٧٥

7.3K 109 32
                                    

تجلس في زاوية الغرفة على الرخام البارد..
تحشر نفسها في الزواية وبرودة الحوائط والرخام تتسرب لجسدها وقدميها الحافيتين..
تحتضن رجليها الملصقتين بصدرها وتدفن وجهها بين ركبتيها..
وبقربها هاتفها المحطم إلى أشلاء متناثرة.. تماما كما فعلت بقلبها قبل قلبه..

و

تـــنـــتـــحـــب!!

تنتحب كما لم ينتحب مخلوق قبلها.. تنتحب بهستيرية.. وبصوت عالٍ !!
ولكن صوتها لم يتجاوز أسوار غرفتها لأنها كانت تجلس في الزاوية البعيدة ووجهها مدفون تماما بين ركبتيها..

محطمة تماما.. محطمة!!
بل وصف التحطم لا يتناسب مع حالتها المنهارة تماما..
هاهي انتقمت منه.. فــلــمَ ليست سعيدة؟؟

هاهي انتقمت من عبثه بها وبمشاعرها بينما قلبه مع سواها!!

اقنعت نايف أنها لا تريد الطلاق وأنها حريصة على زواجها حتى تقنعه بالزواج من وضحى..
بينما هي كانت تخطط للطلاق منذ البداية..

فكيف ترضى أن تتزوج برجل منحته كل مشاعرها حتى آخر نقطة ليصفعها برغبته بسواها دون رحمة؟؟
كيف ترضى بفتات مشاعره بينما هي منحته لب اللب؟؟

لا تعلم لماذا يتوقع منها الناس أن تكون بلا مشاعر لمجرد أنها قوية..
هل القوة كانت المبرر لينحر عبدالرحمن قلبها المتيم به وبهذه القسوة؟؟

تعلم أنه يستحق تماما ما فعلته به... بل حتى ما فعلته به لا يوازي جريمته في حقها..
فهو كان البادئ.. والبادئ دائما أظلم..
كما أنه نحرها بدم بارد وطعنها بكل وحشية في الوقت الذي كان صدرها مفتوحا تماما لطعنته غير المتوقعة..

لكن هي هيئته تماما لطعنتها.. الخطبة أولا.. ثم ملكة حبيبته.. ثم طلبها الطلاق..
تعلم أن من هان عليه أن يبيعها بهذا الرخص.. لن يهمه طلاقها..

ولكن ما يجرحها حتى نخاع النخاع أنها جرحته بطريقة بشعة وهي تعايره بعجزه..

قد تكون فعلتها مسبقا.. ولكنها فعلتها في لحظة غضب وهي حينما تغضب تضيع الإحساس بما تقول..
ولكنها الآن قالتها مع سبق الإصرار والترصد..

لم تكن تريد أن تفعلها أو تكتبها أو تقولها.. شعرت أن الكلمة كانت سكينا نحرها بوحشية..
ومع ذلك فعلتها لأنها أرادت أن تؤذيه كما أذاها..
ولكنها وهي تؤذيه آذت نفسها بشكل أعمق وأعمق وأحد وأكثر وجعا..!!

قد تكون فعلا تريد الطلاق.. فهي يستحيل أن توافق على العيش مع رجل مشاعره مع غيرها منذ البداية..
بل وكان يتلاعب بها بكل تقصد..

ولكنها.. لم ولن تستطيع أن تكرهه.. فحبه تغلغل حتى آخر خلية في روحها..
إذا كانت أحبته وهو مجرد جسد هامد لا حياة فيه..
فكيف لا تحبه وهو من كان يهمس لها بدفء كلماته ليشعلها من الوريد للوريد..؟؟

بين الامس و اليوم حيث تعيش القصص. اكتشف الآن