اللهم أني لما انزلت إلي من خير لفقير
الحلقة السادسة
ـ تفاجأت سلمى من كلامه : لا والله أنا أسفة لو كنت ضايقتك، أنا مش قاصدة، أنا بس خيالي كان سرح بيا شوية لحاجة كده وأتأثرت لما بعدت عني.
ـ سليم متسائلا : حاجة أيه دي.
ـ سلمى تفرك يديها من فرط التوتر وتنظر اليهما : أخاف أقولهالك، تفهمني غلط تفتكر أني كنت باقنعك عشان مصلحتي أنا.
ـ سليم مخففا عنها حتى تبوح بلا وجل : لا يا سلمى أنا عارف أنك بتدوري على مصلحتي، وهاصدق كل اللي تقوليه.
ـ سلمى أطمئنت قليلا وبدأت تسرد له ما دار بخلدها كحلم راودها : أنا لما فكرت في موضوع أننا ننقل لشقة أرضي كانت نيتي زي ما قولت لك، أن حركتك تبقى أسهل وأريح وتقدر تخرج لو حبيت، بس عقلي سرح شوية أنك لو وافقت، أننا ممكن ننقل في منطقة قريبة من شارع **** في وسط البلد.
ـ حيرته جنيته فهي ما تنفك تضع العقد بعقله وقلبه معا وهيهات ان يستطيع حلها : واشمعنا وسط البلد يعني ؟
ـ سلمى بنبرة ملأها الشوق والحنين : سولي هناك.
ـ سليم وقد فتكت به الظنون : سولي ؟
ـ سلمى بحب ولهفة ولمعة عينيها تغني عن اي استفسار : سليم ابني، هو عايش هناك مع أخوه، ومراته لانهم مش بيخلفوا [ توقفت للحظة تحشرج الصوت بداخلها ثم اجلت صوتها واكملت ] تخيل أن ممكن أبقى ساكنة قريب من المنطقة اللي هو فيها، وممكن المحه مرة وهما خارجين.
تنهدت بشوق وهي تغمض عينيها وهي تتخيل صغيرها باحضانها، تطلع لها بابتسامة سرعان ما تحولت لضيق دون سبب واضح.
ـ سليم تلجلج الكلام على لسانه فخرج مضطربا كحاله : خلاص تصبحي على خير، وزي ما قولتلك أقفلي الموضوع ده نهائي دلوقتي.
ـ نظرت اليه سلمى بتمعن تحاول سبر اغواره فلاح لها سبب امتعاظه فاهدته تلك النظرة الحنون علها تهدئ باله : أنا مش أتكلمت معاك عشان أضغط عليك، بس فعلا أنت أكتر حد محتاج الخطوة دي وهتفرق معك جدا، وربنا شاهد أني مبدية راحتك في الموضوع ده على قرب البيت من سولي، يعني أن مش هاوافق أسكن في أي بيت الا لو وافقوا أننا نعمل منحدر عرض متر في المدخل والبلكونة لو فيه، عشان تتحرك بالكرسي براحتك وتدخل وتخرج بسهولة.
ـ سليم وقد فهم سر تلك النظرة المهداة ولكنه ليس مستعدا بعد لتلك الخطوة : خلاص بقى يا سلمى، ونامي بقى عندك عزومة بكرة ولازم تشرفيني.
ـ سلمى بهدوء ووداعة : لا ما تقلقش، تصبح على خير.
ـ سليم وقد غامت عيناه بغموض : وأنت من أهله.
في اليوم التالي
يجلس سليم وسيف بغرفة الأستقبال بعد تناولهما الطعام
ـ سيف يأخذ نفسا ويخرجه بصعوبة بسبب امتلاء معدته من فرط تناوله لما لذ وطاب : دايما عامر يا سولي، الأكل تحفة ، بس بجد أنا زعلان أنك عامل فرق، ومكلف نفسك، مكنش ليها لازمة هدية الحاجة.
ـ سليم انتفخت اوداجه زهوا وغرورا : دي أقل حاجة، أنت عارف غلاوة الحاجة عندي ، بس الأول ظروفي مكنتش تسمح بده.
ـ ابتسم سيف لصديقه الذي تبدل حاله للافضل : ربنا يسعدك يا حبيبي [ جال بنظره على سليم من اخمص قدمه لاعلى رأسه متفحصا ] بس قولي بقى أنت مخبي عليا أيه.
ـ سليم مضطربا: هاخبي أيه يعني [ واكمل مغتظا ] أيه يا سيف انسى شوية أنك دكتور نفسي؛ أنت هنا بصفتك صاحبي وضيف مش أكتر.
ـ سيف ارتدى قناع الهدوء الذي يجيده بحكم عمله فهو حقا لا يستطيع ان يفصل بين طباعه الشخصية و مؤهلاته كطبيب نفسي : وماله، هو الناس بتفضفض مع الدكتور النفسي وبس، لا طبعا امال أيه فايدة الصحاب يا صاحبي.
ـ سليم وقد استنزفه صديقه صبره : في أيه يا سيف، عايز توصل لأيه.
ـ سيف ضاغطا على حروفه سابرا لإغواره: عايز أوصل للي مغيرك يا سليم، من أول ماجيت وأنت عمال تهزر بطريقة غريبة، ومتوتر جدا، وكأنك بتحاولي تداري ضيقك بالابتسامة المزيفة اللي على وشك، أوعى تكون سلمى بتستغلك وأنت مداري عليا زي ما عملت زمان.
ـ سليم متنهدا تنهيدة حارة حملت كل معاني القهر : ياريتها بتستغليني يا سيف، على الأقل مكنتش هاشوف نفسي بالقذارة دي واحتقرها كده.
ـ سيف مهدئا صديقه : أهدى بس يا سليم، قذارة أيه واحتقار ايه ، أستعيذ بالله من الشيطان بس وفهمني أيه اللي مضايقك.
أستعاذ بالله وهدأ قليلا قبل أن يبدأ حديثه.
ـ سليم خجلا: مش عارف أقولك أيه؛ مكسوف من نفسي قوي.
ـ سيف متفهما ومحتويا : قول كل اللي جواك ببساطة، من غير من تجلد نفسك يا سليم.
ـ سليم بصوت خافت مرتجف: لما كنت بتقنعني بسلمى وفضلت تشكر فيها، كنت متأكد أنك بتبالغ، وأكيد مش هتفرق عن اللي قبلها، بس في اللحظة اللي بقيت فيها مراتي حسيت باحساس تملك رهيب ناحيتها، وبقيت أتصرف بطريقة غريبة وأنا حاسس أن أخيرا بقالي حد يخصني في الدنيا دي بعد موت بابا، وفوجئت لما لاقيتها أحسن من اللي أنت قولته بكتير [ متأثرا بذكرى الايام القليلة الفائتة ] دي غيرت حياتي في يوم واحد؛ جابت لي الكرسي ده وبقيت بادخل الحمام لوحدي طول الوقت ومش باحتاج مساعدتها غير مرات قليلة جدا، باقدر احول الكرسي لوضع النوم وممكن انام عليه هو، أو أتقلب عليه لغاية ما أتنقل لسريري لوحدي، وكمان بأعليه وأوطيه براحتي في المستوى اللي أنا محتاجه حسب اللي باعمله ( وبدأ بعمل حركات متعددة عشوائية بالكرسي وكأنه يوضح لصديقه ما يعنيه ) ولاقيت نفسي انسان يقدر يعتمد على نفسه أغلب الوقت، والباقي هي بتعمله بمنتهى التفاني ( تنهد وارتخى على كرسيه واكمل بشجن ) تخيل أن بقالنا عشر أيام بس مع بعض وحسستني بحاجات معشتهاش حتى من قبل الحادثة، بقالي بيت ونظام ومواعيد للأكل وأكل بيتي زي باقية الناس، أنا وبابا كنا عاملين البيت لوكاندة، بنيجي ننام واللي يجوع يطلب أكل ( تنهد مرة اخرى تنهيدة اقوى من سابقتها مستطردا الذكرى لايام خلت من زمن بعيد ) صحابي كانوا بيحسدوني على عيشتي وبيحاولوا يقعدوا عندي أكبر وقت وهما بيشتكوا من القلقاس والعدس والتليفون اللي مش بيبطل رن لأن أمهاتهم قلقانين عليهم، وعمر ماحد فيهم أتصور أن أنا اللي بحسدهم على النعمة اللي مش حاسيين بها ( تغيرت لهجته للقوة والانفعال )دي خليتني صاحب بيت أقدر أعملك عزومة وأرد مجاملات الحاجة.
ـ سيف متفهما لكل الاضطرابات التي ظهرت عليه ومحاولا تهدئته ومتابعة الحديث : طيب ده كله كويس أيه اللي تعبك قوي كده!
ـ سليم مخضب الوجه حرجا: كل يوم احساسي بالتملك ناحيتها بيزيد، بقيت على طول عايز أتأكد أنها مش مهتمة بأي حاجة أو حد غير راحتي، مرتاح أنها مش عندها لبس كتير تغير وتتشيك ويبان جمالها، وكنت بأبرر لنفسي أن ده طبيعي عشان ظروفي، ( لانت نبرة كلامه وكادت تقارب الخزي ) لغاية أمبارح حسيت أني بقيت شخص استغلالي، بأستغلها زي ما عمامي وطنط شروق كانوا عايزين يستغلوني.
ـ سيف اولى حديثه الاهتمام : ليه ؟ حصل أيه امبارح؟
ـ سليم خجلا: هي فكرت أن المفروض أسكن في دور أرضي؛ عشان حركتي تبقى أسهل وأدخل وأخرج براحتي، أنا طبعا أتوترت لأني حاسس أني لسه مش مستعد أختلط بالناس وأشوف نظرات الشفقة في عينيهم، بس بصراحة كنت شايف أن وجهة نظرها صح، وأن المفروض أتغلب على خوفي وافكر في الموضوع من وجهة نظرها.
ـ سيف مشجعا: هايل.
ـ سليم بخفوت: بس لما عرفت أنها بتفكر أننا نننقل في مكان قريب من أبنها، اتضايقت، رغم أنها مغلطتش ولا استغلتني، وأنا عارف من الأول أن ده هدفها من جوازنا وحلم حياتها، بس حسيت أن راحتي وحياتي الجديدة مهددين، وأن أفضل أنها متقابلش ابنها، على الأقل بالسرعة دي، وقفلت الكلام وأنا مقرر أني هارفض أعزل حتى لو الخطوة دي في مصلحتي، ومن ساعتها وأنا مكسوف من نفسي قوي؛ البنت نفذت اتفاقنا وانا اللي مش قده.
ـ سيف متعقلا: أسمعني يا سليم، أنت مش انسان وحش ولا استغلالي، تصرفك طبيعي بالنسبة لانسان أتحرم من حجات كتير وبعدين لاقاها، خصوصا أنك لاقيتها وأنت في ظروفك دي، الأنانية شعور أنساني طبيعي، المهم متزدش عن حدها وتسيطر على تصرفاتك لدرجة أنك تأذي غيرك، أنت مش زي قرايبك، هما حاولوا يستغلوك، ولما معرفوش مندموش لحظة، (مربتا على كتفه برفق) لكن أنت ضميرك حي، واجعك وبيأنبك لمجرد التفكير رغم أنك فعليا معملتش أي حاجة، وكده كده كنت أجلت الكلام في موضوع النقل قبل ما تعرف بموضوع ابنها، المشكلة أنك قلقان بالمستقبل هو بيد الله، أنت عليك بس الأخذ بالأسباب، لو قلقان أنك تخسر الحياة الطبيعية اللي عيشتها أخيرا فأنا بقولك متقلقش، لو سلمى مشيت أوعدك أن الحاجة تجيب لك عروسة، تريحك أكتر منها، وتخبز لك فطير مشلتت كمان.
ـ سليم توترت قسمات وجهه واكفهرت : هي متفقة معاك على وقت مقررة تمشي فيه ؟
ـ سيف بلهجة ذات مغزي وقد لاحظ توتره: لا طبعا احنا متفقناش على ميعاد، والجواز محدد المدة باطل من الأساس، بس احنا عارفين من الأول أن جوازكم احتياج متبادل، ويوم ما حد فيكم يحس أنه مش متقبل التاني في حياته هينسحب بهدوء، لكن زي ما قلت لك، لو سلمى مشيت أوعدك أن الحاجة تجيب لك عروسة، تريحك أكتر منها، ( و اكمل بدهاء الطبيب النفسي بداخله ) بس لو سبب قلقك أنك عايز الحياة دي مع سلمى بالذات فأسأل نفسك ، أيه اللي يخليها راضية زيك بوجودها معاك، أنك تكون الشخص اللي بيقربها من ابنها ولا اللي بيبعدها عنه، فكر يا سليم، وحدد أنت عايز أيه عشان ده اللي هيعرفك، المفروض تعمل أيه، وبلاش تخلي قلقك من الأيام اللي جاية يفسد عليك أيامك اللي عايشها،اتمتع يا سليم باللي في ايدك النهارده، حتى لو عارف أنه بكرة مش هيكون في أيدك.
شرد مفكرا بكلمات صديقه، هل أصبحت جزء من حياته بهذه السرعة، ولما ضاق صدره بتذكره لإمكانية رحيلها، وهل سر تمسكه بها هو إرتياحه في حياته معها، ويمكن استبدالها بأخرى بسهولة، أم أنه كما يلمح صديقه، وأنه يريدها هي لا غيرها.
في شقة دعاء
ـ دعاء صارخة: لا أنت صعب، بطلي عياط قرفتيني، والا مش هالحقك من أيده تاني.
ـ نهى تبكي بقهر ومرارة : يا مرات عمي، بأقولك عرفت أنه ناوي يتجوز نشوى الممرضة اللي ساكنة في الشارع اللي ورانا، ولما قولت له قالي أه وضربني.
ـ دعاء محركة شفتيها يمنة وشمالا ردت ساخرة : امال كنتي فاكرة أنه هيخاف منك ولا عايزاه يبوس على أيدك ويطلب السماح ؟
ـ نظرت اليها نهى مشدوهة : أنتي كنتي عارفة ؟
ـ دعاء ساخرة من غباء تلك القابعة امامها : ولو عارفة، هاقوله ايه ؟ وأغلطه أزاي ؟ وأنت نكدية وقارفه في عيشته، والتانية فلة كده، لا وكمان معشماه أنها تسفّره معاها بدل همك وزنك.
ـ نهي انتفضت هالعتا من فكرة سفره وتركه اياها : هيسافر ويسيبنا، طيب نعيش أزاي ونعمل أيه من غيره، طيب حقه عليا وأنا مش هاضايقه تاني، ( واكملت بعدم فهم شاردة باللاشئ ) مع أني مش عارفة ضايقته في أيه أصلا، ده أنا شايلة الدنيا على دماغي من الشغل للبيت لخدمتك.
ـ دعاء دافعتا اياها لتبعدها عنها : شيلتي الطين يا بعيدة، أنت بتمني علينا، أنت نسيتي نفسك ولا أيه؟ بتردي عليا ولا أيه يا بنت شهد ، لو جدعة علي صوتك شوية، خليه يسمعك، وأقسم بالله ما أنا حايشاكي من أيده المرادي.
ابتسمت بشماتة حينما وجدتها تنكمش على نفسها في صمت، بينما هي تلوم نفسها محاولة معرفة فيما أغضبته، حتى تسترضيه، فلا يتركها، فلا حياة لها بدونه.
بعد عدة أيام، في شقة سليم
ـ سلمى وهي تمد يدها اليه بهاتفها وهو يرن: سليم، الدكتور سيف بيتصل بيك.
ـ سيف متناولا هاتفها مستقبلا المهاتفة: عليكم السلام، أزيك يا سيف.. الحمد لله.. عملت أيه.. يبعد قد أيه.. ووافقوا على الطلبات.. تسلم يا سيف دايما تعبك معايا، ربنا ما يحرمني منك.. كويس، لا مناسب جدا.. تسلم يا دوك.. وعليكم السلام ورحمة الله.
انهى محادثته وهو ينظر لها بغموض.
ـ سلمى وهي تتناول هاتفها: أنت برضه مش عايز تجيب موبايل.
ـ سليم مبتسما: هاعمل بيه أيه، موبايك كفاية قوي، محدش بيكلمني غير سيف.
أستمع لصوت مميز، فقال بخبث وهو يتصنع الألم: سلمى، عندي صداع فظيع ممكن، تنزلي تجيبي لي حاجة من الصيدلية.
ـ سلمى مرتبكة: سلامتك، دلوقتي، طيب ممكن ساعة كده بس.
ـ سليم بقوة وقد تخلى عن التمثيل: ليه يا سلمى، عشان الغسالة اللي شغالة دي فيها طاقمك الوحيد اللي بقالي كام يوم، بتحايل عليكي تجيبي غيره وأنت مش راضية، ومعه طبعا البيجامة التانية، لأنك بتلبسي دي وتغسلي دي، على فكرة أنا فكرت أدلق العصير عليكي؛ عشان تصدقي أن بيجامتين مش كفاية زي ما بتقولي، بس مرضيتش أدايقك أكتر من كده، ممكن بقى تسمعي الكلام.
ـ سلمى تخضب وجهها بالوان الطيف لكشفه اياها : ماشي يا سليم، خلاص هاسمع كلامك وهاشتري اللي محتاجة له، أنا متشكرة قوي.
ـ سليم متلاعبا: متشكرة على أيه يا سلمى، ده حقك عليا ، وبعدين احنا محتاجين طقم مميز بكرة.
ـ سلمى مستفهمة : ليه مين جاي لنا بكرة؟
ـ سليم يلاعب حاجبيه لها ناظرا لعينيها ليرى ردة فعلها على كلامه : لا احنا اللي رايحين نتفرج على شقتنا الجديدة بوسط البلد.
صرخت سلمى واندفعت محتضنة اياه وهي تردد كلمات متقطعة تعبر عن فرحتها وعدم تصديقها، ربت عليها بحنان ، وهو سعيد بأنه السبب في سعادتها العارمة، هدأت فانتبهت لفعلتها، فخرجت من احضانه وهي تفرك يديها بإحراج.
ـ سلمى بخجل: متشكرة قوي يا سليم، بجد مش عارفة أقولك أيه ( واستطردت بتصميم ) بس كمان لازم يكونوا وافقوا على طلباتنا كلها.
ـ سليم مبتسما: اطمني يا ستي، أولا قريب جد من الشارع اللي عايزاه، ووافقوا على موضوع المنحدر ( واكمل مترددا يخشى ان تتضايق ) بس طبعا عشان نلاقي كل ده كان لازم نعدي حجات تانية.
ـ سلمى بقلق : حجات أيه؟
ـ سليم بايضاح : يعني البيت قديم وصغير شوية.
ـ سلمى زافرة براحة: حرام عليك يا سليم وقعت قلبي، صغير أيه وقديم أيه مش مهم خالص، المهم أني هقرب من سولي، وأنك تسكن في مكان يظبط لك حياتك، ويخرجك للدنيا تاني.
ـ سليم مبتسما: طيب ممكن تلبسي وتنزلي تجيبي الهدوم حالا عشان مشوار بكرة.
ـ سلمى فركت يديها ببعضهم : كده كده هدومي لسه في الغسالة، ممكن ننزل بكرة بيهم عادي، ونشتري سوا واحنا راجعين.
ـ سليم معترضا : لا طبعا هاروح معاكي أزاي!
ـ سلمى مالت عليه قليلا لتصبح بمستوى وجهه : عشان خاطري يا سليم [محاولة استمالته بدلال] بصراحة أنت استايل لبسك بيعجبني قوي، محتاجة رأيك عشان أنا بقالي كتير ما أشتريتش حاجة.
ـ سليم مستسلما بلا قدرة على الرفض وقد أسرته رقتها ودلالها: خلاص هاجي معاكي عشان خاطرك يا سلمى.
ـ سلمى زافرة براحة: ربنا يخليك يا سليم ويسعد قلبك.
ـ سليم بشرود: آمين.
باليوم التالي بشقة ابتسام سابقا بمنزل دعاء.
ـ دعاء بسماجة : أيه رأيك يا مدام سلمى ؟ أظن حاجة روعة، وعشان خاطر ظروف الأستاذ بس أنا وافقت تعملوا جنب من سلالم المدخل مزلاقان للكرسي.
ـ سلمى مستاءة من تلك التي تقف امامهم تتشدق بمحاسن شقتها المتواضعة كأنها الشقة الاوحد على ظهر البسيطة : شكرا يا مدام بس أنا شايفة أن التأمين والايجار اللي حضرتك طالباهم كتير قوي.
ـ دعاء محتدة فهي اتت على ذكر النقود التي تحب : كتير أيه، ده أنا دافعة فيها خمسين الف خلو للمخفية اللي كانت فيها ( انتبهت لكلماتها فتداركت نفسها ) قصدي للمدام اللي كانت ساكنة فيها قبلكم.
ـ سليم هامسا لسلمى: خلاص يا سلمى، الست صعبة قوي، خلينا نخلص دلوقتي، ولو لاقينا حاجة أنسب بعدين نمشي من هنا.
ـ سلمى هامسة بضيق: بصراحة مش طايقاها ولا عاجبني أسلوبها، بس المضطر يركب الصعب، خلاص نخلص وكل واحد هيبقى في حاله.
ـ سليم حاسما موجها حديثه لدعاء لينهي تلك الجلسة البغيضة : خلاص يا مدام على خيرة الله، ممكن نمضي العقود.
ـ دعاء بابتسامة لزجة انها اتمت الصفقة المربحة : مبروك يا أستاذ، على خيرة الله، دقايق بس، ابني في القهوة اتصلت بيه وزمانه جاي، ( واكملت بفخر غير مبرر ) أصل البيت ده ورث من حمايا، وابني الوحيد اللي معه توكيل من جميع الورثة.
بعد لحظات دخل ناصر وهو يقول: مساء الخير يا جماع.. ( قطع كلمته بصدمة عند رؤيته لسلمى) مساء الجمال.
تم التعارف وملأ بنود العقد
ـ سلمى موجهة حديثها لدعاء بعملية : من فضلك يا مدام دعاء ياريت نكتب موضوع منزل الكرسي في المدخل والبلكونة في بند الشروط في العقد؛ عشان كل حاجة تبقى رسمي أحسن.
ـ ناصر وهو يتطلع يمطرها بنظراته الوقحة : والله ما ليه لازمة، أي وقت الأستاذ يحب يخرج ، اندهيني بس وانا في الخدمة، أشيله على كفوف الراحة.
توترت سلمى و شعرت بتوتر سليم؛ فوقفت خلفه واضعة كفيها على كتفيه تستمد منه القوة وتعطيه بعضا من الثقة امام ذلك اللزج وقالت بقوة: متشكرة يا أستاذ، سليم مش محتاج حد يشيله، سليم بيعرف يساعد نفسه وأهله كمان كويس جدا، وبيتحرك بكرسيه وبيوقفه كمان في الوقت المناسب كويس جدا، وبالتأكيد احنا منفضلش ننادي حد، لأننا مقتصرين بطبعنا ومنحبش نختلط بالناس، وأظن احنا قولنا أن شرط المنزل أساسي بالنسبة لنا ووافقنا على طلباتكم المبالغ فيها عشانه.
ـ دعاء محاولة تلطيف الجو حرصا على الصفقة الرابحة: طبعا يا حبيبتي مفيش مشكلة، نكتب منزل الكرسي في العقد ( اكملت وهي تشد ناصر من يده ان يتوقف عن التفوه بالكلام ) ده ناصر بس كان بيعرض خدماته، أصله خدوم قوي.
ـ سلمى بثقة: شكرا، بس الحمد لله احنا بنعرف نعتمد على نفسنا ومش حبين نتعبه.
.قالت كلامها بثقة استمدتها من كفها بيد سليم ونظرة عينيه المقدرة لها المعتزة بهارات
ـ بشقة دعاء
ـ دعاء تلوي شفتيها مغتاظة : كنت هتطير الناس بعينك الزايغة.
ـ ناصر محركا يديه على صدره وتنهيدة دنيئة زفر بها : يالهوي على جمالها، بقى الفرسة دي تتجوز عاجز، وأنا تدبسوني في نهى، بس بصراحة على قد جمالها على قد ما هي رخمة، ردها يوقف الكلمة في الزور.
ـ دعاء متهكمة: رخمة ولا جد، مش ده اللي ضايقك أنها ملهاش في الشمال ووقفتك عند حدك، ( مصمصت شفتيها بغيظ واكملت ) بصراحة هي رخمة وواخدة في نفسها قلم، بس كده أحسن هي عايزة تبقى في حالها، وأنا كمان عايزة كده، مش عايزة واحدة بتاعة رغي تضرب صحوبية على مراتك وتقلبها علينا، أصل ما يفسد الست الا ست.
ـ ناصر زافرا بسخط : يادي ست نهى اللي أنت عاملة لها حساب، تستجري كده تفتح بوقها وأنا أكسر لها صف سنانها، وبعدين هي هيبقى ليها عين تفتح بوقها بعد ماتشوف الغزالة اللي تحت دي وتعرف يعني أيه ستات.
ـ دعاء وقد نفذ صبرها من ولدها الماجن : تاني يا ناصر بأقولك أيه سيبك من الست دي وجوزها، أنا مش مصدقة أنهم وافقوا يدفعوا الايجار ده كله، ولو طفشتهم، هطلع غلبي فيك.
استسلم لأمرها بضيق وهو يلعن حظه، ويفكر هل بإمكانه الإيقاع بتلك الفاتنة، أم يكتفي بصيده الجديد، التي تعده بحياة جديدة، بعيداً عن الجميع ليعيش حياة بلا مسئوليات، وأن لم يحملها بالفعل ، ولكنها تربطه بالأرض مانعة تحليقه
في أحد المولات
تتجول سلمى برفقة سليم الذي يضع الكثير من المشتريات على قدميه.
ـ سلمى مجهدة ومتوترة: كفاية كده يا سليم، مش قادرة هاموت من التعب، وكمان احنا أشترينا حاجات كتير قوي.
ـ سليم ضاحكا : أنت أكيد مش طبيعية، أول ست تتضايق من اللف وشرا الهدوم، وكل دقيقة عايزة تروح.
ـ سلمى مرتبكة : لا مش حكاية مش طبيعية، بس احنا فعلا اشترينا لبس كتير جدا للبيت وللخروج، يعني كفاية كده ونروح بقى.
ـ سليم مستسلما لرغبتها مشفقا على إجهادها الواضح : خلاص هنروح بس احنا ماجيبناش ولا شوز تعالي نقعد في المطعم اللي هناك ده ترتاحي ونأكل لقمة ونجيبهم ونروح.
ـ سلمى تلجلج صوتها واهتزت نبرته : لا مش هينفع، ملوش لازمة المطعم، نجيبهم علطول ونروح.
تفحصها سليم بصمت وهو يلعن حماسته التي أنسته ظروفه، وهو يجزم بداخله أن سبب توترها هو حرجها من أن تدخل المطعم برفقته على كرسيه المتحرك.
ـ سليم حانقا وقد تبدلت ملامحه فجأة : براحتك، يلا نروح.
ـ سلمى معتذرة وهي تؤنب نفسها فقد فهمت ما وصل اليه وهي لم تقصده ابدا : أنت أتضايقت، أنت جعان للدرجة دي، أنا أسفة، يالا ندخل.
ـ سليم بوجه خالي من التعابير : لا هنروح حالا يا سلمى.
ـ سلمى مترجية : عشان خاطري يا سليم، ما تحسسنيش بالذنب، والله غصب عني مش قصدي.
ـ سليم بتهكم متيقنا من حدسه: هو أيه بالظبط اللي غصب عنك وما تقصدهوش.
ـ سلمى خجلة ومترددة : خوفي يا سليم، خوفي، وأكيد مقصدش أنكد عليك في عز أنت ما بتفرحني، حقك عليا تعالى ندخل بقى.
نظر لها بذهول، وهو لا يعي ما تقصده، ولكنه تحرك تلقائيا باتجاه المطعم، يقتله الفضول لمعرفة ما تعنيه، تبعته بصمت حتى دخلا المطعم، فاشارت هي بارتباك لمكان قصي، فوافقها حامدا لله بسره فحتى لو كان خجلها منه هو سبب اختيارها لتك المائدة، فهو راض، فأخر ما يتمناه الأن أن يجلس معها محاطا بعديد من الأشخاص، جلسا بصمت، ولاحظ ازدياد توترها بقدوم النادل، فتكفل هو بطلب الطعام لكليهما، وظل يتفحصها صامتا حتى حضر الطعام وبدأا بتناوله، فسألها ببساطة دون النظر اليها: كنتي خايفة من أيه بقى يا سلمى؟
ـ سلمي محرجة ومتلعثمة : أنا بس مش برتاح في الأماكن العامة أو مع حد غريب.
ـ سليم متعجبا: ليه يعني؟
ـ سلمى ترددت الكلمات بحلقها ولكنها قررت الافصاح عما بداخلها خاصتا مع تزاحم الذكريات السيئة : أنا معرفش دكتور سيف، قالك أيه بالظبط عن حياتي، بس أنا أتعذبت كتير، أكتر مما تتخيل، أنا وعيت لاقيت نفسي في بيت عمتي، تحت رحمة سعد جوزها اللي كان بيحاسبني على النفس، يوميا كنت بأسمع كلام زي السم عن أني عالة وهم وأنه ذنبه أيه يربي بنت غيره ( اخدت نفسا عميقا وزفرته على مهل واكملت ) ولما دخلت أعدادي عرفت من خناقهم أن مش دي الحقيقة وأن هو اللي سرق فلوسي، وأن هو اللي عايش في خيري مش العكس، ولأول مرة في حياتي أرد على أهاناته وأقوله عن الحقيقة اللي عرفتها، كسر لي دراعي.
ـ سليم منصدما من كم المعاناة التي عاشتها : الحيوان، طيب وعمتك عملت أيه؟
ـ سلمى بمرارة: سبع غرز في دماغها عشان حاولت تلحقني، ومن يومها اتعلمت الدرس، أي كلمة معناها الضرب ليا وليها، أو السجن ليها والشارع ليا ؛ ومن ساعتها بطلت أقول غير حاضر أو حتى أهز رأسي من غير ما أنطق خالص.
ـ سليم متأثرا: معقول في حد بالشر ده.
ـ سلمى متألمة للذكرى: وكل ما كنت باكبر شره كان بيكبر، كان حابسنا ومبهدلنا وبيفرج الناس علينا كل ليلة وهو راجع يطوح، بقيت انطوائية جدا وخصوصا وهو مانعني من الخروج نهائي، حتى المدرسة كنت تقريبا باروح على الامتحانات عشان البنات ميشفوش علامات الضرب على وشي، وأول ما أخدت الثانوية قرر أنه يجوزني صالح الله يرحمه، صحيح هو كان أنسان محترم وطيب بس برضه حبسني في البيت؛ خايف حد يشوفنا سوا، ومراته تعرف أنه أتجوز، ولما حملت في سليم بقى ما ينفعش أخرج أساسا، وبعد طلاقي كنت بخاف أقابل سعد ويعرف أني أطلقت وياخدني تاني عنده ( شعرت بالمرارة تجتاحها والعبرة تخنقها فخنقتها بمحجريها ) ويوم ما خرجت كان على مستشفى المجانين، فطبيعي أني أخاف من الخروج والناس لأن عمري ما أتعودت على ده.
ـ سليم نادما لسوء ظنه وتذكيرها بمأساتها: خلاص يا سلمى، أنا أسف ما تخيلتش كده خالص، حقيقي تصرفاتك متوحيش ابدا بأن ممكن يكون عندك مشكلة من النوع ده.
ـ سلمى بأسى: المشكلة دي أتطورت أكتر من كده كمان، بس ربنا يكرمه دكتور سيف، وقف جنبي وشجعني لحد ما تماسكت شوية.
ـ سليم مهتما: أزاي يعني؟
ـ سلمى متألمة: لما صالح الله يرحمه مات وسعد اتجنن لما عرف أني كنت مطلقة كل الفترة دي ومخبية، لاقيت نفسي لأول مرة بتشجع وبرد عليه، لأ وطردته من البيت كمان، خوفي على سليم أنه يبقى تحت رحمة سعد قوى قلبي وقتها أني أقف له رغم أني كنت بتنفض من جوايا؛ ممكن اتشجعت أكتر لأني بقى لي بيت وفلوس أو أني خلاص حاجة بسيطة وابقى راشدة، بس كنت فرحانة قوي أني قدرت أدافع عن حق سليم، وأني كده أستحق ابقى أمه.
ـ سليم ناظرا إلى عينيها يهديها اجمل نظرات الافتخار والاعتزاز : أنت فعلا أنسانة شجاعة، بديتي مصلحة ابنك حتى على طبيعة شخصيتك، وقويتي نفسك عشانه.
ـ سلمى وهي تمسح دمعة قهر فلتت منها : ده اللي كنت فاكراه وقتها، لكن بعد وقت قليل ندمت على اليوم اللي فتحت فيه بوقي وفكرت أعترض، سعد خد سليم من جنبي ( وتمردت تلك العبرات رغما عنها وهطلت متحديتا اياها فما مرت به كان افوى منها ) وقال أنه بقى يقدر يمنعني من حضانته ورؤيته للابد، أنا جاني حالة هياج وحاولت اقتله، وكمان اتهجمت على كل اللي حاول يهديني من الجيران، وهو طبعا انتهزها فرصة ورماني في مستشفى المجانين، بعد ما فوقت هو طبعا منع عمتي تستلمني، وأنا بقيت سلبية وجبانة أكتر من الأول بكتير، وبقيت باخاف أدافع عن نفسي، وبقيت مستسلمة لأي ظلم.
ـ سليم منصدما: طيب ليه، المفروض أنك كنتي ابتدايتي تتشجعي، ومحتاجة كمان تجمدي عشان تعرفي ترجعي ابنك.
ـ سلمي وهي تمسح تلكم المتمردات لكن شقهات تعاندها ولا تفارقها : دكتور سيف قالي أني حصلي حاجة أسمها رد فعل عكسي؛ أصل سعد قالي وقتها أنه خد سليم وحرمني منه عشان أتجرأت وعارضته؛ فعقلي الباطن صور لي أن تمردي هو اللي ضيع سليم وأن الأستسلام زي زمان هو اللي ممكن يرجعه؛ وفعلا بقيت سلبية بشكل رهيب حتى الرفض الداخلي للي بيحصلي اختفى، وقتها دكتور سيف لاحظ حالتي وأن في ناس من المرضى والممرضات بيتنمروا عليا ، وقتها هو كان عرف قصتي كلها من عمتي في الكام مرة اللي جات فيهم من ورا جوزها، وعمل لي جلسات تعديل سلوك؛ وصللي فيها أن اللي حصللي ظلم، وأن الظلم بيزول بمواجهته، مش بالاستسلام ليه، وفعلا علمني ادافع عن نفسي وكمان قربني من كام ممرضة محترمة وخلاهم يصاحبوني ويخلوني أساعدهم؛ وده طبعا أداني ثقة بالنفس، بس لأني فضلت برضه في المستشفى من غير اختلاط بحد فضلت جوايا رهبة من الأماكن العامة والغرب، عشان كده حتى الخضار بجيبه من الماركت ومبفكرش أبدا أدخل سوق، وحتى هناك بأكون متوترة جدا وأنا قدام الكاشير.
ـ سليم مندهشا: بجد أن مش مصدق! اللي يشوف تصرفاتك لا يمكن يتصور اللي بتقوليه ده، خصوصا النهارده وأنت بتردي على اللي أسمه ناصر ده، وكمان ساندتيني بقوة ودعمتيني جدا وأنت بتضغطي على كتفي.
ـ سلمى ضاحكة بعفوية من بين متمرداتها ومصاحبة بقايا شقهاتها: ساندتك ؟ كويس أنك فسرتها كده أصلك متعرفش اللي فيها.
ـ سليم اقسم على ان جنيته اوصلته لاقسى درجات الحيرة : وهو أيه اللي فيها يا سلمى؟
ـ سلمى هدئت صحكتها وباقي انفعالاتها : أنا كنت بستخبى وراك وبتحامى بيك يا سليم، زمان لم كنت بطق من اللي سعد بيعمله ومقدرش أرد عليه كنت بسكت وأدخل أوضتي واقف ورا الباب أو الحيطة وأبرطم بكل اللي نفسي أقوله، ولما الكائن اللي أسمه ناصر ده أستفزني بكلامه لاقيت نفسي بقف وراك وأرد باللي بنفسي.
ـ سليم ضاحكا: ده على اعتبار أني الحيطة يا سلمى.
ـ سلمى مندفعة : لا والله أنا مقصدش أشتمك ده أنا قصد..
ـ سليم مقاطعا وهو يبتسم بحزن متأثرا لخوفها منه: لو دي شتيمة، يبقى دي أحلى شتيمة اتشتمتها في حياتي، وكنت فعلا أتمنى أبقى حيطة تتسندي عليها ( اخفض بصره إلى طبقه متلاعبا بشوكته متهربا من نظراتها ) بس للأسف يا سلمى أنا حيطة مايلة ، لاعمرك تقدري تتسندي عليا ولا أقدر أضلل عليكي.
ـ سلمى مستنكرتا كلامه وباثتا الثقة في نفسه : متقولش كده يا سليم ( واكدت على حروف كلماتها لتأكيد معناها ) وعلى فكرة أنت فعلا اللي حامتني وسندتني، ولا أنت فاكر أن اللي أسمها دعاء لطفت الجو وعدتها علشان أنا برد، هي لمت الموضوع عشان خايفة على الفلوس اللى هتاخدها منك تطير، يعني سكتتلي برضه بسببك أنت يا سليم.
ابتسم سليم وهو يكاد يطير فرحا لكلماتها بأنه أستطاع حمايتها حتى لو بماله، فعلى الأقل هو يملك شئ يعينه على حياته وحماية زوجته، فبعض من هم بمثل ظروفه الصحية لا يملكون المال للانفاق على أسرهم أو حمايتهم، بل أن بعض الأصحاء أيضا يستأجرون من يأمن لهم أسرهم وممتلكاتهم، فلما حرّم على نفسه نعمة الأهل وأوهم نفسه بأنه غير جدير بها، ولما أستسلم لليأس وجحد نعم الله عليه.
ـ سليم بابتسامة مضطربة: طيب ليه وافقتي أننا نتجوز، ومخوفتيش مني وأنا غريب، لا وكنتي عاملة فيها أسد ومصممة تنامي معايا في نفس الأوضة.
***************
ياترى ليه سلمى وافقت على سليم، ونهى هتفضل كتير تحت رحمة الوحوش دول، وهل هي ضحية تماما ولا مساهمة في تعذيب نفسها.
****************مع تحياتي
منى الفولي
****************