الفصل العاشر
غادرت مع فريدة ودموعها تسيل على وجنتيها رغما عنها لاتتخيّل ليلتها دون خالتها.. اللية الأولى التي تقضيها بدونها وعلىالرغم من فرحتها بزفافها على العاشق رياض إلا أنها حزينةلفراقها.."همسة, اهدأي قليلا المرأة تزوجت يا فتاة ومن عمي رياضشخصيا.. إنها محظوظة أنا شخصيا أحقد عليها"هتفت فريدة بمرح لتضحك همسة وهي ترمقها أن لا فائدة لتجفلاعلى صوت غيّاث جانبهما وهو يقول بمرح:"حسنا أنا أوافقكِ الرأي يا صغيرة فأنا أحقد عليها أيضا للزواج منخالي الحنون العاشق"ابتسمت همسة ولكنها أشاحت بوجهها فيما هتفت فريدة:"وهل تتبعنا لتشاركنا الحقد أم ماذا؟"كتمت همسة ضحكة كادت تفلت منها وهي تلكز فريدة التي لم تتأثربتوبيخ همسة الصامت ليضحك غيّاث قائلا:"بل منفّذا وصيةالعريس أن أوصلكما للمنزل بأمان يا صغيرة"قلبت عينيها من لفظ صغيرة العالق بلسانه على ما يبدو قبل أنتقول وقد وصلتا للمنزل:"وها قد وصلنا شاكرين أفضالك يا كبير"وقبل أن يتسنّى له الرد مانت قد دلفت للبناية جاذبة معها همسةالضاحكة قبل أن تتجهم ملامحهما معا حالما وقع بصرهما علىملامح فلك الحزينة.*****جالسة بغرفتها شاخصة ببصرها وهي تكاد تخرج للشرفة صارخةأن ارحم قلبي الذي مازال يعشقك ولا أفهم لِمَ يفعل بعد جرحك له..ترمق النافذة المغلقة والتي تتوق لفتحها علّها تروس نظرها برؤياهولكنها تمنع نفسها بالكاد أن تفعل بعدما وعدت نفسها أنها لن تكرّرخطأها السابق وتكبح لهفتها له بيد من حديد خاصة أنه لم يبدر منهأي شيء يدل على اهتمامه بها.زفرت بقوة قبل أن تسمع ضحكات فريدة الشقية ومعها همسة وهمايدخلان الشقة قبل أن تتوقف ضحكاتهما حالما وقع بصرهما عليهاأجبرت نفسها على الابتسام حتى لا تسبب لهما الحزن لتزم فريدةشفتيها بصمت فيما اقتربت منها همسة تضمها بحب وهي تسألهاعن حالها الآن.."كيف حالكِ الآن حبيبتي؟""بخير همسة كيف حالكِ أنتِ؟"أجابتها وهي ترمقها بتمعّن فهي تعلم تعلّقها الشديد بحسناء فلم تبيتدونها ليلة واحدة فما بالك بليالي كما تنوي أن تفعل همسة!"بخير"أجابتها همسة باقتضاب قبل أن تنهض لتبدّل ملابسها لتهتف فريدةبمرح:"هيّا لقد جهّزت لكما سهرة لن تعوّض"رمقتها فلك بريبة فيما ابتسمت همسة وهي ترى كيف تحاولالصغيرة أن تجعلهما ينسيان ما يؤرّقهما.******يدور بغرفته وبداخله يدور صراع بين قلبه وعقله..القلب يحثّه على التصريح بأنه يحتاجها بحياته والعقل يخبره أنهلا يحتاج لأي تعقيد من مراهقة مثل فلك بالوقت الحاضر بل هوبحاجة فقط لأن يركّز على أهدافه ومستقبله العملي ويتحاشى تماماتلميحات والدته وما يحثّه عليه قلبه خاصة ووقع رؤيتها الليلة علىقلبه كان قويا..يعترب أنها تؤثر به ولكنها طفلة بحق الله فكيف ينظر لها كامرأةيريد الارتباط بها؟!عقله يصارعه بقوة وهو ينفي صورتها من خياله ويضع بدلا منهاكلمات شوشو قريبته والتي تزوجت بعد انفصالها عنه بشهر واحد!حتى كلمات والدته لم تمنعه من الشعور بالقهر..أجل هو لم يكن مستعدا لخطبة ولن يكون مستعدا سوى بعد بضعةسنوات على الأقل لذا فليصمت القلب وليتحكّم العقل وليمحيصورة فلك تماما من خياله وفقط.******والحسن استقى منكِ شذاهواشتقّ من فرط إبداعك اسمهوتوهّج من هذا الشق نورهوالناظر مشدوه ينطق دون وعيسبحان الخالق فيما أبدعوسبحانه من جعل الحسن من جمالكيخجل أحد أن يراه(الخاطرة على لسان رياض إهداء من nonna Mohamed)تململت في الفراش قبل أن تفتح عينيها لتلاحظ أنها ليست بغرفتهاوسرعان ما أدركت أين هي لتتمسّك بالغطاء وهي تنظر حولهالتجد أنها بمفردها فتزفر بخفوت وهي تتحرّك ناهضة من الفراشوهي تتساءل هل هو بالخارج؟تريد أن تذهب للحمام وتشعر بالخجل من وجودهولا تعلم ماذاتفعل!في النهاية التقطت ملابسها وذهبت للحمام وما إن انتهت وخرجتحتى وجدته أمامها وقد جهّز الإفطار أيضا.."صباح الخير"همست بخجل ليبتسم وهو يجيبها مقبّلا وجنتها:"صباح الورد"تجمّدت بخجل لا تعلم كيف تتصرّف معه وهو يكاد يقهقه علىخجلها الواضح على الرغم أنه يراعي خجلها لأقصى حد ..قادها لطاولة الطعام المجهّز عليها الطعام وهو يقول:"هيّا لنفطر فأنا أتضوّر جوعا ولم أرد أن أوقظكِ..""أعتذر أنا.."قاطع اعتذارها وهو يرمقها بلوم:"وهل هناك شيء تعتذرين عنهحسناء؟ كنتِ نائمة وهذا شيء طبيعي بعد ليلة أمس"ازداد احمرار وجهها ليقهقه رغما عنه وهو يضمها له بمشاكسة:"ولو أني لم أقصد ما فهمتيه ولكنه يُضاف للقائمة أيضا"ابتسمت بخجل وهو يجلسها بجواره ويطعمها بيده لتهمس:"أنتَ لا تأكل.."رمقها بنظرة ذات مغزى هو يقول:"بل أفعل ولكنكِ لا تأكلين جيداأظن أن الطعام لم يعجبكِ؟!"ضحكت بمرح وهي تقول:"لو سمعت همسة ما قلته ستضعكبالقائمة السوداء لديها فهي من حضّرت أغلب هذه الأصناف لأنهاتعلم بحبك لها"شاركها الضحك وهو يقول:"على العكس الطعام رائع يبدو أنهمسة طاهية ماهرة كخالتها"ابتسمت بحنان وهي تقول:"بل هي من جعلتني أقتنع أنني طاهيةماهرة كما تقول, هي من شجّعتني ومنحتني القوة لأصمد طوالسنوات.. لا أعلم ماذا كنت لأفعل بدونها""أدامها الله لنا حبيبتي"وكلمة حبيبتي بهذه العفوية من بين شفتيه جعلت قلبها يرفرف عاليالتسبل أهدابها بخجل قبل أن تقول:"ألن تأتي همسة؟!"قهقه ضاحكا وهو يقول:"بالكاد أذّن الظهر أظن أنها ستأتي بعدصلاة المغرب كما العادة"أومأت بصمت وهي تفكّر أنها أطول فترة ابتعدت عنها منذ ولادتها"هل نذهب لوالديك؟"سألته بعدما انتهيا من الطعام فقال بابتسامة حنونة:"لقد ذهبت لهما بالفعل والشباب ولا يحتاجان شيئا بل وبّختنيأمي أنني ذهبت لهم"قال الجملة الأخيرة وهو يضحك متذكرا مشاكسات الشباب له بعدجملة جدتهما لتشاركه الضحك وهي تقول:"بارك الله بصحتهما"ليجيبها بحب:"وأدامكِ لي حبيبتي"*****"ألن تذهبي لخالتكِ همسة؟"سألتها والدة فلك بدهشة وهي تراها جالسة على الرغم من انتهاءصلاة المغرب قبل قليل لتقول بخجل:"لا أعلم خالتي أشعر بالخجلمن الذهاب هكذا.. ربما بعد فترة"ضحكت والدة فلك وهي تقول شارحة لها الوضع:"العادات لدينا أن أهل العروس يذهبون باليوم التالي وهو(الصباحية) كما نطلق عليه.. بل إن هناك بعض الناس يذهبون فيالصباح الباكر ويوقظون العروسين من النوم أيضا"هتفت فريدة بمرح:"ألا تشاهدين الأفلام القديمة يا فتاة؟! دومايوقظون العروسين من النوم فيتذمّر العريس وتخجل العروس"ضربتها والدتها على رأسها وهي تقول:"لا أفهم هل أنتِ الصغرىأم الكبرى حتى تعرفين كل هذه الأشياء وهما لا تعرفان عنها شيئا"لوت شفتيها بحنق وهي تهتف متذمّرة:"وما ذنبي إذا كانتا أكثرجهلا وسذاجة من بعضهما؟! لا تفهمان إلا إذا قيل لهما الأمرمباشرة.. أما أنا فأدرك الأمر من بعض تلميحات خفية"قالت الجملة الأخيرة بفخر فترمقها أمها بحنق وفلك وهمسةتضحكان عليها بقوة وهي تهرب من يد أمها تحرّك حاجبيهابمشاكسة محببة لتتركها والدتها وهي تركّز على همسة قائلة:"هيّا حبيبتي سأذهب معكِ ومعنا الخالة أم هبة أيضا"أومأت همسة وذهبت لتبدّل ملابسها وقلبها يقرع بداخلها كلمافكّرت أنها ربما تراه لدى خالتها.*****"هل ستسافر مرة أخرى سلمان؟!"هتف أرغد باستنكار ليزفر سلمان بقوة وهو يقول:"أجل أرغد.. لقد جئت فقط من أجل عرس رياض لكن المشروعهناك مازال قائما أخبرتك قبلا"زمّ غيّاث شفتيهبحنق يريد أن يهتف به أن أفِق ولكن ماذا بيده أنيفعل؟! يبدو أن سلمان اتّخذ قراره بالابتعاد وانتهى الأمر..ولكن أرغد لم يستسلم فعاود القول:"إذا أخطب الفتاة قبل مغادرتك"رفع حاجبه متسائلا:"من هذه؟"لوى شفتيه قبل أن يقول بنفاذ صبر:"الفتاة التي كدت تخلع عيونالشباب ليلة أمس حتى لا ينظرون لها والتي تجمّدت حرفيا حالماألمحت لك أنها فاتنة وربما أخطبها.. فلك يا سلمان هل علمت منأقصد أم أوضّح لك أكثر؟"واسمها من بين شفتي صديقه جعل قلبه ينتفض بين ضلوعه وعقلهيحذّره من مغبّة الانسياق لفخ أرغد فزمّ شفتيه دون حديث ليهتفبه أرغد بغضب:"لا تكرر الخطأ سلمان.. هناك من أضاع حبيبتهقبلا بكل غباء وها هو يعيش بالندم حتى هذا الوقت ولكنه كانصغيرا على الخطبة والزواج وللأسف كل الظروف تكالبت عليهوقتها ووقفت ضده وفقدها.. فلا تكون غبيا وتكرر نفس الخطأ"وقبل أن يجيبه سلمان كان قد غادر وغيّاث يتبعه بنظرة أسفوحزن ليقول لسلمان بهدوء:"أرغد لديه كل الحق سلمان.. خطبةفقط للفتاة قبل أن تضيع منك وتذهب لسواك, لا أقول زواج فهيمازالت تدرس ولكن خطبة حتى تكون لك ويطمئن قلبك"وبداخل سلمان دار الصراع مرة أخرى لينتصر عقله وهو يهتف:"أنا لا أحبها غيّاث.. هي فقط الصغيرة التي أوصاني الله بها ولاشيء أكثر"ليزفر غيّاث بتعب وهو يرى صديقه يصر على تجاهل نبضاتقلبه التي يكاد يسمعها كلما ذكرا الفتاة أمامه ولكن ماذا يفعل؟!******واقفة أمام باب الشقة في انتظار أحدهم أن يفتح لهم الباب وهي تكادتذوي من الخجل وتتوسل لوالدة فلك وأم هبة أن اذهبا أنتما وأناسأغادر لولا لهفتها على خالتها لكانت فعلتها حقا..وفيما هي تائهة بأفكارها كان الباب يُفتَح ويظهر رياض مرحّبا بهنّلتدلف هي بخجل وعيناها على الأرض فيشاكسها هاتفا:"ما بال الصغيرة خجولة اليوم؟ ثم لماذا تأخرتِ هكذا همسة؟حسناء تنتظركِ منذ صلاة الفجر"ضحكت بخفوت ليصدح صوت غيّاث خلفه:"زوجتك تسأل عنكخالي.. هل أخبرها أنك تتحدث مع فاتنة بالخارج؟"قهقه رياض وهو يقود همسة للداخل وقد سبقتها والدة فلك وأم هبةثم قال بمرح:"لو الفاتنة هي همسة إذا لا خوف عليّ"ابتسمت همسة بخجل وعيناها تبحثان عن وجه محدد حتى التقتعيناها بعينيه فأسبلت أهدابها بخجل وهي تشعر بوجهها اشتعللتنقذها خالتها وهي تضمها لها بقوة وكأنها تركتها منذ سنواتوليست ليلة غير كاملة ليهمس لها رياض على غفلة من الجميع:"لماذا لا أتلقّى مثل هذه الأحضان؟ أم أنها خاصة بهمسة فقط؟"شعرت باهتزاز همسة بضحكات مكتومة لتعلم أنها قد سمعته ليزيدخجلها وهي تلكزها فرمقتها بمرح وهي تهمس لها:"لو تعلمين كم الحقد عليكِ من أجل زواجكِ بعم رياض لحرّمتِعليه الخروج من المنزل"ضحكت بخفوت وهي تهمس لها:"أصبحتِ مشاكسة"رفعت يدها ترمقها ببراءة مصطنعة وهي تقول:"وهل فعلت شيئا؟"لحظات وجاء والدي رياض ليشاكسها والده:"أترفضين المبيت معنا همسة؟ لقد ظللت أحلم طوال اليوم أنكِستكونين معنا فيكون وجهكِ الصبوح هو أول شيء أراه بدلا منهذان الثوران؟ أتخذليني هكذا؟"أطرقت برأسها بخجل خاصة عندما هتف أرغد بشقاوة:"يا إلهي جدي تطردنا هكذا دون ذنب من أجل عيون الجميلة؟"وأكمل غيّاث مشاكسا:"وأنتِ جدتي ألا تعليق على هذا الغزلالصريح من جدي لهمسة"ابتسمت جدتهما وهي تقول:"جدكما لم يكذب بشيء, نريد تغييرالوجوه صباحا علّ نفسيتنا تصبح أفضل"ساد جو من الضحك والمرح وأرغد يقول متظاهرا بالجرح:"حسنا جدي وجدتي سنترك لكما الشقة ونتشرّد حتى تتحسننفسيتكما بوجه همسة الفاتن"وازداد خجل همسة والعيون كلها مسلّطة عليها لتبتسم بخجل وهيتقول موجّهة حديثها للجد والجدة:"فقط حتى تنتهي الاختباراتوستشعرون بالملل من وجودي.. فأنا وتعلم خالتي هذا تماما لاأستطيع الاعتياد على مكان جديد بسهولة لذا سأظل بشقتنا حتىتنتهي الاختبارات وبعدها سأكون معكما"رمقتها حسناء بحزن فيما ضغط رياض على يد حسناء التي تريدالحديث للتأثير عليها وهو يقول:"اتفقنا همسة ولكن لا تغيبي عنّا..على الأقل نراكِ يوميا"ابتسمت له بحب خالص أشعل الغيرة للمراقب لكل خلجة منخلجاتها:"حسنا عمي, سأحاول على قدر استطاعتي فأنت تعلم جيداعرض المسرحية قد اقترب وبعدها الاختبارات فستكون الفترةالقادمة حافلة ومرهقة"********بعد أسبوعينجالسة في المسرح تراجع دورها جيدا وترمق توتر جودت وهويسير بالمسرح فمازال هشام البطل الرئيسي لم يحضر وقد مرّحوالي نصف ساعة من الموعد المفترض..العرض الأول بعد أسبوع لذا هو في قمة توتره.. يروح ويجيءبالمسرح يتمم على الإضاءة لأنهم بدأوا في البروفات النهائية قبلالعرض فيتم العمل بالملابس والإضاءة والتأثيرات وكل شيء..زفراته الحارة كانت تصلها مكانها فتتسبب بتوترها أكثر وقبل أنتنطق بشيء هتف به أرغد:"اهدأ جودت ما بالك يا رجل؟ لقدتسببت بالتوتر لكامل الفريق فاهدأ قليلا لابد أن هناك شيئا عطّلهعن المجيء بالموعد فهشام منتظم ودقيق دوما بمواعيده"أجلسه بالقوة تقريبا ولم يكد يهدأ حتى تعالى رنين هاتفه ففتح الخطوهو يهتف:"أين انت يا رجل؟ لقد كدت أذهب للبحث عنك هشام"استمع قليلا لمن يحدّثه وتغيّرت ملامحه قبل أن يقول:"لا إله إلا الله, حمدا لله على سلامتك يا صديقي.. لا تقلق واهتمبنفسك فقط سأجد حلّا إن شاء الله"وبعدها أغلق الخط وأعلن:"لقد تعرّض هشام لحادث وللأسفكُسِرَت قدمه لذا لن يستطيع إكمال المسرحية معنا"تعلّقت به الوجوه والجميع يتحسّر على المجهود الذي ضاع وهلهو البطل الرئيسي والذي لا بديل عنه قد تعرّض لحادث قبلأسبوع فقط من العرض الأول فماذا سيفعلون؟!"هل سنلغي العرض يا جودت؟"سأل أحد أفراد الفريق المسرحي وقبل أن يجيبه جودت هتف أرغد:"بل سأحِل محل هشام ولن يُلغَى شيء"رمقه جودت بنظرة طويلة قبل أن يقول:"هل أنت واثق؟"أومأ أرغد وهو يقول:"أجل جودت, لأعيد مهاراتي بالتمثيليا رجل وأنقذك ككل مرة"ابتسم جودت بامتنان ليقول أرغد:"فقد أخبرني الخوطو العريضةقبل حفظ الحوار والتدرب عليه"أومأ جودت وهو يشير لهمسة لتقترب منهما قائلا:"همسة ستساعدك أكثر مني بالأمر"ثم وجّه الحديث لهمسة قائلا:"همسة.. سيكون أرغد هو البطلالرئيسي بدلا من هشام لذا سنزيد وقت التدريب قليلا خاصةبمشاهدكما فهل يناسبكِ هذا؟"أومأت همسة بصمت قبل أن يتركهما جودت ويغادر ليخبر الجميعأن يتجهّز للتدريب وسيمثّل أرغد اليوم وهو يقرأ من النص."إذا همسة.. أخبريني عن الدور والمسرحية ككل"قال أرغد بهدوء لتجيبه همسة:"القصة تدور حول شاب يحب فتاةرآها صدفة وبعدها عرف أنها تقيم بالقرب منه فظلّ يتردد علىالشارع الذي تقطن به حتى لاحظته بالفعل وبدأت قصة الحبالبريئة بينهما فكان يتقابلان أحيانا بحديقة عامة أو يتبادلانالنظرات من الشرفة وقد تقدّم لخطبتها ولكن شقيقها رفض رفضاقاطعا لأنه موظّف في بداية حياته لا يملك شيئا سوى وظيفته ثميتقدّم عريس ثري للفتاة وبالطبع رفضته فضربها شقيقها وأخبرهاأنها ستتزوجه شاءت أم أبت لتتسلل من المنزل ذات يوم على غفلةمنه وتقابل حبيبها وتخبره عن الأمر ليخبرها أن تتزوج به فهو لايملك ما يقدّمه لها وقد رفضه شقيقها بالفعل قبلا تحاول معه حتىيهربا معا ولكنه لا يوافق ويتركها ويغادر فتستسلم للزواج منالثري والذي اكتشفت أنه كبير بالعمر أيضا وبليلة زفافها يقفالبطل يشاهد الزفّة وهي بجوار عريسها حتى صعدت للشقة وماهي إلا لحظات حتى تسقط من الشرفة جثة هامدة"شهق أرغد وقد كان مندمجا بالحكاية ليهتف بحدة:"انتحرت؟!""كلا كانت فقط تهدد العريس حتى يتركها وزلّت قدمها فسقطت ولميستطيعوا إنقاذها فتسقط وتموت تحت أنظار البطل""يا إلهي.. ثم ماذا سيحدث؟"تابعت همسة وقد اندمجت تماما معه حتى أنها لم تلحظ العيون التيتابعت اندماجهما معا:" سيذهب البطل لقبرها ويظل يبكي وهويتحدث معها أنه السبب فيما آل إليه حالها ولولا حبه لكانت حيّةترزق ثم يحلم بها يومها كما رآها أول مرة تخبره أن يتزوجويعيش حياته التي لم يقدّر لهما أن يعيشاها معا""ستزوج حقا؟"سألها عاقدا حاجبيه بعبوس فأومأت وهي تقول:"أجل.. سيتزوجزميلته بالعمل بعد سنتين تقريبا وينجبان فتاة يطلق عليها اسمالبطلة ومشهد النهاية يكون جالسا بالشرفة وزوجته قد ماتت يحكيلابنته العروس عن حبه الأول والأخير عن الفتاة التي أطلق عليهااسمها لتتراءى له البطلة مرة أخرى ويكون مشهد الختام بأغنيةيغنيها معها كما فعل من قبل بالحديقة ويموت بنهاية المشهد وهويشاهدها أمامه ولا يشعر بسواها"ظلّ ينظر لها للحظات قبل أن يهتف بحدة:"ما به جودت ليختار هذاالنص الغريب! ما هذا البؤس الذي سنعيش فيه بسببه؟"انفجرت ضاحكة دون أي إرادة منها ليرمقها مشدوها للحظات قبلأن يبتسم بإعجاب رجولي واضح وهو يقول مؤكدا:"وبالطبع أنتِ البطلة الرئيسية!"أومأتوهي تنظر له بترقّب وقد كفّت عن الضحك ليقول بتأكيد:"بكل تأكيد ستكونين البطلة فلا أظن أن أي فتاة أخرى تصلح لهذاالدور.."رفعت حاجبها بتساؤل سرعان ما ترجمته لكلمات:"لماذا؟ هناك العديد يصلحن لهذا الدور بكل تأكيد"غمزها بمشاكسة عابثة"سأقتبس من أخي العزيز.. هذه العيون لايمكن نسيانها لذا إذا وقع شخص بحبكِ لن يستطيع نسيانكِ ولوعرف ألف امرأة أخرى"رمشت بعينيها بقوة قبل أن تشيح بوجهها عنه وهو تزجر قلبهاالذي قفزت نبضاته بجنون..(هو لا يقصد إنها فقط مجاملة, اهدأ يا أحمق.. هو لا يقصد شيئا)ولكن قلبها لم يهدأ ليقاطعهما جودت بعدما اقترب منقذا إياها منالرد على أرغد وهو يخبرهما أن يستعدا حتى يبدآ البروفة.******بعد أربعة أيامالوجع ..الوجع هو ألم عشق ليس في الحسبان ..وحبيب يوما لم يدري بما خلف النظرات..وأخ ليس أخ ولكنه لا يدرك أنه هو لي كل الاُناس ..الوجع عذاب بُعده وعذاب قربه وعذاب علمه وعذاب جهلهوعتاب عينى لعينه دون أن يدري أنه عتابفقط ينظر بها ولا يدرك ما وراء النظرةمن ألم فاااق كل احتمال(خاطرة على لسان فلك من الجميلة nonna mohammed)جالسة بالشرفة وهي ترمق المنزل المقابل لهما بشرود..لقد سافر مرة أخرى وهذه المرة ربما يغيب لسنوات كما قالتوالدته.. فالمشروع الذي تشارك به شركته ضخما لذا سيستغرقوقتا طويلا على حد قولها..زفرت بقوة وهي تفكّر.. لا تعلم لماذا لا تنساه؟ لماذا تعلّق قلبهاالغبي به دونا عن الجميع؟!ما المميز به حتى يقفز قلبها داخل صدرها كلما رأته أو شعرت بهفي نفس المكان؟!هل خدعها قلبها عندما تناسى وجوده وحبه طوال الفترة السابقة؟!هل ستظل تتعذّب هكذا دون أمل؟! أم سيأتي اليوم الذي تنساه فيهوتعيش حياتها كأي فتاة أخرى تتلقّى الحب وتتزوج وتنجب!"فلك.."هتفت فريدة لتنتفض فلك مكانها قبل أن تلتفت لها موبّخة:"يا إلهي فريدة لقد أفزعتيني.. ماذا تريدين؟"زمّت فريدة شفتيها بحنق قبل أن تقول:"ألن تذهبي لرؤية البروفاتالنهائية لهمسة؟""أجل سأذهب منذ الغد فهي تشعر بالتوتر كثيرا وتكاد توديبجودت للجنون وعصماء تظل معها يوميا دون جدوى"أجابتها فلك قبل أن تقول"ولكن لماذا تسألي؟""سأذهب معكِ"قالت بعزم لترمقها فلك للحظات وهي تشعر أن هناك شيئا يدوربمخيلتها ولكنها تعلم جيدا أنها لن تعرفه إلا إن أرادت الصغيرة أنتصرّح به.. فهي ليست مفضوحة وساذجة مثل شقيقتها الكبرى.أومأت ببساطة وهي تقول:"لو وافقت أمي فلن أعترض"******شارد كعادته في الفترة الأخيرة وهي قلبها يؤلمها عليه كلما رأتههكذا.. لا تعلم ماذا تفعل حتى يرتاح قلبه وقلبها!أحيانا تريد الدعاء على شاهندا ووالدتها ثم تعود وتفكر أنها السببالرئيسي بما حدث فلو لم تضغط عليه لما حدث ما حدث وتمّ جرحهولو أنه ليس قلبه الذي جرح بل كرامته وكبريائه..ربّتت على كتفه بحنو فأجفل قبل أن يبتسم لها ويلتقط كفها مقبّلا لهابحب وهو يقول:"لماذا مازلتِ مستيقظة أمي؟""لا أستطيع النوم فنهضت لأصلي ركعتين ليرتاح قلبي"أومأ بهدوء قالت له:"ما رأيك أن تؤمني بالصلاة؟"اتّسعت ابتسامته وهو يغمزها مشاكسا:"يبدو أنكِ اشتقتِ للحاج"ابتسمت بحب وهي تقول:"وكيف لا أشتاق له وقد كان رفيق الروحإن والدك يا سلمان كان أفضل الرجال الذين قد تقابلهم يوما..صبور ورقيق في التعامل وحنون.. وقد أخذت أنت منه الكثير"رفع حاجبه هاتفا بدهشة:"حقا؟"أومأت مؤكّدة وهي تقول:"أجل, وكل هذه الصفات وأكثر ستظهرفقط مع من تملك قلبك الحنون هذا"ابتسم بخفة وقد شعر أن والدته تعود لنفس الأمر مرة أخرى لذا فقدنهض وهو يقول:"سأذهب للوضوء حتى نصلّي معا"*******يوم البروفة الأخيرة قبل يوم الحفلجالسة على المقعد تراجع الدور الذي حفظته عن ظهر قلب ولكنالتوتر لايزال يجعل قلبها يختض من الرعب كلما فكّرت أنهاستقف أمام الجامعة كلها بالغد وتمثل أمام أرغد أنها تحبه وتتعذبمن فراقه.. وآاه من أرغد ونظراته الغامضة والتي لا تفهم منهاشيئا ولا تفهم هل يهتم بها بشكل خاص أم أنه يشاكسها كأخ؟!تتجاهل كل ما يدور بخلدها وهي تعود للتركيز بالمسرحية حتىسمعت صوته المشاكس ومعه غيّاث فرفعت بصرها وهي تبتسمبسعادة لتتجمّد الابتسامة على وجهها حالما رأت من تتعلّق بذراعهووقتها وبّخت نفسها بقوة وهي تهتف:"تائهة بمشاعركِ المراهقةالغربية يا همسة ونسيتِ أنه لأخرى مناسبة له أثر منكِ.. يبدو أنخيالكِ الرومانسي صوّر لكِ أنه يهتم بكِ اهتمام خاص ولكنكِبالنسبة له فقط قريبة زوجة خاله"نهاية الفصل
أنت تقرأ
رواية هل تدري عني بقلمي حنين أحمد (ياسمين)
Romanceداخل أحياءنا هناك العديد من القصص تنتظر فقط أن نزيح الستار عنها.. فها هي همسة الفتاة الشجاعة ذات الكبرياء تساعد خالتها لتحمّل ظروف المعيشة الصعبة.. وها هي حسناء تعتني بابنة أختها وتعيلها في ظل غياب السند.. وهناك فلك الواقعة بحب جارها الذي يكبرها با...