"أراكَ غداً؟" يقفان وسط حقل القمح مُتقابلَين، يميل تين رأسه ٦٥ درجة لزاوية نظر تايونغ، يسأل بأمل
قال تايونغ: غداً الثلاثاء، نحن نسكن البيوت فقط يوم الثلاثاء، تكريماً لروح الجد الأكبر . قَطَّبَ تين حاجبيه متسائلاً
أجاب تايونغ عالِماً: لاحقاً، سأسرد لك التفاصيل، أما الآن فقد بدأتُ أجوع، تصبح على خير! . لَوَّحَ بيده باسِماً واستدار يحفر دربه وسط سيقان القمح جافّة المَلْمسولكن تين، لا يزال واقفاً ينتظر توضيحاً، هناك أحجية في كل جُملة يلقيها تايونغ، كأنه يصطاد ولكن فقط من يختار بنفسه أن يقع...
_____________
صُبْح الثلاثاءيمدد جسده بوضعياتٍ مشدودة ليَلين عظمه، وسط المنزل أسفل الشمس
بعد أن غطس في ماءٍ دافئ وهدأت أعصابه، وضع المنشفة على رأسه وتنهد مرتاحاً
رتَّبت عمته الأواني على الطاولة وقسَّمَت فطيرة التفاح وسكبت الحليب لثلاثة أرباع الكوبَين
اِتَّخَذَ مقعداً مقابل العمة، وبدأ يقسم من الفطيرة في صحنه مقدار نصف الملعقة، قَعُدَت هي والطاقة تحيطها وتنتشر منهابابتسامة قالت: حسناً، ما موضوعنا اليوم؟ أتعلم يا شاب.. خَطَرَ ببالي البارحة، رُبْما أنتَ كثير التعب لأنك لا تتحرك، لا أقصد التطفُّل أو التعجرف، ولكن، أنت ساكن أطول وقت طوال اليوم، رُبما آخُذُكَ معي للمشتل غداً، لتزرع معي وتمرِّن عضلات قلبك وهي الأهم. مَضَغَ تين لقمته دون عَجَلٍ ثُمَّ ابتلعها، ابتسم حتى تقوس حاجبيه بِوُد
قال بنبرةٍ مطمئنة: لا تقلقي من هذا الشأن، نقاء الأضحية هنا يعوضني عن قل الحركة، ولكن الأهم، أنا اتخذتُ قراري، غداً لا مشتل، غداً سنزور تايونغ ووالده، عليكِ أن تتجهزي لهما، لا مماحكات رجاءً . أشاحت عينيها جانباً وقد بَرَدَ ماء وجهها
قالت: لا، لا يمكنني زيارته، ربما لن تفهم، حصل موقف-
قاطعها تين: تقولين موقف وتتحججين أنا توقعت، نحنُ لا نأخذ بالماضي! أنا قررتُ-
قاطعته بهدوء: تين، يا شاب، ألم تسمعني حين قلتُ ابتعد عنهما؟ . رَمَشَ تين
نَزَلَت جفونه حتى اختفى بريق عينيه
"لا يمكن" قال تين
قالت هي: أنا لا أخاطر بمشاعري أمامه، ليس بعد أن تجهَّمَ في وجهي-
قال تين وقد تمكَّنَ الغضب منه: لكني اختنقتُ بالوحدة التي يعيشها تايونغ! رأيته يكبح دموعه بقوة! أنتم حتى لم تكلفوا أنفسكم سماع قصتهم والتفهم لحالهم! فقط لأنه صاحب الوجه المتجهم نحن نتحاشاه لكيلا يسخط علينا؟! يا لِمنطقكم الأعوج! هيا يا عمتي اتركي اللؤم . تراكضت أنفاسه حين أنهى جام غضبه
لَمْ تنطق عمته بعدها، صَمْتاً حَلَّ بالبيت، لدرجة سُمعت الرياح وهي تحُكُّ ورق الشجر خارجاًأخذ تين نفساً عميقاً وزفره، لَمْ يستطع إكمال الفطيرة، شعرَ بغثيان، طغى طعمُ القرفة على التفاح المفروض، وتخيَّلَ شكل الحليب يدور داخل معدته ويرج ما يأكل، لا يعلم كيف يتحكم بأعصابه، ليس من أصله ممارسة اللغو الذي لا يشبهه، ولكنه فعل، انتقل السخط من عمته إلى نفسه، عليها
وضع ملعقته على الصحن وتأدَّبَ في جلسته
قال بصوتٍ خافت: أنا آسف . نَكَّسَ رأسه
أكملت عمته فطورها دون إضافة المزيد
أنت تقرأ
LUDUS
Romanceنبيتُ ليلاً فارغين، ونصحو صباحاً لطيفين، في حقول الأراك وبين الياسمين نستظِلُّ بِظلال شجرة برتقالٍ مُعَمِّرة، ونعيش هدوءً مرجوّاً باسِمين . || حُبّاً طفولياً || مِثْلية .