أزيزُ نحلةٍ هَدَمَ نعيم تين
كُلُّ مَرَّةٍ يحاولُ طَرْدَ الصوت، يعود يقوىٰ حتى يَكادُ يَفْقأ طَبْلةَ أُذُنه
فتح عينيه مُجعِّداً حاجبيه، انشدّت أعصابه حين رأىٰ نحلةً بُنيّةً تدور فوقه
سَلَّلَ يدهُ أسفلَ البطانية ببطءٍ كَيْلا تنتبه النحلة لحركتِه
ولٰكنه لا يَذْكُر أنها ترى أطوالاً موجية ممنوعةً على شبكية البشر
سحب كتاباً وبسرعة قوية صفعها فسقطت دائخة على الأرضِ الخشبية
لا تزالُ تَؤُزُّ وأزيزُها يطنُّ بدِماغِ تين ويرجُّهاستقامَ بصَدْرٍ ثقيلٍ وصُداعٍ يعانقه، بقيَ واقفاً لثوانٍ، يُطْبِقُ عينيه بقوةٍ محاوِلاً إذابةَ الدوران
رفعَ قبضتَه وشدَّها، لَمْ يشعُر بجسده، إلا وخبَطَ على السرير فاقداً السيطرة، كأنَّ جيشَ نَمْلٍ يُلَغِّمُ دماغُه بنيَّةِ تفجيرهِهو يَعِي، ولكن قواه خائرة، دائخ ولكن يرى ويُفكِّر
يشعرُ أنه يطفو بدونِ وَزْن، فقدَ قوته بدونِ سبب، وكُلُّ ما هُناك هو طَنينٌ يَسْحَقُ سمعَه، كأن أحدَهم يَسْكُبُ في أُذُنِه رَصَاصٌ حارِق فيحفُر دَرْباً بطيئاً داخلَ رأسِه
صارت دُنياهُ في ضبابٍ خفيف، وأخَذَ الضبابُ يَكْثُفْ حتى زاغَت مُقلتاه
كم يكره الإغماء المفاجئ .-
اليوم
كانت الشمسُ قويةً عليه
تلاشى النمل مِنْ رأسِه، الْتأمَ دربُ الرصاص، وأُمْطِرَ الضبابُ من عينيه
عادت أوضاعه متوازِنةهذه المَرة استقامَ بحَذَرٍ وسارَ مُتمسّكاً بالجِدار، برِفْق
نزلَ لأسفلباعتياد، ينزلُ الدَّرَج آمِنُ الخُطىٰ، على أطرافِ أصابعه
وعلى آخر درجتين
التمحَ كياناً لََمْ يَتوقَّع أبداً وجوده، في هذا الوقت، في هذا اليومانفعلَ تين قائلاً: أبي! .
التفت له كِلا والده وعمته في آن، ولكن عمته تلتفت باسمةً دائماً
تشتَّت أفكارُ تين
جلسَ مُستعداً لهجمات أُخته من أسْفَلِ الدرج
ولكن لَم يكن هُناك أيُّ حركة، لَم يشعر بأيِّ نَفَسٍ في الغُرْفَةِ عدا ثلاثتِهمنطق مُحتاراً: ما الأمر؟ . تشاءَم
سكبت عمته شاي إنجليزي أسود في كُوبٍ زُجاجيٍ شفّاف
قال والده وهو يلقمُ الشايَ سُكَّراً: كيف الحال يا تين؟ أراكَ تستيقظ مُتَأخِّراً هنا انظر إلى الوقت إنَّها الثانيةَ ظُهراً! .
التفَتَ تين للساعةِ وعَقْرَبُها يتدلىٰ يَميناً شِمالاً أمامَ التُّروس
تمتم: استيقظتُ الصباح ولكني...قالت عَمَّتُهُ فَرِحَة: سأقطفُ بَعْضَ الليمون . أمسكت سلةً وخرجت
تبعها تين إلى الباحة
همسَ متوتراً: هل عَلِمَ أني أبقى لوقتٍ طويل في الرياح؟! . نثرت شعرها وتموَّجَ حتى استقرَّ لمُنْتَصف ظَهْرِها
قالت: أخبرتُهُ أنَّكَ بأحسنِ حال، ولستَ بحاجةٍ لعناية مُشدَّدة . تنهَّدَ تين
قال بخفوت: أرجوكِ، لا تخبريه عن تايونغ! لن يسمح لي بالذهاب للتل كما أُحب . بدأت عمته تقطف الليمون مُتجاهِلَةعاد تين إلى والدِه صامتاً
جلسَ على الكرسي أمامه وارتفعتَ أقدامه عن الأرض، أرجح قدمه اليسرى برفق
قال والده: الجو هنا أبرد من المدينة
رد تين بحدة: ولكنه أنقى!
قال والده: ألَا تشكو؟ . تاقَ تين إلى تايونغ
أجابَ: أنا بخيرٍ تماماً، لا أريد العودة الآن، أبداً!
قال والده: لَمْ يبقَ الكثير على انتهاء إجازةِ الربيع .
هَزَّ تين كتفيه استهجاناً
كُلُّ ما يَشْغَلُ بالُه الآن، هو كيفَ يهرُب إلى تايونغ ويونَبِّئْهُ بمجيءِ والدهولكنِ اليومَ كاملُ انقضىٰ
.
. وتين لَمْ يفعَل
أنت تقرأ
LUDUS
Romanceنبيتُ ليلاً فارغين، ونصحو صباحاً لطيفين، في حقول الأراك وبين الياسمين نستظِلُّ بِظلال شجرة برتقالٍ مُعَمِّرة، ونعيش هدوءً مرجوّاً باسِمين . || حُبّاً طفولياً || مِثْلية .