القلق ينشب قلبها ، دموعها عرفت طريقها لوجنتيها ، صوت شهقاتها يعلوا و يعلوا ، الالم يغزو كل ذرة بجسدها ، فهى ليست أي أحد ، هى فلذة كبدها و حبة قلبها ، هى "فريدة"
ظلت تنتحب و تضرب بيدها على قدميها ، مر وقت طويل ولا أحد يأتى لكى يطمئنها ، لفت انتباهها ابنها يدخل عليها ، مطأطأ الرأس و الحزن يكسو معالم وجهه .
انتفضت من مجلسها فجأة
-عملت ايه يا بنى ؟
-دورت عليها فى كل مكان ، سألت فى الاماكن اللى بتروحها ، ملهاش أثر .
ازداد انتحابها مرة أخرى ، بكاؤها يزداد أكثر لم تعد قادرة على الصمود ،ردت بصوت متقطع من أثر البكاء -أختك مش بتروح مكان غير لما تقولى ، تكون راحت فين ؟
شرد فى نقطة ما بالفراغ ، فقلقه على أخته يغزو كل ذرة به منذ أن حَلَ الليل عليهم ولم تصل "فريدة" الى الان .
قاطعهم صوت طرق على الباب ، أسرع "أسامة" فى فتح الباب لعل تكون أخته لكن ملامح الخيبة سيطرت عليه
-عملت ايه يا محمود ؟
-سألت عليها فى المراكز و المستشفيات حتى الكافى اللى بتروحه ، محدش يعرف عنها حاجة .
قامت "فردوس" من جلستها و مسحت دموعها بشئ من العنف
-أنا هروح أدور على بنتى ، محدش فيكم عارف يلقيها .
بادر "محمود"سريعاً بامساك خالته من كتفها ، محاولاً تهدئتها من روعها و قلقها.
-عشان خاطرى يا خالتى ، اهدى بس و هنسأل عليها ت...........
قاطعهم وصول رسالة لهاتف "أسامة" قام بفتحها لكن سرعان ماتبدل حاله للذهول ، تشنجت قسمات وجهه برعب ، ذهب له الاخير متسائلاً لكن عندما قرأ الرسالة النصية ارتم على الكرسى بخيبة و ألم ثم وضع يده على وجهه فى حزن .
حينها اضطربت "فردوس" أكثر من ثم وزعت نظرها لكليهما
-مالكم عاملين كدة ليه ، أختكم حصلها حاجة
نطقت بآخر حروف كلماتها بصراخ .
عند عدم تلقيها أي رد منهما ،أخذت الهاتف منه بعنف
"بنتكم هتفضل ضيفة عندنا شوية ، لحد ما المحروس أبوها يرد علينا و يدينا الامانة بتاعتنا و الا بقى اقرو الفاتحة عليها "
جلست "فردوس" بصمت و مازال الهاتف فى يدها ، أعصابها أُرخَت تماماً لم تعد تشعر بشئ حولها ، دموعها فقط هى من تعبر عن مكنونات قلبها ، ظلت صامته لا تتحدث الى أن جلس أمامها ابنها ويهزها برفق لعلها تتحدث اليه ، نقل بصره ل"محمود" ثم الى والدته -أمى اتكلمى قولى أي حاجة متفضليش ساكتة ، طب زعقى اصرخى .
أخذ يحرك يدها ولكن لا توجد أية استجابة منها ، فقط دموعها و صمتها****************
البرودة تقتحم أوصالها ، كل ذرة بجسدها مليئة بالانكسار و الالم ، تجهل كل ما يحيط بها ، الحوائط التى تحاصرها و الغبار المليئ بكل مكان حتى تلك البرودة ، حيث ما إن وصلت لذلك القبو و تجهل سبب وجودها و هؤلاء الاشخاص ، فقط هى و دموعها و الصقيع بداخلها و خوفها .
أخذت تتحرك فى كل مكان لعلها تجد أي مخرج لها و لكنها يأست محاولتها ، عادت الكُرَة مرة أخرى حتى وجدت نافذة صغيرة أعلى القبو ، حاولت الوصول اليه بمشقة مع قصر قامتها ، باءت محاولاتها بالفشل مرة أخرى الى أن وقفت على أطراف أصابع قدمها حتى وصلت لجزء صغير من النافذة ، أخذ صوتها يعلوا لعل أحد يسمعها ، فضافت لمكنونات مشاعرها "اليأس" .
انتبهت حواسها فجأة لصوت أقدام تقترب ، عادت لجلستها مرة أخرى بل تضاعف خوفها ، التفتت لفتح الباب مع صوت صريره الى امرأة تقف و بيدها صنية طعام ، اقتربت منها
- كلى يا حبيبتى الاكل دة ، أنتى مكلتيش حاجة واصل .
نظرت لها و دموعها كبحيرة على وجنتيها
-أنتو خطفتونى ليه و انتو مين أخذ شهيق بكائها يعلو و بتقطع
-أنا معملتش حاجة لحد .
ربتت على كتفها حتى تبث لها الطمئنينة ولو بمقدار بسيط
-هتعرفى كل حاجة فى وقتها ، محدش هياذيكى ، أنا لازم أمشى بس هجيلك تاني .
انحت رأسها على ركبتيها فى شجن بدى على وجهها وهى تتخذ وضعية القرفصاء فى خوف .
نظرت للطعام ، فقد فقدت شهيتها ، من تأتى له شهية فى موقفها هذا !
اقتربت من الباب خلسة و ببطئ لعلها تسمع الاصوات التى اخترقت اذنيها
لكن مازال اليأس مرافقها فلم تتمكن من سماع الصوت بوضوح .
أنت تقرأ
اللحن الحزين
Romanceلطالما كانت حبيسة غرفتها بين ذكرياتها و كتبها ، سجينة فى شغفها بالفن. وكل من يحيط بها كان له نصيب من بهجتها و مرحها. تجهل مواطن الحياة و مشقتها فغلبتها الأوضاع و أصبحت أشد قسوة عليها فصارت وحيدة بين عدة جدران تجهلها. فكانت رفيقاتها الحانه العذبة ،...