الفصل السادس عشر
نظر له (رائد) بعدم استيعاب لما قاله للتو لذا اطفئ سيجارته التى كانت بيده وقال
-إيه ؟!
-اللى سمعته يا (رائد) ٠٠ (روفيدا) عمرها ما حبتنى وافقت بس ارضاء ليك وعشان أنت أجبرتها مدتهاش خيار تانى
ابتلع (رائد) ريقه ثم قال متعلثماً
-م٠٠ مين قالك الكلام الفارغ ده ؟!
-عمرك سئلت (روفيدا) هى عاوزنى فعلاً أو لا ؟!ّ٠٠ طبعاز لا ٠٠ اأت شوفتنى شاب كويس وبحبها وهصونها بس عمرك فكرت ايه آخرة حبى ليها ؟! لما هى مش بتبادلنى الشعور ده أكيد هزهق همل وهتبقى علاقتنا فاشلة ٠٠ عشان كده يا (رائد) بطلب منك رجاء متشوفش مصلحة أختك فين وتعملها (روفيدا) كبيرة بما فيه الكفاية عشان تقدر تنقى شريك حياتها
-(روفيدا) لسه عيلة وطايشة ومتعرفش تختار
أخذ (أدهم) نفس عميق ثم قال
-هتفق معاك ع حاجة
اضيقت عينان (رائد) بعدم استيعاب فتابع (أدهم)
-(روفيدا) بالنسبة ليا بنت مؤدبة جميلة عارف اخلاقها وبحبها وأخت ابن عمى وصاحبى أنا مش هخسر من الجوازة دى كتير ع فكرة بالعكس أنا مستفيد الواحد ما بيصدق يلاقى بنت محترمة والحب مش كل حاجة بالنسبة للراجل وأنت عارف كده يعنى حتى لو فى يوم حبى ليها قل بسبب تصرفاتها مش هسيبها لأن ببساطة شايفها كنز ٠٠ لكن بص كده من الناحية التانية (روفيدا) مبتحبنيش هى اللى هتدمر مش أنا ٠٠ أنا عارف كويس يعنى إيه بنت تتجوز واحد مش بتحبه حتى لو فيه كل الصفات الجميلة اللى محصلتش ولا هتحصل صعب عليها برده ٠٠عشان كده أتكلم مع (روفيدا) كأخ بيحب أخته بجد وسيب ليها حرية الأختيار اذا اختارتنى صدقنى أنا هكمل عادى بس لو مخترتنيش متتعصبش عليها أرجوك بالعكس شجعها تكلمك وتحكيلك بدال ما تخبى وتدارى عليك
أخذ (رائد) نفس عميق ثم هز رأسه موافقة على حديثه وقال
-ماشى ٠٠ أنا هكلمها ٠٠ واللى هتختاره (روفيدا) المرة ده أنا هنفذه
ابتسم (أدهم) بسعادة ثم قال
-وأنت إيه حكايتك ؟! مالك بتدخن كتير عصبى أكيد فى موضوع كبير
ابتسم (رائد) بوهن
-يظهر أنى بكفر على كل ذنوبى اللى عملتها بس بطريقة صعبة أووووى عليا ٠٠ بس عمال كل شوية اكتشف ذنوب كنت بعملها مش واخد بالى منها
-طب صلح بقى
-ادعيلى يا (أدهم)
-خلى بالك من نفسك ومن صحتك يا (رائد) ٠٠ العمر متضيعهوش بالشكل ده ٠٠ عموماً أنا هستنى منك مكالمة تليفون
قالها ثم نهض عن المقعد الخاص به وأنصرف بعدها صعد (رائد) حيث غرفة شقيقته وطرق باب الغرفة وحين سمع صوتها يخبره بأن يدخل دلف للداخل وجدها نائمة على الفراش لاحظ احمرار عينيها وأنها كانت تبكى تذكر محاولتها فى أن ترفض تلك الخطبة لكنه أصر وأنها لن تجد شاب مثله وفى أخلاقه تذكر كلمات (ريما) التى أخبرته فى يوم الخطبة أن هيئة (روفيدا) لا تدل على أنها عروس أبداً شعر بالغضب من نفسه كيف كان سيدمرها هكذا هو يحبها بل يعشقها فهى ليست مجرد شقيقة بل هى كل شئ له هى الرباط بينه وبين (عاصم) أخذ نفس عميق وجلس بجوارها وقال
-إنتى عاوزة تفسخى خطوبتك ب (أدهم) ؟!
لمعت عيناها ونظرت له كأنها لا تصدق ما تسمعه فتابع بنبرة نادمة
-ياااه هو للدرجة خطوبتك من (أدهم) كانت هم على قلبك
هزت رأسها بالإيجاب ثم بدئت أن تقص عليه كل شئ بخصوص (أشرف) وأنها قد خسرته بسبب تسرعها هذا شعر (رائد) بألم يعتصر صدره لذا ضمها إلى صدره وقال
-حقك عليا يا (روفيدا) ٠٠ مكنتش عارف ولا ملاحظ أنك كبرتى كده ٠٠ كنت فاكرك لسه الطفلة الصغيرة اللى أنا عارف مصلحتها وبس بنقى ليها لبسها واكلها وشربها كنت عاوز كمان انقيلك الزوج المناسب ليكى من وجهة نظرى نسيت أن ده قلبك وقرارك ودى حياتك
- للأسف قررت الغلط للمرة التانية بنفس الطريقة
قال جملته الأخيىة بينه وبين نفسه فضمته هى أكثر لتشعر بحنانه وقالت
-بس خلاص ٠٠ خلاص يا أبيه هو مش طايق يبص فى وشى
-هو مصدوم مش أكتر ٠٠ كسرة القلب شئ بشع وأنا السبب فى ده مش إنتى
تنهد بحرقة وقال
-كل يوم بعرف أن فى ذنوب عملتها ومعرفش عنها حاجة ٠٠ أنا تعبت من حياتى ٠٠ تعبت من كل حاجة
ثم قبل وجنتها وابعدها عنه وتابع
-المهم سيبى موضوع (أشرف) لوقته متضربيش ع الحديد وهو سخن ابعتيلن رسالة أسف وإعتذار صدقينى الرسالة دى هتفرق كتير حتى لو هو مبينش ٠٠ بس مش عاوزك تعملى حاجة تانية من ورايا
هزت رأسها بالإيجاب فنهض هو وقبل رأسها ثم قال
-ابعتيها ونامى ٠٠ تصبحى ع خير
-وأنت من أهله يا أبيه
خرج (رائد) من الغرفة فأمسكت هى الهاتف وأرسلت له رسالة كان محتواها
(أى كلمة أسف هقولها مش هتكفى اللى عملته
بس كفاية أنك تعرف أن قلبى حبك أنت وبس
حتى لما كنت بقابل (أدهم) أوقات كتير كنت بشوفك أنت مش هو
أنا فسخت خطوبتى لأنى اتأكدت آنه مينفعش غير ابقى ليك
أنا بحبك أنت وبس لازم تكون متأكد من ده
لما وافقت ع (أدهم) كنت فاكرة أنك ندل وسبتنى بس طلعت أحسن راجل فى الدنيا دى)
****************
مر أسبوعان ٠٠
تلك الرسالة لمست قلب (أشرف) كثيراز لكن الصفح ٠٠ الصفح بتلك السهولة لن يستطيع فقد أُصيب قلبه بندبة لا يعرف متى سيلتئم منها جرحه بينما كانت حالة (روفيدا) تزداد سوءاً حتى أنها كانت تخرج من إمتحانها تذهب لللجنة الخاصة به كى تراقبه من بعيد وعندما يخرج تنظر له بأعين عاشقة نادمة طالبة منه الصفح لكنه كان يتجاهلها ويمر من جانبها كأنها لا شئ يذكر مما يجعلها تبكى فى كل مرة تراه بها ٠٠
بينما شعر (أدهم) بمزيد من السعادة والحزن السعادة لأنه لم يجبر تلك المسكينة على خطبته والحزن لأن (روفيدا) كان لها مكان كبير فى قلبه ولكنه لم يستطع أن يحدد طبيعة ذلك المكان ٠٠
اقترب موعد عرس (وليد) و (شجن) اللذان كان يشعران بسعادة كبيرة وكأن كل منهما سيتزوج للمرة الأولى حقيقة أن المشاعر التى تولد بداخلنا تجعل لحياتنا طعم ونكهة خاصة مميزة غير الحياة الروتينية فشعور (وليد) نفسه مختلف فتلك المرة هو على ثقة كاملة بأن حوريته التى أختارها بين النساء لا تحب سواه جميلة هى الثقة تلك ٠٠
شعر (طلال) بسعادة كبيرة لأهتمامه بحبيبته فأن طبيعته العملية كانت تجعله عجوزاً أما الآن فهو يعيش مراهقته التى لم يعشها فى سنها فقد كان مسئولاً عن عائلته وأب لجميع أشقته لم يفكر أبداً أنهم أشقائه بل هم أولاده الذى لم ينجبهم ولكن تلك الساحرة زوجته جعلته يعيد مراهقته مجدداً بشكل آخر ٠٠
لم يستطع (رائد) أن يذهب إلى (عتاب) بعد ما قالته له هو متيقن أنه داخل قلبه توجد مشاعر مختلفة تجتاح قلبه لأول مرة ليست رغبة فى امرآة جميلة حب أيعقل أنه يحبها كيف يحبها ؟! ٠٠ أم شفقة ٠٠ شفقة !! ولما يشفق عليها ولكن كرامته كانت فوق كل تلك المشاعر لذا لم يذهب إلى الدار رغم رغبته الملحة بأن يراها والعجيب أنه كان يطمئن عليها من مديرة الدار ٠٠
إما (عتاب) شعرت برغبة ملحة فى رؤيته ولا تعلم السبب إليس هذا لا يمثل لها إلا أنه وجه آخر ل (فضل) ٠٠ ولكن أى (فضل) أيتها المجنونة أنتى فالعالم كله متفق أنه لا وجود له إلا فى خيالك أيعقل أن ذلك الوسيم الغنى ذو الأخلاق الحميدة التى تراها دوماً فى تصرقته يتصرف بخسة تلك مجرد ترهات لابد وأنها صادفته يوماً ما وعقلها الباطن أُعجب به وخُيل لها كل ذلك شعرت بالرضا من تلك الفكرة التى اجتاحت رأسها وكان اليوم أجازتها موعدها مع (ريان) فقررت إخباره بكل شئ ٠٠
******************
ارتدت (عتاب) منزلها كى تذهب كالعادة إلى (ريان) ووالداته فقد اشتاقت لهم وللحديث معهم فهى لا تراهم سوى مرة أو مرتان على الأكثر كل شهر دلفت (ندا) الغرفة الخاصة ب (عتاب) وقالت
-هتروحى لقرايبك دول
هزت (عتاب) رأسها بالإيجاب فقالت (ندا)
-ماشى يا ستى بس متتأخريش القعدة هنا من غيرك وحشة اووووى
ابتسمت (عتاب) وقبلت وجنتها وقالت وهى تتجه نحو الباب
-مش هتأخر متقلقيش
ودعتها (ندا) ببسمة رقيقة فخرجت (عتاب) من الدار واستقلت سيارة الآجرة متجهة نحو منزل (ريان) وصلت إلى هناك وصعدت البناية ثم طرقت باب المنزل وحين فتح الباب أرتمت فى أحضان (نادية) وهى تقول
-وحشتينى أووووى يا ماما
ابتسمت لها (نادية) ثم قالت
-إنتى كمان وحشتى ماما يا روح ماما
دلفت (عتاب) للداخل وجلست على أقرب أريكة وهى تنظر لأرجاء البيت بشوق شديد ثم نظرت إلى (نادية) وقالت
-عارفة يا ماما ٠٠ كل حاجة وحشتنى فى البيت هنا حاسة وأنا فى الدار كأنى فى سجن وبيفرجوا عنى لما باجى هنا
-وإيه اللى جبرك ع كده يا بنتى ٠٠ محدش كان مضايق من وجودك هنا
ابتسمت (عتاب) ابتسامة عذبة ممزوجة بخجل على ندم من ما تفوهت به وقالت
-ربنا يعلم اد ايه أنا بحبكوا ٠٠ بس كده أحسن يا ماما ٠٠ وبعدين الدار ماهياش سجن بالمعنى بالعكس القعدة مع الاطفال هناك بتخلى الوقت يجرى وببقى مستمتعة كفاية أنى بحس إنى بعمل خير كمان مش مجرد شغل وبس إحساس اليتم وحش اووووى يا طنط أنا اتحرمت من بابا وأنا عندى 15 سنة واتحرمت من ماما وأنا فى الجامعة ورغم إنى كنت كبيرة حاسة إنى مكسورة ومليش حد فما بالك بالأطفال دى
-متقوليش كده يا بنتى ٠٠ طول ما احنا عايشين احنا عيلتك واهلك
امسكت (عتاب) يد (نادية) بإمتنان شديد ثم قالت
-عارفة يا ماما (نادية) ٠٠ يلا نحضر الأكل قبل ما (ريان) ما يجى
-ماشى
ذهبوا إلى المطبخ سوياز وأخذوا يعدوا مائدة الطعام بالخارج وبعدها بقليل كان قد وصل (ريان) إلى المنزل وجدها تضع طبق على مائدة الطعام فرفع احدى جاجبيه وقال
-جيتى قبل ما اجى المرة دى
نظرت له وكأن وجوده لا يعنيها
-جاية لماما
-لا يا شيخة !! ٠٠ طب الجلسة دى اقعدى فيها مع امى بقى
زمت (عتاب) شفتيها ووضعت يدها حول خصرها ثم قالت
-أنت رخم
قرب نفسه من مائدة الطعام ليقول بنبرة خافتة وهى واقفة من الجهة الآخرى
-وحشتينى
شعرت هى بالخجل والتوتر الشديد ثم قالت وهى تشير له بساببتها
-مش قلنا مينفعش الكلام ده ٠٠ مفيش أخ بيقول لأخته الكلام ده
نظر (ريان) للأعلى وقال
-يارب ارحمنى
ثم نظر لها مجدداً
-أخ ايه بس يا مجنونة إنتى
-مش اتفقنا يا (ريان) ٠٠ أنتت ليه محاولتش تكلم (أسما)
تحدث بنبرة بها ضيق واضح
-مبشوفهاش
-قولتلك اديها فرصة
-فرصة ايه يا (عتاب) ٠٠ دى واحدة استغلالية كانت بتستغلنى عشان الرسالة بتاعتها مش أكتر
-حرام عليك
-بقولك ايه بلاش صداع أنتى مش هتفهمى اللى قدامك ببرائتك دى ٠٠ أنا داخل اغير عشان ناكل وبعدها نبدء الجلسة
-ماشى
وبالفعل بدل ملابسه وجلس ثلاثتهم يتناولون طعام الغداء وبعد أن انتهوا طلب (ريان) من والداته كوب من القهوة وسيجلس هو مع (عتاب) فى الشرفة يتحدثون كما العادة ٠٠
دلفوا للشرفة سوياً فنظر هو لها ثم سئلها
-احكيلى ٠٠ فى حاجة بتشوفيها هناك ؟!
-لا ٠٠ بس بس اللى اسمه (رائد) ده بخاف منه ومن شكله
-حكتيلى ده فى التليفون يوم عيد ميلاده ٠٠ هو بيضايقك ؟!
-بالعكس مهتم بيا وده مخوفنى ٠٠ عارف بحس مشاعر مختلفة لما بشوفه
-زى ايه ؟!
-نفسى اشوفه اوووى ٠٠ وفى نفس الوقت بخاف منه
-لسه بتحبيه ؟!
-ماهو مكنش هو يا (ريان) ده يعتبر انسان جديد
ابتسم ثم قال ممازحاً إياها
-بلاش الصيغة دى ٠٠ حبتيه ؟
-مش عارفة ٠٠ بس بس افتكرت حاجة مهمة
-ايه ؟!
-زمان لما كان عمرى عشر سنين با٠٠ بابا ٠٠
صمتت ولم تستطع أن تكمل حديثها
-ايه كملى ؟! متخافيش
تنهدت بحرقة ثم نظرت أمامها
-خالتى جوزها مات واتطردت من الشقة من اخوات جوزها وجت تعيش معانا فترة ٠٠ شوفت ٠٠ شوفت بابا وهو بيتهجم عليها بس ٠٠ بس خالتى ضربته بالقلم وبعدته عنها وأنا خوفت أوى ومعرفتش اتكلم
-وبعدين
-فى نفس اليوم بابا قرر يتهم خالتى بانها هى اللى يتجرى وراه وعمل كده وماما صدقته ٠٠ صدقته رغم رغم أنها عارفة أن بابا كان بيشرب وبيسكر وضيع كل فلوسه لآن بابا كان غنى وأكيد كان بيخونها
-طب وإنتى مقولتيش لمامتك ليه ؟!
-قولتلها بس مصدقتنيش قالتلى إنتى عيلة ومتفهميش فى الحاجات دى وأكيد فهمتى غلط ٠٠ بس طول الوقت حاسة بالذنب من ناحية خالتى تفتكر عشان كده إلفت فى مخى حكاية (فضل) عشان احس باللى حسيته خالتى
ابتسم (ريان) ثم قال
-لا ده إنتى تيجى تقعدى مكانى بقى
ابتسمت ثم قالت برقتها المعهودة الممزوجة بالعتاب
-متتريقش عليا
-مبتريقش حقيقى
-طب مش يمكن ؟! ويمكن اكون شوفت (رائد) صدفة وحبيته أو يمكن اكون شوفت فيه والدى أنا اسمع أن (رائد الشناوى) مقضيها مع الستات ويمكن عشان كنت فاقدة الذاكرة مش فاكرة إنى قريت عنه أو شفته قبل كده أو يمكن قريت عنه وعقلى رافض يعترف صح مش يمكن ؟!
ابتسم (ريان) بهدوء ثم قال ممازحاً إياها
-مش بقولك تيجى تقعدى مكانى
-طب رد عليا ٠٠ مش يمكن ؟!
-كل شئ ممكن ٠٠ بس أنا عاوز اسمع منك اللى حصل اليومين اللى فاتوا وكل ما تفتكرى حاجة تقوليلى
هزت رأسها بالإيجاب ثم سئلته
-أنت ليه مش بتدينى أجوبة زى باقى الدكاترة كده
-إنتى يا بنتى كان طموحك تطلعى دكتورة نفسية ومعرفتيش ما تسبينى اشوف شغلى وإنتى ساكتة
وضعت (عتاب) يدها على فمها وآشارت بأنها ستصمت فهز هو رأسه بآسى وهو مبتسم حينها قصت (عتاب) كل ما حدث بينها وبين (رائد) فى آخر مقابلة وأنه لم يأتى منذ ذلك الوقت استمع لها جيدا ثم قالت هى
-أنت ليه يا (ريان) متجيش للأطفال عندنا فى أطفال مش اسوياء ومعقدين محتاجين معالج نفسى وأنت دكتور شاطر اوووى أنا هكلم مديرة الدار واقترح عليها حتى تبقى منك خدمة تطوعية هتاخد ثواب كبير عليها
رفع أحدى حاحبيه بمكر ثم سئلها
-وحشك مش كده ؟!
ارتبكت (عتاب) قليلاً ثم قالت
-ه٠٠ هو مين ؟!
-اللى عملانى حجة عشان تقترحى عليه الاقتراح ده صاحب الدار يا (عتاب)
توجهت (عتاب) نحو الخارج وأخذت الحقيبة الخاصة بها من أعلى الاريكة ثم قالت
-ا٠٠ أنا ماشية لازم امشى ٠٠ هدخل اسلم ع ماما
وهى تتجه نحو المطبخ توقفت حين تكلم (ريان)
-ا٠٠ أنا موافق يا (عتاب)
هزت رأسها بالإيجاب وهى تنظر له نظرة إيجابية ثم تابعت طريقها للمطبخ فهز رأسه كأنه يعترض على شئ ما وهو يقول
-وبعدين معاكى يا (عتاب) ٠٠
********************
قضى (أدهم) المساء مع (رائد) كعادته فهو لن يتغير مع صديقه من أجل شقيقته ف (رائد) هو شقيق له لم تنجبه أمه تناولوا العشاء معاً وكانت (روفيدا) بصحبتهم ولكن لاحظ (أدهم) أن (روفيدا) ليست على مايرام علم بأن (أشرف) مازال يتجاهلها فشعر بالحزن من أجلها ولكنه لم يستطع أن يتكلم معها فى أى شئ فالأمر بات محرجاً للغاية بينهم ولكن وهو يخرج من المنزل لاحظ جلوسها على أريكة بالحديقة وهى شاردة تنزل الدموع من عينيها دون حتى أن تشعر شعر بالأسى على حالها ذلك ثم نظر خلفه كى يتأكد أن (رائد) لا يقف بالشرفة ليس خوفاً منه ولكن حقاً أن يتحدث مع (روفيدا) فهو أمر بات محرج لذا اقترب منها بهدوء وجلس بجوارها وقال
-لسه مش راضى يرد عليكى ؟
لم تنتبه (روفيدا) لحديثه فى البداية فقال بنبرة حانية
-(روفيدا)
انتبهت لصوته ونظرت تجاهه وعلى وجهها علامات استفهام فتابع
-لسه مش راضى يرد عليكى
هزت رأسها بالإيجاب ونظرت لأسفل فابتلع ريقه وسئلها
-عليكى امتحان بكرة مش كده
هزت رأسها بالإيجاب فتابع هو
-هاجى هكلمه
-لا ارجوك ٠٠ مينفعش
-الغلط مكنش غلطك لوحدك يا (روفيدا) احنا مش فى مزاد هندور مين غلط اكتر ٠٠ الغلط مشترك وهو لازم يفهم ٠٠ متقلقيش أكيد مش هبوظ الدنيا أكتر ماهى بايظة
ابتسمت بوهن ثم هزت رأسها موافقة على حديثه فتابع هو
-يلا قومى راجعى اخر حاجة ونامى
-حاضر
نهض (أدهم) لكى ينصرف وهم بالرحيل لكن استوقفته كلماتها تلك
-شكراً يا (أدهم) ٠٠ أنا غلطت فى حقك كتير وأنت عمرك ما عملت معايا إلا كل خير
نظر هو نظرة جانبية لها وقال قبل أن يرحل
-عشان ما احناش اتنين حبيبة افترقوا ٠٠ احنا قرايب يا روفى ٠٠ اوعى تنسى ده
قالها ثم انصرف من أمامها فابتسمت هى ابتسامة بها بعض الحزن ثم قررت أن تصعد لكى تذاكر قليلاً وبعدها تنام ٠٠
*****************
فى صباح اليوم التالى ٠٠
ذهبت (روفيدا) كالعادة الأمتحان وبعد أن انتهت وقفت مع (أدهم) تلك المرة أمام اللجنة التى بها (أشرف) ينتظرانه حتى يخرج وحين هم (أشرف) بالرحيل آشارت تجاهه وقالت ل (أدهم) بصوت خافت
-هو اللى جاى ده
ابتسم لها ثم تقدم نحوه ولم يكن (أشرف) منتبهاز لوجوده فوقف (أدهم) أمامه وقال
-ممكن نتكلم
رفع (أشرف) وجهه ليصدم بأن (أدهم) هو من يحدثه فزفر بضيق وقال
-عن أذنك
أمسكه (أدهم) من منتصف ذراعه مانعاً إياه الرحيل
-فى كلام لازم يتقال مينفعش يتأجل
-خير
-متهيألى مش هينفع الكلام ع الواقف كده تعالى نقعد فى أى مكان
رمقه (أشرف) بغيظ شديد ثم هز رأسه موافقة وسار خلفه دون أن يتكلم جلسوا فى مكان هادئ بعض الشئ بداخل الجامعة فقال (أدهم)
-لو فى حد لازم يبقى مضايق ومتعصب هو أنا ٠٠ لأنى مكنتش ل (روفيدا) اكتر من استبن لما احتاجته استخدمته
-وأنا العجلة اللى باظت ومبقاش ليها لازمة
هز (أدهم) رأسه بآسى ثم قال
-مش عاوزك تقاطعنى أنا هتكلم وبعدها هسيبك تتكلم براحتك
آشار له (أشرف) بيده كى يتابع حديثه فتابع (أدهم)
-(روفيدا) ع فكرة غلطت ٠٠ غلطت فيا وفيك بس أنا سامحت لأن (روفيدا) بالنسبة ليا طفلة عقلها وتصرفاتها كلها بتقول أنها طفلة ٠٠ هى اضايقت منك وشافتك اتخليت عنها فى وقت هى كانت محتاجاك فيه ٠٠ الوقت اللى اخوها ضغط عليها عشان توافق عليا ٠٠ حاولت ترفض ع فكرة بس (رائد) سيطر ع دماغها واقنعها إنى كويس من جميع الجهات ومناسب ليها ٠٠ هى افتكرت فى الوقت ده انكغ بطلت تيجى الجامعة عشان هى متوجعش دماغك ٠٠ قولى كانت تعرف منين أنك بتشتغل عشانها أنك بتنفذ رغبتها من غير حتى ما تقولها
-عشان كده اهتمت بيك وبلبسك وشكلك
رد (أدهم) مسرعاً
-محصلش ٠٠ دى مجرد صدفة كان ليا صديق هو اللى طلي منى اغير لبسى (روفيدا) ملهاش دعوة بتغير لبسى نهائى ٠٠ واقولك ع حاجة كمان أنا عمرى ما حسيت أنها مبسوطة معايا دايماز كنت بشوف ابتسامتها وراها حزن كبير بس مكنتش اعرف أنها بتحب حد تانى كنت فاكر أن مفيش حد فى حياتها ومع الأيام هتحبنى بس أنت كنت بينا هى كانت شايفاك مش شايفانى
-المشكلة إنى حسيت إنى طقم عندها فى الدولاب قلعته بسهولة عشان تلبس غيره
-احياناز كتير بنفتح الدولاب ونغير فى اللبس اللى عندنا دايماز تلاقى طقم واسع وواحد تانى ضيق بس فى طقم واحد بس بين كل ده بيبقى متفصل عليك ٠٠ هى كانت فاكرة نها هتقدر تعيش من غيرك ومعرفتش ٠٠ ياريت متحاسبهاش ع غلطة أنت كنت طرف فيها أنا بعترف أن (روفيدا) غلطها أكبر بكتيييير بس حاول تبص كده لوشها لا بتاكل ولا بتشرب من ساعة اللى حصل ٠٠ مبقولكش قوم من هنا صالحها ٠٠ فكر ع مهلك هتشوف أن الغلط مشترك بينكوا وهتشوف بعدك عنها كسرها اد ايه
قالها ثم نهض عن مكانه ثم قال
-عن أذنك
قالها ثم انصرف وترك (أشرف) الأفكار تتخبط فى رأسه نظر بعيداً وجدها تنظر هى الآخرى له وجدها قد نقص من وزنها الكثير وشحوب وجهها الواضح مع احمرار عينيها وهالات سوداء حول العين والكارثة أنها مازالت فاتنة حاول كتم تلك البسمة التى كادت تظهر على شفتاه ولكنه قرر أن ينصرف الآن فهو بحاجة ليجمع شتات أفكاره ويفكر فيما يجب عليه فعله ٠٠
بينما وصل (أدهم) إلى الشركة الخاصة به وصعد حيث مكتبه ولكنه لم يجد (جميلة) فقد كانت موظفة آخرى من تجلس على مقعدها فعقد حاجبيه وعلى وجهه علامات استفهام
-اومال فين (جميلة) ؟
-مجتش يا فندم ٠٠ وحتى متصلتش تبلغ انها مش جاية
-غريبة مش عادتها ٠٠ اتصلتوا بيها ؟!
-اه مردتش يا فندم
-معكيش رقم حد من أهلها طيب ؟!
-معايا رقم والداتها
-اتصلى بيها
هزت رأسها بالإيجاب ثم امسكت الهاتف واتصلت بوالداتها وما أن أجابت عليها حتى تغير معالم وجهها للحزن فنظر لها (أدهم) بقلق شديد
-حصل ايه ؟!
اغلقت الموظفة الهاتف وقالت بنبرة آسفة
-(جميلة) عملت حادثة ٠٠#عتاب