جالسا في المقاعد الأمامية .. أتأمله .. ذلك الموسيقار المجنون .
بشغفه بابتسامته و بتعابيره المتألمة .
كل نوتة استحضرت تعبيرا مختلفا .
يده الحرة التي داعبت الهواء مع الإيقاع وجسده الذي تفاعل مع الموسيقا .
تلك المشاهد والتي الفتها طويلا مازلت تستحضر فيّ ذات الشعور .
رؤيته يؤدي بتلك الطريقة كانت تجعلني سعيدا .
رؤيته سعيدا كانت تجعلني سعيدا .
انغماسه ذاك يجعلني سعيدا .
وامتلاكي له يجعلني سعيدا .بينما أرى مسرحه وأغرق بموسيقاه أتساءل .
كيف اختارني أنا ذاك المجنون وكيف احببته بدوري ؟هل كانت زيارته إلى روضة الأطفال التي أعمل فيها السبب ؟
أم محل البقالة التي تواجدنا فيه في ذلك الوقت ؟ .
ام كان السبب هو شقته القريبة من منزلي ورؤيته لي مصادفة ؟ .
هل كانت الحديقة التي أخذت الأطفال إليها للتنزه وكان متواجدا ؟ .بالتفكير في ذلك يبدو الأمر وكأنه مقدر لنا أن نكون سويا .
لكنني أعلم أن الأمر ليس كذلك ولم يكن يوما كذلك .لقد كان ذوقه العجيب وأفعاله اللامنطقية .
الأمر مضحك حقا بتذكر بداية علاقتنا .
لقد كانت مرتي الأولى في محادثته عندما قطع علي طريق العودة إلى المنزل أمام شقته .
" هل تسمح لي بتحويلك إلى نوتة ؟ " .
ذلك المجنون قد اخافني حد الجحيم .
لقد هربت إلى المنزل جريا في ذلك اليوم بينما يصرخ باثري .
بعد هذه الحادثة حاولت تجنب ملاقاته حتى أنني قمت بأخذ الطريق الطويل إلى العملي وتحملت خسارة نصف ساعة من نومي مقابل ألا أمر أمام شقته .
لكن للأسف تقليص وقت نومي ذهب سدى .
فقد قام بمقاطعة الطريق الآخر
أعتذر عن اخافته لي وأخبرني أنه فقط يحتاج لي ان أكون معه لبعض الوقت كالهام .وكأن ذلك كان أقل ريبة ... الأحمق .
عندما أخبرت أحد أصدقائي بما حدث هو وبخني ونعتني بالاخرق الجاهل .
لم أكن أعلم أنه موسيقار وصديقي أنار بصيرتي لكن مازال ذلك مريب .
بعد إلحاح طويل من صديقي أنا قابلت كاي مرة أخرى وأخبرته أنني موافق ، أعني أنا لن اخسر شيء بفعلي ذلك .
وندمت لموافقتي ، ليس الآن طبعا ولكن هذا كان شعوري في ذلك الوقت .
بالتاكيد الجلوس لساعات صامتا في غرفة مع رجل مجنون يكتب النوتات بسرعة مدخن شره وينتقل كالممسوس بين الآلات التي تملئ الغرفة وبين كل فترة وأخرى هو فقط سيتوقف وينظر إلي مدة لا يعرف سوا الإله مدى قدرها ثم يعود إلى أفعاله المقلقة .
بعد عدة جلسات أخبرني أنه أنتهى وشكرني كثيرا .
كما قام بتقديم دعوة لحفله لي .لم أكن أملك نية في الذهاب لكن في تلك الليلة وجدت نفسي هناك بالفعل .