Part 5 : وخزةٌ في صدري

41 4 4
                                    

ماو كانت صديقتي المُقربةُ قبلَ سنَتينِ مَضوا، أخترنا هَذِهِ المدرسةَ معاً، لا زِلتُ اذكُرُ كيفَ كنا سعيدتينِ عندما عرفنا أننا في نفسِ الفصل...
ماو : اوه لونا! أنا وأنتي في نفسِ الفصلِ يا لونا!
لونا تتوسعُ عينيها : اه! يالسعادتي ! هذا رائــع!!
ويحتضنَ بَعضَهُنَ ويقفزنَ بكُلِ سعادة...
لكن... مارلا كانت معنا في الفصل، وكانت تَتَعرفُ على الطُلابِ كعادتِها، فسألتنا : هووي هُنا طالبتانِ جديدتانِ أيضاً! مرحباً
ماو ولونا : أهلًا
مارلا جلست على الطاولةِ التي أمامنا : كيفَ الحالُ يافتيات؟، اوه لا وقتَ لديَ لأُضيعَهُ معكُنَ حقاً، ولكنني أُريدُ معرفةَ ماذا يعملُ والدَ كُلٍ منكُن؟
ماو : ولماذا تَتحدثينَ بهذهِ الطريقةِ معنا؟؟
مارلا ببتسامةٍ مُتعجرفة : يبدوا أنكِ لا تعرفينَ من أنا؟ انا أبنتُ مُديرِ شركةٍ كبيرةٍ ياعزيزتي! وانتُنَ ياتُرى بناتُ من؟؟
تَقفُ ماو وتضعُ يدها على صدرِها لتُعرفَ عن نفسِها : وأنا أبنتُ مُحامٍ ذا شأنٍ ياهذه!
مارلا : اوه~! يبدو ذَلكَ جيداً، -تنهض- ولكن عليكِ ان تُحسّني من كلامكِ عندما تُخاطبينني لأني مازلتُ أعلى منكِ! -تلتفتُ للونا- ماذا عنك؟ اعتقدُ أنَّ والِدكِ ذا شأنٍ أيضا مادُمتُنَ صَديقتين؟
لونا بتعابير خجل : اه هيهه فالواقع أنَّ والدي موضفٌ بسيطٌ لا أكثر
مارلا : هــاهـ ؟ -تنظُرُ لماو- انتِ تُمازحينني! كيفَ لأبنتِ مُحامٍ معروفٍ أن تَتسكعَ مع أبنتِ رَجُلٍ بسيط؟
ماو : هاه؟ ماذا في ذَلك؟
مارلا : ياإلاهي أتنزلينَ إلى مستواها؟! انتِ حقاً بلا جدوى، كُنتُ أُفكرُ بمُصاحبتكِ ولكن يبدو أنكِ مُرتاحةٌ في الطبقةِ البسيطة -وتذهب-
ماو بقيت واقفةً للحظاتٍ وكأنَ كلامَ مارلا كانَ يترددُ في ذهنِها، وجلست دونَ قولِ كلمة، ثُمَ نَظرت إلي...
ابتسمتُ لها وقُلت : بعدَ كُلِ شيء، نحنُ مازلنا صديقتينَ أليسَ كذَلكَ؟
وبتسمت لي هي الأُخرى : ...أجل
ومازلنا صامدتينِ سوياً معَ أنَّ مارلا كانت تَستمرُ بمُضايقتِنا، وأكملنا أولَ اسبوعينِ لنا على هَذِهِ الحال...
ماو تتنهدُ بعُمقٍ وتَضَعُ رأسَها على الطاولة : أشعُرُ بالمللِ حقاً
لونا : اليومُ يومُ الخميس! مارأيُكِ أن نَخرُج؟
ماو تُعدلُ جلستها : هممم فكرةٌ جيدة! نحنُ لم نَخرُج منذُ زمن!
واتفقنا بالفعلِ على أن نَخرُجَ سوياً في الساعةِ الـخامسةِ والنصفِ قبلَ غروبِ الشمس
وقد كُنتُ مُتحمسةً وخَرجتُ لأقفَ عندَ المكانِ الذي اتفقنا عليه، وأنتظرتُ لعدةِ دقائقٍ وها هي ماو قد وصلت...
ماو : لونـاا!
لونا تلتفتُ إليها : اه، -ارتسمت على وجهي ابتسامةٌ عريضةٌ ولوَحتُ بيدي- أهه ماااوو!!
ومن ثَمَ ذَهبنا سوياً، تناولنا الآيس كريم، وذهبنا إلى المقهى لتناولِ الحلوى وقد طلبنا القهوةَ كذَلكَ، كُنا نُحبُ القهوةَ الباردة، ماو كانت تُحبُها بنكهةِ الفانلا والكارميل! أما انا فكُنتُ أُفضِلُها بالشوكولا، وقد استمتعنا وتحدثنا كثيراً.
خرجنا من المقهى وها قد غربت الشمس، بعدها اتجهنا إلى متجرٍ لطيفٍ وقد أشترينا بعضَ حاجيات، ماو كانت تشتري كُلَ ماترغبُ به، بينما انا لم أملك تلك الميزانيةَ التي تجعلُني اشتري كُلَ ما أُريد، فأكتفي بشراءِ القليلِ فقط، لكنَ ماو كانت تَعرِفُ أهتماماتي وذوقي، فكانت تهديني بين فترةٍ وأُخرى هدية، أو في المُناسبات، وكُنتُ حقاً أُسعَدُ بها كثيراً، وكُنتُ أُبادِلُها ذَلكَ أيضاً وأهديها، رُغمَ أنَّ هدايَ كانت مُتواضِعة، ألا انها كانت تفرحُ بِها وتَشكُرُني بِحرارة!
كُنتُ حقاً اقولُ في داخلي، انها الصديقةُ المثاليةُ على الأطلاق! ولن يستطيعَ احدٌ أن يَهُزَ صداقتنا.
وستمرينا بالتسوقِ وتمشينا وأخيراً ذهبنا إلى المطعمِ لتناولِ العشاء، واخترنا سويةً وأكلنا سوية، وبعدها قررنا أن نعودَ إلى المنزلِ لأنَ الساعةَ هي الثامنةُ بالفعل...
ونحنُ نتَجِهُ إلى المنزل، سمعنا أحداً " اوه انظر من هُنا!"، أجل انها مارلا، حتى ونحنُ في إجازةٍ ونُريدُ ان نستمتعَ قليلاً، تأتي وتُفسِدُ الأمرَ علينا أيضاً!
مارلا كانت تَقتَرِبُ منا وبِصُحبتِها سيرا : إذاً الفتاةُ الثَريةُ مازالت تُرافِقُ الفتاةَ ذاتَ الطبقةِ البسيطةِ بعد!
سيرا : لا وهُنَ يَخرُجنَ سوياً أيضاً -ويُقَهقهن-
ماو أمسكت بيدي : هيا لنذهب...
وما أن تَحركنا خطوتينِ قالت مارلا بصوتٍ عالٍ : توقفن!
فتوقفنا ونظرنا نحوها وهيَ مازالت تَقترب...
مارلا : اوه سيرا أُنظري يبدو أَنهُنَ كانتا خارجتينِ للتسوق! ياإلاهي لونا أهذا فقط ماستطعتي شراءه؟ الا تَشعُرينَ بالخجلِ حقاً لأنكِ تَخرُجينَ مع فتاةٍ كماو؟ -ثُمَ تَبتسمُ بأبتسامةٍ خبيثة- أم انكِ تستغلينَ صُحبتَها لتشتري لَكِ اشياءً انتي لم تَستطيعي شرَاءها؟
هُنا شَعرتُ بالقشعريرةِ حقاً، وباتت ملامِحُ التَعجُبِ واضحةً على ماو، كُنتُ وكأَنني أُريدُ أن اقولَ لها "أنَّ كلامَها غيرُ صحيح!"
جَفِلتُ على الفورِ ونطَقتُ دونَ وعييٍ مني : اه! كـ كلا! أنا لا أفعلُ ذَلك! أنا حقاً لا أَقصِدُ أستغلالها!
ماو بغضب : هذا يكفي! أنا لن أستَمِعَ لكِ أكثرَ من ذَلكَ يا مارلا!
مارلا اقتربت من ماو وبدأت بدفعِها : أولاً لا تُخاطبينني بهذهِ الطريقةِ ثانياً أنتِ مُجردُ مُغفلة! -دفَعتها وأُقعتها أرضاً-
ثُمَ أتجهت نَحوي، فنظَرتُ إليها عاقدةً حاجباي...
لونا : لماذا تفعلينَ ذَلكَ بنا يا مارلا؟
مارلا : اوه يالتلكَ النَظراتِ المُشمئِزة! -وأمسكت بالأَكياسِ التي كُنتُ أَحملُها-
لونا : اه توقفي!! -حاولتُ أمساكَ الأكياسِ ألا انها أبعدتني-
مارلا وهي تَنظُرُ إلى الأكياس : تعالي وأنظُري إلى ماشترتهُ يا سيرا!
سيرا تَقتَرِبُ منها وتَنظُر : اوه ماذا؟؟
مارلا وهيَ تُخرِجُ الأغراضَ واحداً تِلوَ الآخر : كوبٌ زوجاجي، ودَفتَرُ مُذكرات، اه وماذا هُنا؟ -نظرت في الكيسِ الآخر-
سيرا : بلوفر باللون الأحمر
مارلا : من ماركةٍ رديئةٍ أيضاً...
لونا : اه... توقفنَ عن ذَلك!
رمت مارلا الأكياسَ علي : هاه، ياللشفقة، أهذا كُلُ ماستطعتي شراءه؟
ماو عادت للوقوفِ مُجدداً ولكنها كانت تَكتفي بالنظَرِ لذَلكَ الموقفِ العارٍ، أحسستُ حقاً بشعورٍ يَخنُقني، أنني أَقِفُ أمامَ فتياتٍ أعلى مني مرتبةً، وإحداهُنَ صديقتي التي بدوتُ أمامها كأني أستغِلُها، أحتضَنتُ أكياسي بقوةٍ وكتفيتُ بالنَظرِ إلى الأرضِ وانا أتمنى الأختفاء
مارلا تُخاطِبُ ماو : وهَل أنتي كَذَلكَ تَشترينَ مثلَ هَذِهِ الاشياءِ الرديئةِ الرخيصةِ ياتُرى؟
ماو بِغضب : هذا ليسَ من شأنِك!
سيرا : لا بُدَ انها تَفعلُ ذَلِكَ لكي لا تُشعِرَ صديقتَها كم هيَ بائسة
مارلا بضَحِك : يا إلاهي انتِ مُحقةٌ يا سيرا! انها تَحرِمُ نَفسَها من الخروجِ مع صديقتِها لشراءِ الماركاتِ العالميةِ والمُنتجاتِ ذاتِ الجودةِ العاليةِ فقط لأجلِ صديقتِها المسكينة! -قالت ذَلكَ بنبرةِ تباهٍ-
سيرا : أنهُ الفَقرُ يا عزيزتي -ويضحكنَ بسُخرية-
ماو : هذا يــكفـي!! -ثُمَ تَذهَبُ على الفورِ بِخطواتٍ مُسرعة-
نَظرتُ لمارلا وسيرا خيفةَ أن يَعترضنَ طريقي، ولكنني ذَهبتُ مُسرعةً خلفَ ماو...
ضحكت مارلا وقالت : أُنظري أنها تبدو كالخُنفسِاء! -وبدأنَ بالضحك-
ولكنني لم آبه لهُنَ وأكملتُ وراء ماو...
مشينا لعدةِ دقائقَ دونَ أن نَنطُقَ بكلمة، وماو لم تَلتفت لي أبداً، وأخيراً قَررتُ أن أتكلم، فناديتُها...
لونا : ماو؟... -لم تُجب- ماو!
ماو توقفت وردت بصوتٍ عالٍ وبنبرةٍ لم أعهدها : ماذا هُناكَ يا لونا!
جَفِلتُ حقاً من ردةِ فِعلِها تلك :... هل أنتي بخير؟... -هي لم تُجب فأكملتُ وأنا أقترِبُ منها- أنَّ ماقالنهُ غيرُ صحيح، أنا لا أُفكِرُ بستغلالِكِ أبداً يا ماو... وأنتي لم تُفكري بالطريقةِ التي قالتاها أليسَ كذَلك؟... -قُلتُ ذَلكَ وأنا أبتسمُ إبتسامةً طفيفةً مُحاولةً مواساتَها-
ماو :... ربما كانَ صحيحاً...
سُرعانَ مازالت تِلكَ الابتسامةُ لتَتَحولَ تعابيرُ وجهي إلى الأستغراب : هاه؟...
التفتت ماو إليَ أخيراً وأكملت : ...أنا حقاً أُحاولُ مُراعاةَ مشاعِرَكِ ولا أذهبُ للأسواقِ التجاريةِ الضخمةِ لأنني أعلمُ أنكِ لا تَقدرينَ شراءَ مايحلوُ لكِ هُناكَ لأنَ أكثرَ الاشياءِ باهظةُ الثَمن
لونا :... -وأبتسمتُ مُجدداً- ولكن، هذا لُطفٌ منكِ يا ماو...
ماو : ...على الرُغمِ من مَعرفَتكِ ذَلك، أتودينَ الأستمرارَ بمُرافقتي؟...
لونا : ...ولكن يا ماو... نحنُ صديقتينِ بعدَ كُلِ شيء... صداقتُنا لا تَعتمدُ على المرتبةِ او المادية... أليسَ كذَلك؟
ماو : ولَكنَكِ يُمكِنُكِ إجادُ صديقةٍ تُناسِبُكِ أكثرَ مني...
خفَقَ قلبي بشدةٍ عند سماعِ ذَلكَ منها، وكأنها تَقولُ لي "أنا لم أَعُد صديقَتَك"، بطريقةٍ غيرِ مُباشرة...
لونا :...ماذا.. تقصدين؟...
ماو تنهدت بِعُمق : على أيةِ حال، لنَعُد للمنزل، لقد تأخرَ الوقت، إلى اللقاء...
وذَهبت في حالِ سبيلِها ولم تَلتَفت لي، وقفتُ لعدةِ ثوانٍ في مكاني دونَ حراكٍ وأنا أنظُرُ للأسفل، كانت الكثيرُ من الأفكارِ تَجولُ في ذهني، وأَوقفَها صوتُ رنينِ الهاتف!
أنها أُمي؟ ياإلاهي الساعةُ 8:49! أجبتُ على الهاتفِ وأنا أركُضُ مُسرعةً إلى المنزل، وصلتُ وذَهبتُ إلى غُرفتي، لم أستطِع النومَ تلكَ الليلة، بقيتُ أُفكِرُ بما حَدثَ معنا، أنَّ مارلا حقاً قالت أشياءَ ثَقيلةً على القلب...
ماو لم تُرسل لي شيئاً بعدَ هَذِهِ الحادِثة، كُنتُ حقاً أُريدُ أن أُراسلَها، ودَخلتُ إلى جْهةِ دَردَشتِها عدةَ مراتٍ وكَتَبتُ "مرحباً؟ كيفَ حالُك؟" ولكنني أَعودُ وأمَسحُ الرسالةَ عندما أتذكَرُ قولها " يُمكِنُكِ إجادُ صديقةٍ تُناسِبُكِ أكثرَ مني"، آهــ أنهُ شُعورٌ غيرُ مُريح...
يومَ الأحدِ جاءَ أخيراً، كُنتُ أنتَظِرُهُ بِفارغِ الصبرِ فقط لأرى ماو، آملةً على أن أجدَها بحالٍ جيدة، لقد أرسلتُ لها بالفعل "صباحُ الخير!، كيفَ حالُكِ اليوم؟، أنتظريني اليومَ كالمعتادِ لنَذهبَ إلى المدرسةِ سوياً!" ولكنَها لم تُجبني، عندما وصَلتُ إلى المكانِ الذي نلتقي فيهِ عادةً، لم أجدها، شعرتُ بذَلكَ الشُعورِ الغيرِ مُريحٍ مُجدداً...
لكنَ ذَلكَ الصوتُ في داخلي، مازالَ يَقولُ لي "لا بأس! سأراها في المدرسةِ وهي بالتأكيدِ ستكونُ بخير، وسَيَعودُ كُلُ شيءٍ كما كان" وأتجهتُ إلى المدرسةِ مُسرعة، عندما دَخلتُ الفصل، وجدتُها كانت تَتحدَثُ مع إحدى الطالباتِ وكانت تَضحكُ بكُلِ طبيعية! سُعِدتُ لذَلكَ ثُمَ ذَهبتُ إلِها وألقيتُ التحيةَ بِكُلِ مرح...
لونا : صباحُ الخير!~
ألتفتت أليَ ماو ولَكنَ تَعابيرَ وجهِها قد تَغيرت تماماً ؟ كانت باردةً كالثلج : اوه، أهلاً... -وخاطبت زمِلتَها- إذاً عن إذنك
وذهبت إلى طاولتِها...
لقد عادَ ذَلكَ الشُعور، ووخَزني في صدري، أتَجهتُ إلى طاولتي التي كانت بجانبِ طاولةِ ماو وجلَستُ أَنظُرُ إلى ماو التي كانت تَضَعُ كَفَها تَحتَ خدِها وتَنظُرُ في الجهةِ المُعاكسة، كُنتُ أُريدُ أن أقولَ لها " مابكِ يا ماو؟، لماذا تُعاملينني هَكذا؟ هل أنتِ بخير؟" ولَكن، كأنَ هُناكَ مايُمسِكُ لساني، بقيتُ صامتةً لعدةِ دقائق، حتى أخيراً تَغلبتُ على ذَلكَ الشُعورِ ونَطقت...
لونا : هل انتِ بخيرٍ يا ماو ؟...
ماو نظرت لي : أحببتُ أن أقولَ لكِ شيئاً يا لونا
لونا : ما هو؟
ماو : أنسيني يا لونا...
آه، تلكَ الوخزةُ كانت تؤلم...
لونا : ...ولماذا؟...
ماو : أنهُ افضلُ لكِ ولي... -ونَهضت من على كُرسيِها-
أشعُرُ وكأنني تَحطمتُ منَ الداخل، كلا بل تَحطَمتُ منَ الداخلِ بالفعل...
التزمتُ الصمتَ لساعات، ونظَرتُ للأَسفل، وشردتُ أُفكِرُ بذكرياتِنا، أحقاً لن نَستمرَ كما كُنا؟...
حقاً بعدَ ذَلكَ اليوم، أنا وماو لم نتكلم مع بعضِنا أبداً، كُنتُ وحيدة، وهي كَذَلكَ كانت وحيدة، وكانَ كُلٌ منا تُحاولُ التعايُشَ مع هذا الوضع، أما مارلا فَكُنتُ أُلاحِظُ نَظراتَها من بعيدٍ وهيَ تَبتَسِمُ وكأنَها تَشعُرُ بالأنتِصار، كُنتُ أسألُ نفسي حقاً، " مالذي جَنتهُ مارلا من أفسادِ صَدَقتِنا؟"...
الصوتُ الذي كانَ يَقولُ لي "لابأس، كُلُ شيئٍ سَيعودُ كما كان" اصبحَ يقولُ ليَ اليومَ "ياليتَ هذا لم يَحدُث، ياليتني لم ألتقي مارلا!، ياليتنا لم نَختر هَذِهِ المدرسة!"...
وهَكذا مرَ شَهرٌ كامل...
حتى ذَلكَ اليوم، الذي جاءت فيهِ مارلا وقالت لماو : اهلًا ماو! اراكِ وحيدةً هَذِهِ الفترة؟... -ماو لم تُجب، جلست مارلا على طاولتِها وأكملت حدِثَها- مارأيُكِ بالأنضمامِ إلينا؟
قُلتُ في داخلي "من المُستحيلِ ان تنظَمَ ماو لهُن" لكنَ ردُ ماو سَعقني
ماو أبتسمت أبتسامةَ غرور : ولما لا؟ سنكونُ ثُلاثياً رائعاً...
وقفت مارلا وصفقت : أههه!! تُعجبينني يا ماو! أذاً انتي من الآنِ وصاعداً صديقَتُنا! أهلاً بك!
وقفت ماو ثُمَ نَظرت إلي، سرعانَ ما نَظرتُ إلى الأسفل، ولَكنَ عيناي مازالتا مُتَوسعتانِ من المُفاجأةِ التي حَصلت أمامي!
مارلا تُخاطِبُني : اووه~ إذاً صديقَتُكِ أصبحت صديقَتنا الآن~ لكن أنت أبقَي بعيدةً عنا رجاءاً لأننا لا نُصاحِبُ أمثالك!
ماو : هي لم تَكُن صديقتي أساساً
لقد شَعرتُ بوخزةٍ مرةً أُخرى، كلِماتُها كانت كالسِيفِ الذي يَطعنُ قلبي ويؤلمُني!
مارلا ضَحِكت بصوتٍ عالٍ : تُعجبينني حقاً يا ماو!!
سيرا : أَستَغرِبُ حقاً كيفَ تَحملتي أن تَتَسكعي مع هَذِهِ الفتاة؟
ماو : اوه كُنتُ حقاً غبية، لا عليكُنَ فأنا الآن أستوعبتُ من أكون، وتَعلمتُ كيفَ أختارُ أصدقائي بعناية
وبدأنَ يُصفقنَ لها ويَضحكن، كُنتُ أضحوكةً لهُن، وكانَ الجميعُ يُتمتُمُ بموضوعي ويَسخرُ مني، وأيضاً هُنَ بدأنَ بالتنمُرِ علي، كُنتُ ادخُلُ أحياناً وأجدُ خرابيشاً على طاولتي مكتوبٌ "عرفتي قيمتكِ الآن؟ اوه يالَلَفقر، انتي في الأسفلِ حقاً" وأشياءَ أُخرى، واحياناً أجدُ طاولتي مليئةً بالنُفايات، أحياناً يوقِعنَني بالرواقِ وأحيانا يُخبأنَ اغراضي او يُتلفنَها، والكثيرَ الكثير، في البدايةِ كُنتُ اتكلمُ واقولُ لهُنَ "لماذا تفعلنَ هذا؟" ولَكنَ هذا يَزيدُ الأمرَ سوؤاً، لذلكَ بدأتُ ألتَزِمُ الصمت...
واستمرت هذه الحركاتُ لمُدةِ شَهرينِ تقريباً حتى أعتدتُ عليها...
وكانوا يفعلونَ ذَلكَ مع كُلِ طالبةٍ تَقِفُ في وجهِهنَ حتى يُسكتنها ويجعلنَها تخافُ مِنهُن...
وهكذا، أنتهت علاقتي بماو، باعت صداقتنا التي استمرت سنةً كاملة، وباعت ذكرياتِنا الجميلةِ معَها...

أنتهى🍃...

حياة وعِرة || A rugged lifeحيث تعيش القصص. اكتشف الآن