الخامس عشر_سر براين موند والغرفة

1.3K 55 3
                                    

(( سـر برايـن مونـد والغرفة ! ))

رفعت شعري كله برباط مطاطي , و ألقيت نظرة خاطفة بالمرآة على نفسي ثم أنحنيت لأخذ حقيبتي ..
_ أأنت واثقة بما تفعلين ؟!.
رددت بخفوت و أبحث عن معطفي : أجل , والدي سوف يقلق ان ادعيت المرض و بقيت هنا , ولكن مالجدوى من هذا !.
ظل يحدق بي بعينيه المعدنيتين بصمت , ثم سبقي و خرج من الغرفة , ارتديت حذائي الجلدي الطويل , فبالأمس عند نومي أمطرت السماء و الأرض كلها وحل و برك مياه ..
_ إلى اللقاء أبي...
ودعته , ثم اسرعت لاصعد السيارة , كان دانييل هو من يقود , و جلست تيّرآ معي في الخلف و ليونارد في المقعد الأمامي ..
تحدث دانييل وهو يقود بهدوء : الليلة سنكثف المراقبة , سنذهب لأبعد مدى , كما أنه يجب أن نقضي على ذلك الوغد فوراً وإلا سيتسبب بجذب الكثير من الظلال .. وأنا لا أريد معارك هنا !.
رد عليه ليون : لا يمكننا جذبه و قتله و جزء منه بـ كلآرآ .. يجب أن .. نفعل شيئا قبل تنفيذ الخطة...
رفع دانييل عينيه الفضيتين الى المرآة و حدق بي قليلا , قال بهدوء غريب : بالطبع , يجب أن ننقيك كلآرآ ..
ننقيك ! , تبدو لي فكرة صائبة بمكانها ! , لذا وافقته سريعاً : أجل .. اعتقد هذا ..!
رفع حاجبيه مستغرباً , وأنا كذلك , لأول مرة أوافقه بهذا السرعة !.
لكن تيـّرآ عارضت فجأة بنبرة ضيق : لا , هذا .. مستحيل , أعني بالنسبة لـ كلآرآ هذا قد يؤلم بشكل رهيب , ربما ستموت... ربما سيتألم الوحش و يدرك ما يحدث فيقوم بقتل نفسه ويقتل كلآرا معه !.
وافقها ليونارد : أجل , التنقية شيء صعب جداً , مؤلم جداً وقد يموت الشخص بأسوأ الأحوال !. كما أن ذلك اللعين متشبث بها جداً.
فكرت , مؤلم , ... يموت .. لكن .. إن كان هو الحل الوحيد... فـ...
قال دانييل ببرودة : سوف نقوم بخداعه , بتنقية كلآرآ , كسر الختم , قتل الظلال , و تدمير البوابة .. هذه هي الخطة !. و سوف نقوم بها كما يجب ...!
قال ليونارد بحده : لكن .. كسر الختم هذا جزء جديد ! , لا يمكنك كسر الختم الذي وضعه سيد الظلام !. هذا مستحيل !. وهو لا يصح أساساً , كيف ستكسره وهو بكلآرآ و كيف ستدمر البوابة و هي بـ كلآرآ بالفعل .. يمكنك التفكير بشيء آخر , أنسى هذا !!.
قلت بقلق : حسنا .. هناك الكثير من الأشياء التي تريدون تدميرها بداخلي .. وخطة دانييل تبدو طويلة و...
قاطعني ليونارد ببرود : غير موافق على جزء التنقية و كسر الختم !
قال دانييل بهدوء : سنتناقش بهذا لاحقاً ليون .. و أنتِ كذلك يا كلآرآ , يجب أن تتعلمي بعض الأمور أن كنا سنمضي بهذا الطريق , أنا أريد أن أخلصك من كل تلك الفوضى و نقضي على المتحول تماماً .
قالت تيّرآ بقلق : هناك مخاطر كثيرة , و كلآرآ بشرية تماماً لن تتحمل...
بقي دانييل صامتاً , و قلت أنا بهدوء : لست واثقة من كل المخاطر , لكن .. سأبذل كل جهدي , وستسير الخطة على ما يرام !.
للمرة الثانية رفع دانييل حاجبيه و حدقت بي تيّرآ قليلاً...
مشيا في الممرات و سبقنا ليونارد و تيرآ , همس لي دانييل ونحن عند باب الصف
_ منذ متى و أنتِ ايجابية و متفتحة هكذا ؟!.
ألقيت عليه نظرة سريعة و هززت رأسي , ثم جلسنا .. حسنا , يجب أن ينتهي هذا الأمر المريع , و يجب أن ينتهي بشكل جيد , أي ننتصر نحن على الوحوش ..!
أني أدعو بقلبي , أن ننتصر مهما خسرت .. أي من نفسي وليس عائلتي , أن كان هناك ألم فسأتحمله .. و أن كنت سـ... سأموت , فسأموت .. لكن ... ليعيش أبي و أختي بأمان .. و لينتصر الحراس ..
ربما أنا مجرد مشكلة صعبة واجهتهم , و موتي هو أسهل الطرق .. دانييل وضع خطة .. و يبدو واثقاً جداً بها .. كسر الختم . تنقيتي .. مهما كان ما يقوله فهو يبدو لي صحيحاً جداً , سأبذل جهدي ..
في الخارج وقت الطعام .. جلست و أمامي شطيرة من اللحم و عصير طازج , جلست معي تيرآ و دانييل و ليونارد واقفين قربنا لا أدري ما يهمس ليون لـ دانييل , لكن وجهه مكفهر و متضايق.
بينما بدت الجدية و الهدوء و التماسك على دانييل... و تيّرآ تبدو تائهة بأفكارها بعض الشيء... لم تكن لدي الشهية قط للطعام !
_ألن تأكلي شيئا ؟!.
سألني ليونارد , أجبت بهدوء : آمم , ليس الآن , لا شهية لدي...
سأل دانييل بعيون ضيقه : أتشعرين بغثيان أو ألم ؟!.
_ آه لا .. أني بخير ..
مرت الصفوف سريعاً و عدتُ للبيت .. رحب بي أبي بحرارة و قال بأن ليلة الغد هو الحفل المقام بمنزل الطبيب لوك لشرفي !.
لم تعجبني فكرة الحفلة , أريد أن نتدرب على خطة دانييــل !.
سألت بقلق : هل .. علي الذهاب ؟!.
كان سؤالاً سخيفاً , رد أبي بعيون متسعة : الحفلة بشرفك كلآرا , كيف ستتغيبين عنها ؟!.
كشرت و جلست بعبوس , جاء صوت رافييل من خلف أريكتي أفزعني : ما خطبك ؟!.
التفت بتوتر أنظر نحوه , قلت : ماذا ؟!. لا شيء...
كان دانييل يحدق بي من طرف الردهة و هو يشرب فنجان قهوة بيده , ولا يبدو بأنه سيتدخل لينقذني من رافييل المخيف...
قال الشاب بعبوس في وجهي وعيونه الحمراء القاتمة تضيق :
_ راقبي جسدك ! , أتشعرين بتغير ما....؟! ألم .. شعور غريب.. أحلام حتى ..؟!
هززت رأسي نفياُ , قلت : أني اشعر بالهدوء...
أتكأ يتأملني .. قال ببرود : آووه .. لأنك غير منفعلة فقط , دانييل هادئ أيضاً...!
ترددت ثم همست و أنا أنظر بعيدا عنه أبحث عن دانييل لكنه قد غادر الغرفة : هذا جيـد ..!
_ كلا , هذا غير جيد أطلاقاً , لقد ارتكب خطأً .. و هناك مصيبة قادمة .. أرجو أن نستعد جيداً .
هززت رأسي بتوتر : سوف أبذل جهدي لنسير على الخطة...
لا أدري مالنظرة التي ألقاها بوجهي , ربما استهزاء .. لكنه قال ببرود :
_ هناك احتمالية 80 بالمائة أن تموتِ , يظن دانييل بأنه يستطيع تنقيتك .. هذا لم يحصل أبداً من قبل !.
حدقت به بقلق و قلت اقنعه أو أقنع نفسي : اعتقد بأنه يعرف تماماً عما يستطيع فعله !.
مال برأسه ورد : لكن هذا لم يحدث من قبل و لا يعرف أحد كيف يقوم به... ستموتين على الارجح !.
سألت : هل سيموت الظل معي...!؟
_ اعتقد هذا...
_ إذن , هذا جيد , أنه ليس سيئا جـ...
_ عما تتحدثان ؟!.
التفت معه أحد بـ دانييل , عاد بفنجان قهوة ساخن , و عينيه ... عينيه بلون الزئبق الثائر , لا يبدو هادئاً...
قال ببرود لـ رافييل : أليس واجبك حراسة السيد موند .. لا أراه هنا !.
غادر رافييل بصمت , و حدق بي دانييل لثوان ثقيلة بعيونه المقلقة هذه .. يبدو غاضباً لكنه يكتمه...
ناولني فنجان القهوة و قال بتكشيرة حادة لي : لا تفكري بأي شيء قبل أن أشرح لك الخطة و الوضع كاملاً .. أتفهمين ؟!
قلت وعيون تطرف كثيرا : أجل , لا بأس .. متى سيكون هذا ؟!.
_ ليلة الغد ...؟!
_ ولم ليس الليلة ؟!.
_ الليلة أراقب أنا وضعك و كذلك المنطقة , كي نحدد مكان العمل و الأبادة .. يجب أن يكون بعيداً جداً , لأن المنطقة ستنقلب رأٍاً على عقب , و سوف أخرج جحيم الظلام بنفسي لتأديبهم و قتلهم , وبعدها سيكرهون أي شيء يسمى بوابة !.
كانت عيونه تحترق بالنيران المتحولة للأصفر , اعتدل بوقفته و قلقت حقاً من خطته , يبدو بأنه سيقوم بمعركة كبيرة , لهذا رافييل و ليونارد غير موافقين و قلقين مما سيحدث .. حسبت الوضع أقل تعقيداً...
سألته بينما هو يدور حول النوافذ ببطء : هل .. هل .. آحم والدك يعلم بما تخطط ؟!.
شعرت به يتجمد .. التفت نحوي ببطء و قال ببرود : والدي يوافقني .. أنه لا يتعرض طريقي أبداً.
حسنا .. و قبل أن أبدأ عمليات التفكير و التحليل , قال دانييل بهدوء و صوت عميق لا يظهر دائماً :
_ لن يكون هناك ألم كلآرآ , أنا سأحميك من هذا , ربما ستفزعين قليلا مما سترين , لكن .. لن أجعل شيئا يمسك بسؤ , سوف تكونين بخير و ستعودين لطبيعتك ..!
توسعت عيني دهشة , و عينيه بلون العسل الدافئ مجدداً .. آووه كيف يمكنه فعل هذا .. يشعرني بالراحة والأمان ..!
لم أقاوم الابتسام له , لأول مرة ,, قلت بخجل : آوه حقاً , أتظن هذا... شكراً لك.
احسست بالدهشة في عينيه , ربما بسبب خجلي تباً .. لما أبدو خجولة الآن ><" لقد قال من قبل أنه سيحميني..!!!
_ أجل , أظن بأنك ستعيشين طويلاً , و تتزوجين كذلك .. ستنجبين أطفالك وستأكلين كل من يقترب منهم !.
يا ألهي , أحمر وجهي تماماً , اشعر بالسخونة , قلت بلا شعور : حسنا .. هذا يكفي هلا خرست.. !
مع أنه تكلم بهدوء طبيعي و كأنه يكلم شخص غريب لا أنا ..!!
_ ماذا , أليست هذه أحلام طبيعية ؟!.
قلت ببرود : هل أصابك دور العرافة الآن ؟!.
هذه المرة هو ابتسم , و كانت ابتسامة عميقة في عينيه اللامعتين , ضم شفتيه و اشاح بوجهه نحو النافذة , اللعنة أي نوع من الابتسامات يمتلك .. لكنه مبهجة جداً .. لما لا يبتسم دوماً .. سيسقط أي فتاة تعبر حوله هكذا...ليس أنا طبعاً !!
تناولت عشاءا خفيفاً مع والدي و لعبت مع جيني طويلاً , ثم قررت النوم باكراً ..
دخلت الغرفة المظلمة و لم اشعل الضوء , لبست بجامتي , و اندسست بالسرير .. تنهدت عميقاً ثم نمت ..
كان كل شيء هادئ , لولا الظلام الذي تسرب فجأة لعقلي...!
آه كنت بمنزلنا القديم , تحديداً أقف أسفل الدرج , يبدو الجو حالكاً جداً , شعرت بالرهبة الشديدة ولا أدري مالذي جلبني إلى هنا ؟!.
أريد أن أخرج..!!
لكن سمعت صوت أمي في الأعلى .. رفعت رأسي و حدقت بها واقفة أعلى السلم , كانت حاملاً , تمسك ببطنها .. و وجهها شاحب , تبدو مرهقة و متعبة جداً...
قالت بصوت بعيد مرهق : كلآرا... عزيزتي ... اتصلي بـ والدك و...
لا اسمع ما تقول .. لأن ما حاز على كامل انتباهي المريع هو...
تلك العيون الحمراء المريعة جداً تظهر خلف والدتي .. و يتكون ظلا مخيف اسود طويل خلفها , ثم صرخت بصوت مرعوب عالي!!!..
بينما أمي تنزلق و تتدحرج من أعلى الدرج حتى أسفله !!!
اغشي عليها من شدة الألم و أخذت تنزف دما من رأسها و بطنها , صرخت أحاول لمسها أو تحسسها ...
_ لاااااااااا ... أمييييي !!
هذا لم يكن حلماً...!!! كانت ذكرى حقيقية شنيعة !!!...لكني كنت طفلة في الخامسة ربما !!.. و سقطت أمي عندما كانت حاملاً بطفل ما والسبب.... الظل ...!! الظل اللعين المتوحش....!!
_ لااااااااااااه , سحقاً لك..!
_ آششش كلآرآ... افيقي !
فتحت عيوني بسرعة و أنا اتشبث بذراعه , لما لم يوقظني قبلاً... تباً...!
تمالكت نفسي بصعوبة , كنت اهتز بعنف و دموعي تملء وجهي ..! كان حقيقة .... كان حقيقة !..
_ اشربي , هاك سأمسح وجهك...
أخذت اشرب كأس ماء بارد , دانييل منحني نحوي يمسح جبيني المتعرق , اخذت المنديل منه بيد ترتجف .. و مسحت كامل وجهي ...
_ ما كان الكابوس عنه ؟!.
كدت ابكي مجدداً , بلعت غصتي و قلت بصوت مبحوح .. : أ.. أمي...!
افلتت شهقة و لكن تبعتها الدموع , آآآآآآآآآه أمي الحبيبة قتلها اللعين !!.. تبا له .. هو السبب... لم يتركنا حتى قتلها و حتى الآن يسعى خلفنا ... يريد قتل أبي.... سحقا له ... الموت له... سأقتله .. سأقتله !!
_ آششش كلآرآ ... اهدئي...

وريـّث الظـَلام ( Just like the ocean under the moon )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن