بعد رحلة طويلة استغرقت حوالي 14 ساعة..
الطائرة تحط في مطار الدوحة الدولي
ينزلون ثلاثتهم لأرض المطار.. قلب أحدهم يذوب..يذوب.. يذوب
حينما لفحت وجهه حرارة الجو.. شعر كما لو أن هذه الحرارة تنزل في روحه بردا وسلاما..
رغما عنه سالت دموع حاول جاهدا كبحها فلم يستطع.. لم يظن أنه قد يعود إلا في أحلامه العذبة المستحيلة
بقيت الدوحة وأهلها حلما مستحيلا عذّب ليالي سهده الطويلة بمشاعر لا قياس لها من الألم والشوق والوجع
كم ليلة صحا من نومه وهو يئن كأنين الملسوع..الذي يشعر بسريان السم في جسده.. يشعر أن جسده وروحه يتمزقان ألما لايستطيع رده
لأنه كان يرى في الحلم أنه هنا ثم حين ينتفض من السعادة ويقفز.. يجد نفسه هناك..
ليبدأ في أنين مكتوم ينزف فيه جروح قلبه.. أنين سريان السم في الجسد..
أنين يكتمه بوضع طرف اللحاف في فمه حتى لا يوقظ الصغير النائم جواره بشدة أناته التي ترتفع بحرقة يشعر بألمها تمزق أمعائه
ويبقى يئن.. ويئن.. حتى صلاة الفجر.. ينحني حينها على سجادته ويدعو ربه بلوعة:
أشعر أني أموت يا الله.. وروحي تذوي
أعلم أن الموت أفضل من هذه الحياة.. ولكن هذا الصغير لا أحد له سواي
أبقني بقوتي من أجله..
أرجوك يارب.. كل ليلة أشعر أنك ستنزع روحي من مكانها
أعلم أن ذنبي كبير.. ولكن رحمتك أكبر يارب العالمين
حينما ينهي صلاته ودعواته الطويلة.. يعود ليلقي جسدا متهالكا بجوار خالد الصغير.. يضمه لصدره.. وينام
ساعات قليلة قبل أن ينهض لينخرط في حياة باردة مملة موجعة..
لا يوجد فيها سوى خالد وفيصل.. وأنينه الليلي الموجوع وأحلامه تأخذه إلى بلده وأهله..
ثم اليوم يجد نفسه هنا.. هنا في بلده.. وقريبا يرى أهله..
( أحقا أنا هنا؟؟
أ حقا لست أحلم؟؟
أ هذه أنتِ الدوحة؟؟ أيام الطفولة وليالي الصبا وابتسامات الشباب؟؟
أ حقا لست أحلم؟؟
إن كنت أحلم فلا توقظوني أرجوكم.. لا توقظوني
ماعاد في روحي مكان للأنين والحرقة والحسرة)
أيقظه من أفكاره يد صالح تشده: عبدالله مطول وأنت واقف على الدرج؟؟ الناس كلهم نزلوا
حينها التفت عبدالله وهمس لصالح باختناق: صحيح يا صالح أنا في الدوحة؟؟
ابتسم صالح بألم وهو يشعر بألم شقيقه: ليه الحر ذا كله ماعطاك كف على وجهك وقال لك مرحبا بك أنت في الدوحة؟؟