اغتصاب حلم ⚘

92 2 0
                                    

كان لقائي بها صدفة، وأنا في زيارة لعيادة الطبيب، للكشف عن صحتي. جلست أنتظر دوري وأنا متدمرة. أكره الانتظار، وأمل الجلوس لساعات، دون التحرك من مكاني. لكن الضرورة أحيانا تفرض علينا أن نستسلم لما لا نحب الوقوع فيه. والانتظار ما كان محببا عند أحد . لكن متى كنا مخيرين؟ غصبا عنا نحيا تحت رحمته. فحتى أيامنا التي نقطعها، كلها مرهونة بشيء اسمه الانتظار. انتظار بسمة تعلو محيانا، أو شعاع أمل يخترق زجاج نوافذنا. فيملأ قلوبنا حياة ويحيي أرواحنا بعد انطفاء.

وبينما أنا في حديث مع نفسي، لفت انتباهي فتاة جميلة في مقتبل العمر. كانت ترتدي ملابس بسبطة، وهي تبدو كطفلة. تجلس لوحدها منعزلة عن باقي النساء، اللواتي كن يثرثرن دون توقف، وكأن في جعبتهن راديو. يتكلمن في كل شيء، وعن اي شيء تافه، المهم يقتلن الانتظار الممل.

اقتربت منها أظنها بعمر ابنتي، قربت على العشرين. سألتها مما تشتكي. أجابتني أنها جاءت للكشف عن نفسها فهي تود أن يرزقها الله بطفل. صعقت وانا اسمع منها ذلك فهي ما زالت صغيرة. أكملت كلامها قائلة، أنها حديثة الزواج. وقد أرادت أن تتابع هنا، بعد أن سقط منها جنينها السنة الماضية، قبل أن بحمل نفسا بين جنبيه يتنفسها. ربما كان ذلك خيرا هذا ما طمأنتها به.

استرسلت المسكينة في الحكي، لتخبرني أنها تركت دراستها. لتدخل بيت الزوجية، ظنا منها ستجد الحياة كلها مفروشة بالورود . لكنها صدمت من بعد تعرضها لذلك الحادث، الذي ترك جرحا عميقا في قلبها. خصوصا أنها لم تحمل من بعده. فازداد خوفها على حياتها الزوجية، التي باتت مهددة. فحتى زوجها ما عاد يهتم لشأنها. تركها لتواجه المسؤولية لوحدها . لا هو خفف من معاناتها ولا رافقها عند الأطباء للكشف .

أحسست بغصة في حلقي. ابتلعت ريقي بصعوبة، لأواسيها. وأخبرتها أن لا تستسلم، بل تعتمد على نفسها وتواجه الحباة لا أن تتركها تجر البساط من تحت قدميها، وهي مكتوفة اليدين. فما حدث لها، يحدث للكثير من النساء في بداية زواجهن . ما حز في قلبي كيف للمرأة أن تظل تحيا تحت رحمة شيء ليس بيدها ؟ فالقدر هو من اختار لها ذاك المصير. لماذا نحاكمها ؟ ولماذا الرجل في تلك الحالة يستقوي عليها ولا يرحم ضعفها ؟

كيف لطفلة أن يغتصب حلمها وتخذل في بيت الزوجية؟؟ وقد دخلته كوردة جميلة متفتحة. كانت أمنيتها أن تهذي عبقها وتعطر كل من حولها بشداها . ما سمح لها بذلك مع الأسف. لتنحني وتذبل فتقسط أوراقها قبل آوان قطفها.

عدت منكسرة الخاطر الى حال سبيلي، وبداخلي كم من الغضب. تمنيت أن تبنى بيوتنا على أسس متينة، على مبادىء وأخلاق، قبل أن نأثتها بأفخر الأثاث . أن يسود الحب، ويملأ القلوب، ونلتحف بلحاف من الرحمة والحنان، بدل القسوة والأنانية .

#سميا_دكالي

خواطر 🍃حيث تعيش القصص. اكتشف الآن