آلْـحلقةْ آلثالثة عشَر

4.1K 79 0
                                    

وَصِيّةُ جَدِي
آلْـحلقةْ آلثالثة عشَر (13)

~صَآبريّن~
وقفت قدامها وقُلت بهمس واضح : خير إن شاء الله، شنّ صاير !
فكتّ وشاحها اللّي لافاتهّ بإهمال وقالت بتنهيدة كبيّرة : بنمشيّ لتُونس السِبتّ .
حسيّت إنّ دقات قلبي السريعة ما مشتشّ هدِر، تأكدليّ هالشَي من ملامحهَا، ومنّ حركة عيونها .. ديمّا إحسَاس الأنثى عالي، وفي أغلب الأحيان يساعدهَا على فهّم أمور منّ غيرّ ما تنفتحّ قدامها بوضُوح !
بلعتّ ريقي بعشوائية, وقُلت بعد ما رمشتّ عيني مرتينّ, وشديّت على الترميشهّ الثانيّة بقلة صبر : خويلة *ندى* فيهَا حاجة؟
ما كنتشّ حنتحمّل لو كانّ الجَواب "ايه" , كنتّ حننخرط في موجة من فقدان الأعصاب، زفرتّ بعُنف وقعمزت بحداها لما قالت : لا لا .. لكنّ صوتهَا ما عجبنيّش  .. *وئام* بتنخطب .
قالتّ الكلمتينّ الأخيراتّ وهي تتفحص فيّا بنظرة ثابتة وجامدة , بهُدوء همستْ : لـٍ*بهَاء* ؟
بهزوة قالت : ما قالتلكشّ إمالا ؟
عُرفتّ ماما كيّف تحسسّ عليّا بوحشيّة وعنف، سؤالهَا كانتّ عارفة جوابهّ ضمناً, لكنّ حبهَا لإنها تحاصر الشخص في زاوية الـ"مُستغفل" يخليهَا تطالب بجواب مني ..
هزيتّ راسي بـ"لا" , وقُلت : ربي يهنيهَا ويتمملهَا على خيّر .
رفعتّ حواجبها بعدم إعجاب لليّ قُلتهّ، تداركتّ الوضع وقُلت وأني نتحرك جهة الباب : بننزل .. مش حلوة *مُنى* قاعدة بروحهَا .
طلعتّ بدُون ما نشوفلها ، وقفت في بداية الدروج لدقايق نفكر .. لكنّ ما عرفتشّ في شنّ نفكر بالزبط؟ .. كان الحدث مُبهم، مُشتت، وغير واضح.
غمضتّ عُيوني وتنفستْ الصُعداء, ونزلتّ ..
أول ما خشيّت , قُلت : *مُنى* هي تعالي معاي للمطبخ نحطُو العشي اللّي جاباتهّ ماما .
- باهي هيّ ..
وقفتّ وتحركتْ أني وياهَا جهة المطبخ, قالتّ بهُدوء : *بينَا* ..
قبل ما تكمّل طلعت مني ضحكة طويلة, قالت بإستفسَار : خيّرك ؟
- *بينَا* هههههَ, ما توقعتكشّ تقولي *بينَا* .
نخصتنيّ من كتفي بلُطف, وقالت : كلهم يقولولك هكي .. وأخف بصراحة .
- ههههَ، إيه والله عندك الحق .. اسمي كأنهّ تعبيّر .
- ههههههههَ، لا مش قصدي ..
ضربتّ كتفي بكتفهَا بهُدوء , وقُلت بغمزة : عادي يا بنتيّ .. راهُو إنتي مرتّ خُوي ..
تغيرتّ نبرتي، وقُلت بجديّة : على سيرة خُوي .. اليُوم ما شفتش *رامي* وينه؟
تنحنحتّ وهيّا تحط في البيتزا في الصُونية، وبعدينّ تكلمت بصوت هادي جدًا : قال بيسهر مع الشَباب .. صغار عمّك بالك.
- آهّ , باهي كويس .
شبحتليّ شَوية وقالت : وين العصيّر .. مش كويس ليّك إنتي الغازات .
- في الثلاجة .
تنحنحتّ وأني نراقب فيها، استغفلتهَا بسؤالي وهي تتحرك : متضايقة؟
لفتليّ وعلى وجهها ملامح الاستغراب، قالت بضحكة صغيّرة : منّ شني ؟
هزيت كتافي, وقوستّ شفافي لوطا, طلعُو كلماتي بهدوء : يعني .. من فكرة إنه مَا يكونش معاك طُول الوقت, أو منشغل عليّك من الصبح !
رسمتْ إبتسامة على شفافهَا وهي تقرب مني, وقالت : مش معنى إني إنحبه نقيّده .
ضحكتّ بهُدوء, وخلالها كملتّ : ومش معنى إني مش مقيداته يعني مش هامني, وما نستاحشش فيه, وما نبيشي طول الوقت معاي, وينشغل بيّا أني  .. لكن في نفس الوقت لما هو ينشغل وأني ننشغل, بغض النظر على شنّ كان إنشغاله, لما نرجعُو حنلقُو على شنّ نتكلمو ونهدرزُو وشن نحكيله .. يعني حيكون شي جديد, مش إن شن دار في شغله, وأني شنّ درتّ في المطبخ, وشن طيبت .. وشن نظفتّ !!
كنتّ مستمعة جيدة وصبُورة, لدرجة إنها لما سكتتّ شوية استنيتها لحتى استئنفت الحديث ورجعت قالت : لمّا نحط راسي عَ المخدة في آخر اليوم, ونقعد نسمعله شنّ دار وشنّ يبي يدير .. شنّ شاف جديد, شنّ عجبه, شن الشي الليّ نضاف لذوقه, لتفكيره .. يخليني متحمسَة إني نسمعله, لأنه مش كلام روتيني ..
بلعتّ ريقي بهُدوء, وقُلت : أني مشكلتي الأساسية مع *آدم* إنهّ مَا يعطيّش فيا المجال إني نشاركه أي جزء من حياته, غير وظيفتي إني نكون مرته .
- وإنتي؟
ضيقت عُيوني, وقُلت : شُنو أني ؟
- وإنتي تشاركي فيه؟
سكتتّ للحظات, ورجعتّ بذاكرتي لهلبا حاجات .. تكلمّت هي : حتى شعُورك, مش ضروري يكون شي مادي!
بإستغراب قُلت : كيف شعوري يعني؟
زمتّ شفافها على جنب, وقالت : مممّ, يعني مثلاً, وإنتي كنتي تضُمي حسيتي إنك استاحشتيه تشاركي فيه هالشعُور !
- لا, في أغلب الحالات، لا .. يعني لأني نخاف منّ صده .. أو مش من صدهّ ..
سكتت شوية نستجمع في كلمة مُناسبة, كمّلت لما لقيتها : إنهّ يكسفني فهمتيهَا ..
- كيف يكسفك؟
- يعني ما يردش عليّا، أو يتجاهل ويرد بكلام ثاني !!
-  نوعاً ما, هادا بناء لحواجز ما بينكُم .. لو إنتي ما قدرتيّش تكسري حاجز معاهّ, حتى لو على حساب إنه يكسفك, الحاجز حيتضاعف ويوليّ حاجزيّن، وهكذا ..
تشكل على وجهي علامات خيبة, وقلة حيلة .. قالتْ بهُدوء : إنتي علاش ما سافرتيشّ معاه؟
استغرقت مدة زمنيّة طويلة –نسبياً- للرد على سؤال بسيط للكُل, ومُعقد ليا ..
وأول كلمة كنتّ حنقُولها من جوابي، قالتهَا ماما بلسانها وهي تخُش للمطبخ :قاعدة ما حطيتيش !! خيرك؟ عشاكم بيبرد .
بإبتسامة بسيطة قُلت : أهو بنحطُو غير لهينَا بالدوة .

ﻭَﺻِﻴّﺔُ ﺟَﺪِﻱ‏ بقلم #ألآء‏ ‏(الجزء الاول+الجزء الثاني)رواية ليبية  (مكتملة)💚حيث تعيش القصص. اكتشف الآن