زَمَنُ الرِّفْقَة

251 36 12
                                    



*:قد يحتوي هذا الفصل على نَصْ عدائي، ليس لي صِلَة شخصية بالنص، إنما وجهة نظر تين في هذه القصة فقط، لذا؛ أرجو احتراماً وقبولاً.

__________

غربت الشمس وانتهى زمنُ اللون البنفسجي حولهم
أصبحت دُنياهم زرقاء داكنة، مع انعكاس القمر على البركة الآسنة
استقام تين ينفظ بنطاله
لحق بتايونغ خطوتين، وسار يؤرجح ذراعيه

سارا مغادرَين شجرة البرتقال، سارا إلى التل.

-

جلسَ تايونغ بقوة وتنهَّدَ غير مهتم، جلسَ بجانبه تين مراعياً أكثر
كان لسماء الليلة وقعها القوي على نفوسهم، مُرصّعة، مُزيَّنة، بارِقَة، مثقَّبَة، داكنة، مُضاءَة
كأن النجوم وشاحٌ رحّال

بادرَ تايونغ حديثاً: إذاً يا تين، هل أنت عاشق؟ أعتقد أنك خجول للغاية، لا أعتقد أنك فارغ، ربما تنتظر انتهاء الإجازة لتعود لمحبوبتك وكلك لهفة! . يقول ذلك، وكله مُبهَم الإحساس
رد تين متقززاً: ما لا أتمناه هو وجود فتاة في حياتي، كم أنَّهُنَّ مزعجات، مُقرفات وتافهات! حتى اللواتي يظنون أنهنَّ ترَفَّعْنَ عن قريناتهن، تعتقدن أنهن أفضل والجميع ناقص! يا للقرف..." أحنى رأسه
أطال تايونغ النظر لوجه تين وقد بدأ يُساوِره شكٌ من نوع معروف
انزعج تين وقال ناهياً: لا تنظُر إليَّ وكأنني شاذ!
تساءل تايونغ: أأنتَ كذلك؟! . لم يتوقع تين شفافية تايونغ هكذا، انحرج وانكمشت أكتافه
لَم يقُل شيئاً

قال تايونغ: لا أُحِبهُنَّ أيضاً، ولكن يجب أن تدرك أنهن مختلفات عن بعض تماماً، لكل شخص روحه، أفكاره وبيـ-
قاطعه تين: لا أهتم! . انصدم تايونغ، من سلوك تين الغريب، ظَنَّ أن لديه مشكلة أعمق ضد الفتيات، لَم يُضِف المزيد

مَرَّت فترة باردة عليهما

قال تين، بصوتٍ مقطوع: أتساءل عن الكون، الكواكب.. لو كان لكل كوكب لُغة، تخصُّص، أو نمط
كان الأرض كوكب منبوذ، جميل بقذارة ولم يكن هذا خطؤه، ولا اختيارُه، لا يسكن على الأرض إلا كبار السن، من يبحث عن استشفاء وانغلاق، وكان المشتري كوكب الفنانون، الشاعريون، الحالمون، الكاتبون والقارئون، الحساسون، الأحرار، كله جمال
وكان عُطارد كوكب القوانين، الحُكّام، القُضاة، الناقدون، لطالما شعرتُ أن المشتري وعطارد ينفران من بعض
أما بلوتو.. لرُبما كان للفيزيائيين، الأطباء أو الكيميائيين، العلماء كلهم، يعيشون في بلوتو، ونِبْتون حيث الصنَّاع، من يحيكون ويغزلون، يزرعون، يبتكرون، يخترعون، يدرسون، نبتون للمجتهدين، وعلى عكسهم الزهرة، جميعهم كُسالىٰ، ولكن عبقريون بالفطرة، أهل الزُّهرة يترفعون على أهل نبتون؛ لأن كل حياتهم بالحظ، يقولون أن الله معهم أو شيء كهذا
ولكن أهل نبتون لا يهتمون، ناضجون وفاهمون، يتابعون العمل بجد
أعتقد أنك كنتَ من أهل نبتون، وأنا من المشتري، بطريقة ما، في محطة من محطات الكون، نحن التقينا، صحيح..؟
دعنا لا نلتفت للمريخ، لقد أحرقوه، يشبه المرمى .

لَمْ يَكُن تايونغ يُنْصِت، كأنه يتيهُ لشيء

ما إنْ صَمَتَ تين، حتىٰ مالَ عليه تايونغ وقبَّلَه على وجنته برِفْق
قال تايونغ: أنتَ ليِّن! . تخدَّرَ وجه تين
قال بخفوت: أنت.. جريء! . تنمَّلَتَ أطرافه بالفعل
لم ينزعج مِن تايونغ ولَم يدفعه

أمسك تايونغ يده لتتوقف الرجفة، همس: أنا أعتذرأعتقد.. لأن- . تلعثَمَ تماماً
أدركَ ما فعلَ حين صحيَ من شروده
أحنى تين رأسه يضحك وحاول كتم صوته لئلا يدوي صداه في القرية ويفزع الأهالي النائمون
تأمل تايونغ مع ابتسامة وسيعة، رُفِعَت مقدّمة حاجبيه ودّياً، سحب يده مِن حُضْن تايونغ واستلقىٰ على ظهره يتأمّل الليلة المُقمرة مع نجومها الوليدة

على الأغلب هو لَمْ يَكُن يُحب النوم لكيلا يقطع أحداث الروايات
الآن، أصبح لا يريد النوم لأنه يريد استغلال أطول وقتٍ برفقةِ تايونغ...

-

انتهت سهرتهما، نزلا من التل
تذكَّرَ تين البداية، حين كان يفرض حدوداً، أن يبقى برفقة تايونغ إلى الساعة الثامنة وحسب، حين تُمْسي أصغر النجوم واضحة
والآن، أمسىٰ لا يشعر بالليل إلا انقضىٰ أوَّله كله

العاشرة مساءً
تثاءَبَ تين

غاص وسط القمح، يستعد لتوديع تايونغ
قال تايونغ بصوتٍ هادئ: تين، الجو باردٌ الليلة، تلحَّف جيداً أرجوك! . ابتسم تين ابتسامةً ودّية وأغلق جفنيه حينها
قال عارفاً: أُحِبُّك يا تايونغ! تُصْبِح على خير . أخذ يد تايونغ وهزها برفقٍ، وبعدها انفصل عنه وركض للمنزل حيث عمته بانتظاره بقلبٍ دافئ، قد خَجِلَ تايونغ كِفايَةً وعاد أدراجه

كُلُّ شيءٍ معه سهلاً مِثْلَ نَسْمةِ ربيع.

LUDUS حيث تعيش القصص. اكتشف الآن