آلْـحلقةْ آلثانيّة عشَر

3.9K 81 0
                                    

وَصِيّةُ جَدِي

آلْـحلقةْ آلثانيّة عشَر (١٢)

~صَآبريّن~
حسيت إن في جوفها كلام، وفعلًا، ما خابشّ إحسَاسي، فوتتّ شَوية وقالتّ :  يا بنيتيَ أني والله نبي نكلمّك في حويجهّ، ومتحيّرة كيَّف بنحكيهالكّ .. نخافكّ تتحززيّ منها.
سكتتّ شَوية، وكأنها تستنَى فيّا نشجعهَا، بلعتّ ريقي بهدوء، وقُلت : تعرفينيّ يا حنيّنَة .. تكلمَي وخودي راحتك.
تنفستّ بقوة، وقالت : والله مش عارفة شنّ نقولك .. المنجوهّ *آدمْ* يدير الحاجة بدُونّ ما يشغل عقلهَ.
سكتتّ شَوية وبعدين كمّلت : حكاليّ على سفرهّ وشغله، وحكالي إنك معارضة وما تبيشّ ..
"من حقك يا بنيتي" لحقتهَا بسُرعة بعد ما وقفتّ عن الكلام للحظة.
حسيّت إنّ دموعي تجمعُو في عُيوني بِقُوة، لما رجعتّ تتكلم بإسترسَال : لكنّ يا بنيتيّ البعاد يغلضَ القلوب .. يا بنتيّ المرا مكانهَا مع راجلهَا، إنتي رآجلك ما شاء الله قادر يرفعك معاهّ، ورايدك معاهّ .. تمشي تونسيهّ غادي، ما يحسشّ إنه برُوحه ومتغرب .
تطايحُو دمعاتي بهُدوء، بلعتّ ريقي بغصة، وقلت بصوت متحشرج : يا حنينَة القصة مش هكي .. والله ما على هكي.
قالت بتعجب : إمالا شنو يا *صآبريّن* ! ..
وكمّلت بحنيّة : هدرزيلي يا بنيتي .. أني بحسبة إميمتكّ .
رديت بإنفعال ودموعي قاعدينّ ينزلُو برتابَة : ما قاليشّ .. لما بيسَافر ما كلفشّ رُوحه حتى قالي قبلهَا .. باهي أني مش مرته يا حنينَة ؟ ، مش المفروض نعرف بكل صغيّرة وكبيرة يديرها وتصير معاهّ ؟
تمتمتّ "معاك حق .." ، كمّلت بصوت واضح : معاك حق، صح ..
بصوت حنون، وكأنها تحاول تقنعني قالتّ : لكنّ مع هادا، خليّك إنتي أحسن منه .. أني عارفاتهّ وليدي هادا ؛ والله عقله ما في راسه، ما يشَاور في حد، ويدير ما في دماغه .. لكنّ يا بنتي كانَّ إنتي كابرتي، وهو كابر معاش بتمشُو القدام ..
كمّلت وقالت كلام من نُوع "معليشي هو متغربّ على خاطرك وعلى خاطر الوليّد اللي في بطنك"
"تحمّلي يا بنيتي"
"بري ونسيهّ كلهَا شُهُور وتروحُو .."
آخر جُملة حسيتهَا اخترقت قلبي بقُوة، هو مقرر إنه حيقعد، بمعنى إنهّ حيستقر غادي !
حاولتّ ننهي المُكالمَة بأقصى سُرعة نقدر عَليها، قبل ما ننهار .. ننهار، ونبكي.
لكنّ في لحظاتّ صغيّرة، صعُب عليّا إني نتماسكَ أكثر، صعُب عليّا إني نقوى أكثر، بديتّ نبكي ونطّلع في أصوات غريبة.
كنتّ نسمع فِيهَا تَقُول "العفو ! خيرك يا بنيتي .. غيّر هدي روحك، ليه عليك تبكي ؟"
ما قدرتش نجاوب، كانّ كل شَي ضبابي حواليّا، وصُوتي وكأني إنخلقت بدونه!
عشتّ، وحسيّت بأني مش مُهمة، ورأئي مش مُهم، وَإِنَّ أني ما عنديش ولا كلمّة، ولا فعل، ولا تصرف، صُورَة بس .. صُورة في إطار حلو، مُلفت، خاص بِـ*آدمْ* .

واستني بشَوية كلمّات لما هديت، "معليشي" "والله الغربة ما تنحسَ مع الحبيّب" وشددتّ على "ما تكابريشّ يا *صابريّن*، ما ليّك إلا راجلك، وراجلكّ ما ليشيّ إلا إنتي" وآنهينَا المكَالمة.

ﻭَﺻِﻴّﺔُ ﺟَﺪِﻱ‏ بقلم #ألآء‏ ‏(الجزء الاول+الجزء الثاني)رواية ليبية  (مكتملة)💚حيث تعيش القصص. اكتشف الآن