الفصل الخامس والثلاثون

5.2K 150 6
                                    

الفصل الخامس والثلاثون

كادت (ريما) أن تعنف ذلك الشخص الذى اصطدمت به لولا أنها تأملت هيئته لبعض الوقت فقد كان يرتدى ملابس تنم على زوقه الرفيع حيث يرتدى تيشرت بنصف ذراع لونه أبيض و بنطال چينز أزرق يبدو وسيماً للغاية بلحيته الخفيفة تلك ابتسمت (ريما) دون أن تشعر وهى تتأمله فوجدته يقول برسمية
-آسف مختش بالى أنك قدامى
-ولا يهمك
قالتها (ريما) بتلقائية سريعة لا تعرف ماذا حدث لها منذ أن رأت ذلك الوسيم الذى تنحى جانباً وسار وكأنه لا يراها شعرت بغضب شديد داخلياً فدوماً تحاط بنظرات الأعجاب من الرجال لما لم ينظر لها فقد تلاشها تماماً ذلك سبب آخر جعلها تعجب بذلك الوسيم ابتسمت ابتسامة آخرى دون أن تشعر ثم حدثت نفسها قائلة
-أول مرة اشوف راجل شيك ووسيم وتقيل ويعدى كأنه مش شايفنى كده ٠٠ بس عجبنى
قالت جملتها الأخيرة وهى ترفع أحدى حاجبيها وقد صممت أن تعرف من ذلك الوسيم ٠٠
******************
فى المساء ٠٠
كانت (عتاب) بالعيادة الخاصة ب (ريان) كعادتها ولكنها فوجئت بدخول (ندا) ومعها فتاة صغيرة تكهنت أن تلك هى شقيقتها (نور) ابتسمت لها بود لأنها قد استمعت لنصيحتها أخيراً وجعلت شقيقتها تأتى كى تتحدث مع (ريان) فسلمت عليها وجعلتها تنتظر دورها فقد كانت هى أخر مريضة تدخل العيادة انتظرت (ندا) حين يأتى دور شقيقتها وبعد مرور ساعة دلفت (ندا) مع شقيقتها لداخل المكتب التى كانت تسير كالمغيبة وكأنها فى دنيا آخرى عندما رأى (ريان) (ندا) أمامه نهض عن مكتبه وهو لا يصدق وقال
-(ندا) !!
ابتسمت له ببراءة ثم قالت
-ازيك يا دكتور ؟
-الحمد لله
لاحظ تلك الفتاة التى معها فقالت هى موضحة
-أختى (نور) عندها مشكلة لما ٠٠
قاطعها قائلاً
-اذا تسمحى خلينى اتكلم معاها لوحدنا
نظرت (نور) بترجى تجاه (ندا) كى لا تتركها فنظرت (ندا) بدورها إلى (ريان) بتوسل
-(نور) مش بتخبى عليا حاجة يا دكتور ٠٠ أنا مش هدخل بينك وبينها أبداً بس سبنى احضر الجلسة
تردد (ريان) للحظة ولكنه وجد أن (نور) بالفعل تريد جلوس شقيقتها لذا اماء لها موافقة فجلست (ندا) على أريكة بعيدة بينما آشار (ريان) ل (نور) كى تجلس ثم بدء فى أخذ بيانتها كاملة منها ليسجلها بالحاسوب الخاص به وبعد أن انتهى نظر لها وقال
-حابة تتكلمى فى ايه يا (نور) ؟!
-(بوسى) ماتت
-مين (بوسى) ؟
-صاحبتى من واحنا فى KG1 لحد يوم الحادثة
-حصلت ازاى ؟
ظلت (نور) تقص عليه كل شئ بخصوص تلك الحادثة التى رأتها بعينيها ثم انهارت من البكاء فترك (ريان) مكانه وجلس بالمقعد المقابل لها ثم تحدث بهدوء
-اهدي بس عشان افهم ٠٠ أنا عارف أن الموقف صعب ومش أى حد يستحمل خسارة صديق خصوصاً لو كانوا اكتر من اخوات زى مانا شايف كده بس دى الحياة ومش حل أنك تكتئبى وتقفلى ع نفسك كده بالعكس المفروض تدعى ليها هى محتاجة دعواتك جداً مادام بتحبيها البكى عليها مش هيفيد فيديها بشئ بصدقة ع روحها أو دعاء ليها
نظرت له (نور) بأعين تملئها البكاء فابتسم هو لها وفهم ما يجور فى رأسها
-عارف أن الكلام سهل وصعب جداً التنفيذ بس التنفيذ بيبدء بخطوة وافكار فكرى وإنتى هتلاقى نفسك .. بس عاوزك تعرفى كويس أن كلنا فى عندنا جانب مظلم مبنحبش نوريه لحد فأنتى موت صاحبتك هو الجانب المظلم ده عيشى حياتك بطولها وعرضها بس اوعى تنسيها افتكريها دايماُ فى يومك ولو بدعوة
هزت (نور) رأسها بالإيجاب ثم قالت
-بس ٠٠ بس دى مش الفكرة بس ا٠٠ أنا ٠٠
صمتت ولم تكن تعرف ماذا عليها أن تقول فحثها (ريان) على الحديث
-أنا سامعك كويس
-أ ٠٠ أنا بقيت اخاف من الموت كمان أنا حاسة أنى معملتش حاجة اقدر اقابل بيها ربنا
أجابها (ريان) بهدوء
-ومين فينا عمل شئ يستاهل بجد عشان يقابل ربنا بس ربنا غفور رحيم كلنا طمعانين فى عفوه
-ا٠٠ أنت مش هتفهمنى (بوسى) كانت اقرب صديقة ليا ويعتبر هى صديقتى الوحيدة كنا بنحلم أننا نجوز ولادنا لبعض لما نتجوز بس ٠٠ بس كل الأحلام بقت سراب صاحبتى خسرتها ومش عارفة هخسر نفسى أمتى أنا مش عارفة اعيش من غيرها وفى نفس الوقت خايفة اموت أنت فاهمنى
-فاهمك جداً يا (نور) ٠٠ بصى يا (نور) أنا عاوزك تعرفى حاجة مهمة جداً إنتى مش هتخرجى من العيادة تلاقى الدنيا بقت بمبى لا خالص إنتى لو مش من جواكى عاوزة تبعدى التفكير ده عنك مش هنقدر نعمل شئ لازم تعرفى أن كل الناس عايشة حياتها بيجلنا اوقات كلنا نخاف من الموت أو نكره الحياة ونتمنى الموت بس التفكير ده كله لا هينقص ولا هيزود من عمرك شئ
هزت رأسها بالإيجاب لذا نهض هو عن مقعده ثم ذهب نحو مقعد مكتبه وبدء فى كتابة بعض الأدوية المهدئة والمضادة للأكتئاب ثم قال
-دى مش أخر مرة نتقابل فيها هنتقابل إن شاء الله بعد شهر عاوزك تكونى بقيتى أحسن لازم تعرفى كويس لو إنتى ما بعدتيش الأفكار السلبية دى عنك هتفضل جزء من يومك هيموتك بالبطئ لازم تحاولى والأدوية دى هتساعدك
هزت رأسها بالإيجاب ونهضت عن مقعدها بينما ابتسمت له (ندا) وهى تنهض هى الآخرى ثم قالت
-أنا متشكرة جداً يا دكتور مش عارفة اشكرك ازاى بجد
ابتسم لها بود ثم قال
-مفيش ببنا شكر يا (ندا)
ثم خرجوا ثلاثتهم من الغرفة الخاصة بالكشف وجد (ريان) (عتاب) تجهز اغراضها كى ترحل وهى تقول
-ابقى وصل (ندا) يا (ريان) طريقها قريب من طريقك
شعرت (ندا) بالإحراج وقالت
-مفيش لزوم أنا همشى و ٠٠
قاطعها قائلاً
-معنديش مشكلة بس هوصلك إنتى كمان
-أنا البيت عندى قريب يا (ريان) ملوش لزوم كمان مش عاوزة اضايق (رائد) ده غير أنه واقف تحت مستنينى عارفة أنه هيمشى ورايا يوصلنى من غير يضايقنى
-إنتى ربتيه ع الأخر
-طبعاً ٠٠ لازم يتربى
ضحك ثلاثتهم فانصرفت (عتاب) وهبطت لأسفل لاحظت وجود (رائد) فشعرت بالطمائنيمة وبدئت تشير وهو يسير خلفها دون أن يتحدثا ٠٠
بينما سارت كلاً من (ندا) و (نور) خلف (ريان)  الذى ما أن وصل إلى سيارته حتى فتح ل (ندا) باب السيارة التى شعرت بخجل كبير فابتسم هو على خجلها ذلك فاستقلت السيارة هى و (نور) ظلا طوال الطريق صامتين لا يتحدثون حتى وقف (ريان) أمام العقار الخاص بهم فترجلت (نور) من السيارة وقبل أن تترجل (ندا) إلتف من مقعده وقال وهو ينظر لها
-ممكن بس دقيقة ؟
شعرت هى بالقلق على شقيقتها فسئلته
-خير يا دكتور هو فى حاجة عند (نور) كبيرة
هز رأسه نافياً وهو يقول
-لا متقلقيش ٠٠ موضوع (نور) موضوع بسيط ميستاهلش كل القلق ده
-اومال ؟!
اخرج (ريان) حافظته من جيب بنطاله ثم اخرج ثمن الكشف الخاص ب (نور) فنظرت له بعدم فهم فأجابها
-اعتقد أن العلاقة بينا متستعديش إنك تدفعى أحنا نعرف بعض كويس و ٠٠
-مش معنى أننا نعرف بعض أنى اكل حقك ده حقك يا دكتور
-أنا متنازل عن الحق ده اعتبريها هدية أو إعتذار عن اخر مرة هزرت معاكى فيها
-ب٠٠ بس أنت اعتذرت وبعدين أنا حالتى المادية مش سيئة خالص ٠٠ أنا لما اختارتك مختارتكش عشان مجرد معارف لا عشان (عتاب) دايماً بتقول أنك دكتور شاطر وده أنا شوفته بعينى
نظر (ريان) حوله فقد توقف أمام ڤيلا من طراز رفيع ابتلع ريقه فلا يعلم اهى تعمل بتلك الڤيلا أم ماذا ولكنه لم يرد إحراجها فقال
-هقولك ع حاجة ٠٠ أنا هعزم نفسى بعد بكرة عندك فى الدار عشان اشوف اكلك حلو بجد ولا كنتى بتضحكى عليا اعتقد كده نبقى خالصين
قالها وهو يمسك حقيبتها ويضع بها النقود فشعرت هى بالأرتباك فتابع هو
-يلا تصبحى ع خير
-و٠٠ وأنت من اهله
قالتها ثم ترجلت من السيارة وركضت خارجها فابتسم هو عليها ثم هز رأسه بآسى ٠٠
*****************
كان يرتدى ملابسه أمام المرآة وجدها جالسة على الفراش وهى تضع أكثر من فستان أمامها وتضع يدها اسفل ذقنها وتكاد أن تبكى رفع حاجبه بإستنكار ثم نظر إلى الساعة التى
فى يده وعاد لينظر لها مجدداً
-الساعة 9 يا بنتى ايه ميعاد العشا
-مش عارفة البس ايه مش عاوزة البس أى لبس من دول
-ايه المشكلة يا (سچى) دلوقتى ؟
-أنا عاوزة ارجع اروح تانى مش عاوزة اقعد هنا
-هو لعب عيال ولا ايه ؟!
-مفيش فستان واحد مش هيبين أنى حامل وبطنى كبيرة
لوهلة شعر وأنه لم يستمع جيدا لها لذا قال
-افندم !!
-(منير) أنا جاية هنا عشان اتفسح وانسى أنى حامل هتفسح ازاى ببطنى دى
قالتها وهى تنظر لبطنها المنتفخة فجلس هو بجوارها على الفراش وقد مل تغير مزاجها فى الآونة الأخيرة من السئ للاسوء ثم قال
-اه وبعدين ٠٠ (شادى) عزمنا ع العشا تحت هتنزلى معايا ولا انزل أنا
-وأنت هيجيلك قلب تنزل من غيرى كمان !!
أمسك رأسه بغيظ شديد ثم قال
-انتى عاوزة ايه دلوقتى هو مش إنتى اللى كان نفسك تحملى اديكى خلصتى دراستك وحملتى ايه المشكلة
-أنت بتتعصب عليا كمان !! ٠٠ هو أنت مكنتش عاوز تبقى أب منى ولا ايه ؟!
هز رأسه بآسى وهو لا يصدق ما يسمعه منها ثم أمسك يدها بلطف وقال
-لا طبعاً أنا مش عاوز اكون أب غير منك إنتى وإنتى عارفة كده كويس
بدئت أن تهدء قليلاً فتابع هو
-عموماً أى فستان من دول هيبقى عليكى جميل جداً
نظرت له بأعين تريد تصديقه وسئلته
-بجد ؟!
هز رأسه بالإيجاب فابتسمت هى ثم قالت
-طب نقيلى بقى الفستان اللى يعجبك
نظر لجيمع الفستاين التى بجواره على الفراش واختار فستان لونه سيمون هادئ طويل ذو اذرع طويلة وقال
-اللون ده عليكى دايما. بيبقى حلو
إلتقطت منه الفستان ثم بدئت فى ارتداء ملابسها ووضع حجابها فوق رأسها ثم ذهبت معه نحو الخارج وهى تتأبط ذراعه ثم ذهبوا بالإسفل فى المطعم الخاص بالفندق حيث وجدوا (شادى) يجلس على طاولة فاتجهوا نحوه الذى رحب بهم بشدة ثم جلسوا ثلاثتهم على الطاولة فسئل (شادى) (منير)
-ها ايه رأيك فى الفندق هنا ؟
-مش بطال ٠٠ أنا طلبت منك تشوفلى فندق وقرية كويسة عشان (سچى) حابة تغير جو عن القرية بتاعت أخوها وزهقت من الاماكن المعتادة بس عاجبها المكان أكيد
هزت (سچى) رأسها موافقة على حديثه وقالت بهدوء
-المكان جميل جداً
فى تلك اللحظة كانت (ريما) تمر فى القاعة تبحث عن ذلك الوسيم الذى رأته بالصباح فوجدته جالس برفقة (شادى) ومع تلك الفتاة ولكن لسوء حظها رأت تلك البسمة المجاملة التى ابتسمتها (سچى) إلى (شادى) فظنت أنه مرتبط بتلك الفتاة ولكن ماذا عليها أن تفعل لتجلس بقرب ذلك الوسيم ما الذى حدث لها هى التى لا تنجذب لأى رجل ماذا فعل لها ذلك الشاب ابتلعت ريقها وقررت أن تتناول العشاء بالقرب من الطاولة الخاصة بهم وأن تسرق بعض النظرات لذلك الوسيم وبالفعل جلست على طاولة أخرى وطلبت طعام العشاء من أجلها وقررت مراقبة ذلك الوسيم دون أن يشعر فى حين سئل (منير) (شادى)
-مش ناوى تتجوز بقى ؟
-اقولك ايه أنا حكايتى نيلة خالص اعجبت بواحدة وخلاص ابتديت اتقرب منها
-وبعدين ؟!
-هووووب طلعت متجوزة
لم يستطع كلاً من (منير) و (سچى) منع نفسهم من الضحك فشعر (شادى) بغيظ شديد
-وبعدين معاكوا
وضعت (سچى) يدها على فمها وهى تمنع نفسها من الضحك لاحظ (شادى) وجود (ريما) فى الطاولة المقابلة لهم لذا استئذن من (منير) قائلاً
-ثانية واحدة
بعدها توجه نحو (ريما) التى شعرت بالإرتباك ثم قال
-ازيك يا آنسة (ريما) ؟!
-الحمد لله
-طب بما أننا فتحنا مع بعض صفحة جديدة تعالى اتعشى معانا
ابتلعت (ريما) ريقها أحقاً ستعلم هوية ذلك الوسيم هى عادة لا تقبل دعوة أحدهم للعشاء ولكن ستقبل كى تتعرف على من سلب عقلها ذلك فهزت رأسها موافقة ثم سارت مع (شادى) الذى قام بتقديمها لهم وقال
-آنسة (ريما) مديرة الفندق ووالداها يبقى صاحب القرية
ابتسمت لها (سچى) بود ثم قالت
-القرية كلها جميلة فعلاً
-ده من زوقك
وجه (شادى) نظراته نحو (ريما) ثم قال
-ودول يا ستى (منير البلتاجى) ومراته
رمشت (ريما) عدة مرات دون أن تصدق ما سمعته للتو متزوج ذلك الشاب متزوج شعرت وكأن أحدهم قام بسكب دلو من الماء البارد عليها اضيقت عينان (شادى) فهو يعلم رد الفعل ذلك جيداً ربما لأنه قام بتجربته كما أنه لاحظ نظراتها تجاه (منير) وهى جالسة بمفردها فلم يستطع منع نفسه من الابتسام فسئله (منير)
-مالك يا اهبل ؟
-اهبل بقى ماتاخدش عليا ٠٠
***********************
بعد أن وصلت (عتاب) لمنزلها شعرت بسعادة كبيرة هى حقاً تصدقه تلك المرة هو لا يريد سوى أن يراها سعيدة دلفت لداخل غرفتها فكرت قليلاً هل كان حقاً يستدعى الأمر أن تترك منزل والداها وتبيعه كى تهرب من مواجهة (رائد) الذى لم تستطع الهروب من حبه أبداً تنهدت بحرقة على غبائها فهى لم تشعر بما خسرته سوى الآن ذكريات طفولتها مع ابويها ولكن قد فات وقت الندم فقد اشترى المنزل رجل آخر ترقرقت الدموع فى عينيها ولكن قاطع تفكيرها ذلك صوت جرس الباب مسحت دموعها تماماً وتوجهت نحو باب الشقة وفتحت الباب لتتفاجئ بوجود (رائد) أمامها نظرت له بعدم فهم لما هو هنا الآن فابتسم لها وهو يمد يده بحقيبة بلاستيكية تنبعث منها رائحة (الشاورما السورية) التى تعشقها وهو يقول
-طلبت ليكى الاوردر ده بس مخلصنيش أنك تفتحى لبتاع الدليفرى
ابتسمت هى ثم أخذت منه تلك الحقيبة البلاستيكية بفرحة طفولية وقالت
-أنا فعلاً بحبها اوى
ابتسم وهو يستند على الباب ثم قال وهو يغمز لها بعينه اليسرى
-هى بس ؟!
شعرت بالخجل ونظرت لأسفل ثم قالت
-امشى بقى
-مش قبل ما تعترفى
-وبعدين معاك يا (رائد) !!
-ياااااه عمرى ما حسيت أن اسمى حلو كده إلا لما تنطقيه
-تصبح ع خير بقى
-بتطردينى !!
-امشى بقى
-ماشى يا حبيبتى وإنتى من اهله
قفز قلبها بشدة وهو يناديها ب (حبيبتى) وإلتف ليتجه صوب شقته فأغلقت هى باب الشقة ووضعت يدها نحو قلبها لتهدئ من جنون عشقها له ٠٠
***********************
فى اليوم الذى اتفق فيه (ريان) مع (ندا) للذهاب لها للدار ذهب لها وهو لا يعلم لما أراد أن يجدد مقابلته لها هو يعلم نفسه جيداً هو لا يريد الطعام من أجل علاج شقيقتها بالطبع ولا يشتهى الطعام لتلك الدرجة ولكن ربما شيئان جعلوه يعرض عليها أن يراها فى الدار أولهما أنه يريد مقابلتها حقاً وثانيهما يريد أن يعلم كيف يكون مذاق الطعام من يدها توجه نحو المطبخ الذى تعمل به فرحبت به (ندا) ما أن رأته فحدثها هو بمشاكسة
-جيت حسب الأتفاق ؟! فين الوليمة بقى
ضحكت (ندا) برقة لأول مرة لم يراها بتلك الرقة فقد أصبح يرى لها عدة وجه غير الفتاة القوية وجه الشقيقة الحنونة وها هى لها وجه آخر يتسم بتلك الرقة آشارت له بالجلوس ثم أخرجت من خزانة المطبخ طعام مغلف ووضعته أمامه على المائدة فرفع حاجبه بإستنكار وهو يرى اسم المطعم على الحقيبة البلاستيكية
-ايه ده إنتى شارية الأكل من بارة ؟
هزت رأسها نافية ثم قالت
-لا أنا اللى عملاه بإيدى
-بس الغلاف عليه اسم مطعم (٠٠٠٠)
-اه ده مطعمى ٠٠ مطعم بابا الله يرحمه وأنا ورثته
اتسعت عيناه بعدم تصديق ثم قال
-ثانية واحدة !! إنتى ليكى مطعم ؟!
هزت رأسها بالإيجاب فنظر حوله وحول المطبخ ففهمت أنه يرمى لماذا إذاً تعمل بالدار هنا فابتسمت ثم قالت
-هقولك المطعم ده بتاع بابا واخد سنين عشان يكبروا وبقة ليه سلسلة مطاعم كمان بابايا كان راجل أعمال شاطر اوى وأنا شلت الراية من بعده والمطعم بقى ليه زباين كتير الحمد لله وأنا دايماً شايفة شغلى هناك فى المطعم الرئيسى بليل وبتابع الباقى برده بس هنا فى الدار أنا تطوعت مستر (رائد) كان من زباين المطعم عندى وعجبه الأكل وطلب شيف من المطعم يشتغل عنده وبأجر كبير مش قليل بس أنا عرضت عليه اشتغ وبدون مقابل رفض فى البداية بس لمة عرف أنى مهتمة بالثواب مش بشئ تانى وافق بس أنا مبحبش اقول الحقيقة دى لحد حتى (عتاب) نفسها معرفتش الحكاية دى إلا من قريب
ها هو وجه آخر يراه جديد منها فهى ليست مدللة كباقى الفتيات لذا قال
-أنا حقيقى مش عارف اقولك ايه كل مدى ومدى إعجابى بيكى بيزيد
ابتسمت (ندا) بخجل ثم قالت
-عموماً الاكل ده عملاه بنفسى فى المطعم دوق وقولى رأيك
بادلها الابتسامة العذبة ثم بدء بتناول الطعام بينما هى كانت تترقب رأيه فى حين اتسعت عيناه من روعة المذاق الخاص بطعامها ثم قال
-واااااو أنا كده هبقى زبون دايم فى المطعم
شعرت هى بسعادة كبيرة لذلك الأطراء فتابع تناول الطعام وما أن انتهى حتى قال
-أنا كده دبستك متهيئلى ثمن الفيزيتا ارخص من الاكل ده كله وقال أنا فاكر أنى بعمل معاكى واجب
ضحكت (ندا) كثيراً ثم قالت
-بالهنا والشفا يا دكتور
نظر لها هائماً لتلك الابتسامة فشعرت هى بالأحراج لذا ارتبكت وقالت
-ا٠٠ أنا هقوم بقى اكمل شغلى
-ا٠٠ اه طبعاً اتفضلى بس تسمحى بعنوان المطعم ؟
اخرجت من جيب بنطالها بطاقة خاصة بعنوان المطعم ثم قالت
-لينا الشرف يا دكتور ٠٠ عن أذنك
قالتها ثم ذهبت لتكمل باقى إعداد الطعام الخاص بالدار بينما وضع هو البطاقة فى جيب بنطاله وودعها وأتجه نحو الخارج ٠٠
*********************
بعد مرور يومان كان موعد مقابلة (رائد) مع خالة (عتاب) وقد اتفق معاها أن زفافه عليها سيكون بالشهر القادم مع (أدهم) و (جميلة) فوافقت بعد أن شعرت بأن (عتاب) موافقة على الزواج منه فتلك المرة هى تثق به ليس لأن الجميع أخبارها عن مدى حبه لها بل لأنها رأت ما يكفى حتى تتأكد من عشقه الساكن بقلبها تركتها خالتها معه بمفرده وتركت أيضاً (أدهم) مع (جميلة) الذى جاء مع (رائد)  وذهبت لكى تحضر لهم طعام الغداء بينما جلست (جميلة) مع (أدهم) فى الشرفة لكى يتحدثوا كعادتهم فوجدته قال
-وحشتينى اوى
نظرت له بأعين زائغة ثم قالت له
-أنت مكنتش كده اتغيرت ٠٠ اتغيرت كتير عن زمان ثم نظرت له وهى تضع يدها أسفل ذقنها متأملة وجهه وهى تتابع
-ولا أنت كنت كده وأنا مش واخدة بالى؟!
نظر لها هائماً ثم قال
-أنا نفسى مش مصدق نفسى مكنتش فاكر أنى فى يوم هبقى كده أو هحب بالطريقة دى زمان لما كنت فاكر أنى بحب (روفيدا) كنت فاكر أن التعبير عن الحب شئ طفولى ومراهق جداً معاكى أنتى بلاقى نفسى بتصرف تصرفات عمرى ما كنت اتخيل أنى اتصرفها لدرجة أنى عاوز احط عليكى بلاستر كبير واكتب عليه ملكية خاصة ل (أدهم الشناوى)
نظرت لأسفل وهى تشعر بالخجل فابتسم على خجلها ثم قال مغيراً مجرى الحديث
-هتشتغلى بعد الجواز ؟!
هزت رأسها بالإيجاب ثم قالت
-عشان ابقى جنبك مش هسيبك لحظة واحدة  لا فى شغل ولا بيت
-هتنقيلى لبسى برده ؟!
اصطنعت التفكير وهى تضع يدها اسفل ذقنها
-اممممم لبس كله وحش عشان محدش يبصلك
-وأنا موافق
ضحكت هى قليلاً ثم قالت
-لو تعرف السعادة اللى أنا فيها مش هتصدقنى أنت كنت معذب قلبى اووى
-كنت حيوان مبفهمش ضيعت عليكى وعليا أيام كان ممكن يبقى ليها ذكرى حلوة
-اهو كلمتك دى هتفضل أحلى ذكرى محفورة فى قلبى
على الجهة الآخرى بالخارج نظر (رائد) إلى (عتاب) ثم قال
-ادينى اهو جيت لخالتك زى ما طلبتى
-عارفة
-إنتى مش عارفة حاجة خالص
-ليه بتقول كده ؟!
-إنتى متعرفيش اد ايه أنا بتعذب متعرفيش اد ايه أنا شايف نفسى قليل أوى فى نظرك ومستاهلكيش كمان أنا عذبتك وعذبت نفسى و ٠٠
قاطعته قائلة
-لو سمحت اقفل الصفحة دى اعتبر كل اللى فات كان مجرد جرح واحنا تخطيناه
-بس اثره موجود مبيروحش يا (عتاب)
-بإيدك تهتم بجرحك عشان مينفتحش مرة تانية ده الأهم مش أثر الجرح
ابتسم لها ثم قال
-إنتى إنسانة نقية أوووى ووجودك إنتى واللى زيك بقى نادر
-(رائد) أنا عاوزة اعرف عنك كل اللى معرفتوش عاوزة انسى اللى عرفته بس قبل أى شئ عاوزة ازور قبر (عاصم)
صمت (رائد) ثم هز رأسه بالإيجاب فتابعت هى
-ونفسى ارجع اشوف الولاد فى الدار كلهم وحشونى خصوصاً (حفصة)
ابتسم عند تذكره لتلك الفتاة الشقية ثم قال
-افتكر البنت دى لازم تعيش معانا منسبهاش لحظة
-ياااريت هبقى سعيدة بجد لو تكفلنا بيها فى بيتنا
اغمض عيناه عندما قالت (بيتنا) فتلك الكلمة يريد تحقيقها بشدة شعرت هى بما فى داخله فابتسمت ابتسامة يشوبها بعض الخجل ثم قالت
-أيوة بيتنا إن شاء الله هنبقى أنا وأنت فى بيتنا قريب
اغمض عيناه ثم نظر لأعلى وهو يقول
-يااااارب ٠٠
*******************
مر أسبوعان لم يحدث بهم الكثير سوى أن (شادى) كان قد بدء العمل فى التصميمات الجديدة بالقرية السياحية بينما كانت (ريما) تشعر بغضب شديد من نفسها كيف يكون أول رجل تقع فى غرامه يكن متزوج كانت هائمة على وجهها فى الفندق قررت أن تتناول طعام العشاء لتجد (منير) يطعم زوجته فى فمهة وزوجته تلك لا تكف عن الإبتسام عضت شفتاها بغيظ شديد وهى تجلس على الطاولة الخاصة بها فأتى (شادى) من خلفها
-ممكن اتعشى معاكى
ابتسمت ابتسامة باهتة ثم قالت
-ا٠٠ اه اتفضل اقعد
ابتسم لها ثم جلس على المقعد المقابل لها وجد عيناها معلقتان بشئ ما خلفه  فنزطظر ليرى علاما تنظر وجد (منير) وزوجته فإلتف مرة آخرى وابتسم وهز رأسه بآسى لاحظت هى بسمته تلك التى اثارت غضبها للغاية وسئلته
-أنت بتضحك ع ايه ؟
-مبضحكش
-لا أنت ضحكت دلوقتى
-ما بلاش اقول عشان متتحرجيش
اتسعت عيناها وهى لا تصدق وقاحة كلماته تلك فتابع اهو
-هو بصراحة راجل وسيم ورجل أعمال ناجح ويتحب بسهولة
-ا٠٠ أنت بتخرف ولا ايه ؟
اقترب منها بجزعه العلوى ثم قال
-اقولك ع سر ؟!
اضيقت عيناها بعدم فهم فتابع هو
-انا برده أول مرة اعجب بست رغم أنى شفت كتيى لكن الست اللى عجبتنى طلعت متجوزة
صمتت (ريما) قليلاً ولكن بعدها انفجرت ضاحكة فشاركها هو الضحك وظلا على هذا الحال لمدة لا بأس بها ثم قال هو
-حظنا ضرب نار
-جداً ٠٠ هو صاحبك من زمان ؟
-يجى من 3 سنين اتعرفت عليه فى شغل برده وعلاقتنا متقطعتش
-بس تعرف  رغم كل ده مراته قمورة
لم يعلق (شادى) على حديثها فتابعت هى
-تعرف يمكن عشان أول مرة اعجب براجل حسيت بصدمة لما عرفت أنه متجوز
-مش هكدب عليكى واقولك أن (شجن) كانت الوحيدة اللى غعجبت بيها بس هى نوع مختلف نوع يتحب أول ما يتشاف بس عادة أنا بحب كل انواع الستات
رمشت بعينيها قليلاً فابتسم عليها ثم قال
-إنتى جميلة يا (ريما) جمالك مميز جداً أنا عارف أنك معظم اللى اتعاملتى معاهم كانوا بيبصوا لشكلك وقوامك بس اللى لفت نظرى فيكى بجد أنك شاطرة اوووى وسيدة اعمال يجى منك كتير ومخك يتوزن بالدهب
لم تعرف لما شعرت بالأطراء لحديثه ذاك رغم أنه لم يتحدث عن جمالها أو اناقة ملابسها أو قوامها الممشوق ولكن يبدو أنها تحب من يتجاهل جمالها لابد وأن ما جذبها ب (منير) عدم تفحصه لها ولجسدها رفعت كلتا حاجبيها وهى تنظر ل (شادى) وحدثت نفسها قائلة يبدو أن احدهم لا ينظر إلا للجوهر والمضمون ثم بدئوا فى تناول الطعام سوياً ٠٠
*********************
خلال الأسبوعان الماضيين كان (ريان) يزور المطعم الخاص ب (ندا) كل خميس ويستمتع بتناول الطعام من يدها أحدهم قال أن اقرب طريق للرجل هو معدته كلما كان يتذمر من تلك المقولة كان يشمئز منها أى رجل ذلك الذى يحُب ليشبع بطنه فقط لكنه لم يكن يعلم أنه ذاك الرجل أم أنه فقط عشق الطعام لأنه من يدها اصبح لا يعلم حقيقة ما بداخله وشعوره نحوها ولكن تلك المرة يشعر بشعور مختلف مشاعر هادئة ليست منجرفة ليس افتقاد لوجود الحب بحياته بل السعادة تحيط به كلما رأى وجهها الهادئ البشوش الذى لا تفارقه الإبتسامة ٠٠
كان اليوم هى الجلسة الخاصة ب (نور) جلس معها وتحدث ببعض الأمور وظل يطمئنها كلما شعر بخوفها وبعد ذلك عرض أن يقوم بتوصيلهم فوافقت (ندا) التى وافقت بالأصل كى تراه اطول مدة ممكنة نزل معاً وهم يضحكون ويمرحون ثم فتح (ريان) باب سيارته ل (نور) وقبل أن يفتح باب السيارة ل (ندا) استمع لصوت أحدهم ينادى عليه
-(ريان) ٠٠

#عتاب

عتاب بقلم علا السعدنيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن