الجزء العاشر

16.1K 359 9
                                    

اللهم نصرك

الحلقة العاشرة  
ـ سليم أخاذا بيدها مجلسا أياها بمقابله وهو يربت على يدها مطمئنا: طيب ممكن براحة كده تشرحي لي، أيه فكرتك بالظبط، وكل حاجة عملتيها.
ـ سلمى متلعثمة وهي تسحب يدها من كفه وتفركها بتوتر: من فترة اتفرجت على كليب متصور في اماكن تحفة، ومصدقتش لما عرفت أن الأماكن دي في مصر،  ولما عرفت أنك مرشد سياحي الفكرة  جاتني أننا نعمل رحلات داخلية لكل الأماكن اللي محدش يعرفها، [ناظرة له باعين معتذرة، راجية الغفران والمساندة  ذاب لها قلبه]وعارفة أني غلطت لما كذبت عليك، بس كنت محتاجة منك تعملي البروجرام، وكنت خايفة تتريق علي لو قلت لك فكرتي، أو  اتحرج قدامك لو الفكرة فشلت، وقتها عملت صفحة على النت سمتها {أعرف بلدك}.
ـ سليم مشجعا ونظراتها المستعطفة ونبرتها الفخورة به وبعمله قد جعلته يقسم أن يحقق له ما تتمنى ولو خسر هو ماديا فلا مكسب له أكثر من نظرتها إليه بتلك النعومة والرقة : أتريق ليه دي فكرة جميلة، والاسم اللي اخترتيه مناسب وجميل.
ـ سلمى ممتنة لتقديره لها وسعيدة بامكانية تحقيق فكرتها: شكرا، لما طلبت منك البروجرام وسألتني عن الميزانية، وأنا طبعا معرفتش أحدد، أنت قلت أنك هتعمل نفس البروجرام بثلاث مستويات، فأنا بقى الموضوع كبر في دماغي وغيرت شوية في اسم الصفحة.
ـ سليم متسائلا: أزاي؟
ـ سلمى متحمسة: خليت اسم الصفحة {أعرف بلدك ـ مصر للجميع}، ودخلت عملت دعاية للصفحة على كل الجروبات الشبابية، خصوصا جروبات الكليات، وقلت أن كل المستويات تقدر تتفسح بنفس الاماكن وكل واحد على قد ظروفه، واتفاجأت بأن الفكرة سمعت جدا، وناس كتير سجلت اعجاب بالصفحة، وكمان ناس كتير شكرت في الاسعار المحددة وطلبوا أنهم يشتركوا بالرحلات دي، كل واحد حسب المستوى اللي اختاره.
ـ سليم مستنكرا ليس خوفا من الخسارة المادية  ولكن من تهورها الذي قد يوقعها بالمشاكل لفرط حماسها: أسعار أيه، في أي مستوى بالبروجرام كل الأسعار كانت لاتنين عرسان، وفي حاجات كتير مش محسوبة، مثلا تكلفة السفر والانتقالات الداخلية لاماكن الفسح بكل محافظة.
ـ سلمى متوترة مبتعدة بجسدها للخلف وقد عاد لها خوفها بتغير نبرته المتفهمة: ماهو أنا قسمت المبلغ اللي أنت حددته على اتنين وزودت عليه تكلفة المواصلات، ونسبة ربح بس بسيطة في المرحلتين الوسط والمتواضعة ونسبة معقولة في الرحلات الفايف ستار.
ـ سليم محاولا ضبط نبرته وانفعالاته بعد ملاحظاته لرد فعلها الذي أحزن قلبه برغم تفهمه بكون فعل لا إرادي منها: وأنت عرفتي منين أسعار المواصلات.
ـ سلمى هادئة لهدوءه وكأنه صار مرشدها: لا ماهو في تطبيق للميكروباصات المكيفة على النت زي التطبيق اللي بنركبه بالكرسي دلوقتي، اتصلت بيهم وخدت أسعار تقريبية لكل حاجة.
ـ سليم مبتسما ومداعبا رغم صدمته ولكنه أدرك وبأن انفعالاته تؤثر عليها وكأنها صارت مرآة لإنفعالاته:  مش قولت لك النت عامل معكي شغل جامد، بس تقريبي دي مش طريقة يتحسب بها مشروع وتلمي فلوس من الناس على أساسها يا سلمى.
ـ سلمى قلقة متخبطة وهي ترى حلم استقلاليتها يركض بعيدا بعدما ظنته وشيك: يعني أيه، الحسبة غلط وهنخسر، طيب أنزل بوست اعتذار على الصفحة وأرجع لكل واحد فلوسه.
ـ سليم صادقا فمال العالم كله لا يساوي أن تفقد ثقتها بنفسها بعد كل ما بذلته من مجهود رغم قلة خبرتها: والله لو هدفع من جيبي، لتكملي مشروعك زي ما قولتي بالظبط.
ـ سلمى نادمة ومعتذرة: طيب وأنت ذنبك أيه تتحمل غلطي.
ـ سليم ولهاً يحاول ان يوصل لها مشاعره نحوها، ويبثها الثقة بنفس الوقت: أني أكون وراكي وفي ضهرك ده مش ذنب، دي نعمة من ربنا، حامد ربنا عليها، وبعدين أنا لسه مشوفتش الأسعار اللي أنت حاطها مش يمكن تطلع معقولة ونكسب.
ـ سلمى وجلة من أسلوبه الذي بات يشتت تفكيرها ما بين قلب سعيد وعقل مؤنب: أن شاء الله.
ـ سليم مبتسما بحب: بإذن الله، أنت دلوقتي تفتحي لي الصفحة، وكمان سيبي لي كشوفات الحجز.
ـ سلمى وهي تنهض مضطربة لابتسامته التي باتت تبوح بالكثير: الكشوفات في الشنطة مع الفلوس، وأنا محددة كل حجز لأي مستوى ودفع كام وعدد الأفراد، كله عندك شوفهم، عقبال ما أعملك الغدا.
ـ سليم متفهما تهربها وغير راغب بمحاصرتها ليزفر متحسرا: برافو عليكي، أنا هاظبطهم عقبال ما تحضري حاجة ناكلها.
  ـ سلمى خجلة: من عينيا.
ـ سليم ناظرا لعينيها بوله جعلها تفر راكضة للمطبخ: تسلم عنيكي.
في اليوم التالي
ـ سليم منبهرا بجنيته المميزة التي لو نشأت بظروف طبيعية، لتفوقت على اقرانها لما تتمتع به من ذكاء وسعة أفق: بسم الله ماشاء الله عليكي يا سلمى، رغم أنك عاملة الحسبة كلها تقريبي، لكن الحمد لله تقريبا مظبوطة، وممكن يطلع لك هامش ربح كويس.
ـ سلمى سعيدة تتقافز الفرحة بعينيها كطفلة امتدح مدرسها نتيجتها: بجد يا سليم، يعني ملخبطتيش كتير.
ـ سليم مبتسما محاولا أن يوصل لها العقبات بالتدريج وبهدوء: بصراحة الحسبة المادية معقولة، بس في حاجة زي دي في حاجات تانية أهم من الحساب، وللأسف أنت معملتيش حسابها.
ـ سلمى متوترة: أيه؟
ـ سليم مستفسرا بهدوء: أنت محددة تاريخ للرحلة بعد شهر ونص على أي أساس.
ـ سلمى ببساطة: على أساس أن الامتحانات تكون خلصت والشباب في اجازة.
ـ سليم موضحا: ماشي، بس هو أنت اتصلتي بالاماكن دي وشوفتي عندهم مكان يستقبلوا كل الاعداد دي ولا لا، اتفقتي معهم على الأسعار.
ـ سلمى مضطربة وقد أدركت بفطنتها بأن أخطاءها ستوقف المشروع ولكنه يتروى بإخبارها: لا مانا عمالة أسمع أن السياحة مضروبة، وأن تقريبا مفيش اشغالات ؛ فقلت دول ما هيصدقوا.
ـ سليم برقة ملاحظا ترقبها لرفضه المنتظر فأراد تخفيف الأمر عليها وإرجاع الفشل لسببه الحقيقي وهو عجزه: حتى لو كده برضه لازم تأمني نفسك، بس الحمد لله أنك حددتي المستوى ومكتبتيش الأسماء، يعني كنت بتكتبي فندق ثلاث نجوم ومكتبتيش اسم الفندق اللي أنا مقترحه؛ وده هيدينا مساحة نتحرك فيها، ولو متفقناش مع أي مكان ممكن نبدله بمكان تاني بنفس المستوى.
ـ سلمى زافرة براحة: يعني كده مفيش مشكلة خلاص.
ـ سليم  مبتسما بمرارة وهو يلوم نفسه لإفساده سعادتها بسبب عجزه وأنه ليس بسند لها كما تنتظر: للأسف في أكبر مشكلة، المشكلة الأهم وأنت معملتيش حسابها.
ـ سلمى حائرة: أيه؟
ـ سليم بمرارة وهو يضرب كرسيه بيده وكأنه من يكبله ويشل حركته: الاتفاقات يا سلمى، التحركات، المفروض حد يسافر يتفاوض ويتفق مع الاماكن دي ويحدد مواعيد ويأكد حجز، وبعدين يرافق الرحلات ويشرف عليها.
ـ سلمى وهي تمسك بيديه بين كفيها تنظر لعينيه بثقة تستمدها منه وتبثها له: يا سلام، امال أنا مشاركة أجمد مرشد في مصر زي ما قال مستر أسامة، مش عشان هو اللي يتولى الأمور الفنية اللي زي دي.
ـ سليم يفلت من يدها مبتعدا بهلع لمجرد تخيله أنها تطلب منه أن يقوم بذلك الدور: أنت متخيلة أني ممكن أقابل حد من اللي كان يعرفوني زمان، متخيلة أني ممكن اتنقل ما بينهم على كرسي ومنهم اللي يشفق عليا ولا اللي يشمت فيا، مش كفاية يوم ما قابلت حسين،لا طبعا، لا يمكن.
ـ سلمى مهدئة وقد جلست على قدميها أمامه توقف تحركه المتخبط وهي تنظر بعينيه وتضع كفيها فوق كتفيه بإحتواء: أهدى يا سليم، مبدأيا أنت لا هتروح ولا هتيجي ولا هتقابل حد، بس حتى لو كده، ليه هيشفقوا أو يشمتوا، أنت في أحسن حال الحمد لله، وأحسن من ناس كتير ماشيين على رجلهم، ليه تفكر بالطريقة دي، وتقلل من نفسك، أنت كبير قوي يا سليم ، قوي.
هدأ بفعل كلماتها الحنونة، ود أن يخبرها بأنه لايعنيه غيرها وأنه يكفيه أن يكون كبير بنظرها هي، ولكنه قرر أن يتقرب اليها بحنانه وافعاله أولا.
ـ سليم خجلا من رد فعله وتخبط كرسيه بها أثناء تحركه غير المدروس: أسف لو انفعلت، وأنا لسه واعدك أني مش هزعق تاني.
ـ سلمى متفهمة ومعاتبة برقة: لا أنت مزعقتش، أنا زعلت بس عشان الطريقة اللي بتتكلم بيها عن نفسك، وأنك عامل حساب ناس متستاهلش أنك تفكر فيهم أصلا، حسين واللي زيه مش شمتانين دول غيرانين، عشان أنت أحسن منهم وافتكروا أن حاجة زي الحادثة ممكن تعليهم وتكبرهم، بدليل أن حسين كان مرتاح لما أنت كنت محرج، لكن لما شاف أنك عايش حياتك وأنك لسه أحسن منه هو اللي اتغاظ.
ـ سليم هائما برقتها وشعوره بكفيها اللذان ما زالا يحتويا كتفيه: حسين اتغاظ لما افتكرك مراتي.
ـ سلمى مؤكدة عفوية اطاحت بعقله: طيب ما أنا فعلا مراتك، وزي ما اتغاظ لما شافك عايش حياتك طبيعي، لازم كمان يشوفك وأنت راجع لشغلك.
ـ سليم سعيدا لتأكيدها على أمر زواجهما، برغم اعتراضه على الشق الخاص بعمله: أزاي بس يا سلمى.
ـ سلمى مطمئنة وهي تشد على كتفيه مستكشفة تأثيرها عليه بشغف: زي ما قولت لك أنت لا هتروح ولا هتيجي ولا هتقابل حد، ولو أني كنت اتمنى أن طريقة تفكيرك غير كده، بس حاليا أنت ممكن تعمل كل حاجة واحنا هنا سوا.
ـ سليم مندهشا ومخدرا بفعلتها: أزاي!
ـ سلمى ببساطة: معرفة الناس كنوز يا سولي، وأكيد أنت طول فترة شغلك عملت علاقات مش شوية، خصوصا وأنت بالذوق والأخلاق دي كلها.
ـ سليم مزهوا لمدحها أياه: تصدقي، أنا مفيش حد بيشتغل في المجال مكنش يعرفني حتى السريحة [باحباط مفاجئ] بس ده كان زمان ، زمانهم كلهم نسيوني، ده غير أني علاقتي انقطعت بيهم من زمان، وموبايلي اتسرق بكل النمر اللي كانت عليه.
ـ سلمى معترضة: بس مستر أسامة منسكش، وغيره كتير كمان لسه فاكرينك وبيسألوا عليك.
ـ سليم منصدما: بيسألوا علي!
ـ سلمى مضطربة وهي تبعد كتفيها عنه وكأنها تستعد لحماية نفسها من عدو وهمي: بص أنا هاقولك على أخر حاجة مخبيها عليك، بس من فضلك متزعقش ولا تزعل مني.
ـ سليم متوجسا: قولي.
ـ سلمى متلعثمة رغم تأكدها من استحالة إيذاؤه لها: أيام ما كنت بتوديني شقتك القديمة الم حاجتنا وتيجي أنت هنا، يوم ما لاقيت اللاب   توب بتاعك، كان تليفوني قرب يفصل وكنت عايزة أشوف صور ديكورات عشان انقي الالوان، حطيته على الشاحن و ففتحت اللاب توب وعملت نقطة اتصال للواي فاي واتفرجت ونقيت، وأخر النهار لما اتاخرت عليا قولت افتح فيس من اللاب واتسلى، وأول ما فتحت الفيس اتهبل، كمية اشعارات رسايل مش طبيعية، ناس كتير بتسأل عليك، وقتها كنت عرفت أنك مرشد سياحي، [منبهرة] بس برضه أتفأجت من كل الناس دي ومن محافظات كتير، اللي بيقولك أنه نزلك القاهرة مخصوص من مطروح ومعرفش يقابلك واللي يقولك مش هتيجي أسوان تاني، وكمان كان في رسايل كتير من فترة قريبة جدا من ناس فضلت تسأل عليك حتى بعد ما اختفيت الفترة دي كلها، [رغم محاولتها لمراعاتها مشاعره، ولكنها على ثقة بأنه يحتاج الحقيقة كاملة، ليواجه نفسه ويصصح أخطاءه] أنا أسفة يا سليم بس لو الحادثة حبستك في كرسي، فأنت حبست حياتك كلها في وهم العجز، والخوف من رد فعل الناس.
ـ سليم مقهورا أن ينهار انبهارها به متحاولا لإتهام: كنتي عايزني أعمل أيه، أعمل نفسي مش واخد بالي أني بقيت عاجز، واتنقل لعمل إداري في الشركة، واسمع مواويل الصعبنة من الحبايب وتلاقيح الشماتة من الباقي، ولا أتجوز واحدة حاسة أني عبء عليها بس أبوها بيجوزهني تأدية واجب؛ وأخلف عيال أمهم كارههم؛ لأنهم ربطوها للأبد بعاجز، رامي حملهم عليها.
ـ سلمى محتجة بلطف وهي تستنكر نظرته لنفسه وتقييمها تأثرا برأي فتاة لم تقدره حق قدره: ده اللي اقنعت نفسك به، كان ممكن تسيب الشغل وتعمل بفلوسك مشروع تديره، كان ممكن تتجوز أي واحدة موافقة بظروفك ومش مجبورة عليك، لكن زي ما قلت لك قبل كده، المشكلة في الأفكار اللي مليت دماغنا من غير ما نحس، والقصص والأفلام اللي حولت الأختلاف لنهاية، وكأن المختلف بسبب أي أبتلاء اتحكم عليه بالعزلة للنهاية، مع أن الحقيقة مش كده خالص وياما ناس نجحت وهي لسه مصابة وغيرهم أبتلاءهم كان هو سبب نجاحهم، لكن أنت ضعفت واستسلمت من غير حتى تحاول ولو مرة أنك تعيش حياتك بظروفك الجديدة.
رأت الصدمة على وجهه، ودموعه حبيسة بعينيه، ففضلت أن تتركه بمفرده ، ولكنها وضعت بجانبه حاسوبه المحمول بعد أن أوصلته بالشبكة العنكبوتية.
في المساء
كانت تختلس النظرات اليه وهو يتفحص بريده الاليكتروني، منذ وقت طويل، كانت تنفعل مع انفعالات وجهه، فتارة تراه يبتسم وتارة مندهش، وأخرى متأثر أو باكيا، حتى قررت أن تتدخل ؛ لتنهي صراعه الداخلي، لتقترب منه ببطء وهدوء.
ـ سلمى معتذرة بندم وقد هالها شحوب وجهه وإرهاقه: أنا أسفة يا سليم، ممكن يكون كلامي كان قاسي، بس والله أنا عايزة مصلحتك.
ـ سليم متفهما وممتنا لها لعرض الصورة من زاوية أخرى لم يحسب لها حساب، فبالوقت الذى خشى الشامتين كحسين، حرم نفسه من صحبة الأوفياء كأسامة وغيره من من قطعوا مسافات طويلة للإطمئنان عليه : مش محتاجة تعتذري، أنت عندك حق بكل كلمة قولتيها، أنا فعلا اتصرفت بجبن، هربت من الدنيا كلها واستخبيت في مصحة نفسية وأنا..
ـ سلمى مستنكرة ومقاطعة له: أنت جبان! أنت من أشجع الناس اللي قابلتهم في حياتي يا سليم، ودي مش مجاملة، فاكر لما ناصر كان بيضرب نهى، أنت كنت مصمم تتدخل وتساعدها، وكل الجيران اللي حوالينا واللي يعرفوها من زمان محدش منهم حاول يساعدها رغم أنهم مش بنفس ظروفك، [متفهمة ومن قد يفهم مثلها وقد تعرضت لضغوط مشابهة ولو بصورة مختلفة] أنت بس كنت حساس زيادة وقت الحادثة، وقررت تعزل نفسك عن العالم، وللأسف عزلتك دي زودت حساسيتك، لكن خلاص يا سليم آن الآوان تخرج للدنيا من تاني وتعيش حياتك صح، وفي أيدك دلوقتي أول خطوة للحياة دي.
ـ سليم متسائلا: مشروع الرحلات؟
ـ سلمى متنحنحة وهي تصدقه فليس سليم من تستدرجه لمساعدتها، بل أنها واثقة من مساندته لها وأن لم يعد الأمر عليه بفائدة: مش هاكدب وأقولك أني فكرت فيه عشانك بس، ومش هانكر أني محتاجه عشان يبقى لي دخل وما أحسش أني عالة عليك، وأبطل قلق من التفكير في اليوم اللي هابقى فيه تاني من غير سند، لكن أيه المشكلة لو مصلحتنا احنا الأتنين كانت في موضوع واحد، أنا يبقى لي دخل، وأنت يبقى لك حياة، [مترجية له أن يكن السند الذي طالما افتقدته، ولما تشعر بقيمته إلا بعد أن عاشت بكنفه] أيه المشكلة أننا نحط أيدينا في أيدين بعض في الحاجة اللي هتكمل لكل واحد اللي ناقصه، مش هي دي نفس الفكرة اللي اتجوزنا عشانها من الأول، أننا نكون سند لبعض وكل واحد يسد إحتياجات التاني، أنا أكون لك صحبة وأنت تكون لي سند، [وهي تمد يدها نحوه] أنا دلوقتي محتاجة مساندتك دي، محتاجة لك تسندني، عايزة استقوى بيك واتسند عليك، لحد ما اقف على رجلي وأقدر اتسند على نفسي وأسند ابني كمان، محتاجة اتعلم حاجة تغنيني عن السؤال، واختارت الحاجة اللي أنت بتفهم فيها عشان نتسند على بعض، ابقى كده غلطانة.
المته كلماتها بقدر ما أسعادته؛ هي تستعد ليوم تحيا دون أن تحتاج اليه، تعد نفسها للرحيل بصحبة ابنها، وتطلب منه مساعدتها على ذلك، فهي تثق به وبقدرته على مساعدتها، تنزعاته رغبات شتى مابين أنانية الحب وتضحيته، يود أن تظل محتاجة اليه حتى يضمن عدم رحيلها، كما يود الا يخذلها وأن يكون جدير بثقتها فيه، لتخترق أفكاره عبارة قرأها منذ زمن {فلتكن حبيبتك قوية؛ فقد يأتي يوما تكن هي جيشك الوحيد} نعم غبي هو من يستمد قوته من ضعف محبوبته، يجب أن يمدها بالقوة لتبقى معه لانها تريده لا لأنها تحتاجه، يجب أن يكون أختيارها لا خيارها الوحيد.
ـ سليم بحب وهو يلتقط يدها بين كفيه شاعرا بأنه لا يحتاج غير ذلك ليواجه العالم بأسره: لا يا سلمى أنت مش غلطانة، أنا اللي غلطت يوم ما استسلمت لاحساسي بالعجز، أنا كمان محتاج للمشروع ده، ومحتاجك، أسف لو في وقت مكنتش قد اتفاقنا، بس أوعدك من النهاردة أكون السند اللي أنت محتاجه، واللي تقدري تطمني  معه.   
ـ سلمى صادقة: أنا فعلا مش باطمن غير معاك يا سليم، ومن يوم ما شوفتك وأنت قد اتفاقنا وزيادة، وترددك ده سببه، رفضك أن حد من معارفك قبل الحادثة يشوفك دلوقتي، وناسي حاجة مهمة قوي.
ـ سليم حائرا: حاجة أيه؟
ـ سلمى مزهوة وهي تشرح له موقعه الفعلي من الصورة: أنت مش راجع محتاجهم يا سليم، عشان حد يقبلك وحد يديك ضهره، أنت راجع لهم بالخير، السياحة الخارجية تقريبا شبه متوقفة والأشغالات في الفنادق تقريبا صفر، وكل يوم بيحاولوا يعملوا عروض تجذب السياحة الداخلية، ومشروعنا ده هيساعدهم ويحل أزمتهم، والكلام ده مش الفنادق بس، مش أنا اللي هافهمك أن في مدن بالكامل لقمة عيشها بتعتمد على السياحة، من أول أكبر مول لحد السريحة، يعني أنت راجع واقف على رجلك بجد حتى وأنت على كرسيك، وحتى اللي أنت خايف من شماتتهم، هيجاملوك ويشتروا ودك، وأنت مش مجبر تتعامل مع حد مش مرتاح له، اختارالمرافقين والمرشدين والأماكن اللي كنت بترتاح للتعامل معهم [امتدت يدها لأحد الأدراج لتخرج دفتر صغير مهترئ] أنا عارفة أن تليفونك اتسرق بكل النمر اللي عليه، بس أنا لاقيت الاجندة دي وأنا بلم حاجتك، واضح أنك كنت عامل نسخة من كل تليفوناتك للظروف اللي زي دي، راجع كل الأسماء اليومين الجايين بهدوء، وشوف الأسماء اللي ترتاح في التعامل معهم، وابتدي اعمل اتصالاتك [بإصرار] قدامك اسبوعين يا سليم وتقولي أنك حجزت الأماكن والناس اللي هتشرف على الرحلة بعد الشهر ونص. 
ـ سليم مرحا وقد اكسبته كلماتها ثقة بنفسه وبوضعه: أعتبر ده تهديد؟
ـ سلمى مترجية بأعين لامعة: ده رجاء يا سليم.
ـ سليم مسبلا بحب: وأنت ما تترجيش يا سلمى، أنت تؤمري. 
بعد مرورشهر
تحركت نهى بالمطبخ برتابة وبطء وهى تعد الغذاء لأطفالها، صحيح أن صداقتها الوليدة بسلمى، ساعدتها على تخطى الأزمة لحد ما، فقد عادت لعملها وللتحدث ولو باقتضاب، كما عادت لتقوم على خدمة أطفالها بعد استراجعهما من لدى جدتهما، لكنها لم تستعد روحها التى فقدتها منذ رحيله، جزء من روحها ضاع، حماسها فتر، ومرحها أكتئب، وابتسامتها أختفت، وأصبحت تتحرك لإنجاز مهامها كآلة مبرمجة بلا روح ولا إرادة.
انتبهت للطرقات على باب الشقة لتجد حماتها بابتسامة متوترة تحركت من أمام الباب لتفسح لها للدخول دون كلمات
دعاء مضطربة: أزيك يا نهى يا حبيبتى، عاملة أيه دلوقتى؟
ـ نهى جامدة: الحمد لله.
دعاء متلثعمة: هما الولاد لسه نايمين؟
ـ نهى فاترة: أيوه.
ـ دعاء بأعين زائغة : طيب أقعدى عايزة اتكلم معاكى.
  جلست نهى بلامبالاة بأي شيئ، فبعده كل شيئ سواء
دعاء مضطربة لا تعرف كيف تصارحها بما آتت لإجله فبرغم وقاحتها هي تعلم بضعف موقفها خصوصا بعد طلاق ابنها لنهى وغيابه متخليلا عن الجميع: بصراحة أنا عارفة أن الكلام اللى هأقوله صعب وخصوصا وأنا مصدقت ربنا لطف بكي، بس معنديش حل تاني بصراحة ناصر قبل مايسافر، [اهتمت بكل كيانها للحديث بعد أن أتت حماتها على ذكره، لتتلعثم دعاء رغم جبروتها وهي لا تستطيع توقع رد فعلها فيما هو آت] بصراحه بقى.. أنت عارفة أن ناصر كان عايز يبيع البيت عشان يحضر مصاريف السفر.. وأنا بوظت له البيعه كذا مرة.. فهو يعنى.. بالتوكيل اللى معه مننا كلنا خد.. خد فلوس من البنك بضمان البيت وسافر وما دفعش الأقساط وووو.. والبنك بعت انذار أنه هيحجز على البيت.
لم تهتم لحجم الكارثة أو ربما لم تعيها كل ما أنتبهت له مبرر أخر للتواصل معه لعله يعود فقالت: طيب خلاص ابعتى لناصر قولى له على اللي حصل، وهو يتصرف.
ـ دعاء نافذة الصبر: لا حول ولا قوة الا بالله، يا بنتى ركزى، ناصر مين اللى أبعت له يلحقنا وهو اللى ورطنا أصلا، وبعدين أبعت له فين وهو مقالش على البلد اللى مسافرها وعرفتها بالعافية من منيرة أم المحروسة اللي اتجوزها.
ـ نهى شاردة: لا ماهو تلاقيه مكنش متخيل أن الحكاية هتوصل لكده، بس لو عرف أن البنك هيطردنا مش هيسبنا.
ـ دعاء محتدة وقد أدركت أن لينها سيفتح باب جدال لا ينتهي، لتعود لجبروتها باسرع مما تخيلت: لا بقولك أيه، أنا عمالة أكلمك بالذوق، وأدادي فيكي، وأقول خفي عليها، بكفايها المصايب نازلة ترخ على دماغها، لكن هتسوقي فى دور الدروشة بتاعك ده كتير، مش هاستحملك أكتر من كده، أنا اللي فيا مكفيني، وكل واحد يشيل شيلته.
ـ نهى مشتتة: يعنى عايزنى أعمل أيه؟
ـ دعاء حانقة: أنا من يوم ماجانى الأنذار وأنا عمالة أدورها فى دماغى، ملقيتش غير حل واحد [بحقد] مع أنى كنت أتمنى أموت ولا أمد لها أيدى [زفرت بقوة] لكن أيه اللى رماك المر قالوا اللى أمر منه، الزفتة اللي اسمها ابتسام هى صحيح سماوية ومابتحبناش، لكن أنا متأكدة أنك لو طلبتي مساعدتها مش هتتأخر، ده غير أننا مش بنشحت منها؛ الخمسين الف اللي لهفتهم عشان تغور من هنا دول حقنا، ده غير انها عانس ولا عندها عيل ولا تيه، وبتشتغل من يوم ما اتخرجت؛ يعنى على قلبها قد كده، روحى وخدى منها اللى تقدرى عليه نفك به زنقتنا.
ـ نهى مستنكرة: وليه نروح لواحدة أنت بتقولي انها سماوية وبتكرهنا، أحنا نشوف لنا حل تانى، وبعدين سهر وسحر ورثة معانا فى البيت، ناصر وهو مسافر أخد كل اللي حيلتنا بس هما معاهم دهبهم، ممكن نبيعه ونسد أول قسط.
ـ دعاء ثائرة وهي تتذكر موقف ابنتيها منها ولا تجد منفس لغضبها سوى تلك المسكينة: ناصحة أنت قوى وجبتى التايهة، سحر وسمر مين اللى هيدوكى دهبهم [بمرارة] سمر وسحر أتخانقوا معايا وقاطعونى لما عرفوا موضوع القرض لأني أنا اللي غصبتهم يعملوا توكيل لناصر بميراثهم وهددتهم أني هاغضب عليهم لو مكبروش بأخوهم الراجل وكمان من ورا أجوازهم، ودلوقتى هما خايفين على خراب بيوتهم وبيقولوا أن أنا السبب، وأنى طول عمرى مفضله هوعليهم وضيعت حقهم فى الأول والأخر.
ـ نهى متلعثمة: طيب ما أنت برضه اللى صممتى أعمله توكيل.
ـ دعاء زاجرة وهي توكز كتفها بعنف خوفا أن تفلت خيوط دميتها من يدها: أيه عايزة تقلبى عليا أنت كمان، طيب هما خايفين من أجوازهم، لكن ده جوزك وولى أمرك وطبيعى تسلميه حالك كله [بخبث] وبعدين سمر وسحر مالهم بالبيت، هما متعززين فى بيوتهم مع ولادهم، أنت اللى هتطردي بولادك من هنا، يعني أنت اللى لازم تتصرفى، بس قولى يارب تعرفي تقابليها وتتصرف لك قبل ما تخلص مهلة البنك.
ـ نهى مستسلمة: هو أنا هقابلها فين؟
ـ دعاء راضية لإستعادتها لخضوعها لها: فى شغلها، الحمد لله أني جبت عنوانه لما بعت لها المحضر على هناك [آمرة] أوعى حسك عينك تجيبي سيرتى ولا أوعي تقولي لها أن أنا اللى أديتك العنوان، ولا أني عارفة أنك هتقابليها، كفاية قوى أنى جيت على كرامتي وهسيبك تروحى لها.
أومأت برأسها ببطء وهى تحبس دمعتها، فحماتها تصون كرامتها وتبعث بها لأمرأة لطالما منعتها من محادثتها تستجديها، دون اعتبار لكرامتها هي ولكن منذ متى كان لها كرامة، فمنذ وفاة والدتها وهي ابنة ست سنوات، كان والدها يتركها ببيت عمها لحين عودته، وكانت زوجة عمها تجبرها على خدمة ابنها المدلل وتحمل إهاناته، وعندما كان يقسو عليها فتذهب باكية لجدتها كانت تعنفها وتضحك وهى تقول {ده الحيلة ديك البرابر} حتى تعودت على خدمته وتحكماته،  لتصبح بلا كرامة مجرد جارية فى حاشيته مثلها مثل شقيقاته، لتصبح بعد ذلك وبعد وفاة والدها جاريته الوحيدة بعد زواج شقيقاته وزواجه هو منها.
قطعت حماتها عليها أفكارها عندما أمتدت يدها إليها تلكزها وهى تقول: هى يابنتى روحتى فين [آمرة] جهزي نفسك، واتصلي بشغلك خدي بكرة اجازة ونامي بدري، عشان تروحي لها الصبح بدري  يمكن ترجعي بالفلوس ونخلص من الهم ده [مهددة] وبقولك من دلوقتى متديهاش ودنك دى ست حقودة وكدابة تسمعى لها من ودن وتخرجى كلامها من الودن التانية، المهم تشوفى هتقدري تجيبي منها ايه، ولو لك عند الكلب حاجة قوله يا سيدي.

في الصباح الباكر أمام احد المباني الحكومية.
وقفت نهى تتطلع حولها بارتباك، وزفرت بتوتر وهي ترى ابتسام آتية باتجاهها، لتلاحظها ابتسام بدورها لتنظر إليها للحظة بدهشة ثم نطق وجهها بكل آيات السعادة والحنو وهى تهرول لإحتضانها وهي تهتف: نهى، حبيبة قلبي [زادت من ضغطها فى حضنها] أنا مش مصدقة نفسي، ياه ربنا أستجاب لدعاي وشوفتك تاني [أخرجتها من حضنها] يا خبر فرحتى خليتني نسيت أن احنا في الشارع، استنيني هنا خمس دقايق أخد النهاردة أجازة وأرجع لك علطول، نروح نقعد في حتة براحتنا [تركتها مهرولة ثم التفتت بسرعة وبلهفة] استنيني أوعي تمشي، دقيقة وراجعة.
زفرت نهى براحة لمعاملة ابتسام الودودة، وسعادتها بهذا القدر لرؤيتها، فهذا قد يخفف من حرجها حين تبدأ في الحديث بالأمر الذي أتت من أجله، عاد توترها وهي ترى عودة ابتسام السريعة، وكأنها كانت تخشى مغادرتها، لتقوم باصطحابها لشقتها الجديدة دون أن تجرؤ نهى البدء بالحديث.
ـ ابتسام سعيدة وهي تتقدمها للشقة: نورتيني يا نهى، كنت خايفة أنك تمشي، وحشتيني قوي يا قلبي.
ـ نهى خجلة من حفاوة تلك المرأة: متشكرة جدا، بصراحة أنا كنت خايفة أن حضرتك تضايقي لما تشوفيني، لأن أخر مرة ساعدتيني اتسببت لك بمشاكل كتير، لحد ما سيبتي البيت.
ـ ابتسام معتذرة: أنا لو نادمانة على حاجة يبقى أني سكت طول الفترة دي، ومساعدتكش من زمان، وأنا شايفكي بتتبهدلي قدامي، بس اعذريني يا بنتي، غصب عني والله، أنت متعرفيش دعاء عملت فيا أيه زمان لما حاولت أساعدك.
ـ نهى بحزن وهي تجلس بجوارها على الأريكة: لا عرفت يا طنط، بعد مساعدتك ليا بفترة، قابلت جارتنا القديمة طنط منى، وحكيت لي عن صداقتك أنت وماما، والفضايح والمشاكل اللي سببتها لك مرات عمي لما حاولتي تتكلمي مع بابا عشاني.
ـ ابتسام حزينة: والله يا بنتي ما منعني عن مساعدتك، الا الشديد القوي، حماتك مفترية وأنا وحدانية ومليش ضهر، حتى الحاج مهدي اللي حكمته مابينا، حرج عليا أرجع المنطقة وأحاول اتصل بيكي وقالي {هما أهل في بعض والداخل مابينهم خارج} ومعرفتش أتواصل معكي بره المنطقة، لأنهم عزلوكي عن العالم كله، ومحدش يعرف عنك حاجة حتى مكان شغلك، كل اللي أعرفه أنك بتشتغلي في الشهر العقاري، لكن أيه وفي أي منطقة معرفش [بدهشة] بس أنت عرفتي مكان شغلي أزاي.
ـ نهى مرتبكة: طنط منى  جارتتنا هي اللي قالت لي على مكانه لما حكيت لي على اللي حصل زمان [متلعثمة] ولما وقعت فى مشكلة، قلت آجي لحضرتك، يمكن تقدري تساعديني.
تطلعت ابتسام اليها للحظات شعرت فيها نهى بالخزي وأخفضت نظرها أرضا لتغوص به اكثر عندما وجدت يد ابتسام ترفع وجهها لتتلاقى أعينهم وهي تقول بهدوء : دعاء بعتتك ليا ؟ طمعانة في أيه تاني ؟ ( وربتت عليها باهتمام ) ومشكلة أيه اللي أنت فيها؟
ـ سلمى مذعورة من تنبيهات حماتها التي فشلت في المحافظة عليها : أنت عرفتي منين ؟ ( ونفت جازمة بحدة ) لا مش حماتي اللي بعتاني ( توقفت للحظة وعند اول حرف نطقته متابعة كلامها انفجرت ببكاء مفاجأ وظلت لبرهة متنهنهة ببكاءها واكملت من خلال دموعها ونحيبها ) أنا أسفة أني ضايقتك، بس والله أنا ما طمعانة فيكي ولا حاجة، أنا هامشي واسفة تاني.
بمجرد أن قامت عن الأريكة وجدت نفسها مجذوبة لاحضان ابتسام التي احتوتها بحنان وهي تربت عليها بحب
ـ ابتسام بحنان: بس يا عبيطة طمع أيه، أنا بتكلم عن العقربة حماتك، لكن أنتي تاخدي عيني ومتغلاش عليكي، أنا بس لما لاقيتها بعتتك وخليتك تكذبي وتقولي أن منى هي اللي بعتتك وهي متعرفش أني لسه منقولة للشغل ده جديد بعد ما علاقتي بمنى انقطعت من سنين، ودعاء هي بس اللي عرفته لما حبت تأذيني وتبعتلي المحضريين هناك، وكمان أنا عارفة أنك مش بتعرفي تتحركي الابإذنها هي والمحروس ابنها، وانها طول عمرها كانت محرجة عليكي تتكلمي معاها، عشان كده أتأكدت أنها بعتاكي تستغلك زي ماتعودت.
غاصت أكثر باحضان ابتسام دافنة رأسها باحضانها لا تجروء على مواجهة عينيها بعد أكتشافها لكذبها وحقيقة المهمة المخزية التي أتت من اجلها وقالت باكية بغصة : أنا والله جيت لأني في مصيبة مش لاقيالها حل، بس كنت هارجعلك أي مساعدة هاخدها منك، أنا لا نصابة ولا شحاتة.
أخرجتها ابتسام من أحضانها بهدوء وهي تقول: أنا مش هزعل منك المرة دي لأنك متعرفيش انتي عندي أيه، وقبل ما أقولك أي حاجة لازم تعرفي أن أي حاجة محتاجها لو اقدر عليها هعملها من غير تفكير، يمكن أكفر عن ذنبي، واسد دين في رقبتي، لأني منفذتيش وصية أمك الله يرحمها.
نهى وهى تحاول وقف نحيبها: ربنا يخليكي أنت طيبة قوى، غريبة أن في حد ميحبكيش.
ـ ابتسام بمهتمة: أهم حاجة دلوقتي أعرف ورطتك فى أيه العقربة دي عشان أطمن وبعدين هشرح لك.
قصت نهى عليها مشكلتها مع البنك بالكامل وباحتياجها لسداد دفعة القرض حتى لا تطرد من بيتها هى و أولادها.
ـ ابتسام منصدمة: يعنى دلوقتي ابنها أستغل التوكيل اللى انتم عملتوه ليه ورهن البيت، وطلقك واتجوز واحدة تانية، وكمان عايزكى أنت اللى تسدي القرض وترجعي البيت، لا والله دى ست مش طبيعية، وأنت معتوهة.
****************
ياترى سليم هيساعد في نجاح مشروع سلمى، وتحقيق ذاتها، ولا أنانيته هتتغلب عليه، وياترى أيه اللي ممكن تقوله ابتسام لنهى.
****************

مع تحياتي
منى الفولي
****************

سندحيث تعيش القصص. اكتشف الآن