(20) استرجاع الذاكرة ❤

7.4K 324 37
                                    

اختبأت أشعة الشمس خلف الغيوم في كبد السماء لتعلن عن بداية يوم ماطر، كان هو يمشى بخطى ثابتة بعصاه البلاستيكية السوداء يحتمي تحت المطارية الخاصة به من حبات المطر رفقة سائقه الخاص واصل سيره الى أن استوقفه السائق قائلا:
" هنا سيدي...سأدعك الآن وأعود اليك بعد نصف ساعة "

أومأ له بالايجاب ثم جثى على ركبتيه يتحسس ذلك الحجر الصخري الذي أمامه بأنامل أصابعه وقد نقش عليه.

* هنا ترقد المرحومة السيدةرنيم عبد العزيز*
* 1979/2004 *

نعم لقد كان يزن أمام قبر والدته داخل المقبرة بجانب قبر أبيه السيد راسل عبد العزيز، أخذ نفسا عميقا ثم زفر بهدوء بوجه مكتئب وقال والألم يختلج قلبه العطوف : " لقد اشتقت اليكما.... أنا حقا أحن لصدرك الدافئ أمي ... أبي أتعلم أنني اشتقت الى توبيخاتك حينما تراني العب بالطين... رحلمتا وتركتماني وحيدا.... وعندما بدأ القدر يبتسم لي مجددا..... عانيت مرة اخرى من الم الفقدان... أتعلمان لقد أحببت فتاة... فتاة جميلة... حسنا لم ارها بعيني ولكنني أثق بأنها كانت أجمل فتاة.... جعلتني أحب الحياة مجددا.... بثت في قلبي السعادة.... كنت أبصر بعينيها.... كانت فتاة طيبة القلب ذات روح حلوة.... ولكنها.... ولكنها.... " لم يستطع أن يواصل حديثه فقد انتباته نوبة بكاء حين تذكر موت تولين ثم أكمل بصوت مختنق: " لقد ماتت أمي.... لقد فقدتها... وكل هذا بسببي... لأنني أحببتها لم تتحمل ابنة عمي ماريا ذلك فقامت برميها من حافة الجبل.... ولم أستطع انقاذها.... أبي ابنك الذي قلت سيكبر ويصبح رجلا قويا..... لقد كبر وأصبح عاجزا.... وقف ساكنا دون حراك يراقب موت حبيبته.... لم أستطع رؤيتها حتى.... لم أروي بها عيني....كيف سأتحمل هذا.... رباااه كم امتحان صبرٍ علي أن أجتازه بعد... أنا كطائر جريح فقد جناحيه وعيناه و ها أنا الآن أفقد قلبي....موت تولين خلف فراغا عميقا داخله.....أمي..أبي لم أعد أريد هذه الحياة...أنا لم...." كسرت كلماته ذلك الصوت الذي أتى من بعيد....أجل ذلك الصوت الذي يعرفه جدا....ذلك الصوت الذي لو ظهر من بين الملايين الأصوات يمكنه أن يميز صاحبه من بينهم بسهولة تامة ....فتاتان تركضان في عجالة وتضحكان لتلحق بهما فتاة راكضة وهي تصيح في استياء:

"حنين...دارين....توقفا أرجوكما...لا تجعلاني اركض كي ألحق بكما فأنا حقا متعبة".

" لللا علينا أن نثرع الى أبي كي نريه ما ثنعناه في الحضانة " قالتها حنين وهي تركض بمرح.

" توقفا لا تجعلاني أندم لانني قمت باحضاركما لتزورا قبر والدتكما وشقيقكما.... ان لم تتوقفا سنعود الى البيت ولن أقوم باخذكما الى حيث يعمل والدكما وترياه المفاجأة " صرخت بها تولين في بحزم.

توقفت الفتاتين ثم قالت دارين بوجه عابس وقد انحنت شفتيها الزهريتين الى الأسفل بحزن: " نحن آثفتين آنثة تولين ".

أحببت أعمى  (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن