الجزء الخامس_صدمة متأخره

1.6K 75 0
                                    

 [ صدمة متأخرة ! ]

شعرت بيده تهزني و بصوته القلق يقول :
_ كلآرا .. عزيزتي , استيقظي فالوقت ظهيرة !!. كلآرا ؟!
تمتمت بتعب بداخلي : أشعر بأن عظامي متفتتة , لماذا يجب علي الاستيقاظ ..؟!
وضعت يد باردة على جبيني فانتفضت أنا .. سمعت تأوه ثم حركة قلقة ..
_ يا ألهي كان يجب أن أعرف , حرارتك مرتفعة جداً .. كلارآ صغيرتي قولي شيئا ..
همست بتعب : أنا ... عطشى ...
_ سأجلب لك الماء حالاً و سأتصل بالطبيب . لا تتحركي...
سمعت صوت خطواته خارجاً . فتأوهت بعمق ... ظهري صدري و رأسي و ساقاي و كل شيء يؤلمني .. تباً لهذا الجسد الضعيف ... مالذي يجري لي ؟! ..
وآه .. أريد التحدث لأمي فقط .. أين هي ؟!
استندت لمرفقي و ناديت بصوت مبحوح عالي : أمــــــــــي ؟!... أمـي ؟!.
ثم نهضت بتعب بالغ و ظننت بأني سأسقط لكني تحاملت على نفسي ملتصقة بالجدار .. أصبح الجدار صديقي... مشيت خطوات بطيئة و ناديت أمي مجدداً ... ترى كم الساعة الآن ... هل هي بالعمل و تركت جيني بالحضانة ؟!. ومالذي يفعله والدي عندي .. أليس لديه عمل أيضاً... آه لا صحيح , لقد لكم مديره و استقال .. ربما هذا من حسن حظي .. أشعر بأني مريضة !.
_ ياااربي !!!... كلآرا !!!.
فتحت عيناي جيداً لأراه يهرع نحوي و يمسك بي جيداً... صرخ بي : مالذي تفعلينه يا فتاة ! هل أنتِ بوعيك ؟!.
قلت متذمرة : لا أريد العودة للسرير , لكن بما أننا متفرغان أنا وأنت , أجلب جيني من الحضانة لنهتم بها...
حدق بي مصدوماً ... : حبيبتي أنتِ تهذين ...!
نظرت إليه و قلت ببرود : حسنا ربما أنت لم تجد عملاً بعد .. لكنك جيد جداً بالعناية بالأطفال أبي , سوف ترى .. اتصل بأمي و أخبرها ... آه اتركني قليلا لأجلب كنزتي حتى أذهب معك ...
لا أدري لمَ شحب وجهه بشدة وكأنه رأى شبحاً .. حملني فجأة و عاد بي للسرير...
قاومت معترضة : لماذا تحملني !! أبـــي !! أنزلني .. هل اتصلت مديرة المدرسة بك وأنت غاضب مني ؟!.
_ يا ألهي ساعدني ! , حبيبتي أبقي هنا لدقائق فقط... أنت محمومة .. سيأتي لوك فوراً...
حدقت به باستخفاف .. أنا محمومة .. آه أبي مالذي يجري له ... ثم من يكون لوك هذا ؟!..
قال مجدداً برعب وهو متردد بمغادرة الغرفة : لا تتحركي سأعود حالاً ..
_ ماذا ؟ هل تخشى أن أقفز من النافذة مثلا !!. سأنتظر هنا أبي و أين عساي أذهب....
هز رأسه مرعوباً و عيناه واسعتان بلونهما الأزرق الفاتح ... ثم اختفى ... بقيت ادندن لنفسي و أفكر بما سأتناوله على الغداء , ربما أمي ستجلب معها شيئا لذيذا كما تفعل دوماً ... اممم سأخمن . من المطعم الفرنسي , فهي تحبه جداً...
دخل فجأة رجل طويل , خيل لي رؤيته بمكان ما ... حدق بي بريبة ثم اقترب خطوتين و والدي خلفه يهمس له بشيء ما ..
_ مرحباً كلآرا , تبدين مرهقة .. دعيني أقيس حرارتك...
بينما هو يضع المقياس بفمي , نظرت لأبي و ابتسمت له ففزع هو !! أهذا ما تسببه ابتساماتي ؟!. من الأفضل أن أصمت فقط !
قال الطبيب بعبوس : حرارتها شديدة , يجب أن أعطيها حقنة ثم تتناول الدواء و الماء لتعود للنوم والراحة.
اقترب مني أبي و مددت له يدي الأخرى خائفة من الأبرة التي أخرجها الطبيب من حقيبته .. أمسك والدي بيدي يدعمني ..
قلت له بتوتر : أنا أكره الإبر .. أريد الحديث عن أي شيء .. >< .. ما رأيك , مالذي ستجلبه أمي معها اليوم... أنا أراهن أنه المطعم الفرنسي وأنت...
تمتم والدي بشيء ما و انحنى ليقبل رأسي ... مابه ؟! يبدو خائفاً جداً و حساساً...
حدق بي الطبيب بغرابة , و سألني بهدوء : كلآرا , أتعرفين من أكون ؟!
بادلته التحديق و قلت مخمنة : صديق لـ والدي ...!
_ حسنا... تخمين جيد... لكني أقصد .. ما اسمي ؟!.
ضيقت جبيني اتفرس به , ثم هززت كتفي و قلت ببرود : لا , لم اتشرف بعد ..
رأيت عيناه يتوسعان صدمة ... ثم وقف ليشير لأبي ... خرجا معاً و تحدثا طويلا في الممر اسمع همهمتهما ... ثم عاد الطبيب بينما لمحت أبي يذهب باتجاه الردهة...
اعطاني الطبيب الدواء بصمت ... ثم تبسم بوهن و قال بخوف : أنتِ تعانين صدمة عزيزتي... بعد النوم المريح سوف تتذكرين كل شيء...
_ حقا ؟!. حقيقة أشعر بالنعاس , مالذي وضعته بالحقنة هاه...
ابتسمت له بمزاح فتوتر قليلا لكنه ابتسم , ورتب على رأسي ثم غادر... وضعت رأسي على الوسادة و نمت بعمق ..~
فتحت عيني بعد وقت ما , و رأيت ظل شخص واقف في زاوية الغرفة يراقبني ... ركزت النظر ولم أرى من ظلامه شيء سوى عيناه الزرقاء المنطفئة الهادئة ..
تساءلت من يكون .. اشار بيده بملل وكأنه يقول عودي للنوم .. التفتُ على جانبي وقد اعطيته ظهري ثم عدت للنوم ... ياله من حلم غريب !.
_ كلآرا حبيبتي ..
همهمت بسعادة و همست : نعم أبي..
_ ألن تستيقظي ؟ , أنه وقت العشاء ..
فتحت عيني بدهشة , عشاء !. والدي يعاني مشكلة جدية بالنظر للوقت , رفعت جسدي قليلا و شاهدته يمسك بـ جيني واقف عند طرف السرير ... قلت بهدوء :
_ ماذا ؟!.
رفع حاجبيه و قال بهمس بينما يبعد قبضة جيني الصغيرة عن فمها : الساعة السابعة ليلاً .
نظرت ببطء إلى النافذة , الجو مظلم بالخارج .. قلت بتوتر طفيف : أعطني بعض الوقت ..
لكنه بقي واقفاً بتوتر ينقل ثقله من ساق لأخرى .. سألني بخفوت و عيناه ترتجفان علي :
_ هل ... هل تدركين .. أين أنتِ ؟!.
صمتُ وحدقت به بتركيز , قلت بهمس وأنا ألف شعري بربطة صغيرة : ما شأن هذا السؤال ؟!.
رد بصوت متوتر حقاً : قولي فقط كلآرا ...!
_ في منزل جدي أبي... أهناك خطب ما...
حدقت به بتوجس وأنا أشعر ببرودة غريبة داهمتني , لاحظت مرور نظرة رعب في عينيه ثم هدأ و قال بهدوء شديد :
_ منزل جدك , من ؟!.
كنت ألعب بأصابعي وعيناي مركزتان بعينيه , قلت وأنا اخفي ارتجافه : جدي براين .. هل أنت مرهق أبي ؟!.
أجابني بابتسامه مضطربة : لا .. سننتظرك بالمطبخ .. كوني حذرة حبيبتي .. آه هذا مقعدك قرب السرير...
كانت عيناه متوسعتين بشكل غريب وهو يراقبني ,بينما أنا ضيقت جبيني و جعدت أنفي عدم رضى وأنا أحدق بالكرسي المتحرك الذي نسيت أمره .. بدا وكأني لم أره من دهور... !
_ أجل أبي " همست له ثم جهزت ابتسامه خلال ثانية وأنا التفتُ إليه..
قال بهدوء وهو يبعد يد جيني عن فمها المتلهف مجدداً : حسنا , يبدو بأن جيني لن تنتظرك حتى تنضمي إلينا .. لكني سأفعل , أرجوك لا تتعجلي.
ثم التفت و خرج بصمت , ظللت أحدق بظله الذي اختفى , ترى مالأمر .. لمَ يبدو مرعوباً جدا وكأنه حدث أ.........
و قطعت أفكاري سلسلة من الأحداث الرهيبة و الآلام .. الركض على الدرج ... ظل طويل بعيون حمراء ... طرت لاصطدم بالجدار و أهوي .. شخصين يتجادلان في الظلام ....!!
شهقت وأنا أحاول التنفس جيداً... ما كان هذا ..؟! ومالذي حدث بحق الآله...؟! هذا ليس حلماً... لا أنا واثقة .. وعندما... وعندما يحدث شيء مجدداً بل لن أجعله
يحدث وسأصمد بقوة نعم... نعم .. ثم أن قدمي بخير , أشعر بها جيدة....
لكن ما أن وضعتها على الأرض لمستها فقط ارتفع منها الألم بشكل رهيب فشهقت مجدداً و رفعتها وأنا أمسح عليها شبة باكية من شدة غيضي ..

وريـّث الظـَلام ( Just like the ocean under the moon )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن