رَبَطت الوحدة على قلوبهم

339 41 8
                                    



بين عتمة المساء، ونورُ الهِلال، وظلال أوراق الشجر التي تحط على الأتربة، يمسك تين بيد تايونغ، يصعدان التل بحذرٍ ويَشُدّانِ بعضٍ، على أمل ألَّا تَهِن رئتي تين

قال تين مُذكِّراً: أنت قلتَ حين انجلاء النجوم، تحينُ الثامنة!
رَدَّ تايونغ مؤكِّداً: حين تمتلئ السماء تماماً، ولكن حتى ذلك الحين، قُل لي ما بِكَ تخاف التَّل هكذا؟ . أشاح تين وجهه غير راغبٍ بالإفصاح، وتفهَّمَ تايونغ قليلاً

قال تين بهدوء: مساء هذه الضواحي.. يا للفتنة! . ابتسم تايونغ مُمتَن
قال: صدقني ستأتي ليلة لن تعترف بها -حتى- بكلمة النهار، من فرط جاذبية هذه الأوقات
رَدَّ تين مُتحدياً: لا تضحكني! الليل بارد، وأنا أُعادي البرد أَيَّمَا عِداء، نفسياً وجسدياً
سَخِرَ تايونغ: كَمْ أنت ضعيف! . تحسس تين واهتاجت غدده الكظرية بسرعة
رَدَّ بلذوعة: أعلم ذلك مسبقاً! لا تحاول تشتيت أعصابي! . ألقىٰ على وجه تايونغ نظرة حادة
نَكَّسَ تايونغ رأسه حين أحس أنه داس على أرضٍ مُلغَّمَة، أراد الاعتذار، ولكن، بالنسبة له، لا سبيل للكلمات الهَشَّة هذه .

-

سَرَت خشخشة رياحٍ خفيفة حرّكت الأشجار ولَوَّت الوريقات المتساقطة على الأرض
وفي الأعلى، حيث يمكث كليهما في المكان 'السرّي'
لمعت مقلتي تين وابتسمَ ابتسامةً خفيفة
قال بصوتٍ تأمُّلي: *"استمع إلى هَمْس الغابات!" . أوغَلَ تايونغ أصابعه بشعره ورَدَّه للوراء
عَلَّق بِلُطْف: أنت حالِمٌ للغاية! . امتلأ قلب تين دِفْئاً
ارتاح تايونغ وارتخت عضلات كتفيه

جلسا على فَرْشةٍ قد فرشها تايونغ منذ زمن، خَلَعَ تين حذاءه ويليه جوربه، كاشفاً عن قدميه
طقطقها برفقٍ وتنهَّد، حَدَّقَ تايونغ به، نَحَتَ تفاصيله بحدقتيه نحتاً
أعاد تين رأسه للوراء، قال مُتهنّياً: كم أتمنى ماءٌ دافئٌ أنقع قدمي به وأسترخي!
استقام تايونغ بسرعة وسار للخلف، لَفَّ تين رأسه وسارَ بعينيه على خُطىٰ تايونغ
كان هناك سِتارٌ بسحّابٍ مِن المنتصف، يستر ما بدا لتين كهفٌ مصغَّر موجودٌ مِن الطبيعة
فَتَح تايونغ السحّاب ووَلَجَ للداخل، وقد خرج مجدداً وعلى ظهره حقيبة صفراء نامت عليها الأتربة والخدوش، وبين يديه حامِلُ غازٍ وفوقه قِدْرَ طهوٍ مُطَعَّج

بابتسامةٍ دافئة، جَلَسَ على ركبتيه ووضع الحامل أرضاً، ثُم مَسَّدَ ظهره براحة يده قليلاً، كان يبدو في غاية السرور، كما بدا لتين
وضع الحقيبة جانباً وأخرجَ منها عُلبة ماءٍ طويلة، وأفرغَ الماء منها إلى داخل القِدر
ضَبَطَ قابض التحكم وسط حامِل الغاز، ثُمَّ وبولاعةٍ طويلة الأنف هو قَدَحَ النار، وسَخَّنَ الماء

التفت لتين الذي لا ينطق، حائراً
قال له: أوتَحْسَبُ أنه مكان تسلية وحسب؟ إنه معتزلٌ كامل!
تساءل تين: ألَا تخاف الأفاعي أو أي احتمال خطير؟! . ضَحِكَ تايونغ تلقائياً
قال بثقة: لا تأتي الأفاعي هنا! لا حاجة للخوف يا رفيق . ابتسم تين، طَاحَ بعض شعره الأسود أعلى خدته اليُمنىٰ
بَسَطَ تايونغ يده فوق القِدْر ليخمِّنَ حرارة الماء، ثُمَّ أبعدها، كان كُل عشر ثوانٍ تقريباً يكرر الفعلة
حتى جَرَّ تين معه، وأصبح الآخر يكرر الفعلة معه
حتى تبيَّنَ لتايونغ أخيراً، أن الماء قد سَخُنَ قبل أن يغلي، فأطفأ النار
التفت لتين وقال: أعتقد أن لدي صَحْفَةً هنا انتظر دقيقة! . استقام على عَجَلٍ وعاد للداخل

LUDUS حيث تعيش القصص. اكتشف الآن