مازالت تنظر له برعب متزايد..
بينما هو ينهمر بالكلمات بيأس.. ماعاد حتى قادرا على الصمت..
ولماذا يصمت وكيف يصمت؟؟تعب من الصمت.. تعب من الكتمان..!!
تعب من الحرمان!!
يعلم أنه تهور في تصرفها معها.. ولكن أ يمكن أن يُلام على ذلك؟؟فالذي حدث له لا يمكن تخيله ولا تصوره...
كما لو أنك سافرت لبلد بعيد.. وبقيت تعمل في هذا البلد لـ 40 عاما متواصلة بلا راحة..
وتواصل الليل بالنهار.. وحرمت نفسك من كل متع الحياة وأنت تعاني بصمت لا تشتكي حتى عما تعانيه.. لتجمع لك مالا يريحك حين تعود لبلدك..ثم في رحلة العودة.. فقدت حقيبة المال وسط شارع مزدحم..
فكيف سيكون حالك وأنت تبحث وتبحث وتبحث وتمر الأشهر ولا تجد مالك..؟؟
ثم تعود لبلدك البعيد مقهورا منحورا يائسا.. أشبه بجسد ميت أنهكه العمل دون فائدة!!ثم تفتح باب غرفتك......
لتجد حقيبة المال تتربع على سريرك..
كيف ستكون ردة فعلك؟؟ كيف؟؟
فرحة هذا الرجل بماله.. لن تكون قطرة واحدة في محيطات فرحة علي برؤية شعاع أمامه..
أ تلومه حينها على تعبيره عن فرحته؟؟!!فهو كان مخنوقا على آخر رمق يزفر أنفاسه الأخيرة.. فأرسلوا له الهواء!!
كان عطشانا تشققت روحه من العطش.. فأرسلوا له أعذب ماء في الكون!!
كان محموما تجاوزت حرارته الأربعين.. ووضعوه في درجة حرارة تجاوزت الخمسين..
وحين تحمص من الحرارة.. سكبوا عليه ثلجا رقيقا باردا !!فكيف ستكون ردة فعله؟؟ كيف؟؟
يعلم أنه فاجاءها وصدمها.. ولكن هل كان بيده شيء آخر!!
مازال حتى الآن لم يروي حتى واحدا من مليارات شوقه لها وهي مرعوبة منه هكذا..
فكيف لو سكب لها ما تبقى!!اقترب منها أكثر وهو يلتصق بركبتيها المطويتين ويهمس بكل وجعه ويأسه وولعه:
سامحيني يا قلبي.. والله العظيم غصبا عني.. ماقصدت أخوفش كذا..
بس أنا كنت ميت بكل معنى الكلمة..
فاهمة أشلون ميت؟؟ ميت من تفكيري فيش وشوفي لش..
وأنا كنت أظنش حلم مستحيل مستحيل ألقاه يوم!!
تكفين لا تخافين مني..مازالت تنظر له بذات الرعب والجزع..
وهي في داخلها لا تصدق حرفا واحدا مما يقول.. فهناك فكرة مرعبة واحدة اجتاحت تفكيرها وتغلغلت فيه ولم تسمح لها بالتفكير بشيء آخر سواه!!مد يده بيأس ليمسح طرف خدها بظهر أنامله..
سيموت ليضمها إلى صدره.. ليتنفس رائحتها من قرب.. ليرتشف أنفاسها التي أضناه الشوق لها..