : ...لقد تأخرت، لكن ألم تفُتها الحافلةُ هكذا؟...
ثُمَ اخيراً قررت ميانا التَحرُكَ والتوجهَ إلى المكتبة، عندما وصلت لم يَكُن هُناكَ احد، دخلت المكتبةَ ونادت "لونا؟، هل انتي هُنا؟" ولكن بالفعل لا أحدَ هُناك، ظلت واقفةً لعدةِ ثوانٍ تتساءلُ في داخلِها اين من المُمكِنِ قد اختفت ياتُرى؟، ثُمَ خرجت وبدأت تبحثُ عنها في أرجاءِ المدرسةِ ولَكن بلا جدوى...
رأتها احدى العاملاتِ فسألتها : ما الأمرُ يابنتي هل تبحثينَ عن شيءٍ ما؟
ميانا تلتفتُ نحوَ العاملة : اه، اجل أنها صديقتي، قالت انها ذاهبةٌ لتُحضرَ كتابها ولم تَعُد، هل رأيتِها ياتُرى؟
العاملة : هممم، رأيتُ عدةَ أشخاصٍ ولَكنني لا أعرفُ كيفَ تبدو صديقتُك
ميانا : حسناً، أنَّ لها شعراً طويلاً نوعا ما وهي تربُطهُ هكذا من الأسفل -وتصفُ بيدها كيف تبدو- وعينيها سماويتينِ وَ.. هيَ تبـدو بهذا الطول...
العاملة : ممم، اجل يبدو انني رأيتُ فتاةً بهذهِ الأوصاف، ولَكنني رأيتُها وهي تَخرج
ميانا : ماذا؟ ولكن كيفَ وأنا كُنتُ واقفةً هُناك، كُنتُ سأراها لو خرجت حقاً
العاملة : كلا، لقد خرجت من البابِ الخلفي -وتُشيرُ للخلف-
ميانا : هاه؟... حسناً على أيةِ حال، -ترتسمُ على شفتِها ابتسامةٌ طفيفة- شُكراً لمُساعدتكِ سيدتي...
العاملة تبتسم : أبداً، لم أفعل شيئاً
وذهبت ميانا في حالِها وعادت إلى المنزلِ وحيدةً هَذِهِ المرة، وقد سألت نفسها في الطريقِ " اتساءل؟ لما فعلت لونا شيئاً كهذا؟".
...
في اليوم التالي، في الصباحِ الباكر، كانت ميانا جالسةً في مِقعدِها وكانت تنظُرُ للداخلين والخارجين، كانت تنتظرُ لونا...
حتى أتَت لونا اخيراً، دخلت دون قولِ شيء، هي لم تنظُر إلى ميانا حتى، فقط كانت تنظُرُ إلى مقعدِها التي كانت مُتجهةً إليه...
نهظت ميانا على الفورِ مُناديةً بسمِ " لونا!" بصوتٍ ليسَ بعالٍ جداً، وأتجهت نحوها ووقفت عند طاولتِها، انتبهت عليها لونا وكانَ الارتباكُ بادٍ على وجهِها...
لونا : مـ مرحباً ميانا! صباحُ الخير...
ميانا : ...لونا بالأمس، مامعنى تصرُفكِ بالضبط؟
لونا : هـاه؟...
ميانا : انا اقصد عندما ذهبتي لتُحضري كتابك، انتظرتُكِ طويلا ولكنني اكتشفتُ بعدها انك ذهبتي من البابِ الخلفي؟...
لونا : اوه،... أنـا... -نظرت للأسفلِ قليلا ثُمَ رفعت رأسها- أنا بالفعلِ ذهبتُ لأُحضرَ كتابي من المكتبة!
ميانا : حسناً وبعدها لما لم تعودي؟
لونا : لـ لقد ظنَنتُ انكِ قد ذهبتي، لذلكَ خرجتُ من البابِ الخلفيِِ مُسرعةً خيفةَ ان تَفوتني الحافلة...
ميانا : ماذا؟ وكيفَ تذهبينَ هَكذا دونَ ان تتأكدي حقاً من ذهابي؟!
لونا : اه.. حسناً... أنهُ فقط...
ميانا : انتِ تُخفينَ شيئاً ما أليسَ كذلك؟
لونا : اه!.. -تلتفتُ للجهةِ الأُخرى- كـ.. كلا!... -وتعودُ للنظرِ في وجهِ ميانا- حسناً لماذا تسألينني إنهُ امرٌ يَخُصُني!
ميانا استغربت ردةَ فعلِها قليلاً ولكنها ردت بكُلِ برود : اهـ، حسناً، كما تُريدين، لن أسألكِ مرةً أُخرى، أسفة -وعادت لمقعدِها-
بقيت لونا تنظُرُ للأسفلِ بنظراتٍ نادمةٍ ومُتوترة وجلست بعد ان كانت واقفة.
في الإستراحة، انتهت ميانا من غدائِها ثُمَ خرجت لتتمشى قليلاً، وهيَ تُمسكُ هاتفَها، وبينما هيَ مُنهمكةٌ بهِ اصطدمت بأحدٍ ما...
ميانا ترفعُ ناظريها : اه! آسفة!...
لقد تبينَ لها أنهُ كانَ فتىً طويلا نوعاً ما ذا شعرٍ اشقرٍ وعينانِ زرقاون...
نظرَ إليها وابتسمَ ووضعَ يدهُ على رأسهِ وقال : اعذريني كذَلكَ فقد كُنتُ شاردَ الذهنِ قليلاً
ميانا : اوه، لابأس، عن إذنك... -وأكملت طريقها-
كانَ ذَلكَ الفتى ينظُرُ إليها ثُمَ خاطب نفسهُ بصوتٍ مُنخفض : عينيها ساحرتان!
وفي الجهةِ الأُخرى كانَ آشيرو جالساً مع صديقهِ تياما حتى سَمِعَ نداءً ويبدو انها مارلا...
تياما يُخاطبُ آشيرو بابتسامة : ها قد جاءت...
-آشيرو يتنهد-
مارلا وكانت عاقدةً حاجبيها : آشيرو!
آشيرو : أهلا؟
مارلا وقد كتفت يديها : لقد سمعتُ شيئاً لم يُعجبني عنك!
آشيرو : وما هوَ؟
مارلا : لقد دافعتَ بالأمسِ عنِ الطالبةِ الجديدةِ ضدي!؟
آشيرو : حسناً بالفعل، لقد فعلتُ ذلك
مارلا : هــاهـ؟! وتقولُها بكُلِ ثقة؟!
آشيرو يرفعُ حاجبهُ الأيمن : ولما لا؟
مارلا : وكيفَ يسمحُ لكَ ضميرُكَ ان تُدافعَ عنها بعدَ كُلِ الذي فعَلتهُ بي؟!
آشيرو : ولَكنكِ أولُ من بدأَ يا مارلا...
مارلا : وإن يَكُن! أنا كُنتُ أُريدُ ان أُعلمها درساً!، وانتَ لم تتدخل قطُ بأيِ شيءٍ افعلُه، فلماذا هَذِهِ المرةَ بالذات؟!
آشيرو :... -نظرَ في اتجاهٍ آخرٍ بعدَ أن كانَ ينظُرُ إلى مارلا- ... لا أعلم، -ويعودُ لينظُرَ مُباشرةً بتجاهِ مارلا- ولكنني شعرتُ أنهُ كانَ يجبُ عليَّ التدخُل...
مارلا استغربت ردهُ فصمتت وهي تنظُرُ لهُ بتلكَ النظرات...
تياما احسَ أنَّ الوضعَ بدى سيِئاً فقررَ التدخُلَ وأمسكَ بكتفِ آشيرو : اوه على كُلٍ، انا وآشيرو كُنا نتكلمُ بموضوعٍ مُهمٍ حقاً، فهل لا سمحتي لنا بالذهاب؟...
مارلا :... -نظرت بنظراتٍ مُتعجرفة- لابأس... -وغادرت-
تبادلا تياما وآشيرو النظرَ إلى بعضهما البعض...
تياما : اوه يا رجل، إنكَ حقاً صريحٌ للغايةِ وتُخرجُ مافي قلبكَ فوراً
آشيرو : اه، وهل اخطأتُ في شيءٍ ما؟، انا حقاً حاولتُ أن لا أُخرجَ شيئاً من مشاعري أمامها بالذات!
تياما : ربما أخرجتَ القليل، -يضعُ يدهُ حولَ كتفهِ واقتربَ منهُ وبصوتٍ هادئ- مالذي تُخفيهُ من مشاعركَ ياتُرى؟...
آشيرو : هوي، ليسَ عليكَ ان تَعرفَ كُلَ شيئٍ فقط لأنكَ صديقي المُقرب!
تياما بضحك : اعلم ولكنني فضوليٌ حولَ ذَلك
آشيرو يُبعدهُ ويدفعُ وجهَهُ الفُضوليَ بيده : ليسَ من شأنك
...
في نهايةِ الدوامِ بينما كانَ الجميعُ يَخرجُ من الفصل، وقفتا مارلا وصديقتيها امامَ ميانا مُجدداً.
ميانا تتنهد : انا حقاً سئمتُ منكما...
مارلا : حقاً؟ انا لن أَترُككِ وشأنكِ حتى اراكِ تُنزلينَ ناظريكِ عندما تواجهينني ولا تنطُقينَ بكلمةٍ حتى اطلُبَ منكِ ذلك...
ضَحكت ماو وأكملت : مثل صديقتِكِ لونا -وبدأنَ يضحكن-
مارلا : على ايةِ حال انا لم انسى مافعلتِهِ بالأمسِ يا ميانا...
سيرا : اوه مارلا، نسينا ان نُخبركِ اننا لقَّنا لونا درساً بالأمس
مارلا : حسناً فعلتُن! -ويضحكنَ مُجدداً-
ميانا بصوتٍ هادئ : ماذا؟ ماذا فعلتُنَ بلونا؟؟
ماو : ولما انتي خائفةٌ عليها؟ في النهايةِ هي لم تقف معكِ في ايةِ مرةٍ ضدنا؟
سيرا : أجل هي بلا فائدةٍ بصراحة، لا اعلمُ لما تتسكعينَ مع فتاةٍ مثلَ لونا!
ماو : اوه سيرا أليسَ ذَلكَ واضحاً! هي لا تملكُ اصدقاءً ولم تَحصُل الا على لونا التي تلتَصِقُ بأيِ طالبةٍ جديدة!
سيرا : اوه انتِ مُحقة -تُقهقه-
ميانا : أُفضِلُ فتاةً مسكينةً مثلَ لونا على ان أُصاحبَ امثالكُن
مارلا : لا تقلقي لأنكِ لن تُصاحبي من هم في مُستوانا، لأننا لن ننزلَ إلى مُستواكِ انتي ولونا -قالتها بنظراتِ احتقارٍ وتَكبُر-
ميانا : على الأقلِ لا نملكُ قلباً كقلبكِ المُتسخ
مارلا وقد عقدت حاجبيها : مـاذا؟!
ميانا : والآنَ انا حقاً ليسَ لديَ وقتٌ لَكُن -تلفتُ وتذهب-
الا أنَّ مارلا أمسكت بيدِها بشدةٍ وأوقفتها : ليسَ من الاحترامِ أن تُغادري ونحنُ لم نُنهي حديثنا بعد!
ميانا تسحبُ يديها عنها : وليسَ من الاحترامِ اعتراضُ طريقِ الآخرين! -وتغادر-
ظلت مارلا تنظُرُ إليها عاقدةَ الحاجبين : تشيه!
خرجت ميانا مُسرعةً إلى البوابةِ وهي تتلفتُ يميناً ويساراً باحثةً عن لونا، ووجدتها اخيراً خارجَ المدرسةِ تمشي وحيدةً بخطواتٍ بطيئة
ميانا : لونا!
توقفت تلك الخطواتُ البطيئةُ والتفتت لونا لميانا التي كانت وراءها...
ميانا وصلت للونا ووتوقفت وهي تأخذُ انفاسها : اه، لونا! لماذا تتجاهليني؟ -لونا اكتفت بإنزالِ رأسِها دون قولِ كلمة- ...بالأمس، انتي قد تعرضتي لماو وسيرا أليسَ كذلك؟
لونا رفعت ناظرها قليلاً وقد بدى على وجهِها شيءٌ من الاستغراب : اه، كـ كلا.. أنهُ فقـط...
امسكت ميانا بيدِ لونا وسَحَبَتها معها : تعالي يا لونا
لونا : اه انتظري! إلى اينَ تأُخُذينني؟، سأُفوتُ الحافلة!
ميانا : لا بأس يُمكنُكِ الذهابُ في الحافلةِ التالية
وذهبت لونا بصُحبةِ ميانا حتى وصلتا إلى جسرٍ فوق مياه الصرف، وكانَ هُناكَ مُنحدرٌ اخضرٌ فنزلت ميانا عليهِ وتبعتها لونا بِبُطئ...
لونا : ...لماذا اتيتي إلى هُنا؟
ميانا : عادةً مااجلسُ هُنا بمفردي، -تلتفتُ نحو النهر- وأنظرُ إلى هُناك... -وجلست وهي تثني رُكبتيها أمامها وتلفُ يديها حولهما، ونَظرت إلى لونا- اجلسي...
لونا اقتربت بِبُطئٍ وجلست مَثلها...
ميانا : ...إذاً هل يُمكنُكِ إخباري بما حدثَ بينكِ وبينَ سيرا؟
لونا تتغيرُ ملامحُ وجهِها مُجدداً : ...هل معرفةُ ذلكَ ضروريٌ بالنسبةِ لك؟
ميانا : ...أنا لا أُحبُ التدخُلَ في شؤونِ الآخرين، لكن إن كُنتي تتعرضينَ للمُضايقاتِ بسببي فلا بُدَ من معرفتي لذَلكَ وإقافه... فالواقع كُنتُ قد تركتُكِ وشأنَكِ بالفعلِ ولكن بعد ان عَلمتُ انكِ تعرضتي لماو وسيرا فهمتُ الأمر
لونا بَقيت صامتةً للحظاتٍ ثُمَ نظرت أمامها : ...أتعلمين أن ماو كانت صديقتي؟
ميانا : هاه؟ حقاً؟ ولكـن... كيفَ أصبحت بصفِ مارلا؟
لونا : ذلك كانَ...

انتهى 🍃...

حياة وعِرة || A rugged lifeحيث تعيش القصص. اكتشف الآن