آلْـحلقةْ آلحَاديّة عشَر

3.8K 94 0
                                    

وَصِيّةُ جَدِي

آلْـحلقةْ آلحَاديّة عشَر (١١)

~صَآبريّن~
خدت مني *سَايا* الحلو بعد ما سلمتّ عَلَيْهَا، قربت من ماما اللّي قالت بإستغراب لما شافتني : خيّرك جايتينيّ ووجك أبيض؟
مديت إيدي بقصد نسَلم، قعدتّ معلقة لثواني بدلتّ فيهُم أي بادهَا من يمينها ليسَارها، قُلت خلالهم : حاطهّ ، لكنّ مش مثقله.
شدت إيديّ بكسَل، وقالت : شنّ صار معاك أمس؟
ابتسمتّ بهدوء، وقلت : تو ليّن نمشي نتأكد.
حسيّت عيونهَا لمعُو، ما عرفتشّ، هل هو أثر الفرحة اللّي دستهَا -ممكن- ! ، قالتّ : ما تطوليّش هلبا، بري حتى غدوا .. وفرحي بُوك.
ضحكت بخفة، وقلت : بنمشي نحَول . 

ركبتّ لداريّ، اللّي قاعدة محافظة على كُل أركانها زيّ ما خليتهَا .. رقدتّ عبايتي على السرير، وفكيّت وشاحي ولوحتهّ فوقها، فركت شعري وحررتهّ من شدتهّ، وبديت في مراسم تدكيّن المكياج.
الساعة ١ الظهر -مزبوطة أو مرتّ منها دقايق- كنّا (*سَايا* وأني وماما وحنينَة وسُؤالها المتكرر "ما فيش حويجهّ؟" والغدي) جاهزيّن لإستقبال *رامي* ومرتهّ *مُنى*.
*منى* اللّي تعتبر غريبة علينَا، واللَّي ما يعرفهَاش حد إلا بالعلاقاتّ الرسميّة، اللّي كانتّ (خطُوبة، بيانّ، نجمَة).
"شكلهّ يحبهَا" ، "هو يبيهَا" ، "طاح على وجهّ الباين"، كانّ هادا تشخيصّ العيّلة بالنسبةّ لحالة *رامي* اللّي اعتبرُوه حالة شاذة من كم من حالة شاذة معدودة من زيجات العيلة من برانيّة.
بالنسبة ليّا، كانّ موضُوعه عادي، هو يحقله يآخد من يريده، بالرُغم من إني -ولازم الحُكم- لو كنتّ شاب ما كانتشّ حتلفتّ إنتباهي ..كانتّ عادية جدًا.
كانو عيُون ماما -لازالو- محتفظين بلمعتهُم اللي نسبتهَا للفرح، استغربت إن كيف بإمكانها تكبح زمامّ فرحتها -اللي تمثلت في حدثين لليوم- وما عبرتشّ عليهّا، أما إحنينَة فَ كانتّ مبسُوطة بِـ "كنتهَا الجديدة" على حد قولهَا، ضحكتّ بداخلي على مُسماهَا، وتسألت "هي كنتهَا ولا كنة ماما؟!" لكنّ ما فيش فرق ! .. في حوش العيّلة، كل الأشياء مشتركة .. حتى المشَاعر.

انتصرتّ على ماما وأتكيتهَا، لما أيدتنيّ حنينَة إن نقعمزُو برا، وخصوصًا، إن الجو حلو، تكفلتّ *سايا* مُهمة مناداة نسَاوين عمي -بأمر من ماما- وأني تكفلتّ مهمة إني إنادي على "عزوزتي".

لبستّ عبايتي، وحطيّت وشَاحي، وطلعتّ بخطوات سريعة بإتجاهّ حُوش عمي *كريم*.
ما كانشّ الحُوش بعيد هلبا، خطوات معدودة خشيّت بيهم الجنان، ومنهَا وقفت عند الباب وطقطقتّ بهدوء، ثواني انفتحّ الباب، وكانتّ قدامي *هبة*.
قُلت بحماس : أوهّ، *هبة* عاشّ من شَافك.
تغمرتهَا، وطبعتّ على خدودهَا ثلاثة بُوسات، وتكررتّ أسئلة الحال والأحوال، وإحني خاشيّن داخل الحُوش.
سلمت على إعميّمه وقعمزتّ بحداهَا، ومواضيعنَا البسيطة بدتّ تنفتح بهُدوء على هيئة تهدريز.
بعد فترة قصيّرة، كافيّة لرجعة اللَي كَانُوا يصلو في العصر، سمعنَا صُوت *آدمْ* اللّي قال السَلام، وقف قدام وسط الحُوش وتبت عُيونه عليّا، وتفحصني بنظرة شرسة .
بإختصَار نظرتهّ خلتني نتوتر، عضيّت على شَفافي وجبدتّ وشَاحي اللّي مبين نص شَعري القدام، وسكرتّ عبايتي المفتوحة من لُوطا، وتخليّت عن مدانّ رجليّا، واكتفيتّ بأني نضمهم.
كلمّ *هبة* وسلم عليهَا، بطريقة جامدة شَوية -عكس المعتاد- وهَالشَي خلاني نحسّ بشَوية خُوف، وتوقعتّ إنهّ حيكلمنّي، وتأكدت من هالشَي لما خش *أيمن* وراهّ.
سلمتّ على *أيمن* بهُدوء، تنحنحتّ ومشيت جهة باب الحُوش وين ما كانّ يستنى فيا *آدم*، نظرتهّ الغير مريحة خلتني نلتزم الصمتّ وأني قيد المراقبة، فجأة قال بنبرة حادة : كم مرة قُلتلك في حُوشنَا ما نبيّش هاللبس ؟؟ ، افرضيّ خش *أيمن* على غفلَة؟
حاولتّ نتكلم ونقُول "*أيمن* ولد عمي، وكانا صارتّ غفلة يعني كفُرنا !" ، كمّل : في حُوشكم تبي تلبسي البسي، لكنّ إهنيّ لا .. ووجكّ جايهّ بيه هكي !!!
قال هلبا كلام، ما كانشّ ليه لزمهّ .. ما نعرفشّ صُوته كانّ طبيعي، ولا عالي، كانّ مسموع لغيري ولا مش مسموعّ، لكنَ مش مهم عندي هالتفكيّر قد ما مهم عندي حطانيّ في موقف، ما كانتشّ تستاهل كل هادا! .
حسيّت بغصة، وإني ما قدرتشّ نبلع ريقي بسهُولة، عيوني تراقب بحذر، ولساني ثقل .. حسيّت إن خاطري انكسَر .. المكياج، اللبس، ريحتيّ، كله كانّ واضح بالنسبة ليه، كانّ شايفه، كانّ ملاحظه، لكنّ قدر يذمهّ مش يستحسنهّ، قدر ينتزعّ مني فرحتي بأنوتثي في لحظة معينة، ويخليني فاقدة للثقة للحظات، أو لدقايق، أو لساعات أو أكثر من هادا ..
تماسكتّ ورجعت لإعميّمة، قُلتلهَا بهدوء بشّ تجي، وطلعت بشّ نروح .. رسمت إبتسامة إنتشلتهَا من أعماقي على شفافي، وخشيَت لحُوشنَا.

ﻭَﺻِﻴّﺔُ ﺟَﺪِﻱ‏ بقلم #ألآء‏ ‏(الجزء الاول+الجزء الثاني)رواية ليبية  (مكتملة)💚حيث تعيش القصص. اكتشف الآن