Part 17 : الموعِدُ الأول

7 2 6
                                    

في غرفة ميانا...
ميانا كانت تُبَعثِرُ ملابِسها بحثاً عن شيءٍ تَرتَديه، لتَجلسَ وهيَ تَتَنَهد...
ميانا : هَـه.. لا أعلمُ ماذا أرتدي... الخروجُ في مَوعد.. إنها المرةُ الأولى لي...
لِتَنظُرَ لِنَفسِها في المرآةِ وهيَ تَنظُرُ لِلندوبِ والجروحِ في يَديها...
...
وفي المساء، في مَنزلِ آشيرو، كانَ آشيرو جالِساً على مَكتَبِهِ مَشغولاً بِجهازِهِ الحاسوب، وفتاةٌ تَبدو شابةً تَجلِسُ على كُرسيٍ بِالقُربِ مِنهِ وهيَ تَلعَبُ بِهاتِفِها...
آشيرو يَتَنَهَدُ وهوَ يُغلِقُ الحاسوب : هَـه.. ها قَد أنهيتُ تَعدِله أتحتاجينَ شيئاً آخر؟
الفتاةُ وهيَ مَشغولةٌ بِهاتِفِها : اممم.. أنتَظر لَحظة...
آشيرو يُحملِقُ بِها بِصَمت : ...هوي! كيوكــا!
كيوكا تَنتَبِهُ إليه ثُمَ تَبتَسِمُ وتُغلِقُ هَاتِفَها : آه!.. ههم، هَل إنتَهيتَ يا أخي؟
آشيرو لا زالَ مُحملِقاً : أجل مُنذُ دقائق، وَلَكن يَبدوا أنكِ كُنتي مَشغولة
كيوكا : اوه آسفة، شُكراً لَكَ عَزيزي! -وتَبدأُ بِتَمطي يَدِها- آهــ.. حسناً آشيرو...
آشيرو يَلتَفِتُ إليها : همم؟
كيوكا : حَدِثني عِن آخرِ أخبَارِكَ في المدرسة
آشيرو : اه... لاشيء جديد
كيوكا : حقاً؟
آشيرو : نَعم
كيوكا بِنظراتٍ يَعتَريها الفضول : ماذا عَن حَبيبة؟ الَم تَجد حبيبةً حتى الآن؟
آشيرو يُحملِقُ في وَجهِها : ماذا؟ كلا
كيوكا لازالت تِلكَ النَظراتُ تَعتَريها : هممم.. وماذا عَن مارلا إذن؟
آشيرو بإستغراب : مارلا؟ مابِها؟
كيوكا : سَمِعتُ إنها اصبحت حبيبَتك وأيضاً أنتما تُناسبانِ بَعضَكُما كَثيراً
آشيرو يَتنَهد : آهـ.. نَعم مِثلُ تِلكَ الإشاعات تَملَئُ مَدرستي، ولَكنها غَيرُ صَحيحة، مارلا هي التي أخرَجت تِلكَ الإشاعاتِ وأيضاً هيَ تُحاولُ الالتصاقَ بي دائِماً
كيوكا تَضعُ يدها على خَدها : أممم... هَكَذا إذن... مارلا تَحصُلُ على كُلِ شيءٍ تُريده، لذَلِكَ هيَ تُحاوِلُ الحُصولَ عَلِيكَ أنتَ أيضاً... يبدو الأمرُ مُثيراً حَقاً!
آشيرو يَنظُرُ إليها : وما المُثيرُ في الأمر؟، أنه أمرٌ مُزعج، أن يَتشبَثَ بِكَ شَخصٌ ما وأنتَ لا تُريدُه... مارلا بالذات أنا لا يُمكِنُني أن أتَقبَلَها حتى لو كَصديقة
كيوكا : هاه؟ ألهَذهِ الدَرجة؟
آشيرو يُسنِدُ ظَهرهُ على الكُرسي ويَضعُ قَدَميهِ على مَكتَبِه : أجل، أنَ تَصرُفاتها لا تُعجِبُني
كيوكا : ...أتَقصِدُ تَنَمُرها؟
آشيرو : نَعم وغَطرَستُها، أنها لا تَدعُ أحداً وشأنهُ إلى أن يَخضَعَ لها!، أتعلمين، لا أحدَ حَرفياً يَستَطيعُ أن يَقِفَ في وَجهِها في فَصلي!
كيوكا : يا ألاهي ألهَذهِ الدَرجة؟
آشيرو : نَعم... -ثُمَ يَبتَسمُ- ..إلا واحدة
كيوكا : هاه؟، ومَن تَكون؟
آشيرو يُعَدِلُ جَلسَته : إنها طالِبةٌ مُنتقلة، إنتَقَلت قَبلَ شَهرٍ تَقريباً، هيَ الوَحيدةُ التي تَصَدَت لغَطرسةِ مارلا حتى الآن!
كيوكا تَبدو مُستَمتعة : واه حقاً؟ يبدوا الأمرُ مُثيراً! إذن؟ أخَبرني أكثَرَ عَنها ومالذي جَرى بينَها وبَينَ مارلا؟
آشيرو يَقتَرِبُ مِنها بِحماس : حسناً سأُخبِرُك!، هي تُدعى ميانا! وهيَ...
وبدأَ آشيرو يَروي لَها مواقِفَ ميانا ويُحَدِثُها عَنها...
وفي هَذِهِ الأثناء كانت الساعةُ الثامِنةُ بالفِعل كانَ كيمورا واقِفاً في المَكانِ الموعودِ وهُوَ يَنظُرُ إلى ساعَتِهِ يَنتَظِرُ ميانا...
بَعدَ بِضعِ دَقائق، تأتي ميانا وتَمشي بِخجَلٍ وبِخطواتٍ بَطيئةٍ ، وكانَ كيمورا يَنظُرُ إليها حتى وَصلَت لِعِندِه، فَقد كانت تَرتَدي قَميصاً بِأكمامٍ طويلةٍ وبنطالاً قَصيراً، وبِالطَبعِ جوارِبَ طَويلة، مَعَ حَقِيبةِ كَتِفٍ قد كانت تُمسِكُ بِها بيَديها، على الرُغمِ مِن أنَ زِيِها كانَ بَسِطاً جِداً إلا أنها كانت تَبدو مُختَلفةً عَن العادةِ وجَميلة.
كيمورا وهُوَ يَبتسم : تَبدينَ جميلةً لِلغايةِ اليوم
ميانا وهيَ تِنظُرُ لِلأسفلِ مُحمَرة الخَدين : ..شُـ شُكراً لَك...
ثُمَ أمسَكَ كيمورا بِكَتفِها وأقتَرَبَ إليها وَهوَ يُحِطُها بِذرَاعِه لِيَجُرَها بِلُطفٍ وهوَ يُقَهقه : هَهَه لا تَكوني خَجولَةً هَكَذا
بَينَما ميانا تَفاجأت مِن حَرَكَتِهِ السَرِيعةِ وَزدادَت وَجنَتَها إحمِراراً، ويَبدَآنِ بِالمَشي...
كيمورا : والآنَ ماذا تُريدينا أن نَتناول ؟
ميانا تَلتَفِتُ نَحوه وبِأرتِباك : أه، ..لا بأس ...بأيِ شيء...
كيمورا : لا عَليكِ يُمكِنُكِ أن تَطلُبي ما يَخطُرُ على بالِكِ
ميانا بِصوتٍ هادِئٍ وبارِد : ... لا أُفَكِرُ بِشيءٍ ما ...
كيمورا يَصمُتُ قَليلاً ثُمَ يَقول : حسناً إذاً ما رَأيُكِ بتَناولِ شيءٍ لَذيذٍ على مَسؤليَتي ؟
ميانا بإبتسَمةٍ طَفيفةٍ وَصوتٍ هادئ : حَسناً...
وذَهبا لِمطعَمٍ قَريبٍ مِنَ الحَديقةِ وتناولا طبقاً مِن النابه ريوري ( طبق ياباني مشهور ) وبعدَ إنتِهاءِهِما أخذا حلوى الأرزِ وجَلَسا على كُرسيٍ في الحديقةِ وبدآ باللَعِبِ وتَبادُلِ الأحادِثِ المُسَلية، وهَكَذا أمضَت ميانا مَوعِدَها بِصُحبةِ كيمورا حتى أصبَحت الساعةُ قُرابةَ التاسِعةِ والنصف، وقَرَرا أخيراً العَودةَ إلى المَنزل.
كيمورا وهما يَسيرانِ معاً : آههـ لَقد أستَمتَعنا اليومَ أليسَ كَذَلِك؟
ميانا بأبتسامَتِها الطَفيفةِ تومِئُ بِرأسِها : نَعم
كيمورا : آمُلُ أن يَكونَ اليومَ قَد أعجَبَكِ وأن لا أكونَ قَد أَخَرتُكِ عَن مَنزِلكِ
ميانا : أه كلا لا بأس، كُلُ شيءٍ بِخير...
حتى أكملا مشيَهُما ثُمَ صادَفَ كيمورا مَحلَ زُهورٍ على وَشَكِ الإغلاق...
كيمورا وهوَ يَتَجِهُ إلى المَحل : أوه، إنتَظِري لَحظةً يا ميانا
ميانا تَوقَفت لِلَحظةٍ مُستَغرِبةً ثُمَ تَبِعَته...
كيمورا يُخاطِبُ صاحِبَ المَحَلِ الذي يُرَتِبُ زُهوره : مرحباً يا عَم، آمُلُ ألا أكونُ مُتأخراً
ألتَفَتَ إليهِ صاحِبُ المَحَلِ الكَبيرُ في السِن : اوه، مَرحباً يا بُني، أتَحتاجُ شيئاً؟
كيمورا : أجل، أُريدُ أن آخُذَ زُهوراً لـ.. حَبيبتي
ميانا بِتفاجؤٍ وهيَ تَحمَرُ خَجلاً : حَـ...!؟
ليَنظُرَ إليهم الرَجُلُ المُسِنُ وهوَ يَبتَسم : إنَنَي على وَشَكِ الإغلاقِ لَكن، لحُسنِ الحَظِ أني لَم أذهب بَعد، -ثُمَ يَتَجِهُ إلى دَاخِلِ المَحل- تَعاليا واختارا ماشِأتُما...
كيمورا يَتبَعُه : اوه شُكراً لَكـ—
تُمسِكُهُ ميانا مِن كُمِ قَميصهِ وتَقولُ لهُ بِصوتٍ خافت : اوي!، ماذا تَقصِدُ بِحَبيبتي؟!
كيمورا يَبتَسمُ بِلُطف : لا تكوني ساذجةً يا ميانا إلا تَعلمينَ أنَنا في موعِد؟ -ثُمَ يَنقُرُ جَبينَها بِخُنصُرهِ- هذهِ الأشياءُ لا يَفعلُها إلا الحَبيبينِ بالتأكيد!
ويَدخُلُ المَحلَ لِتَبقى ميانا واقفةً مَكانها وخَديها مُتوردين...
ميانا  بصوتٍ خافت : اه! هـ هَي!... -ثُمَ تَلحَقه-
كانَ المَحلُ مَليئاً بالأزهارِ الجَميلة، دَخلت ميانا وهيَ تَنظُرُ مِن حولِها مَفتونةً بجمالِ الأزهارِ وروائِحِها...
الرَجُلُ المُسن : حسناً، تَفضَلا وأختارا مايُعجِبُكُما
كيمورا يَنظُرُ إلى الأزهارِ ثُمَ إلى ميانا : ...إذن؟ مارأيُكِ؟
ألتَفَتَت ميانا إلى كيمورا بعدما كانت سارِحةً بِمَنظَرِ الأزهار : ...إنها جميلةٌ جداً...
كيمورا : أختاري مايُعجِبُكِ وسأهديكِ إياها
ميانا : اه.. أحقاً لا بأسَ بِذَلِك؟
كيمورا : بالتأكيد
ثُمَ بَدأت ميانا تَجولُ في المَحلِ الصغيرِ وهي تُمعِنُ النَظَرَ في الزهورِ وتَتَأمَلُها، إلى أن أستوقَفتها زهورُ النَرجِسِ ونالت إعجابها، فأخذت زَهرةً مِنها وستَنشَقتها...
ميانا : إنها رائِعة
كيمورا : هَل أعجبَتكِ؟
ميانا : نَعم
كيمورا : حَسناً إذاً سآخُذُها مِن أجلِكِ و... -يَنظُرُ مِن حَوله- أنا -ثُمَ أخذَ زَهرةً مِن زهورِ اللافندر- سأُعطيكِ هَذِه
ميانا : ..لافندر؟
كيمورا يُقَرِبُ الزَهرةَ مِن وَجهِها : أجل، إنها تُشبِهُك... تُذَكِرُني بِعينيكِ
ميانا تَحمَرُ خَجلاً فَتُنزِلُ رَأسَها...
ليُكمِلَ كيمورا : ...أرجو أن تَقبَليها لأجلي
ميانا تَنظُرُ لِلزَهرةِ فَتَبتَسِمُ إبتسامةً طفيفةً وتأخُذُها : بالتأكيد...
ليَبتَسِمَ كيمورا، ثُمَ يأتي صاحِبُ المَحلِ المُسِن...
صاحِبُ المَحل : إذاً؟ هَل إنتَهيتُما؟
كيمورا : أوه أجل، أعطِني مِن هَذِهِ وأُخرى مِن هَذِه -وهوَ يُشيرُ إلى الزهور-
وأخيراً يَخرُجانِ مِنَ المَحَلِ ويُكمِلانِ سَيرَهُما إلى المَنزلِ حتى وَصلا أخيراً...
كيمورا يودِعُ ميانا : إذاً أراكِ لاحِقاً يا ميانا
ميانا : أجل، إلى اللقاء... كيمورا!
يَلتَفِتُ إليها كيمورا : هَه؟
ميانا بِخَجلٍ وهيَ تَنظُرُ إلى الأسفل : ..شُـ شُكراً لَك،.. -تَرفعُ رَأسها وأبتسامةٌ لَطيفةٌ تَعلو وَجهَها- شُكراً على الزهورِ و.. و شُكراً على الوَقتِ الجَميلِ الذي أمضيتُهُ مَعك...
كيمورا يَبتسم : ..على الرُحبِ والسعة!، وسَنُمضي أوقاتاً جميلةً كثيرةً كَهَذِه
ميانا : ...إلى اللقاءِ إذاً أراكَ لاحِقاً
ثُمَ تُلَوِحُ لهُ وتَذهَبُ مُسرعةً إلى مَنزِلِها، أقتَرَبت ميانا مِن بابِ مَنزِلِها بِبُطئٍ وفَتِحتهُ بِهدوءٍ لكي لا تُصدِرَ صوتَاً، ودَخلت بكُلِ هدوءٍ وقد كانَ المَنزِلُ مُظلماً كَعادَتِهِ وضوءُ المَطبَخِ هو الوحيدُ المُنيرُ مع التلفازِ الذي يُصدِرُ تَشويشاً...
نَزَعت ميانا حِذاءَها وأقتَرَبَت مِن غُرفةِ المَعيشةِ لِكي تَتَأكدَ إن كانَ والِدُها نائِماً ام لا، ولَكِنه لَم يَكُن موجوداً، عِندها أدرَكت أنهُ مُستَيقظ، فعادت إلى الخَلفِ وهيَ مُستَقيمةٌ على الجدارِ تُحاوِلُ الوصولَ إلى غُرفَتِها دونَ إصدارِ إيِ صوت...
لَكنّ وَلِدها إنتَبهَ لِهذا فناداها بصوتٍ عالٍ ثَملٍ وهوَ غاضب : ميــاانــاا!!
فَفَزِعت ميانا فأخفَت الزهورَ وراءَ ظَهرِها وألتَفتَت إليهِ : نـ نَعم يا أبي!
والِدُها : أينَ كُنتي طوالَ هذا الوقت!
ميانا كانت تَقِفُ أمامهُ في بدايةِ المَمَر، وأجابتهُ بإرتباكٍ وهي تُنزِلُ ناظِريها : أنا... كُنتُ.. لَقد كُنتُ مَشغولةً قَليلاً في الخارج...
والِدُها وهوَ يُمسِكُ بِالحزامِ المُلقى على الأريكة : ماذا؟..
ميانا تَعودُ إلى الخَلفِ يَساراً وهيَ تَنظُرُ إلى الحِزامِ الذي بَينَ يَديه...
والِدُها يَقتَرِبُ مِنها وهيَ لازالت تَعودُ لِلخلف : ... وما هذا الذي تُخفينهُ وراءكِ؟
ميانا : لا... لاشيء...
والِدُها بِغضب : هاه؟ هَل تَكذبين عَليّ!!
فَيُمسِكُ بِذراعِها بِقوةٍ ويَسحَبُها لتُسقطَ باقةُ الزهور...
فَيَلتَفِتُ والِدُها إلى الزهورِ ويَصرخُ في وَجهِها : ماذا؟ أهذا ما كُنتِ خارِجةً لأجلـه؟؟!! -ليسحبَ ميانا ويُسقِطُها أرضاً ويَبدأُ بِدَعسِ الأزهار- تَباً تباً! تبـاً!!! هَل تَخرُجينَ وتَترُكينَني كَالكَلبِ مِن أجلِ هَذهِ الأزهارِ الرَخيصة؟؟!!
ميانا كانت جالِسةً على الأرضِ وهيَ تَتَوسلُ لوالِدِها بأن يَتوَقَف : لا! لا! توقف ارجوك!!
ليزدادَ غَضباً ويبدأُ بِضَربِها بالحزامِ على ظَهرِها وهوَ يَصرُخُ ويَنهتُ بنَفَسٍ عالٍ، كانت ميانا تَصرُخُ مَعَ كُلِ ضَربةٍ ولَكن لا فائدةَ فهوَ لَم يَتوقف حتى صَرخت ميانا بِصوتٍ عالٍ : توقف عَنِ الضَربِ يا أبـي!!!
ليَتوقفَ لِلحظة : ماذا؟ هَل تَصرُخينَ في وَجهي؟؟!
فَيرفعُ يَدهُ عالياً ويَضرِبُها بِكُلِ قوَته،حتى فَقدت ميانا وَعيَها، وهوَ لا زالَ يَصرُخ عليها ويَرفِسُها بِقَدَمه...
والِدُها : هيا أنهظي!! هيا ألا تَسمَعينَني!!؟ هيــاا!! تبـاً! -يَضرِبُها بِقَدَمه-
ثُمَ يَرمي حِزامهُ أرضاً ويَذهبُ إلى الاريكةِ فَيسقطُ عليها تَعِباً وهوَ يَلتَقِطُ أنفاسهُ...
...
وفي هذهِ الأثناءِ إنتهى آشيرو مِن حَديثهِ معَ أُختهِ أخيراً، والذي كانَ يَبدو مُمتعاً ومُضحكاً...
كيوكا تَضحك : ياألاهي أنَني حقاً أُهنئُ ميانا على قوةِ صَبرِها!، يبدو أنها فتاةٌ بارِدةٌ وغامِضةٌ، وقويةٌ جِداً!
آشيرو مُبتسماً : ...أجل، إنها كَذَلِك
كيوكا : ...آشيرو..
آشيرو يَلتَفِتُ نَحوها : همم؟
كيوكا : هل تُحِبُها؟
آشيرو يَحمَرُ خَجلاً : ماذا؟
كيوكا : انا أقصِد ميـانا!~
آشيرو يرتبك : مـ مالذي تَتَفوهينَ بِه؟ مِن أينَ أتيتي بِهَذا ؟؟
كيوكا : إنها المَرةُ الاولى التي أراكَ تَتَحَدَثُ عَن شَخصٍ ما بِكُلِ هَذا الحماس، بالتأكيدِ بِستثناءِ تياما
آشيرو يَحُكُ رأسه : آهـ... هَل يبدو الأمرُ هَكذا؟..
كيوكا تَبتسم : هاهه، لما لا تَستَطيعُ تَقبُلَ الحُبِ يا آشيرو؟ إنهُ جميل
آشيرو : ...مع الشخصِ الصحيحِ فَقط وليسَ ايِ شَخص
كيوكا : ذَلِكَ يَعتَمِدُ عَلى أختيارِك، ولا ضَيرَ بالتَجرُبة
آشيرو يَتنهد : ..على كُلٍ، هيَ تَتَسَكَع معَ كيمورا وأصدِقاءهِ الآن.. أي لا فائدةَ تُرجى مِن تَجرُبَتي..
كيوكا تَتَغيرُ ملامِحُ وَجهِهَا : ماذا؟.. كيمورا؟
آشيرو يَنظُرُ إليها ثُمَ لأسفل : أ.. أجل...
كيوكا تَصمُتُ قَليلاً ثُمَ تَنهض وهي تَبتَسِمُ إبتسامةً طفيفة : ...حَسناً آشيرو، لَقد تأخر الوقت، هيا أراكَ لاحِقاً، تُصبِحُ على خير...
آشيرو يَبتسم : وانتِ كَذَلِك، تُصبحينَ على خَير
كيوكا تأخُذُ جهازها الحاسوب ثُمَ تَتَجِهُ إلى بابِ الغُرفةِ وتَفتَحه : ...آشيرو...
آشيرو يَلتَفِتُ إليها : نَعم؟...
كيوكا : إن كُنتَ تُحِبُ تِلكَ الفتاةَ فأنا أنصَحُك... -تَلتَفِتُ إليه- لا تَترُكها مع كيمورا... -ثُمَ تَبتَسِمُ وتُغادر-
آشيرو بَقيّ يُفَكِرُ مع نَفسهِ لُحَدِثَها بصوتٍ ضَئيل : ...إنَني أُحاولُ ذَلِك...
...
بَعدَ دقائقَ طويلةٍ تَنهضُ ميانا بصُعوبةٍ وهيَ تَتألم، فَتَنظُرُ إلى الازهارِ التي قَد دُهِست وتَشوهَ شَكلُها وتَبَعثرت أوراقُها...
ثُمَ حَملتها مُنكسِرةً ونَظرت الى زهرةِ اللافندرِ الذابِلةِ تُحدِثُ نَفسَها : .. أنتي واقِفةٌ شامِخةٌ وجَميلة... لَم تَكوني تُشبهينَني... ولَكِنكِ أصبحتي كَذَلِكَ الآن... مُنكسِرةً مُشوهةً وذابِلة... إنها أنا تَماماً
وأتجهت نحوَ المطبخِ بِصعوبةٍ فأخذت إناءً وملأتهُ بالماءِ، ثُمَ فَتحت باقةَ الوردِ المُمزقةِ، لترى إحدى زُهورِ اللافندرِ لازالت كما هيَ وَلم تَتَشوه.
ميانا تَبتَسِمُ بإنكسارٍ وتَحمِلُ الزهرة : اوه.. ياألاهي ألا زِلتي على قيدِ الحياة؟...
ثُمَ تَضَعُها في الإناءِ وتَضعُ بَقيةَ الأزهارِ، وتَخرُجُ مِنَ المَطبخِ لِتَذهَبَ إلى غُرفَتِها وهيَ تَتألمُ ثُمَ تَدخُلَ لِتَستَحِم...
بعدَ دقائقٍ تأتي والِدَتُها، فَتَسمعَ صُوتَ الماءِ الصادِرِ مِن غُرفَتِها...
وتَقولُ مُحدِثةً نَفسَها : ..ألا زالت مُستيقظة؟...
وبَعدما أنتهت ميانا مِنَ الأستحمام، حاوَلت أن تُضَمِدَ جَرَاحَها لَكِنها لَم تَستَطِع، عِندها سَمِعت صوتاً يَصدُرُ مِن المَطبخِ فأدركت أن والِدَتها مُوجودة، فَخَرجت إليها وأنتَبهت أُمها إليها...
والِدَتُها : هاه؟ أمازلتي مُستِقظة؟
ميانا تَكتفي بالأماءة : ...
تَقتَرِبُ أُمها مِنها : ...مابِكِ؟ هَل ضَرَبَكِ مُجدَداً؟
ميانا بِبُرود : ...نَعم ...كالعادة ...هَل يُمكُنُكِ أن تُضَمِديها؟ إنها في ظَهري ولا أقوى على تَضميدِها...
والِدَتُها تَتَنهد : هَـه... حسناً تعاليّ
وتذهبانِ إلى الغُرفةِ وتَبدأُ أُمُها بتَضميدِ جِراحِها، اما ميانا كانت جالسةً وهيَ تَنظُرُ إلى نَفسِها في المرآةِ  وقَد كانَ وَجهُها شاحِباً ومُتعباً...
والِدَتُها وهيَ تُضَمدُ جراحَها : يألاهي... لا أعلمُ متى يَنوي التوَقُف عَن ذَلِك... على كُلٍ يا ميانا.. أحتمليهِ فهوَ والِدُكِ في النهاية... حسناً لَقد أنتهيت -وتَبدأُ بِتَرتِيبِ المراهِمِ والضمادات- هيا، اذهبي إلى النومِ فالوقتُ مُتأخر
ميانا أحتَضَنت رُكبتَيها وهيَ لا زالت تَنظُرُ إلى المرآة : ...أُمي...
والِدَتُها : ..همم؟...
ميانا : ...هَل تُـ.. -ثُم تَصمت-
والِدَتُها تَلتَفِتُ إليها : ماذا؟
ميانا : ...اعني... هَل أنتِ مُرتاحة؟ ... على هذهِ الحال.. هَل لا بأسَ بِكُلِ هَذا؟...
والِدَتُها وهيَ تَتنَهد : هَـه... ميانا عَزيزتي، أنا مُرهقةٌ جِداً بِسَبَبِ العَملِ ولا رَغبةَ لي بالتَحدُث.. وعليّ ان اذهبَ إلى النومِ لأني يَجِبُ أن أخرُجَ باكِراً غَداً... -تَنهض- هيا أرآكِ لاحِقاً...
وتَخرُج خارِجَ الغُرفة...
وتَبقى ميانا على حالِها صامِتةً هامِدة، لِتَتَحركَ بِبُطئٍ وتَقتَرِبَ مِنَ المرآة، وقد بَدت على وَجهِها ملامِحُ الحُزنِ وهيَ تُمسِكُ بِقَميصِها مِن صَدرِها كأنها تَعصِرُ قَلبها...
" أنتِ كالثَلج " مُحدِثةً نَفسَها بصوتٍ شَجين...
" هَل... أنا لا أعني لَكِ شيئاً إلى هذهِ الدَرجة؟.. -لِتَسقُطَ دمُوعُها- إنهُ مؤلم... -وتَشُدُ قَبضَتها- مؤلمٌ جِداً يا أُمي... تَحمُلُ شيئاً كَهذا... مُؤلم... مؤلم... "
فيختفي صوتُها شيئاً فشيئاً وتَنهَمِرُ دموعُها حانيةً رأسها، تَعتَصِرُ ألَمها بِصَمت...

إنتهى🍃~

حياة وعِرة || A rugged lifeحيث تعيش القصص. اكتشف الآن