ظِلٌ نَحَتَ وَجْهَهُ

250 38 14
                                    




سجىٰ الليلُ عليهما
يستلقيان جَنْباً إلى جنب ينسخان طِباع بعضٍ دون إدراكَهُما
هَمَسَ تين وهو ينظر للسماء: يا لِكمالِ مَن خَلَق . مرّت لحظةٌ هادئة صامتة
ثُم قال تايونغ: هل تؤمن بالله يا تين؟
ردّ تين بهدوء: إنه حقيقي، موجود، يراقبنا ويحمينا، إحساسٌ دافئ يربض على قلبي كُلما تذكّرته
قوةٌ مخفية عن الأنظار لا يراها سِوى المُصْطفين مِن خلقِه، إنه لا يفنى أبداً! شيءٌ أسمىٰ من المنطق البشري المحدود . قال ذلك مُبتسماً، وأرخى كتفيه
ثُم قال بعد تردد: لكني، لا أعمل شيئاً لأجله، كُل ما أفعله هو تقديره والإيمان به، أنا رُبما فاسد؛ لأنهم يقولون أن هذا لا يكفي، لا شيء وأنِّي مُجْحِف
رُبما سأهوي في الجحيم بسبب ذلك؟ لا أعلم مصيري ولكني أيقن أنه آتٍ، إنه حقيقي أكثر مني ومنك!

نطق تايونغ بنبرةٍ تحمل ندم خفيف: أنا.. لا أعرف الله، لم أفكر به يوماً ولم أستشعر وجوده، قد مَرّت علي مرةً في حياتي نُبْذَةٌ عنه، ولكني تجاهلت، والآن أنت تقول أنه حقيقي، أظنني أنا من سيهوي في الجحيم قبلك! إن كان هناك جحيم... . ابتسم تين ابتسامةً لطيفة
قال: لا أُمانِع إنْ هوَينا سوياً، لكن لا أظن أن الله يغضب على أصحاب القلوب الصافية، أنا وأنت، نعيش بقلوبٍ نظيفة، ألسنا كذلك؟ . حطَّ راحة يده على العُشب وبحث عن يد تايونغ،
أمسكها بين أصابعه وسمح لتايونغ بتلمُّس يده واستكشاف كُل عِوَجٍ يمُرُّ بمسامات جلده الناعم
كان شعوراً لانهائياً، شيئ لن ينتهي وإن انتهىٰ الدَّهْر
قد غلى دم قلبه وسَخُنَت أُذُنَيه، كذلك تورَّدت وجنتيه حُباً في تلك اللحظات الخاصة

-

جلس تين، هَمَس: تايونغ؟!
رَد تايونغ: همم؟ . رفعا مقدمة حواجبهما معاً
قال تين: يجب أن أعود للبيت، أنا جائع . جلس تايونغ وقد تنبَّهَ لشيء
قال بحماس: صحيح أنت لَم تأكل ما أطبخ للآن؟! . كانت أصابعهما مشبوكة بخفة شديدة على الأرض، مهمولة
سحب تين يده ونفى بها بسرعة، قال: كلا كلا لقد وعدتُ عمتي قبلاً ألّا أتخطى الوجبات معها! إن أردتَ يمكنك المجيء ومشاركتنا . تنهَّدَ تايونغ
قال: هذا لن يحدث، أنت تين، تَخَيَّل أن آتي وفجأة تهرب بعيداً وتقول لا أريدكما سوياً أو شيء كهذا! . قهقهَ تين مُحْرَجَاً
قال: لن أفعل ذلك مجدداً! . استقام تايونغ ومَدَّ يده لتين، ليقيمه
أطاعه تين، اِتَّكأ على تايونغ بثُقْلِه
سارَ به تايونغ تاركاً مسافة، ويُؤَرْجِح يديهما فيما بينهما
نزلا من فوق التل وسارا بصمت إلى القمح، يتأملان الدرب واليراعات

قال تين: لا زلتُ أكره الليل، ولكن لا يمكنني جحود هذا الجمال، انظُر إلى البدر فوقنا.. ما أكبرَه! يضيؤنا بقوة
وانظر إلى اليراعات تحوطنا من كل مكان، انظُر إلى شحوب القمح، اسمع غناء البومة، صفير صراصير الليل ينذر باقتراب الصيف- . صَمَت
نغزه قلبه حين تذكَّرَ اقتراب الصيف

LUDUS حيث تعيش القصص. اكتشف الآن